الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حساب المثلثات في الشرق الوسط والعالم

محمد أيوب

2006 / 8 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


لعل أمريكا بفهمها الخاطئ للعولمة قد أدت إلى انقسام العالم إلى مثلثات متناقضة ومتصارعة بدلا من البحث عن شروط التطابق والانسجام ، ولكي تتطابق المثلثات لا بد من توافر شروط هي : تساوي ضلعين وزاوية محصورة في مثلث مع ما يقابلها في الآخر، أو ضلع وزاويتين مجاورتين له ، أو ثلاثة أضلاع مع ثلاثة أضلاع مع ما يقابلها ، ولكن أمريكا بغطرستها أخَلّت بهذه القواعد في السياسة ، والسياسة لا تبتعد عن الرياضيات ، كلاهما يخضع لعلم المنطق وشروطه ، وقد أنشأت أمريكا حساب مثلثات جديد في حقل السياسة ، ادعت أولا بوجود مثلث الشر الذي يتكون من إيران والعراق وكوريا الشمالية ، ومثلث الإرهاب الذي يتكون من المقاومة العراقية والمقاومة اللبنانية " حزب الله " والمقاومة الفلسطينية ،
وتوالت المثلثات برغبة أمريكا أو ضد رغبتها ، هناك مثلث التخلف المنغولي والغرور والغطرسة الذي يتكون من بلير وبوش وأولمرت ، رءوس هذا المثلث لا ترى إلا نفسها وتتجاهل كل العامل من حولها ، وفي المقابل نشأ مثلث المقاومة الوطنية والإسلامية في العراق " المقاومة الحقيقية التي توجه نشاطها ضد المحتل " وفي لبنان وفلسطين ، ولعل العلاقة بين أطراف هذا المثلث ستتوثق وتقوى عراها إذا استمر العدوان وبالتالي سينشأ شرق أوسط جديد مغاير لما تحلم به أمريكا وحلفاؤها ، وهناك مثلث المهانة والخضوع العربي ، ومثلث الذين يريدون ولا يستطيعون ، يريدون الحد من السيطرة الأمريكية على العالم ويخشون الدخول في مواجهة مع أمريكا حرصا على مصالحهم ، رءوس هذا المثلث هي روسيا والصين والاتحاد الأوروبي الذي تتزعمه فرنسا وربما ألمانيا ، وفي الشرق الأوسط هناك مثلث الرفض الذي يتكون من إيران وسوريا ولبنان الذي يصر على رفض التفاوض مع إسرائيل .ومن خلال تضارب المصالح السياسية والاقتصادية بين رءوس هذه المثلثات باستثناء مثلث المهانة العربي لأنه تابع خاضع لمشيئة رأس مثلث العدوان والعنصرية ، المثلث النازي الجديد الذي يتكون من أمريكا وبريطانيا " التي ما زالت تجتر أمجاد ماضيها الاستعماري ، وإسرائيل شرطي منطقة الشرق الأوسط والتي أتيحت لها فرصة ذهبية للاندماج في المنطقة والتخلص من تركة الأحقاد التي خلفتها الحروب العربية الإسرائيلية ولكنها تصر على إضاعة الفرصة وتصر على تركيع الفلسطينيين ودول الجوار ، يبدو أن إسرائيل لا تقبل بالخسارة القليلة ، وهي ليست خاسرة في كل الاتفاقيات التي وقعتها مع جيرانها ، وهذا يذكر بما ورد في القرآن الكريم حول البقرة التي طلب من بني إسرائيل أن يذبحوها ، ولكنهم ظلوا يسألون موسى عليه السلام عن أوصافها ويتشددون حتى انحصرت الأوصاف في بقرة واحدة طلب صاحبها منهم أن يملئوا جلدها بالذهب ، مع أنه كان بإمكانهم شراء أية بقرة وذبحها لكنهم يصرون على المجادلة حتى يخسرون أضعافَ أضعاف ما كانوا يخسرونه لو اختصروا المشوار ، ففي غزة تم خطف جندي إسرائيلي ، وبدلا من التفاوض أضروا على اجتياح غزة وتدمير البنية التحتية وقتل عشرات المدنيين ، ليتكرر السيناريو في لبنان بعد خطف الجنديين ، ترى كم خسرت إسرائيل نتيجة عنادها وإصرارها على عدم التفاوض وكم سنخسر من هيبتها وسمعتها العسكرية إذا استمرت هذه الحرب البشعة ؟! يبدو أن إدارة أولمرت هي أسوأ إدارة في تاريخ إسرائيل ، لماذا لم يستخلصوا العبر من تجربة الطيار الإسرائيلي رون أراد ؟ ولماذا لم يستخلصوا العبر من اختفاء آفي ساسبورتس وإيلان سعدون ؟ وهل خسرت إسرائيل حين أتمت صفقة التبادل مع أحمد جبريل ؟ أم أنها وفرت على شعبها وأسراها الكثير من المعاناة ؟
ستتفكك مثلثات كثيرة في هذا الصراع وستتبعثر أضلاعها هنا وهناك لتتشكل من جديد ، وهنا قد تنشأ أشكال رباعية أو خماسية من التحالفات في المنطقة والعالم ، وغالبا ستكون أمريكا وحدها هي الخاسر الأكبر من اختلاط الأوراق في المنطقة ، لأن العالم سيشهد قريبا نشوء عمالقة اقتصاديين وعسكريين لا يضعون المصالح الأمريكية في حسابهم ، الصين عملاق ينمو ويتضخم بسرعة وباتزان ، والهند ودول جنوب شرق آسيا والاتحاد الأوربي ، والوطن العربي إن قيض الله له قيادة جماعية واعية توحده تحرص على كرامته .، هم يدبرون والأقدار تضحك من قصور تفكيرهم ، أمريكا وإسرائيل تعيشان حالة من الصدمة بعد الصمود المذهل لحزب الله والشعب اللبناني ، فقد كانوا يريدون تحويل لبنان إلى مزرعة إسرائيلية وتحويل الجيش اللبناني كله إلى جيش سعد حداد وأنطوان لحد ، إنهم يحلمون بوضع قوات دولية على الحدود بين سوريا ولبنان وكأن سوريا هي عدو لبنان ، ويحلمون بأن يكون جيش لبنان جزءا من قوات الطوارئ الدولية ، أي أنهم يريدون القضاء على كل رموز السيادة لدولة لبنان وشعبها ، فهل يقبل اللبنانيون والعرب الشرفاء بذلك ، هل يقبلون أن يضيع لبنان بسبب صمتهم وتواطؤ البعض منهم ؟ سؤال كبير يحتاج إلى إجابة واضحة قبل أن يسجل التاريخ المواقف المخزية لهؤلاء الصامتين والمتخاذلين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة