الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في رواية ( بقايا القهوة )

زهير إسماعيل عبدالواحد

2021 / 5 / 1
الادب والفن


رواية بقايا القهوة
( ماريو بينيديتي )

كانت أسرتي تُغير مسكنها على الدوام . على الأقل ، منذ بدأت أتذكر الأشياء . ولكن من الواجب علي ان اقول أن انتقالنا من مسكن إلى آخر كانت له أسباب غير منطقية ، لكنها لا تدعو إلى الخجل . كانت الاسباب التي يسوقها والدي هي عدم دخول أشعة الشمس والضجيج الخارجي ورطوبة الجدران وضيق الممرات . أما الأسباب التي تحتج عليها والدتي كانت أشعة الشمس المفرطة والشوارع التي تنعدم فيها الحركة والجفاف في الجو وعدم التواصل مع الجيران .

وُلدتُ في بيت بحي خوستيسيا إي نويبا بالميرا ، حيث سكنّا ثلاثة اعوام . انتقلنا بعد ذلك ، ودون أن نترك الحي ، إلى إينكا إي ليما . وبعد ذلك انتقلنا إلى خواكين ، حيث كان ضجيج الشارع قوي جدا . المسكن التالي كان يوجد في هوكارت ، وكان على بعد أربع بنايات من البيت السابق فقط . كانت إقامتنا الجديدة ضيقة إلى حد ما ، و في غالب الاوقات كنا نأكل في المطبخ .

إن أول منزل كان ذا أهمية كبيرة جدا ، على الأقل بالنسبة لي ، هو بيت في شارع كابورّو . فهناك ولدت شقيقتي ، وهناك وجد والدي عملاً جديداً وأسهم ذلك في ارتفاعٍ مهم في مرتبه الشهري ، وهناك مرضتُ مرضاً شديداً جعل الطبيب يمنعني من ان اذهب الى المدرسة . وطالت فترة النقاهة ، فأحضر أبي لي معلمة خاصة إسمها أنطونيا بيكو . كانت نحيلة الجسد ، وبشرتها بيضاء جداً . كانت توجه إليّ نظرات متسامحة و حلوة ، مما دفعني إلى النظر إلى ساقيها و اجدهما رائعين جدا . أعتقد أن التعبير الشهواني المبكر ز الاول لديّ تُرجم في تلك النظرات المستترة التي كنت أوجهها إلى تلكما الساقين الرائعتين . لم أكن أبلغ في ذلك الوقت من العمر سوى ثمانية سنين ، فتوقف هيامي المبكر عند ساقيها .

كان بيت شارع كابورّو هو المكان الذي بدأت احس فيه انني جزء من عائلة كبيرة جدا . فكان قد جاء ابنا خال لي يكبرانني بعامين فقط ، أقاما على بعد خمس بنايات من منزلنا . كان لبيت كابورّو رائحة غريبة . بحسب رأي والدي ، كانت رائحة ياسمين ، وبحسب رأي والدتي ، كانت رائحة فئران . أتذكر حديقة كابورّو ، ذلك المكان الجميل جدا . كانت ذا جاذبية خاصة لي و لاولاد خالتي . أما الشاطيء القريب ، في المقابل ، فقد كان محتقراً من كل السكان . في أحد الأيام كان القدر يخبيء لنا مفاجأة ، كنت أنا وابن خالتي وابني الجيران نسير على ذلك الشاطيء عندما عثرنا على داندي ميتاً .. هذا الإسم الذي كان يطلقه على ذاته ذلك المتشرد المعروف . رأينا جرحاً كبيرا و خطيرا احدثته ، على ما يبدو ، أداة حادة . حينها شعرت أن عينيّ تغوصان في الظلام وأنني على وشك أن أفقد الوعي . وحينها حلفنا أن نحفظ سر اكتشافنا المخيف هذا . والغريب في الأمر أيضاً أن الصحافة لم تتحدث على الاطلاق عن اغتيال الداندي . بعد عشرة أيام ، اجتمعنا حتى نتشاور وتم القرار بأن أذهب أنا حتى اعاين المكان . في اليوم التالي قصدت إلى مكان الحادث ، و بقي الثلاثة في انتظار أخباري . كنت خائفا حد الموت . وعندما وصلت لمكان الحادث ، لم أصدق عيني ، فلا أثر للداندي هناك البتة . والغريب في الأمر أن عدم وجودها هدّأ من اعصابي بعض الشيء . عدت إليهم وأخبرتهم بأن المغدور ليس هناك . لماذا لم تكتب الصحافة أي شيء عن تلك الجريمة ؟ وهناك عنصر ثاني يجب أن يؤخذ بعين الإعتبار وهو أنه اختفى من الحي كل المتشردين . لماذا اختفوا ؟ بعد ذلك لم يرجع أيٌّ منا إلى مكان الحادث . وبعد بضعة أشهر، توقفنا عن الحديث عن ذلك الامر ، إلا أن وجه الداندي بقي يظهر لي في كوابيسي لعدة أشهر إلى أن اختفى في نهاية الامر .

