الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كما نحن يولّى علينا

ميشال شماس

2006 / 8 / 3
الارهاب, الحرب والسلام


سألني صديقي المتابع لمقالاتي عن سر توقفي عن الكتابة في الوقت الذي يتعرض فيه لبنان كل لبنان إلى اعتداء إسرائيلي وحشي لم يسبق له مثيل طال البشر والحجر والشجر وكل شيء ،وأضاف قائلاً: أين مقالاتك التي كنا نقرؤها أسبوعيا التي توجه فيها سهام نقدك للنظام وسياسته الداخلية بشكل خاص؟ أليس واجباً عليك كمواطن سوري أولاً وعربي ثانياً أن توجه قلمك الآن ضد العدو الإسرائيلي الذي استباح أرض لبنان وسمائه وبحره، والمجازر التي يرتكبها بحق إخواننا في فلسطين السليبة؟ وهل صمتك يخدم صمود هؤلاء المقاومين؟؟ إن أضعف الإيمان يا صديقي أن نرفع معاً الصوت عالياً لإدانة هذا العدوان الهمجي الذي يتعرض له أهلنا في لبنان وفلسطين.
ومن قال لك يا صديقي إنني لم أقف ضد هذا العدوان الذي يتعرض له لبنان الحبيب وأخوتنا في فلسطين وفي العراق أيضاً، ومن قال لك أنني لم أعبر عن تضامني الكامل معهم، وعن مشاعر الأسى والحزن لهؤلاء الشهداء وللدمار الهائل الذي طال كل شيء، وعن صدمتي للجريمة المروعة في قانا الشهيدة التي طالت الأطفال والنساء والشيوخ؟؟ وأقول لك أكثر من ذلك إن صديق لي في كندا أتصل بي معلناً تضامنه مع اللبنانيين والفلسطينيين ومندداً بهمجية العدو الإسرائيلي، وكذلك فعل صديقي من هولندة ومن فرنسا أيضاً، حتى جاري الذي لايتعاطي السياسية أعلن عن تضامنه مع الضحايا وتنديده بوحشية الصهاينة..!!
ولكن يا صديقي هل أوقفت تلك الأصوات المنددة بوحشية الصهاينة، هذا العدوان الذي يتعرض له أشقائنا وأحبائنا في لبنان وفلسطين والعراق..؟ منذ العام 1948وحتى يومنا هذا ؟
فمنذ أن أضعنا عربستان ولواء اسكندرون و فلسطين، ونحن لا نسمع إلا التنديد ولاشيء غير التنديد،واحتلت اسرائيل جولاننا الحبيب ومازالت تحتلها برغم كل الأصوات التي نددت ومازالت تندد باحتلالها، وها هم أهل العراق الذين يتعرضون للقتل اليومي لايسمعون منا إلا صيحات التنديد والاستنكار، وهذه هي الجزر الإماراتية على طريق الضياع ونحن مازلنا ندد ونستنكر.!
عشرات السنين مضت على استقلال بلداننا ولم نتقن غير البكاء والعويل والصراخ والتنديد، نلوم تخاذل بعض حكامنا ومسؤولينا، وضعف بعضهم الأخر، وننتقد تمسكهم بكرسي الحكم وسعيهم المستمر للتجديد والتوريث، ونسينا أو تناسينا أننا نحن من أوصل هؤلاء الحكام إلى سدة الحكم، ونحن من امن استمرارهم في الحكم والتجديد لهم كلما طلبوا ذلك. بينما نحن منشغلون في إنجاب الأولاد، والتباري في اللهو مع النساء، وملء بطوننا.بينما عقولنا مازالت معطلة ومغيبة،وإن عملت فهي لا تعمل إلا بشكل غريزي. وصدق من قال: "كما نحن يولى علينا"
