الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين المفهوم القديم للديموقراطية والمفهوم الحديث!؟

سليم نصر الرقعي
مدون ليبي من اقليم برقة

(Salim Ragi)

2021 / 4 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


ما هي الديموقراطية ؟؟!!
(عن ضرورة التفريق بين المفهوم القديم للديموقراطية والمفهوم الحديث!؟)
**************
تعريف الديموقراطية على أنها (سلطة الشعب) أو أنها (هي حكم الشعب نفسه بنفسه لنفسه) هو تعريف مضلل!، ونقول مضلل اذا كان المقصود به الديموقراطية في العصر الحديث اذ يجب علينا لفهم مسألة الديموقراطية خصوصًا عند من يريدون معرفة هل الديموقراطية تصطدم مع الاسلام بالفعل كما يرى معظم الأصوليين الاسلاميين (السلفيين والقطبيين) أم لا؟؟ لكن يظل التفريق بين المفهوم القديم والطوباوي للديموقراطية، وبين المفهوم الحديث والواقعي والعملي للديموقراطية هو أمر ضروري لفهم حقيقة الديموقراطية أو عند الرغبة في دراستها بشكل علمي وأكاديمي، فالمفهوم القديم والنظري والطوباوي يقوم على مبدأ وفكرة ان (الشعب يحكم نفسه بنفسه) بشكل مباشر أي ان الشعب يقوم بممارسة (أعمال السيادة) بنفسه!!، فهو الذي يسن القوانين وهو الذي ينفذها وهو الذي يمارس القضاء!، وهو ما جاء في كل تنظيرات الفيلسوف والمفكر السويسري (جان جاك روسو) في القرن الثامن عشر، باعتباره أكبر وأبرز منظر للديموقراطية الشعبية المباشرة، وهو ما حاول الثوار في بداية الثورة الفرنسية تنفيذه تماهيًا مع افكار روسو، فانتهت الأمور للفوضى الشعبية والثورية الدموية العارمة مما استدعى الحكم العسكري بقيادة نابليون الذي نصب نفسه أمبراطور!!(*) ، وكذلك هذا ما حاول الثوار في بداية الثورة الروسية عام ١٩١٧ تنفيذه خصوصًا (المناشفة) لتنتهي الأمور بسيطرة الحزب الشيوعي (البلاشفة) على الحكم بدعوى حماية وقيادة الثورة من الفوضى!، فالمفهوم الطوباوي للديموقراطية يقوم على فكرة السلطة الشعبية والحكم الشعبي المباشر من خلال فكرة (السوفيتات) أي المجالس المحلية والاجتماعات الشعبية!.... أما الديموقراطية بالمفهوم الحديث، كما نشأت وتطورت في اوروبا الغربية، نتيجة عدة عوامل واحداث وثورات للحد من الملكيات المطلقة وتخفيف الضرائب وتحسين مستوى العامة، فهي لا تعني أن يحكم الشعب نفسه بنفسه بل تعني أن (يختار الشعب من يحكمه ويقوده ومن يمثله وينوب عنه في مجلس صناعة القرار والقوانين والسياسات العامة وخصوصا مسألة تحديد الضرائب!)، فهذه هي الديموقراطية الواقعية العملية، فهي ديموقراطية نيابية ولكنها تقوم على مبدأ (المشاركة الشعبية) ومراعاة رضا ورغبة جمهور الأمة، لا على مبدأ (السلطة الشعبية المباشرة) كما هو حلم انصار المدرسة (الاناركية) التي تؤمن بالمذهب الفوضوي الذي يقوم على مبدأ ((وأمرهم فوضى بينهم!!)) كما تقول العرب في الجاهلية قبل الاسلام، وهي عبارة تطلقها العرب على كل قبيلة لا رأس ولا شيخ لها !