كان بيت كابورّو المكان الاول الذي كان يعني بالنسبة إلي عالماً ، فضاءً خاصاً . إذ أني قبل ذلك لم أكن قد حظيت باي حجرة خاصة بي. بعد وقت توقفت عن اخذ الدروس من محبوبتي أنطونيا بيكو لأنها تزوجت ، وكان يدرِّسني سيدٌ اسمه أومبيرتو فوسكو ، الذي كان ذي رجلين مشعرتين للغاية . ومع أن التيار الكهربائي لم يكن ينقطع بشكل كبير عن الحي ، إلا أن الحي كان يغرق في ظلام دامس . كان المنزل بالنسبة الى ابي مجرد بيت نستأجره ، ولكني لم أكن أميز وقتها جيداً بين الامتلاك و الاستئجار ، ولهذا كان بيت كابورّو بالنسبة إليّ بيتي . كنت عندما ارجع من الشارع وأفتح الباب ، كان المنزل يستقبلني برائحته الخاصة . كان البيت بالنسبة إليّ بمثابة وطن .

كان لبيت كابورّو ذكريات و اسرار و الغاز . ومن بين أجمل ذكريات كابورّو التى أذكرها هي دقائق استيقاظي من النوم الذي يتكفل به عادة عصافير سكان شجرة التين . فعندما كانت تصرخ بي امي من المطبخ كي أذهب للإفطار ، كانت تجد الطيور قد أيقظتني قبل مدة طويلة بعض الشيء . حتى أن بعض هذه الطيور كان قد فقد الحذر و الخوف فكانت تدخل الحجرة و تدنو من فراشي وهي تعرف أنني أحتفظ لها دائماً بإفطار من فتات الخبز .

ذات مساء ، ناداني والدي ، وكنا قد بقينا بمفردنا في المنزل . كنت أحس ببعض السام لأنني لا أذهب إلى المدرسة وليست هناك ألعاب الهو بها . قال : كلاوديو , الشيء الذي زادني حيرة و اضطرابا ، إذ لم يكن أبي يناديني بإسمي إلا في اوقات قليلة جدا . ثم قال : لديّ خبر سيء , إن أمك مصابة بمرض خطير جدا . قلت له: هل ستموت ؟ فقال : نعم ستموت !! حينها احسست بالحزن و البرد . اقتربت من أبي فضمني إلى صدره ضمة عميقة طويلة . وأثناء عناقنا شعرت به يبكي ، ثم قال : شيء واحد أطلبه منك وهو ألا تعرف بانك تعلم أنها مصابة خطير . عاملها كما العادة ، ولو كلفك ذلك مجهوداً بالغا . بعد ساعتين ، وعندما رجعتْ والدتي مع شقيقتي ايلينا ، كنا أنا و والدي قد هدانا من اعصابنا . وقد لاحظتُ أن أمي شاحبة الوجه ، متعبة للغاية . اقتربت منها وطبعت قبلة على خدها . صعدتُ إلى حجرتي بمجرد أن سنحتْ لي الفرصة . فكرت : كيف أني ساصير بعد فترة قصيرة يتيما . إحساس غريب ، ليس أمراً يسيرا أن تبقى بلا أم و انت في الثانية عشرة من عمرك . ظللت يومها أبكي وأبكي لفترة طويلة . عندها سمعت صوتاً يقول : ما بك ؟ لماذا تبكي ؟ اتجهت إلى مصدر الصوت فشاهدت بنت في أعلى التينة تنظر إلي . فتاة لا اعلم من هي . قالت لي أن اسمها ريتا وأنها ابنة خالة نوبيرتو ، أحد اصحابي هنا في الحي ، كانت تكبرني بسنة او سنتين . أخذت تتحرك عبر الأغصان ببطء، ثم دخلتْ إلى حجرتي من الشباك . قلت لها : ماما ستموت . قالت : كلنا سنموت . لا تخجل من ان تبكي . ثم قامت ريتا وقبلتني ، وقالت أود أن أكون صاحبتك . ولكني سأسافر غداً إلى الأرجنتين . أنا أعيش هناك . حينها قبلتها أنا في خدها ، فابتسمت . شعرت باحساس كان جديداً علي . ثم خرجتْ مرة ثانية من الشباك إلى فناء نوربيرتو . حيتني من الأسفل . واكتفيتُ أنا بالنظر إليها ، بكثير من الحزن .

المرحلة النهائية بالنسبة لوالدتي استغرقت ستة أشهر . لم اعلم في اي يوم من ايام عمري إسم المرض الذي أصابها ولم أرغب في ان اعرفه . ماتت أمي ذات أحد ، في الثالثة وعشر دقائق ، مساءً . كانت تعلو وجه والدتي سحنة هدوء ، كتعبير عن الراحة المرغوبة الأخيرة . كانت أختي إيلينا تجوب البيت كروح معذبة صغيرة ، كانت في الثامنه من عمرها ، وقتها أخذتها معي إلى حجرتي ، كانت مصدومة تماماً أمام صورة والدتي التي لا تتكلم و لا تسمع و لا تتحرك .

