الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


التركمان ... احفاد اوغوزخان من التعريب والتهميش والاضطهاد إلى مصير مجهول في بلدانهم..

مختار فاتح بيديلي
طبيب -باحث في الشأن التركي و أوراسيا

(Dr.mukhtar Beydili)

2021 / 5 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


لقد حمل التركمان في سوريا وفي العراق عمقا تاريخيا هائلا في انتمائهم لدولهم في أواخر انهيار الدولة الأموية وبداية العصر العباسي الذهبي حيث أسسوا دولتهم (السلجوقية عام 1037م).وحروبهم ضد الدولة البويهية كانت ذلك علامة من علامات الصراع والنفوذ من أجل تهديم الدولة العباسية التي كانت في أوج ازدهارها. وأسّس التركمان دولة اق قويونلو اي (الخروف الأبيض ) .
طبعا كانت مساهمة التركمان في بناء الدولة العباسية كبيره ، حيث شيدوا المدارس المستنصرية والمنارات والخانات والمساجد والقلاع لصد هجمات الاعداء في دمشق وحلب وبغداد والموصل وكركوك . وشارك التركمان بقوة إلى جانب إخوانهم السوريين في العصر الحديث في ثورتهم ضد الاحتلال الفرنسي وكان قادة منهم من امثال بطل معركة ميسلون ضد الفرنسيين الشهيد يوسف العظمة وكذلك شارك التركمان السوريين الشعب السوري عامة في ثورة الحرية والكرامة ضد النظام المستبد في عاصمة الامويين دمشق منذ بدايتها في عام 2011 وكان منهم قادة للفصائل الثورية السورية من امثال الشهيد عبد القادر صالح (حج مارع) والشهيد محمد فياض أبو عبد الله، والشهداء الإخوة قاسم عيسى وعيسى عيسى عصيطان، والشهيد يلماز علي، والشهيد كمال عمر علي وغيرهم حيث كانوا من اوائل الثوار الذين ناضلوا واستشهدوا في ساحات المعارك ضد طاغي العصر الحديث القابع في عاصمة الامويين دمشق في سيبل نيل حريتهم وكرامتهم.
تجدر الاشارة بان التركمان في العراق شاركوا اخوانهم العرب ايضا في ثورة العشرين ضد الاحتلال الإنكليزي في مدينة تلعفر التي تعود هذه الأيام للواجهة السياسية كمركز يعكس حالة الصراع الإثني والعرقي حولها؛ ويحاول المخطط الإيراني أن يجعلها دعامة لوجستية للخط الاستراتيجي طهران سواحل البحر المتوسط.وساهم التركمان في العراق أيضا في تأسيس الجيش العراقي وكان المؤسسون ضباطا لدى الدولة العثمانية في إسطنبول. وظهر قادة بواسل من بينهم خليل زكي إبراهيم باشا وغازي الداغستاني وعمر علي ومصطفى راغب باشا الذي أصبح قائدا للجيوش العربية في حرب فلسطين عام 1948.
كل هذه المستجدات تستوجب تسليط الضوء على تركمان سوريا والعراق، الذين يعتبرون الجسر التواصل بين سوريا والعراق وتركيا و دول اسيا الوسطى الناطقة باللغة التركية مثل أذربيجان، تركمانستان وكازاخستان و قيرقزيا واوزبكستان .
أتراك سوريا والعراق او التركمان كما يطلق عليهم في بلدانهم ، هم أكبر قومية بعد العرب في سوريا وثالث في العراق بعد العرب والأكراد، يعيشون في بلاد الشام وفي ما بين النهرين (ميزوبوتاميا) منذ أكثر من ألف عام، وتشير المصادر التاريخية أن وجود التركمان في في هذين المنطقتين، جاء مع الفتح العربي الإسلامي ، إلا أن بعض المصادر الأخرى ترجع وجودهم إلى أقدم من هذا التاريخ بكثير.
أسس التركمان في بلاد الشام وفي بلاد مابين النهرين ، العديد من الدول والإمارات، أهمها دولة سلاجقة ، وأتابكية حلب و الموصل، وأتابكية دمشق وأربيل، والقبجاق في كركوك، والدولتين أق قويونلو (الخروف الأبيض) وقره قويونلو (الخروف الأسود).
وكان للتركمان أثر بالغ في تاريخ الدولة العباسية، برز منهم العديد من القادة العسكرين، والأمراء، كما أسهموا في رفد الثقافة والأدب التركي والعربي بالعديد من الإنجازات، ومن أهم الشخصيات التركمانية، الشاعر الكبير عماد الدين نسيمي الذي توفي في مدينة حلب بعد سلخ جلده وهو حي بعد اتهامه بالتمرد وكذلك الشاعر الكبير فضولي البغدادي، وعبد الوهاب البياتي، وغيرهم.
يتحدث أغلب التركمان في سوريا والعراق اللهجة التركمانية وهي إحدى اللهجات التركية، والفرق بينها وبين التركية الإسطنبولية، كالفرق بين اللهجة العربية العراقية، والسورية. كما أن هناك عدد كبير من التركمان يتحدثون العربية ولا يجيدون التركمانية بحكم سكنهم في المناطق العربية، كالعاصمة دمشق ومدن حمص وحماة وادلب ودرعا في العراق في بغداد وبعض المناطق في وسط وجنوب العراق.
مورست سياسة تعريب ممنهجة من قبل الحكومات المتعاقبة ضد التركمان،في سوريا والعراق كان أشدها في زمن نظام البعث، حيث طُبق بحقهم سياسة "تصحيح قوميتهم" تصور كيف يتم تصحيح القومية ...طبعا في زمن البعث القومجي كل شيء ممكن واصبح التركمان في بلدانهم عربا في قيود النفوس مع الاسف، طبعا التركمان أجبروا على إثرها على تغير قوميتهم إلى العربية والا سيكونون في بلدانهم من الطبقة العاشرة في المجتمع، وأقدمت السلطات السورية و العراقية على تغيير الواقع السكاني للمناطق التركمانية، وتغيير وحداتها الإدارية، واستبدال أسماء المدن والبلدات، والقرى، والأحياء من أسمائها التركمانية الأصلية إلى أسماء عربية، ذات دلالات بعثية.
كما صادرت الحكومات في سوريا والعراق آلالاف الدونمات من أراضي التابعة للتركمان ووزعتها على العوائل العربية بهدف التعريب، وأيضاً استملاك أراضيهم، أو مصادرتها باسم قانون الاصلاح الزراعي.
بعد الثورات الربيع العربي يطالب التركمان في سوريا وكذلك في العراق، بالحصول على كامل حقوقهم القومية المهضومة منذ عقود من الزمن ، وضرورة مشاركتهم في إدارة دولهم في سوريا والعراق ، وتسلمهم مناصب سيادية، وضرورة ممارسة حقوقهم، الإدارية، والسياسية، والثقافية، والتعليمية، وإزالة الغبن والتهميش، وآثار سياسات التعريب التي مورست بحقهم، واستعادة أراضيهم واسماء قراهم وبلداتهم الى التسميات القديمة التاريخية وكذلك تعليم أبنائهم بلغتهم الأم، وعدم تكرار التجاوزات على أراضيهم وممتلكاتهم وتاريخهم العريق في بلاد الشام وفي بلاد الرافدين.
في زمن التعريب الممنهج للتركمان في سوريا والعراق ظل عددهم سراً من الأسرار، وفي طي الكتمان لدى السلطات البعثية القومجية في سوريا والعراق، حيث دأبت الحكومات المتعاقبة على عدم وجود وذكر هذه القومية من فسيفساء المجتمع السوري والعراقي وتدوينهم في قيود النفوس على اساس( ع .س) اي عربي سوري او (ع .ع) اي عربي عراقي وان ذكروا تم إظهار عددهم بنسب ثابتة لا تتغير وهي 2% التي لا تمت إلى الواقع بصلة، بحسب كثير من المتابعين، ومورس بحقهم عمليات صهر قومي، وسياسة تعريب واضطهاد ممنهجة، إلا أن الكثيرين منهم لازالوا يحافظون على لغتهم، وعاداتهم، وتقاليدهم رغم انف الحاقدين في مؤسسات دولهم ومجتمعهم .
تشير التقديرات غير الرسيمة، أن عدد التركمان في سوريا يتجاوز الثلاثة ملايين وكذلك في العراق يتجاوز المليونين ونصف المليون، في حين تُقدر مصادر تركمانية عددهم في كلا البلدين بنحو ثلاثة ملايين ونصف المليون ، ولا توجد احصائية محايدة عن عددهم في سوريا والعراق، كما هو حال مع باقي القوميات والأثنيات الاخرى .
ان مشاكل المجتمعات التي تواجه التمييز السياسي والعرقي وخاصة المجتمع التركماني، تعمق المشاكل في البلاد، وفي هذه المرحلة يمكننا القول بأن الهوية التركمانية في سوريا و العراق قد اضمحلت أو في طريقها إلى الاضمحلال مع الاسف رغم كل المحاولات من النشطاء السياسيين والمثقفين في كلا البلدين .
يحتاج المجتمع التركماني السوري والعراقي ‏في هذه المرحلة والمراحل المستقبلية إلى إعادة لملمة حقيقية لصفوفهم . وفي هذا السياق يجب تثمين جهود الحكومة التركية في اعادة ترتيب البيت التركماني في كلا البلدين . وتجدر الإشادة بشكل خاص بأهمية الدعم التركي لهذه الجهود وتوحيدها وتشجيع القادة السياسيين على توحيد الصفوف والمساهمة في حل الخلافات في مناطق التركمانية .
لكن هذا الامر وحده غير كاف إذ يجب على الشعب التركماني برمته في سوريا والعراق أن يأخذ بزمام المبادرة بدءا من القادة والسياسيين التركمان والمثقفين وانتهاء برجل الشارع العادي. فكلما وقف التركمان صفا واحدا ازدادت صعوبة إقصاءهم في كافة المحافل المحلية والدولية.
ويخشى المثقفون التركمان في بلدانهم من زوال هذه القومية العريقة التي تعد أحد مكونات فسيفساء المجتمع السوري و العراقي الغني بتنوعه الأثني، والديني، والمذهبي النابع من احتضان بلاد الشام السورية ووادي الرافدين لأقدم الحضارات في العالم، الأمر الذي سيفقد بلدانهم أحد أهم ألوان طيفه المجتمعي.
أن وحدة الصف التركماني السوري والعراقي هي الطريق الأصوب نحو شعور التركمان بوجودهم وحمايتهم في بلدان انتشارهم .
إن وجود التركمان وتجذّرهم الاجتماعي في سوريا وفي العراق سيساعدهم دون شك على لعب دور في الحياة السياسية الوطنية في بلدان تواجدهم إلى مصير مجهول في بلدانهم..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. هدنة غزة وصفقة تبادل.. تعثر قد ينذر بانفجار| #غرفة_الأخبار


.. إيران والمنطقة.. الاختيار بين الاندماج أو العزلة| #غرفة_الأخ




.. نتنياهو: اجتياح رفح سيتم قريبا سواء تم التوصل لاتفاق أم لا


.. بلينكن يعلن موعد جاهزية -الرصيف العائم- في غزة




.. بن غفير: نتنياهو وعدني بأن إسرائيل ستدخل رفح وأن الحرب لن تن