، كذلك حال المدرسة الاناركية صاحبة (النظرية اللاحكومية واللاسلطوية) في زماننا، فهي ضد فكرة الدولة ووجود رئاسة وحكومة ووجود تنظيم حكومي هرمي، أما الديموقراطية الواقعية العملية بصورتها الحديثة، فهي تعني أن (يختار الشعب من يقوده ويحكمه ويتولى أمر دولته الى أجل معلوم) في ظل توفر حرية التعبير السياسي والمعارضة السياسية، فكل فريق أو مجموعة أو (شركة سياسية)(**) ترى في نفسها أنها تملك مؤهلات القيادة والحكم وتملك برنامجًا جيدا لإدارة الدولة وخدمة الأمة تقوم بترشيح نفسها في انتخابات عامة، والشركة او المجموعة السياسية التي تفوز بأغلب أصوات الناخبين هي من تفوز بهذه (المزايدة السياسية) وتتولى الحكم بإسم الشعب الى أجل معلوم وفق مبادئ وقواعد الدستور، أي انها تصبح هي (ولية الأمر العام) خلال المدة الزمانية التي تحددها الأمة لهذه الشركة أو المجموعة السياسية كي تنجز فيها وعودها وتنفذ مشروعاتها التنموية والاصلاحية، فهذه هي الديموقراطية الواقعية العملية كما مطبقة في عالم اليوم، فالحاكم الفعلي فيها ليس الشعب نفسه بنفسه بل (أهل الحل والعقد) ممن يختارهم الناس لقيادة دولتهم، وبهذا، وعلى اساس هذا المفهوم، علينا أن نناقش مسألة الديموقراطية والاسلام، اي وفق هذا المفهوم الحديث الواقعي العملي للديموقراطية لا وفق ذاك المفهوم القديم الطوباوي والشعبوي والمهجور للديموقراطية والذي يقوم على فكرة ان يحكم الشعب نفسه بنفسه بشكل مباشر!.
*********
أبو نصر
(*) تأثر كاتب وصاحب الفصل الأول من (الكتاب الأخضر) المنسوب للعقيد معمر القذافي، أيًا كان كاتبه وصاحبه، بأفكار جان جاك روسو التي تقوم على فكرة الحكم الشعبي المباشر بلا تمثيل ولا نيابة وفكرة أن السيادة لا تتجزأ لكنه في نهاية الفصل الأول وبعد التنظير لفكرة الديموقراطية الشعبية أقر بأن هذه الفكرة مجرد نظرية فقط أما من الناحية الواقعية فالطرف القوي في المجتمع هو من يحكم!، بل وحذّر أن تطبيق هذه الفكرة سينتهي الى الفوضى وسيطرة الغوغاء!!، وهو ما انتهى اليه في القرن الثامن عشر أكبر منظر لنظرية الحكم الشعبي، اي جان جاك روسو، صاحب نظرية العقد الاجتماعي، الذي ذكر في نهاية تنظيره للحكم الشعبي المباشر كشكل وحيد للديموقراطية أن ما يذكره عن الديموقراطية الشعبية غير النيابية هو امر افتراضي فقط حيث أقر بأن هذا اللون من الحكم الشعبي المباشر هو من المثالية بمكان مما يحتاج معه الى "شعب من الملائكة او الآلهة كي ينجح"!!
(**) اخترت هنا اطلاق اسم (الشركة السياسية) على الحزب او الفريق السياسي لأن الحزب في حقيقته هو هكذا، ((شركة)) بالمفهوم السياسي لها مشروعات سياسية للحكم والادارة وتستهدف الفوز بالسلطة والنفوذ السياسي في السوق السياسية، تمامًا كما تسعى ((الشركة)) بالمفهوم الاقتصادي والتجاري الفوز بالثروة والنفوذ المالي في السوق التجارية!.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. -بيتزا المنسف-.. صيحة أردنية جديدة


.. تفاصيل حزمة المساعدات العسكرية الأميركية لإسرائيل وأوكرانيا




.. سيلين ديون عن مرضها -لم أنتصر عليه بعد


.. معلومات عن الأسلحة التي ستقدمها واشنطن لكييف




.. غزة- إسرائيل: هل بات اجتياح رفح قريباً؟ • فرانس 24 / FRANCE