الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعر -قرين العزلة وتوأمها الشقيق-..في مواجهة كورونا..!!

محمد المحسن
كاتب

2021 / 4 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


بدأ فيروس كورونا مؤثرًا قويًا في كل نواحي الحياة، وفاعلًا رئيسًا على الساحة العالمية،منذ ظهوره في ووهان الصينية وامتداده إلى بلاد العالم،فحصد كثيرًا من الأرواح،ونشر الرعب والخوف في الناس،وألزمهم بيوتهم في حالة لم يعرف التاريخ البشري لها مثيلًا،فلا غرابة أن يكون لكل إنسان وسيلته في التصدي لهذا الفيروس اللعين.
ولعل من أهم هذه الوسائل لجوء كثيرين إلى الشعر دون غيره من الأجناس الإبداعية.
ولم يكن هذا اللجوء خاصًا بالشعراء وحدهم بل بغيرهم أيضًا من سياسيين واقتصاديين ومفكرين وعلماء نفس واجتماع...
وتجلى اللجوء إلى الشعر في النشاطات المختلفة التي غُصت بها منصات التواصل الاجتماعي والمواقع الإلكترونية، ومن هذه النشاطات: تكوين التجمعات، وإقامة الندوات واللقاءات الشعرية، وإعداد مقاطع الفيديو بقصائد متنوعة، والإعلان عن المسابقات الشعرية وبخاصة للأطفال الذين لزموا البيوت، وانقطعوا عن المدارس والمراكز التعليمية بسبب الحجر البيتي. وأقبل كثيرون حتى ممن لم يكونوا يومًا شعراء إلى الحديث عن الشعر والشعراء، ونظم القصائد ونشرها إلكترونيًا.
وإذن..؟
لا شك إذا،في أن اللجوء إلى الشعر في هذه المرحلة يعود إلى أسباب كثيرة،تتمحور في الميزات الخاصة للشعر من ناحية،وطبيعة النفس البشرية من ناحية أخرى؛ فالشعر هو الفن الجميل الذي يثير الجمال في النفس،ويحث على مواجهة المصائب،ويبعث الأمل في الانتصار عليها،كما أنه يخفف الهموم،ويشرح الصدور،وينقي الوجدان من شوائب العاطفة،ويغري بالخير ويدفع إليه.
وهو لا يحتاج من المتلقي إلى جهد كبير في فهمه وحفظه، كما أن الشاعر لا ينتظر انتهاء الحدث أو مرور مدة على حدوثه حتى يكتب عنه بل إنه قد يتأثر بما يجري أمامه فيفيض قلبه في الحال شعرًا، بخلاف الروائي فيحتاج إلى مدة طويلة قد تطول شهورًا وربما سنين على انقضاء الحدث حتى يتناوله بالكتابة..
وإذا كان فيروس كورونا يلتصق بالعين أو الفم أو الأنف؛ ليمر إلى الرئتين،ويميت الإنسان فإن الشعر يلتصق بالقلب مباشرة؛ لينعش الروح،ويعزز جهاز المناعة لدى لإنسان، ليبقى على قيد الحياة.
ويحضرنا في هذا المقام ما جرى في مقر المفوضية الأوروبية ببروكسل، حين أنهى ايريك مامير المتحدث باسم الجهاز التنفيذي الأوروبي مؤتمره الصحفي، في خضم الاحتفال بيوم الشعر العالمي، بمقطع باللغة الإنكليزية من قصيدة للشاعرة الأمريكية ايميلي ديكنسن يتحدث عن المقاومة والأمل؛ وذلك لرفع معنويات الذين أصيبوا بجائحة كورونا أو عانوا من جرائها. وكان مامير نفسه قد أنهى مؤتمرًا سابقًا بمقطع من قصيدة" الربيع" للشاعر الفرنسي فيكتور هيغو، يتحدث عما يوحيه الربيع من الحب والفرح والأمل؛ليخفف أيضًا من الأوجاع النفسية التي استبدت بالناس في ظل إجراءات العزل التي نفذت في معظم الدول الأوروبية للحد من انتشار فيروس كورونا المستجد.
لعل هذه التحولات التي شهدتها الحياة الإنسانية بفعل فيروس كورونا المستجد،أعادت إلى الشعر أهميته،وأظهرت دوره في المحافظة على الروح الإنسانية من الانكسار في معركة الصمود أمام الكوارث التي أحدثها هذا الفيروس اللعين.
ختاما أقول :
لقد نبهنا فايروس كورونا إلى أهمية الشعر في حياتنا، وأكد حاجتنا إلى اللقاء والتواصل والعناق، وسواها من اللحظات المعبرة عن شعرية الإنسان وإبداعية الحياة. ذلك بعدما فرضت علينا الجائحة ألا نصافح وألا نلتقي وألا نغادر بيوتنا.
سُئل المفكر الفرنسي إدغار موران،صديق المغرب والمغاربة،عن الإحساس الذي افتقده في زمن الحجر الصحي،فأجاب “ما أفتقده في هذه اللحظة هو أن أعانق من أحبهم”.
لنا أن نتذكر أيضا ذلك الإحساس الذي انتاب العديد من الناس والأطفال تحديدا،وهم يغادرون مساكنهم، بعد رفع الحجر الصحي في الكثير من الدول والمدن.
والأسئلة التي تنبت على حواشي الواقع في هذا الزمن العصيب:
كيف السبيل إلى تمثيل الإبداعات الإنسانية وتداولها في المرحلة المعاصرة؟
وكيف سيلتقي الممثلون على خشبة المسرح،وأمام الجمهور؟
وكيف سنلتقي بالكتاب والمبدعين في مسرح الحياة؟
وهل سنفقد عادة الذهاب إلى السينما؟
وأخيرا أتساءل :
هل نستطيع القول في غمار التحولات التي نالت جوانب حياتنا المختلفة،بعودة الشعر ليتبوأ المكانة التي فقدها في العقود الماضية لصالح الرواية..؟
ويظل السؤال في زمن كورونا عاريا حافيا ينخر شفيف الروح..كما تظل إجابات القراء الكرام منتظَرة..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الجيش الروسي يستهدف قطارا في -دونيتسك- ينقل أسلحة غربية


.. جامعة نورث إيسترن في بوسطن الأمريكية تغلق أبوابها ونائب رئيس




.. قبالة مقر البرلمان.. الشرطة الألمانية تفض بالقوة مخيما للمتض


.. مسؤولة إسرائيلية تصف أغلب شهداء غزة بالإرهابيين




.. قادة الجناح السياسي في حماس يميلون للتسويات لضمان بقائهم في