التحقتْ بعائلتنا ، قبل وفاة أمي ، امرأة يوغسلافية في الأربعين من عمرها ، إسمها خوليسكا . كانت تقوم بكل اعمال البيت . بعد ذلك نجحتُ في اجتياز امتحان الإلتحاق بالثانوي ، وبدأتُ اروح بشكل منتظم إلى ثانوية ميراندا . ذات مرة سألت نوبيرتو عن ابنة خالته . فقال لي و هو مندهش : ليس لدي أي ابنة خالة . من أين جئت بهذه السخافة ؟ أنا لا أملك لا بنات خالات ولا بنات أعمام . من في مقدوره ان يعلم أكثر مني بأن ريتا فتاة من لحم ودم ؟ إن وجودها في حجرتي لم يكن حلماً . ثم إنها قبّلتني ، والأشباح لا تقبِّل !!!؟ وذات يوم صار ما كنت اخاف ان يحدث , بدأ أبي يتكلم عن الإنتقال إلى بيت جديد . كان يقول أن كل ركن في هذا المنزل يذكره بوالدتي وكان مصمماً على وضع حد لذلك الحِداد المرضي . و في الحقيقة كان والدي قد عُين مديراً لفندق ممتاز في بوسيتوس ، مما جعلنا ننتقل إلى بيت جديد . البيت الجديد كان كبيراً جداً ، ولتحقيق توازن في الميزانية ، قرر والدي أن يؤجر حجرة من حجرات البيت التي كانت تطل على الشارع . واستأجرت الغرفة طالبة تدرس فن العمارة إسمها ناطاليا وكانت من التشيلي ، وكان لديها خطيب يزورها كل يوم تقريبا .

كان مقر شغل والدي الجديد قريباً نسبياً من منزلنا ، إلا أن الأمر لم يكن كذلك بالنسبة لثانوية ميراندا ، حيث كنت أدرس . كان من اللازم علي أن أستقل حافلتين أو حافلة وتراما حتى أصل إليها . أما فى الأيام غير الممطرة كنت احب ان اعود الى البيت مشياً على الأقدام . وكان طريق عودتي من الثانويه إلى المنزل يمر عبر الشوارع ، وأماكن وأزقه كانت بالنسبة إليّ بمثابة اكتشافي للحرية , مع أنه حرية هزيلة و اكتشاف صغير ، ولكن شيء أفضل من لا شيء . كانت رحلتي كل يوم تستغرق ساعتين أو أربع ساعات ، فلم يكن أحد يحاسبني على التأخر . في جميع الأحوال ، فأبي يتأخر في العودة الى البيت كل يوم ، وكنت أنتظره للعشاء .

أحياناً ، كنت أفاجيء والدي بزيارة له إلى الفندق الذي يقوم بادارته . هناك ، كنت أكتشف تحول والدي إلى رجل متحدث ، كفء وصارم باعتدال ، ويجيد التعامل مع الناس . وكان من الواضح أن الطاقم يكن له كل الاحترام ، ويعزه أيضاً .

الحرب العالمية الثانية كانت في اول شهور لها ، عندما نشبت معركة كبيرة جدا في مياه المحيط الأطلسي بين ثلاث سفن بريطانية والبارجة الألمانية ، التي لجأت إلى ميناء مونتيفيديو . الوصول المفاجيء لتلك البارجة هز حياة المدينة الطبيعية . وكان هذا أول لقاء مباشر لنا مع الحرب . في ذلك المساء متاجر كثيرة أغلقت أبوابها في وقت مبكر على غير عادتها ، لكي يتمكن العمال وأصحاب العمل من رؤية تلك الزائرة . من بين شلة اصحابي بكابورّو ، لم أكن التقي سوى بنوربيرتو ، من حين لثاني. في أحد تلك اللقاءات سألته عن تينتي التي كنت احبها بالقرب من بيتي ، التى كان يسكنها طيوري التي كانت توقظني كل صباح و عن المنزل القديم . فقال : الآن تسكن البيت ثلاث نساء كبيرات في السن ، لا يمكن احتمالهن ! ثلاث أخوات ارامل او عوانس ، والتينة المسكينة قد تكسرت أغصانها . وحسب ما قاله نوربيرتو ، فإن الحي قد تغير بشكل كبير . فأنشئت معامل ومبان صناعية عديدة في المنطقة ، وقد أحدث ذلك تغيراً كبيراً في نوعية السكان ، وأفقد الحي حميميته الجماعية .

كان الأحد يوم عطلة جوليسكا، و كما هي عادتها فقد كانت تذهب فيه إلى لاس بييدراس ، حتى تزور اقاربها ، الذين لم نتعرف عليهم ابدا . ومن جهة أخرى كان والدي ، في يوم الأحد ، ياخذ معه إيلينا التي أصبحت صديقة لبنت في سنها (إبنة كبير الندلاء) ونشأ بينهما حب كبير متبادل . أما ناطاليا وكيكي ، فكانا يقضيان اليوم بأكمله في خارج المنزل ، عندما يكون الجو ملائما . لذا كان المنزل يبقى تحت تصرفي الشخصي ، فكان الأمر بالنسبة إلي وجهاً ثانيا للحرية ، وإن كان مختلفاً كل الاختلاف عن حرية الشوارع . ذاك الأحد ، ذهبت إلى سوق تريستان . لم أكن ارغب في أن أشتري شيئاً ، ولكنني كنت اهوى ان انصت الى مشاكل الناس و ان اختلط بالناس بوجههم الطريف و الفظ . وعند منتصف النهار ، عدت إلى المنزل ، مستعداً لتناول وجبة الغداء بمفردي . توجهت مباشرة إلى المطبخ ، حيث وجدت مفاجأة تنتظرني : كانت ناطاليا واقفة هناك عند موقد الغاز ، تحرك ببطء ملعقة طويلة خشبية ، داخل وعاء . كانت ترتدي قميص نوم من نسيج شفاف حريري ، يُظهر ويكشف كل شيء . ثم إنها كانت حافية القدمين ، مما زاد الإنطباع عندي بأنها عارية . فقلت لها : انا اعتذر . كنت اعتقد ان المنزل ليس فيه أحد . فقالت وهي مستمتعة باندهاشي : لا عليك ، وأنا أيضاً ظننت انني بمفردي في المنزل . ثم تقدمت نحوي وقالت : نحن وحدنا يا كلاوديتو , والدك و ايلينا لن يرجعا إلا في الليل . وكيكي اضطر للذهاب إلى اسرته . كنت أرد بالإيجاب ، والفرحة لا تسعني . ثم أخذتني من ذراعي و اصطحبتني معها الى حجرتها . وأغلقت الستائر . كانت ناطاليا في الخامسة والعشرين من عمرها ، وفي عيون فتى مثلي ، في السادسة عشرة من عمره ، كانت تبدو فتاة ناضجة و لطيفة ، وقد أخذتُ أتعود شيئاً فشيئاً على علاقة الصداقة الجميلة بيني وبين ناطاليا .

لكل منا عاداته الخاصة به و الغريبة . أنا كنت مولعاً برسم موانيء الساعات . وكنت أقضي الوقت في كثير من الاوقات في القس م، وبينما أستاذ الفلسفة يقضي كل وقته في الحديث عن ظاهراتيّة الروح لهيجل ، كنت أنا أرسم موانيء ساعات ، و على الدوام بأرقام رومانية . وعند رسم العقربين ، كانت ساعتي القريبة الى قلبي هي الثالثة وعشر دقائق ، وهي ساعة هامة في مسيرتي الحياتية غير الطويلة نسبيا . ففي الثالثة وعشر دقائق عثرنا على جثة الداندي ، وفي الثالثة وعشر دقائق ماتت والدتي ، وفي الثالثة وعشر دقائق دخلت ريتا حجرتي في كابورّو ، وفي الثالثة وعشر دقائق كانت اول تجربة لي مع ناطاليا .

أنهيت دراستي الثانوية بلا اي مشاكل كبيرة . ونتائجي لم تكن لامعة بشكل كبير . كان هدفي أن أكرس كل وقتي لدراسة الرسم ، بدل أن أسجل بالمرحلة التأهيلية بالجامعة . وبعد فترة بدأت اشتغل كمعاون بسيط في وكالة إشهارية عالمية . وبعد شهرين بدأت أساهم في نسخ تصاميم بطريقة شبة آلية ، تصاميم من انجاز آخرين . هذا يعني أنني في السابعة عشر من عمري ، كان لدي ما يكفيني لسد احتياجاتي .

ذات مساء ، كنت احتسي قهوتي في مقهى سبورتمان ، فأخرجت من محفظتي كراسة وبضعة أقلام رصاص ، عندما سمعت أحداً بالقرب مني يقول : كلاوديو . وقبل أن أنظر إلى صاحب الصوت ، علمت أنها ريتا . أخذت وجهي بين يديها وقبّلتني . لم اقدر ان أصدق . ما تزال نحيفة ولكن جمالها أصبح الآن أكثر فتنة و احكاما ، دون أن تفقد هالة الرهافة تلك التي تربطها بريتا الاولى التي تسللت قبل سنين من تينة نوربيرتو إلى حجرتي في كابورّو .

في البداية ، كنا نقاطع بعضنا بعضاً بالأسئلة . نعم ، هي ما تزال تقيم في قرطبة وتعمل كمضيفة طيران ، ولذلك فهى تسافر بشكل مستمر . هي تسكن مع شقيقتها المتزوجة . حينها قلت لها : هل التقيت بنوربيرتو إبن خالتك ؟ فقالت : نوربيرتو ليس إبن خالتي . لقد استخدمت إسمه فقط كتمهيد ، حتى اكسب ثقتك ، في ذلك اليوم . يومها كنت امضي كضيفة لعدة أيام في منزل اصحاب شقيقتي ، وهم جيران نوربيرتو ، وكانوا يتحدثون في ذلك الوقت عن مرض والدتك وموتها القريب جدا ، فأحسست برغبة لأن أواسيك . هل استطعت أخيراً ان تتقبل موت والدتك ؟ فأجبت : وهل من حل ثاني لهذه الحالة ؟ أين أنتِ مقيمة الآن ؟ هل بإمكاني أن أزورك ؟ فقالت : أقيم في وسط المدينة في ميرسيدس بيت 1352. تعال غداً. سأكون ب مفردي . وكتبت على ورقة عنوانها وناولتني إياه .

رجعت الى المنزل مشياً على الأقدام . إذن ريتا ما تزال موجودة هنا . وفي اليوم الذي يليه وقبل أن تحين الساعة الثالثة وعشر دقائق ، كنت في شارع ميرسيدس . كلما كنت ادنو من المكان ، كان يعتريني خوف كبير ، كاد في النهاية أن يتحول إلى خوف شديد . وسرعان ما تحول شكي إلى يقين : الرقم 1352غير موجود . خلال شهر بطوله ، ترددت كل يوم على مقهى سبورتمان ، وفي نفس الساعة ، ولكن ريتا لم تأت مرة ثانية ابدا !!!.

عندما ماتت والدتي ، كان والدي يبلغ من العمر سبعة وثلاثين سنة ، وعندما تزوج مرة اخرى و للمرة الثانية كان في الثالثة والأربعين . كنت أفكر على الدوام و باستمرار أنه سيفعل ذلك . فأبي رجل لا يمكن أن يبقى دون زواج . لا اعلم هل هو الذي اختار سونيا أم هي التي اختارته . كانت سونيا تعمل بوكالة سياحية وكانت تروح إلى الفندق حتى تتفق مع والدي حول تفاصيل الزيارات الاتية الى البرازيليين او الارجنتيين الذين كانوا يأتون لقضاء بضعة أيام في مونتيفيديو . كانت سونيا تصغر والدي بما يقارب عشر سنوات . عندما أعلن لنا والدي بأنه سيتزوج في ذلك الصباح ، كنت قد لاحظت أن ثمة تغير قد طرأ عليه . صار مرحا بشكل اكثر مما كان عليه ، وأصبح يهتم بالتفاصيل التي تتعلق بشغلي وأصبح يمازح جوليسكا . سألني عن رأيي بهذا الامر . وكنت قد تعرفت إلى سونيا . فقلت : أتمنى أن يحالفك الحظ . لم يكن من السهل ان يحصل على دعم إيلينا . لقد كانت في بداية مراهقتها وكانت لا تزال متعلقة بشكل كبير في ذكرى والدتي . في تلك الليلة تحدثت إليها حتى احاول ان اجعلها تفهم ان والدي كان لا يزال رجلاً شاباً ، فوعدتني أن تبذل قصارى جهدها كي تعامل سونيا معاملة طيبة . قالت : حسناً ولكنني لن أناديها ماما .

أحدثت الوضعية الحديثة تغييرات في توزيع مساحات البيت . فغادرت ناطاليا منزلنا , واقتنى أبي أثاثاً حديثا لحجرة نومه واستقر مع سونيا في الحجرة التي تقابلها ، بينما انتقلت أنا إلى الحجرة التي كان ينام فيها والدي ، وانتقلت إيلينا إلى حجرتي . في حفل الزواج ، لم يحضر سوى العم إيدموندو والجدين ، واثنين أو ثلاثة من اصحاب والدي ، ووالديْ سونيا , ثم ناطاليا وكيكي . كان دخول سونيا إلى منزلنا قد أحدث تغييراً جوهرياً فى اسلوب و ايقاع حياتنا . كانت طبّاخة ممتازة ، فعلّمت جوليسكا أطباقاً جديدة شهية للغاية . وبدأنا نتمتع بطبخ حقيقي دولي . وكنتيجة مباشرة لذلك التحسن ، زاد وزني خمسة كيلوغرام بالضبط في ظرف ثلاثة أشهر فقط .

ازدادت عدد الساعات التى كنت استمر فيها بعادة رسم لوحاتي . وتمكنت من إقناع قاعة عرض في وسط البلدة حتى تقبل تنظيم معرض للوحاتي الزيتية والمرسومة بأسلوب المراقم . وبعد أسبوعين من المعرض كنت قد بعت عدد كبير من اللوحات . =كنت في الحادية والعشرين من عمري عندما بدأت علاقة حقيقية و ثابتة مع فتاة رائعة . لا اعلم إذا ما كنا خطيبين أو شيئاً من هذا القبيل . ماريانا كانت تدرس الطب البيطري و تعيش مع صديقتها التي تدرس معها مع زميلة دراسة إسمها أوفيليا . تعرّفتُ على ماريانا في حفلة راقصة . كان أول تحالف بيني وبين ماريانا كان تحالف جسدين . جسدها كان ، بلا شك ، إحدى عجائب دنياي السبع .

