الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كيف لم يفهم المسيحيون دعوة المسيح؟

محمد عبد المجيد
صحفي/كاتب

(Mohammad Abdelmaguid)

2021 / 4 / 29
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


أكبر تشويه عن قصد قامت به الكنيسة في أرجاء المعمورة هو تحويل دعوة المسيح، عليه السلام، من قوة إلى ضعف، وتصديرها للرعية لترسيخ فكر الطاعة لخدمة الحاكم الظالم والكهنة ورجال الدين
كان ابن مريم، عليهما السلام، قويا في دعوته، عادلا في وضعها داخل إطارين لتحقيق المجتمع الصحي فجعل عبقرية العلاقات الاجتماعية :وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ
وهو عليه السلام الذي قال: ٢٩ مَنْ ضَرَبَكَ عَلَى خَدِّكَ فَاعْرِضْ لَهُ الآخَرَ أَيْضاً وَمَنْ أَخَذَ رِدَاءَكَ فَلاَ تَمْنَعْهُ ثَوْبَكَ أَيْضاً.

كانت الدعوة القوية الكريمة للرعية وللشعب وللناس ليقيموا بينهم السلام والأمن والمحبة، فجاء الفكر الكنسي الكهنوتي ليجعلها دعوة خنوع ومسكنة ومهانة على عكس ما أراد لها المسيح، عليه السلام
فظهرت إمبراطوريات وقادة قساة وديكتاتوريون لا يلتزمون بدعوة المسيح، عليه السلام، ويطلبون من الرعايا جعلها علاقة خضوع للحاكم الظالم.

لو فهموا قوة الدعوة لصححوا العلاقات الاجتماعية، ففي جنوب أفريقيا ظل الفكر الكنسي مُفرّقا بين مسيحيين بيض في كنائس بيضاء للمستعمر، ومسيحيين سود في كنائس يؤمها الناس والرعية!
في إيطاليا وقف الفاشي بنيتو موسوليني فوق دبابة يتحدى الكنيسة قائلا: كم من الدبابات يملك البابا، فألزم الفكرُ الكنسي الجميعَ بالصمت لأنه لم يُفــْــهــِــم العامة أن في دعوة المسيح، عليه السلام، قوة لهم؛ وليس خضوعا للفاشية
حتى جاء يوم ثار الشعب الايطالي المسيحي وأعدم موسوليني في نابولي بعدما فهم لعبة القوى الديكتاتورية بجعل تسامحهم ومحبتهم للسلطة الحاكمة وليس فيما بينهم.

التاريخ مليء بهذا الفهم الخاطيء والمتعمد، لكن ابن مريم، عليهما السلام، كان يقصد الرعية، وأن تحب جارك الذي يكرهك، وتُسامح صديقك الذي أساء إليك، وتحسن إلى مبغضيك في الحياة اليومية والذين هم محكومون مثلك، ويعرفون أنك لست ضعيفا.
في مصر، كمثال، اخترق الفكر الكنسي عقول أحبابنا.. أقباط الوطن ففسّر لهم : وصلّوا لأجل الذين يسيئون إليكم، على أنها وقوف بجانب الطواغيت والديكتاتوريين وعدم إزعاجهم وهم يسرقون وينهبون ويعذبون ويعتقلون؛ فالمسيح طلب منهم أن يُصلوا لهم، وهذا غير صحيح، لان المسيح، عليه السلام، طلب من هذا القبطي المسيحي أن يبدو متسامحا بقوة مع الآخرين، لكن أن يقاوم الظالم والسارق والناهب والسجّان والأفاق.

دعوة المسيح ، عليه السلام، تحتاج إلى شجاعة في الخوض في مناطقها الحساسة، أي تلك التي تفصل العلاقات الاجتماعية( من ضربك على خدك الأيمن فادر له الأيسر) وهو يعرف أنه قوي متسامح، أما الحاكم فسيفهم أنك خانع ومؤازر للظلم وهذه مغالطة مقصودة في فهم عظمة القوة لفكر المسيح، عليه السلام

أكثر أحبابنا.. أقباط مصر المدافعين عن الديكتاتور يؤكدون اعتناقهم للتشويه المسيحي في الفكر الكنسي، فيكتبون لي في مواقع كثيرة بعد حزمة من الشتائم( وهي شتائم مناهضة لأخلاق علـّمهم إياها المسيح) أنهم يتوجهون بالصلاة من أجل الحاكم كما طلب منهم المسيح، عليه السلام، ثم يقذفون في وجهي ب(خروف اخوان) كما علمـهم الحاكم والإعلام.

لماذا لا يتوجهون بالصلاة من أجل الاخوان والسلفيين والدواعش واللصوص والسفاحين وظالمي الأقباط وحارقي كنائسهم؟

دعوة المسيح بن مريم، عليهما السلام، فيما يتعلق بتوجيهاته الكريمة والقوية والعادلة ينبغي أن تعاد إلى الرعية بعدما سرقتها السلطة الكنسية وحوّلتها إلى مسكنة وضعف وخنوع و.. خضوع للحاكم.
لو كان المسيح، عليه السلام، بيننا لقال للصوص والطواغيت : يا أولاد الأفاعي، ولما طلب من المسيحيين أن يُصلوا من أجلهم، أويعطوهم وجوههم للصفع، أويقبّلوا أيديهم إذا اعتقلوهم، ويطالبوا بأموالهم المنهوبة، ويتوقفوا عن الصراع الفضائي بين دينهم وأديان الآخرين.

لو كان بيننا، عليه السلام، لقال لهم: إن المسلمين يحبونني كما تفعلون، ولا يوجد مسلم ولو خبيث وإرهابي وداعشي ينال مني ومن أمي، علينا السلام، رغم ما يمر به العالم الإسلام من ضعف وتطرف وتشدد وتزمت ومشايخ الكراهية وتفسيرات مغرضة لقرآنهم المجيد ليفرّقوا بينكم وبين أشقائكم الذين اتبعوني.

وسيقول المسيح، عليه السلام، إن مباركتكم لاعنيكم لم أقصد بها الحُكام الفجرة والظالمين، ولكن جيرانكم وأصدقاؤكم وأبناء شعبكم ورعيتكم الطيبة بمختلف أديانها وعقائدها.
أنا أطالب بعودة تعاليم المسيح، عليه السلام، للعلاقات بين الناس واستعادتها من الفكر الكنسي الداعم لأي حاكم طاغية، لتتحول إلى غضب على القصر وإلى حنان على الكوخ .. إلى رفض للجبابرة إذا آذوكم . وقبول لكل الناس إذا عرفوا أن تسامحكم ومحبتكم وصلواتــكم هي قوة من صُلب تعاليم المسيحية.

لذا فهم البابا شنودة، رحمه الله، المغزى خلف تعاليم التسامح التي وجهها المسيح ،عليه السلام، للرحمة بين الناس ومقاومة الظالم إذا ظلم الديكتاتور، حاكما أو مستعمرا، رعيته ومحكوميه، فطلب من الأقباط عدم زيارة الأرض الفلسطينية المحتلة إلا مع اخوانهم المسلمـين فهي صورة من صور المقاومة الملتزمة بقوة تعاليم المسيح، عليه السلام.

تلك هي رؤيتي لاسترداد التعاليم العظيمة من المسيح، عليه السلام، للرعية لصناعة مجتمع صحي ومسالم يحب بعضه بعضا ويكره المستعمر والديكتاتور والظالم وسيد القصر.
إنه تفسيري كمسلم يحب المسيح بن مريم، عليهما السلام، ويرى قوة غير خفية أو خافية في تعاليمه حتى لو حاول الفكر الكنسي الكهنوتي تشويهها لصالح الحُكام ولخضوع الشعوب.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: تحت دوي الاشتباكات...تلاميذ فلسطينيون يستعيدون متع


.. 70 زوبعة قوية تضرب وسط الولايات المتحدة #سوشال_سكاي




.. تضرر ناقلة نفط إثر تعرضها لهجوم صاروخي بالبحر الأحمر| #الظهي


.. مفاوضات القاهرة تنشُد «صيغة نهائية» للتهدئة رغم المصاعب| #ال




.. حزب الله يعلن مقتل اثنين من عناصره في غارة إسرائيلية بجنوب ل