الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- يومَ ضَبطتُ أدونيس مُتَلبّساً -

عادل عبدالله

2021 / 4 / 27
الادب والفن


في أحد أعوام السبعينات من القرن الماضي، حين كنتُ شاباً يافعاً، شاعراً و ناقداً طموحا، مغرماً بتجارب الصوفية، حافظاً لأشعارهم و مواقفهم و شطحاتهم، أطلعتُ مصادفة على قصيدة أدونيس " تحولات العاشق و الهجرة في أقاليم الليل و النهار" فأحسستُ لأوّل وهلةٍ بأنّ حافر نصّ أدونيس قد وقع على حافر نصّ آخر، سرعان ما تبيّنتُ بأنه حافر نص " النفّري " لكن، من دون أيّة أضافة للمعنى الذي وضعه " الجاحظ " لوصف العلاقة بين النصوص المتشابهة . غير أنّ مثلَ هذا الوصف لعلاقة النصّين كان يخص " قراءة الوهلة الأولى " فحسب، الأمر الذي يعني، أنّ الانطباع الذي خلّفَتْهُ قراءةُ الوهلة الثانية، قادني الى الاعتقاد بأن أدونيس لم يكتفِ بوضع حافر جواده على حافر جواد النفّري فحسب، بل ترجّل عن جواده ليقتفي بنفسه آثار حوافر جواد الصوفي العظيم، ليجمعها في وعاء قصيدته، ناسخاً شكلَ بعضها تارة، و محرّفاً اشكال أخرى، و هكذا، حتّى تمكّن في نهاية المطاف من الظهور على الملأ مرتدياً عباءة الصوفي مُلقّحاً قصيدته العقيم من نطفة مواقف النفّري الخصيبة، مهملاً و متناسياً أن المواقف التي حرص النفّري على أن تكون بينه و بين ربّه، لا يمكن مسخها و تحويلها الى قصائد بين الشاعر وجمهوره.
2-
في صباح اليوم التالي، هرعتُ الى " مقهى المعقّدين " قاصدا صديقي الشاعر الكبير " عبد الرحمن طهمازي " لأطلعه على اللقطة التي عثرتُ عليها، و لأتعرّف من خلال خبرته على مقدار قيمتها وجدّتها، متسائلا إنْ كان أحدٌ قبلي قد عثر على لُقَطٍ شبيهةٍ بها.
بعد أن فرغ طهمازي من قراءة مقدمة مقالتي، ثم شرع بعدها بقراءة الجدول الذي وضعته للمقارنة بين قول أدونيس الشعري و الأصل الصوفي له في عبارات النفّري، أدركتُ من خلال متابعتي لملامح صديقي الشاعر و قد استعمرتها الدهشةُ و عبث بها الذهول، بأنّ أمراً جللاً قد حدث، و ما هي إلّا دقائق حتّى عانقني طهمازي قائلاً بصوتٍ ملؤه الإعجاب و الثقة " رائع ... رائع ابا العوادل... أسرع بنشرها.... إنه اكتشاف كبير"
3-
في كتابه " أدونيس منتحلاً " تحدث الشاعر كاظم جهاد عن أهمية مقالتي و سبقها الأدبي و تأثيراتها و تمثلاتها في الثقافة العربية تحت عنوان خاص بها هو " إنتحال النفّري ... كشفٌ لعادل عبد الله " ثم نقل الشاعر كاظم جهاد نصّ الجدول المقارن الذي و ضعته لكشف عملية انتحال أدونيس لمواقف النفري، يقول كاظم جهاد في كتابه :
[ في العام 1978 نشر الشاعر العراقي عادل عبد الله في مجـــــــــــــــــــــــــلة ( الطليعة الادبية ) ( العدد 11 ) مقالا اعادت نشره صحيفة ( الوطن ) واستعاده الشاعر التونسي منصف الوهايبي في اطروحته الجامعية التي ستعود اليها حمل المقال عنوان : ( من كتب " تحولات العاشق " أدونيس ام النفري ؟ ) . واذا كنا نتفق مع منصف الوهايبي في القول ان كاتب المقالة لا يقم تذكيرا بمشاكل النص او بهذا النمط من التعامل مع نص الاخر فان من الواضح ان المقال يثبت لاول مرة عبارات ومقاطع وافرة يأخذها أدونيس حرفيا من النفري كان الكلام سائدا عنها في اكثر من وسط ووحده هذا الشاعر العراقي الشاب تجشم عناء نشرها والتساؤل عن شرعية سلوك كهذا وعما اذا كانت شهرة أدونيس وحضوره في الثقافة العربية يبرران له ذلك العمل، هذه هي المقاطع نقدمها في جدولين متوازيين : ]
نص النفري