ذات ليلة ، رجعت الى المنزل فوجدت جوليسكا تنتظرني و تمسك في يدها ظرف بلون بني فاتح . دخلتُ إلى حجرتي و بدات في فتحه شيئا فشيئا . كان مضمونه : أهنئك على المعرض . يجب أن ترسمني بساعتي الجميلة ، وهي تشير إلى الثالثة وعشر دقائق . قبلات .. ريتا .

شعرت لايام عديدة انني مشوش الفكر من بعد بطاقة ريتا . لم أرغب حينها بلقاء ماريانا وحتى لم اتكلم معها في التلفون . كان عليّ أن أرى هذه المواضيع بوضوح أكثر مع ذاتي . إذن ، لقد قدمت ريتا إلى مونتيفيديو وحضرت المعرض ، ولكنها لم تسعَ إلى ان تلاقيني ؟ هي تعرف عنواني ، رقم تلفوني ، المقهى الذي أجلس فيه كما هي عادتي ، ولكنها لم تفعل شيئاً من أجل أن تقابلني و لو لفترة قصيرة . اخترت بالنهاية ماريانا ، رغم أنني اعلم أن ريتا ستظل تتربص بي وتراقبني عند كل منعرج من منعرجات ليالي و ايامي القادمة . عدت لماريانا وحكيت لها عن ريتا وقلت لها إنني سأبقى معها بصورة اخيرة و نهائية , كان اختيارها لي واختياري لها ميثاقاً تلقائياً ، بلا شهود و لا وثائق ، وعندما تعانقنا أخيراً للمرة الاولى في علاقتنا عرفنا أن علاقتنا ستكون دائمة , ستدوم أقصى ما يدومه ما هو زائل .

مقتطف من مسودات أبي
.. لِمَ أنا لا اتكلم بشكل كبير ؟ الفندق . هو أفضل عمل قمت به إلى هذه اللحظة . علاقتي بالناس طيبة : بالموظفين ، بالسياح . علاقتي بالغرباء احسن من علاقتي باقربائي . ومع ذلك فإن أقرب إنسان إليّ كان و ما يزال هو إبني كلاوديو . لا اعلم إذا ما كان سينجح كرسام . عموم اً، أفضّل أن يكون إنساناً خيّرا على أن يكون رساماً ناجحاً .

قال نوربيرتو: أنا أيضاً تركت الدراسة . تزوجت بماروخا قبل سنة من الان . كنت قد التقيت به بعد خروجي من الوكالة , ذات اثنين عند منتصف النهار. لم أكن قد رأيته منذ ما يقارب السنتين . سألني عن إيلينا فقلت : إنها في الثانوية الان ولديها خطيب . كانت قد أسرت لي بهذا الامر ، لأنها لم تجرؤ أن تقول ذلك لوالدي ، ولا لسونيا ثم إنه باراغوائي . تبادلنا الحديث أنا ونوربيرتو ، وانتزع مني وعداً بأن اتي اليه في منزله أنا وماريانا . وفي الأسبوع التالي ذهبتُ مع ماريانا . تعرفتْ ماريانا على ماروخا وكانتا صديقتين في مدرسة للراهبات . و أخيراً تعرفتُ على الباراغواس ، خطيب إيلينا . كان خجولاً بشكل مبالغ فيه ككل الباراغوائيين . كانت إيلينا تنظر إليه كانها مسلوبة العقل و الارادة . كانا أحيانا يذهبان إلى الفندق الذي يقوم والدي بادراته حتى يتعود والدي على وجود الفتى . كان يدعى خوسيه ، وكانت علاقته وإيلينا مفعمة بالمرح .

بدأت التقي بالعم إيدموندو بشكل كبير ، وهو شقيق والدي . فقد كنت أستلطفه . لم يكن يزورنا إلا في الاعراس او في الجنازات ، ومع ذلك كانت علاقته بشقيقه جيدة نوعا ما . كانت زوجته أديلا ، والتي كانت تعاملني بلطف كبير في فترة طفولتي قد توفيت بسبب خطأ طبي . وقد كلفه ذلك الغياب سنين عديدة . كان انتماء عمي نقابياً فقط ، ولكن كان اطلاعه كبيرا . سألته ذات مرة كيف لم ينخرط في أي حزب ، فأجابني أنه فكر في ذلك لمرات عديدة ، ولكنه يشعر براحة أكبر في العمل النقابي .

