الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ليزا 1972(ماركو فيري):من المرأة القردة الى المرأة الكلب

بلال سمير الصدّر

2021 / 5 / 1
الادب والفن


يتعاون ماركو فيري في هذا الفيلم مع العمالقة،من كثرين دينوف بطلة حسناء نهار لويس بونويل،ومارسيلو ماستروياني،وميشيل بيكولي،وهناك ايضا اضافة مختلفة لهذه المقدمةـفالفيلم هذه المرة ليس من كتابة ماركو وتعاون ماركو فيري على كتابة السيناريو(Ennio Flaianoفيري بل هو اقتباس ادبي عن رواية من كتابة(
مع الشهير جان كلود كاريير....
يبدأ الفيلم مع التكرارمع ميلودراما عاطفية شديدة ومكررة،على ان ماركو فيري عودنا أن نصبر،لأنه دائما ما يعالج التقليدي بالغير تقليدي،بل ان التقليدي ليس الا مقدمة للخوض فيما هو غير تقليدي وغير متوقع على الاطلاق.
جيورجيو-مارسيلو ماستروياني-رسام يعيش في عزلة على جزيرة مقفرة مع صديقه الكلب مالمبو،ويلاحظ بأن طبيعة فنه من خلال اسكتشات نراها على الشاشة تشبه نوعا ما،او محاكاة لإيغون شيلد...
تظهر فجاة امرأة من طبقة ارستقراطية تهرب من الواقع المأساوي لأرستقراطيتها مع زوجها لودفيج.
ثم يحدث شيء من علاقة تقليدية خاضعة لنفس الموقف المكرر ...فنان في عزلة وامرأة من طبقة ارستقراطية أدبيا،تذكرنا نوعا ما بعشيق الليدي شاترلي....بحيث تبدو ليزا ككائن دخيل على العالم،ولكنها لم تبقى كذلك وهذا مؤكد ومتوقع،خاصة ان الالتقاء الحميم بينهما كان سريعا.
إذا هدوء المحيط بدون اي موسيقى تصويرية مع ركام من الاسكتشات واللوحات الفنية،وماضي معدوم تماما لهذا الفنان سوى شذرات بالكاد نفهم منها شيئا وتشاركه ليزا في انعدام هذا الماضي بحيث يبدو الفيلم وكانه عن اللحظة...وليد اللحظة فقط
على ان شذرات الماضي ليست الا شذرات كامنة فقط...
يتحول مسار الحبكة عندما تقوم ليزا بقتل الكلب مالمبو غيرة منه فقط...
عندما يسمع جيورجيو هذا الاعتراف يعاملها كالكلب تماما،وتبدو اللحظة هي لحظة انتقامية،ولكن،ومن ناحية اخرى،فربما تكون ناحية نكوصية أيضا....
إذا،هو يعاملها وكانها كلب ويجعلها تحاكي هذا الحيوان في تصرفاته مثل ان يلعب معها لعبة رمي العصا،لدرجة انه يربط طوق الكلب حول رقبتها ويجرها في الماء...هل هذا تعذيب سادي من نوع آخر،أو انها محاكاة لنظرية بيولوجية قديمة؟
خاصة بأن هناك اذعان واضح من قبل ليزا غير مفسر وغير مفهوم سوى ارجاعه الى محاكاة أي نظرية(كانت) حتى نبدا بفهمه أو الاقتناع به...يحكي جيورجيو لليزا قصة الراهب:
...أنا امتلك فكرة عن قصة اخرى حدثت في المانيا القرن الثامن عشر
تمت محاكمة راهب لممارسته الجنس مع كلب،كان يحب العزلة ومن خلال اماتة الجسد تم الوفاء،كان رجلا متدينا ربما اشتاق الى القداسة،ولكنه في يوما ما التقى بعاهرة جميلة،تبعها ولكنه فقد المسار اليها ومن ثم رآها مرة أخرى في اليوم التالي وفي الايام التالية:
بدا الكلب وكأنه يريد ان يفتنه،حتى في يوم من الايام لحقها الى مخزن للحبوب ومارسا الحب...
قال الناس با الشيطان اخذ شكل كلب لكي يغويه....حوكم الراهب واحرق حيا
ليزا:والعاهرة
جيورجيو:هي ايضا احرقت حيه
ثم تبدا ليزا بلعق يدي جيورجيو كالكلب تماما
الى ماذا نحيل هذا الرمز المتكامل فعليا...؟.
أولا،هذا قريب نوعا من افكار نيتشة حول المرأة ...طالع مثلا هكذا تكلم زرادشت
هل ظاهر الفكرة تعظيم الرجل واهانة المراة بوصفها رمز الغواية التاريخي المطلق....
إن آمنا بهذا الظاهر،فهنا لا بد ان نقع في الاسقاط التاريخي...حواء التي أغوت آدم وأخرجته من الجنة
عنوان الفيلم حقيقة هو (La Cagna)،وهي كلمة ايطالية تترجم حرفيا بالعاهرة،بينما اسم ليزا كعنوان للفيلم أو هناك عنوان آخر يدعى بحب للخلود ليست سوى أسماء تجارية غايتها الترويج للفيلم.
فإذا كان جيورجيو هو الراهب وقع ضحية للغواية-غواية العاهرة-وضحية الشهوة المنافية للطبيعة الدينية،فمن عنوان الفيلم نفهم ان ليزا هي العاهرة المشار اليها بعنوان الفيلم،ومن خلال هذه القصة ايضا،فليزا هي الشيطان التي يجب على الرجل ان يحاربه دائما،وان اسقطنا معنى الشيطان فنقول ان ليزا-بكل معطياتها السابقة-هي الشهوة التي يجب تأديبها دائما.
فإن كان جيورجيو يعاملها الآن مثل الكلب تماما،بعنف وقسوة بل احيانا يظهر صوت عواء في الخلفية كرمز من مكان مجهول،فالموضوع هنا ليس ساديا على الاطلاق،بل ليزا هي انعكاس مادي لمقتضيات الكبح المقبول بالنسبة لأي ثقافة من اي نوع معين...
ولكن،لاحقا ستخضع هذه الفكرة الى نوع من التناقض،او شيء من عدم التوليف معما هو قادم...
يعود جيورجيو الى حياته الطبيعية،عودة طارئة وهناك يلتقي صديقه القديم (ميشيل ليكولي)...
هل ترى تلك الفتاة السوداء(فتاة سوداء تقليدية تماما)
ذات مرة بقي المثقف ساكنا ومر التاريخ أمام عينيه،والآن...هو من يتحرك...؟
هي تبدو مثل عشيقة سبارتكوس
يرد جيورجيو:عشيقة سبارتكوس تدعى ليزا
ثم تحدث مداخلة سردية سريعة مع طائفة هندية عن ماهية السعادة؟
يرد:السعادة هي ان تعرف راماكرشنا
لنتغاضى عن هذه المداخلة ونعتبرها مجرد مداخلة وليست ضمن موضوع الفيلم على الاطلاق
قصة عن سبارتكوس:يسرد هذه القصة جيورجيو على ليزا:
في اواخر 71 قبل الميلاد،كانت ليلة باردة والجبال كانت مغطاة بالثلج، سبارتكوس وبعضا من رجاله فازو على كراسو وسارو نحو برينريزي،ولحق بهم كراسو فورا لأنه خاف أن يقوم سبارتكوس بغزو روما،ولكنه لاحقا لاحظ ان مسيرة سبارتكوس هي مجرد مناورة تحوير...احذر
يقاطع جيورجيو القصة:يجب ان تنصتي لأن كلبي ينصت لي
ومن ثم يتابع القصة:لم يسبق لأي متمرد أن تصرف مثل سبارتكوس...هل فهمت يا ليزا
كارل ماركس نفسه قال بان سبارتكوس كان الممثل الوحيد للبروليتارية القديمة
إذا هو يكني نفسه بالراهب ذات مرة وبسبارتكوس مرة أخرى...هل هو-بالنسبة لسبارتكوس-مريض بوهم تقليد البطولة،أم هي ثورة كينونة ضد كينونة...أم هي شيء مختلط بينهما...؟!
ثم،ما هي علاقة سبارتكوس بهذه القصة ذات الطابع الفردي المطلق...؟
قد يكون سبارتكوس بطل مغرم به جيورجيو،او كناية عن ثورة مثالية ضد عبودية الانسان التي حورت فلسفيا وشكليا في العصر الحديث الى عبودية اجتماعية...
هناك تشوش وخلط كبير للأفكار في الفيلم،وتواضع معالجتها واغراقها الشديد في الرمزية من دون تقديم حل مقنع ولو مجرد لمحة،ساهم كل هذا في تشتيت المشاهد الذي فضل انقاذ نفسه بدلا من الغرق في كتلة من الافكار المتشابكة ذات الاساس غير المفهوم،على ان هذه الحبكة ليست مجانية على الاطلاق...على الاطلاق

إذا تحرك ماركو فيري في ثورة بيولوجية أخرى،فبدلا من ان تتطور المراة القردة الى انسان-حسب داروين طبعا-تحولت الى كلب.
19/03/2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمد محمود: فيلم «بنقدر ظروفك» له رسالة للمجتمع.. وأحمد الفي


.. الممثلة كايت بلانشيت تظهر بفستان يحمل ألوان العلم الفلسطيني




.. فريق الرئيس الأميركي السابق الانتخابي يعلن مقاضاة صناع فيلم


.. الممثلة الأسترالية كايت بلانشيت تظهر بفستان يتزين بألوان الع




.. هام لأولياء الأمور .. لأول مرة تدريس اللغة الثانية بالإعدادي