عشرات السنين مضت، ونحن مازلنا نساهم في خراب بلداننا، بعجزنا عن حماية أموال الشعب والدولة التي تسرق وتنهب ليتم إيداعها في حسابات سرية بالبنوك الأوربية والأمريكية، حيث يتم استثمارها في مشاريع تعود بالنفع ليس على الدول الأجنبية وحسب، بل وأيضاً على عدوتنا إسرائيل التي تستفيد من تلك الأموال مرتين، مرة عندما يتم إخراج تلك الأموال من بلادنا فيضعف اقتصادنا ويزداد فقرنا، ومرة عندما يذهب جزء من تلك الأموال كقروض ومساعدات إلى الاقتصاد الإسرائيلي ليبقى قوياً وليبقى الإسرائيلي مرفهاً على حساب سعادة أطفالنا.؟!وسكتنا عن الفساد لابل شجعنا على ممارسته وساعدنا على انتشاره ومارسناه أيضاً حتى أصبح يقض مضاجعنا. وارتضينا فوق كل ذلك أن تنتهك حقوقنا، فسكتنا عن عمليات القمع والاعتقال، وأخذ بعضنا يخون بعضه الأخر..وارتضينا أن نسير في لون واتجاه واحد أوحد..
عشرات السنين وربما أكثر، ونحن ما زلنا نتقوقع في طوائفنا ومذاهبنا وكل منا يكفر الأخر، فهذا مازال يعتبر الاستعمار التركي لبلداننا فتحاً وذاك يعتبره احتلالاً، حتى إن البعض ذهب للمطالبة بفرض الجزية على غير المسلمين، وبقى الولاء للطائفة، وأما الوطن فمازال يبحث عمن يدين بالولاء له. بعد أن أضعناه في زحمة الولاءات الطائفية والمذهبية وكثرة الفتاوى الدينية، حتى إن البعض لم يتورع بالإفتاء بوجوب الامتناع عن تقديم العون للذين يتصدون للعدوان الإسرائيلي الذي يتعرض له أهلنا في لبنان وفلسطين،بينما لم يتورعوا في السابق عن فتح أبواب التطوع "للجهاد" في أفغانستان الغريبة عنا، وأرسلوا بسخاء مليارات الدولارات لدعم "مجاهدي أفغانستان" المدعومين من أمريكا؟
أطفالنا ونساؤنا وشيوخنا تذبح كالنعاج على مرأى ومسمع الجميع، بينما نحن العرب لا نجيد غير الاتشاح بالسواد حتى أصبح السواد لوننا المفضل، ونتسابق على إحراق العلمين الأمريكي والاسرئيلي، والدوس عليهما وتمزيقهما، وكأن هذا الفعل سوف يرد لنا كرامتنا ويردع العدوان عنا، ويعيد لنا أرضنا السليبة.
وبعد سوف تبقى اسرائيل تحتل أراضينا ونتهتك حرماتنا براً وبحراً وجواً وتقتل نسائنا وأطفالنا وشبوخنا مدعومة من أمريكا، وسوف نبقى عاجزين عن مواجهتها، وسوف نبقى كذلك طالما أننا لانجيد سوى التملق والنفاق ورشوة بعضنا البعض، ولانجيد أيضاً سوى ملء بطوننا والركض وراء النسوان لاشباع غرائزنا الجنسية التي تطغى على مجمل حياتنا، وسوف نبقى كذلك طالما أننا نحن راضون بأن تنتهك حقوقنا، وأن تُسلب حريتنا..
باختصار سوف نبقى كذلك طالما أننا مازلنا ندين بالولاء لطوائفنا ومذاهبنا وأحزابنا ، فلنخرج من طوائفنا إلى الوطن الكبير، ونعلن انتماؤنا للوطن الواحد، وأن نعترف نهائياً بحق الأخر في إبداء رأيه دونما وجل أو خوف، ونمارس حياتنا بحرية، وأن نعيد الاعتبار للعقل والعلم والقيم الروحية والأخلاقية، وأن ننفتح على بعضنا في إطار فكر وسياسة تتسع للجميع على أساس المشاركة المتساوية المبنية على مبدأ تكافؤ الفرص وسيادة القانون والمساواة أمامه، بصرف النظر عن الدين واللون والجنس، وبعيداً عن أي قسر أو إكراه أو إقصاء أو تهميش أو إلغاء..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نادين الراسي.. تتحدث عن الخيانة الجسدية التي تعرضت لها????


.. السودان.. إعلان لوقف الحرب | #الظهيرة




.. فيديو متداول لحارسي الرئيس الروسي والرئيس الصيني يتبادلان ال


.. القسام: قنصنا جنديا إسرائيليا في محور -نتساريم- جنوب حي تل ا




.. شاهد| آخر الصور الملتقطة للرئيس الإيراني والوفد الوزاري في أ