لم أكن قد رأيت جوليسكا تبكي من قبل في حياتي ، فكانت دائماً تبدي مرحا فريدا ، واستعداداً غريباً للإستمتاع بشغلها . ولكني هذه المرة وجدتها تبكي وهي منزوية في زاوية من البيت ، لدرجة أنها لم تشعر بي عندما دخلت الى المنزل . سألتها : ما بك , جوليسكا ؟ هل تحسين باي الم ما ؟ ولكنها عادت إلى البكاء . ثم احتضنتها ، وأثار ذلك العناق فيها نوبة جديدة من البكاء . قالت لي : روحي توجعني . وفهمت منها أنها في ذلك المساء، شعرت - ولا تدري لماذا- بشوق كبير يعتريها إلى بلدها الأصلي . سألتها إذا ما كانت ترغب في ان ترجع إلى بلدها . فقالت : لا ، أبداً . أحسستُ بارتياح شديد ، فهي لن تترك منزلنا . ولكنها قد بلغت سن اليأس , وبلوغ سن اليأس في المنفى موجع أكثر من بلوغه بين اهلك و عائلتك . قد يصعب تصديق الأمر ، ولكن كآبة جوليسكا الشبة حرفية ، تركتني معطوباً بضعة أيام . أمّا هي فقد رجعت الى حالتها الاعتيادية بعد أربع وعشرين ساعة . فأعدّت لنا الإفطار وهي مشغولة بالغناء .

كان الجسدين مستلقيين في كل هدوء . قال كلاوديو : أتدري ماذا سألتني سونيا ، منذ فترة ؟ قالت لي ، إذا كانت الاحوال فيما بيننا تسير على أحسن ما يرام كما يبدو ، فلماذا لا نتزوج ؟ فقالت ماريانا : السيدة تتدخل بعض الشيء فيما لا يعنيها . أنا لم أفكر على الاطلاق في هذا الامر . ليس الأمر بهذه البساطة . الإنتقال إلى شقة جديدة ، شراء بعض حاجيات البيت ، كل ذلك يتطلب مالا . فقلت : أنا أقول أن نذهب مرة واحدة إلى الكازينو بنقود قليلة . إذا ضيّعنا تلك الاموال نستمر كما نحن الآن . وإذا ربحنا ما يكفي ، نتزوج وننتقل إلى شقة اخرى غير هذه . فقالت ماريانا : موافقة . ولكن ، إذهب لوحدك إلى الكازينو ، فعلاقتي بالقمار ليست في احسن احوالها .

فى اليوم الذي يليه ، وصل كلاوديو إلى منزل ماريانا و وجدها في منتهى السرور ، لأنه ما، هي وأوفيليا ، قد نجحتا في امتحان كان قد تحول إلى كابوس بالنسبة إليهما . سألته ماريانا عن النتيجة في الكازينو . حينها أخذ كلاوديو يخرج ما في جيوبه من اموال على اقرب طاولة . كان حجم تلك الأوراق المالية كبيرا جدا . أحست ماريانا بنفسها ينقطع . فقالت : من أين سرقت هذا ؟ قال كلاوديو وهو يضحك : لقد فزته في الروليت . حينئذ تراخت ماريانا ، قالت : كم يبلغ عددها . فقال كلاوديو : لا اعلم بالضبط . ولكني أرى أنها لا تكفينا حتى ننتقل الى شقة جديدة فقط ، بل كذلك لدفعة أولى جيدة ، لشراء شقة . و ما تبقى في مقدورنا ان ندفعه على شكل اقساط . حينئذ قالت : يبدو أننا سنتزوج في أقرب وقت يا كلاوديو . فقال كلاوديو : من الأفضل أن نضع هذه النقود في حساب بإسمك . لأن الوكالة ستبعثني بعد أيام إلى كيتو . حاولي أن تزوري بعض الشقق فيما انا غائب عن هنا ، وإذا وجدت واحدة تلائم كلانا ، اتركي لهم عربوناً وننهي العملية بعد رجوعي . كانا في غاية القلق و الذهول وحتى الخوف . في تلك الليلة لم يتناولا العشاء . فقط ناما يحتضن كل منهما الاخر .

في 9 أغسطس سنة 1945، أي في اليوم الذي قرر الحظ أن يحمينا و ان يعطينا الفرصة حتى نحصل على مسكن لنا ، ألقى الأمريكيون على ناغازاكي قنبلتهم الثانية الضخمة التي انتزعت من آلاف الكائنات البشرية مساكنهم و حياتهم . هذا الخبر لم نعرفه أنا وماريانا إلا في اليوم الذي يلي العملية . أنا لم أكن أستلطف اليابانيين على وجه الخصوص ، ولكن موت آلاف المدنيين حرقاً بدا لي جريمة لا يمكن تبرئتها . وفكرت أنه يمكنني أن أخصص المال الذي أملكه لهدف أكثر إنسانية ، ولكن في المقابل لا ارغب في ان اسيء إلى ماريانا . فقال لي عمي عندما قلت له عن هذا الامر : ليس المسكن ملكاً عقارياً فقط ، بل هو أيضاً شكل من أشكال الدعم الروحي . وستر ى، عندما تشتري منزلك ، أن العودة إليه كل ليلة ، يعطيك القليل من الشعور بالثقة في هذا العالم الذي لم يصبح اهلا للثقة على الاطلاق .