1- ولتحدق بك النجوم الثابتة وسيري تحت السحاب، واطلعي على قعور المياه ولا تطلعي في المشرق وقفي للظل ... فانت وجهي الطالع من كل وجه ... ولا تنامي ولا تستيقظي حتى اتيك
- مخاطبة وبشارة وايذان الوقت -
نص ادونيس:
1- زحزحي نجومي الثابتة، واستلقي تحت سحابي وفوقه - في اغوار الينابيع وذرى الجبال - عالية ، عالية ، عالية صيري وجهي الطالع من كل وجه .. شمسا لا تطلع من الشرق ، ولا تغيب في الغرب ولا تستيقظي ولا تنامي.
نص النفري:
2- وقال يا نور، انقبض وانبسط وانطو وأنتشر وأختف وأظهر، ورأيت حقيقة، لا انقبض وحقيقة لا اقبض، وحقيقة يا نور انقبض
- موقف نور
نص ادونيس
- 2- وقلت ايها الجسد ، انقبض وانبسط وأظهر وإختف، فأنقبض وانبسط وظهر وأختفى.
- تحولات العاشق ص 527 -
نص النفري
3- ووقف في الظل وقال لي: تعرفني ولا اعرفك، فرأيته كله يتعلق بثوبي ولا يتعلق بي - وقال هذه عبادتي - ومال ثوبي قال لي : من أنا؟ فكسفت الشمس القمر وسقطت النجوم وخمدت الانوار وغشيت الظلمة كل شيء سواه - ولم تر عيني ولم تسمع اذني، وبطل حسي، ونطق كلّ شيء، فقال الله اكبر، وجاء في كل شيء وفي يديه حربة ، فقال لي : اهرب فقلت، الى اين؟
فقال ، قع في الظلمة، فوقعت في الظلمة فابصرت نفسي، فقال لي لا تبصر غيرك ابدا، ولا تخرج من الظلمة ابدا.
- موقف من أنت ومن أنا -
نص ادونيس
3- ورأيت ثوبي يميل عني والظلام يغشاني طلع مني العالم صارخا كالحربة أهبط عميقا في الظلمة ووقعت في الظلمة وألتقيت بك ورأيت نفسي وقلت سأبقى في الظلمة ولن أخرج.
- تحولات العاشق -
نص النفري
4- فإذا سميتك فلا تتسّم
- موقف الفقه -
نص ادونيس
4- قلنا لا تسّمنا لمن يسمّى
- تحولات العاشق -
نص النفري:
5- واجتمع علي باقاصي ... القلوب لا تهجم علي
- موقف الموعظة - موقف قلوب العارفين -
نص ادونيس
5- واهجم عليك بقلبي ... اجمع اقاصي همومي
- تحولات العاشق -
نص النفري:
6- وشجر الحروف الاسماء ، الحرف يسري
- موقف التذكرة -
نص ادونيس
6- كان اسمها يسير صامتا في غابة الحروف
نص النفري
7- اطلعي ايتها الشمس المضيئة، فقد سلخت الليل وترين نوري كيف يزهر .. انفسحي يا محصورة فقد اطلق أسرك .. وأزف ميقات ظهوري وتنزل البركة وتنبت شجرة الغنى في الارض
- مخاطبة وبشارة ايذان الوقت
نص ادونيس
- 7-
تقوم تنفسح الحدود المحصورة ينطلق الاسر الشمس التي اوقضناها تنبسط على كل شيء ونرى نورها يزهر .. وتقول نبتت شجرة الروح في الارض
- تحولات العاشق -
نص النفري
8- دخلت معه الى قبره فضاق به .. ارفع الحجاب بيني وبينك.
- موقف الاعمال -
نص ادونيس
8- وسانزل معك الى القبر ..
بيني وبينك حجاب ولن تريني
- تحولات العاشق -
نص النفري
9- افل الليل وطلع وجه السحر وقام الفجر على الساق، فاستيقظي ايتها النائمة.
- موقف واحل المنطقة
نص ادونيس
- 9- النهار يعلن الليل
استيقظي
- تحولات العاشق -
نص النفري
10- ان كان مأواك القرب فرشته لك
- موقف القرب -
نص ادونيس
10- افرشه لك غبارا وقبرا.
- تحولات العاشق -








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل يوم - لقاء في الفن والثقافة والمجتمع مع الكاتب والمنتج د/


.. الفنان أحمد سلامة: الفنان أشرف عبد الغفور لم يرحل ولكنه باقي




.. إيهاب فهمي: الفنان أشرف عبد الغفور رمز من رموز الفن المصري و


.. كل يوم - د. مدحت العدل يوجه رسالة لـ محمد رمضان.. أين أنت من




.. كل يوم - الناقد الرياضي عصام شلتوت لـ خالد أبو بكر: مجلس إدا