قررت أن أرسم ناغازاكي كما تراها عيني . كان الخبر قد أثر فيَّ تأثيراً كبيرا و بشكل خاص . بدأت تجتاحنا تفاصيل تلك العملية البشعة الهمجية . كأن أحدهم كان يقول لنا ، أنتم أيضاً من الممكن ان تكونوا يوما ضحايا، بل بالأحرى ، انتم ضحايا بالفعل , القنابل التي تحرقكم ، هي فقط من نوع آخر . حينها قررت ان اعبر عن هذه الفاجعة بصورة مجردة ، بالألوان فقط و الخطوط و الظلال و الاضواء ، دون اي غياب او اي حضور لكائنات بشرية . وفي خضم ذلك الصراع النفسي ، بدا اقتراب موعد رحلتي مناسباً. كان سيُنظم بكيتو مؤتمر دولي دراسي ، حول التخطيط البياني والإشهاري ، وقرر الرؤساء في الوكالة أنني انا الشخص الملائم حتى امتص الافكار الحديثة التي ستطرح هناك حيث قالوا لي : أنت شاب ، ولديك تجربة كفنان تشكيلي وهي تجربة ثرية ، ومعرفة ناس جدد سيكون جيداً بالنسبة إليك . لم تحضر ماريانا حتى تودعني . ولم يحضر سوى أبي وسونيا وإيلينا وخوسيه وجوليسكا ، التي كان يغمرها حب استطلاع شبه طفولي لرؤية كيف الطائرات تقلع .

كانت مقاعد الطائرة تبدو جذابة . وأقلعت الطائرة بكل هدوء و سكون . كان كلاوديو يحس بالتعب و الاجهاج ، أحس بعينيه تقفلان من تلقاء نفسهما . وعندما فتح عينيه كانت ريتا تقول : كلاوديو . مفاجأة كبرى أن أجدك في رحلتي . وانتبه إلى البدلة الرسمية لمضيفات الطائرة . وظل كلاوديو ساكتا . نزلت يد ريتا حتى لمست يده . حينئذ قال : الزمن تغير، ريتا . والآن أنا الان انسان ثاني . اقتربت منه وقبلته . حينها سمع كلاوديو صوت ينطلق في الطائرة : مرحباً بكم في الرحلة الخاصة . نود ان نعلم السادة المسافرين أننا بعد ثلاث ساعات وعشر دقائق سنهبط في مطار ميكتلان . حينها سأل كلاوديو بصوت عال : ما إسم المطار الذي تحدث عنه ؟ قالت ريتا : ميكتلان . قال كلاوديو : ألم نكن متوجهين إلى كيتو ؟ فقالت ريتا : نعم ، كنا . اما الان فنحن متوجهين إلى ميكتلان . أحس بالتوتر وقال : وأين يوجد هذا المكان ؟ قالت : ستشاهد ذلك بعينيك . فقال كلاوديو : أيمكن أن أطرح عليك سؤالا ؟ أنتِ كنت تعلمين من هو الداندي ، أليس كذلك ؟ فقالت : بلى ، كنت أعرفه . هناك في حديقة كابورّو . حينها انتبه كلاوديو إلى أن ريقه قد جف فجأة ، وأدرك بوعي غائم أنه غافي . وخيل له أن الطائرة تطير بشكل مترنح . وسمع وسط ضباب صوت ريتا في مقهى سبورتمان . أفاق عندما لمس احد الاشخاص يده . ولم تكن ريتا . كانت مضيفة . سألته : هل ستاكل وجبتك ، سيدي؟ فأجاب بالإيجاب . سمع صوتاً يقول : معكم الربان أرنالدو بيرالطا .

نود ان نعلم السادة المسافرين أننا سنهبط في مطار كيتو بعد خمس وأربعين دقيقة . سأل كلاوديو المضيفة إذا ما كان في مقدورها ان تنادي على زميلتها ريتا . فنظرت إليه الفتاة و هي مستغربة وقالت : العفو سيدي ، لا توجد هنا أية مضيفة بهذا الإسم . زميلتي هي تلك الفتاة السمينة ، وإسمها تيريسا . فقال لها إنه قد اختلطت عليه الامور . وكان ثمة سؤال يراوده : في أية لحظة بدأ يحلم ؟ وكان هناك يقين أيضاً : ابتداءاً من الآن , لن يعثر أحد على أثر لريتا في بقايا القهوة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ملتقى دولي في الجزاي?ر حول الموسيقى الكلاسيكية بعد تراجع مكا


.. فنانون مهاجرون يشيّدون جسورا للتواصل مع ثقافاتهم الا?صلية




.. ظافر العابدين يحتفل بعرض فيلمه ا?نف وثلاث عيون في مهرجان مال


.. بيبه عمي حماده بيبه بيبه?? فرقة فلكلوريتا مع منى الشاذلي




.. ميتا أشوفك أشوفك ياقلبي مبسوط?? انبسطوا مع فرقة فلكلوريتا