الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


كل يوم كتاب؛ عين المرآة

مهند طلال الاخرس

2021 / 5 / 4
قراءات في عالم الكتب و المطبوعات


#كل_يوم_كتاب
عين المرآة ليانة بدر، رواية تقع على متن 410 صفحات من القطع المتوسط وهي من اصدارات دار شرقيات للنشر والتوزيع في القاهرة بطبعتها الاولى عام 2000.

الرواية تتناول احداث ووقائع حصار ومجزرة تل الزعتر في لبنان، وهي رواية غنية ومليئة بالاحداث والاوجاع، وعلى من يرغب في قرائتها ان يتحوط لذلك بالكثير من الدموع.

الرواية كتبت باسلوب سردي سلس وجميل وبعيد عن التكلف والتعقيد، وتبدأ احداث الرواية من خلال بطلتها عائشة حيث تأخذنا ليانة بسرد سلس وجميل لنشاهد المخيم بعيون الفتاة الحالمة "عائشة"، وتجعلنا نلتقط المفارقات بين الإنتقال الصادم بين حياة الدير و خشونة الحياة وصعوبتها في المخيم. وبالنتيجة فإننا نعيش احداث الرواية بعيون الفتاة ومن خلال الصوت النسائي المضحي والبطل والصابر على كل الصعوبات والمتحمل لكل انواع العذابات والمآسي، ومن خلال تلك العيون والاصوات نعيش بين العلاقات الاجتماعية للمخيم ونعيش الحصار والسقوط والألم ونشم رائحة الموت.

بطلة الرواية عائشة؛ تلك الفتاة ابنة مخيم تل الزعتر والتي يتم تربيتها في دار الكنيسة وتتلقى تعليمها وتربيتها على ايدي راهبات الكنيسة الى ان تقع حادثة الباص " مجزرة عين الرمانة" فيقرر اهل عائشة استدعائها واعادتها لحضنهم؛ كونه بعد هذه الحادثة اخذ الجميع يتلمس سير بقية الاحداث والى ماذا ستفضي الايام ...

تعود عائشة لبيتها وتبقى في عزلة ومنطوية عن اهلها لاسباب كثيرة مما ينعكس على صحتها وحالتها النفسية، الاب سكير والام تعمل شغالة في البيوت لدى المسيحيين، اضف الى ذلك التغييرات البنيوية والجسدية التي تطرأ على جسمها...

يتقدم لخطبتها حسن وتلح اسرتها بالموافقة ، تحاول عائشة الرفض فلا تستطيع، كانت متيمة بصديق العائلة جورج، وجورج لا يعرف عن ذلك شيئا، بل الانكى ان جورج هو سبب هذا العرس وهو الذي عرف الطرفين على بعضهما واخذ يلح على جميع الاطراف بالزواج.!

تتسارع الاحداث وتبدا الاشتباكات ومعها يبدا حصار المخيم، تتزوج عائشة من حسن وتحبل منه، ويتزوج جورج من هناء وتتداخل العلاقات وتتشابك مؤدية وظيفة اساسية بتقديم صورة عن طبيعة الحياة والعلاقات الاجتماعية في المخيم، من ضنك وعوز وعلاقات نسائية وتعليم وجهل وبؤس دون ان تغفل عن التطرق لصور النضال والتضحية واسترجاع صورة الوطن السليب وكل هذه الصور تخدم وتساهم في حبكة الرواية بشكل شيق.

في الحصار يستشهد حسن زوج عائشة وينضم الى اخيه فايز والى قافلة طويلة من الشهداء على هذا الدرب..في الحصار صور ومأسي حية تم التقاطها وتوظيفها بعناية في احداث الرواية كصعوبة الحصول على المياه والادوية والاطعمة.

تصل الرواية الى ذروتها عند استعراض حصار المخيم والمجازر التي ارتكبت بذلك اليوم، وتبلغ الرواية اوج ذروتها عند الخروج من المخيم للاطفال والنساء والختايرة وما رافق ذلك من اعمال قتل وتصفية يندى لها الجبين، وعلى الخط الموازي تنحبس الانفاس وتلهث مع المجموعات المقاتلة وهي تنسحب عبر الحبال والاودية ...

تنجح المجموعات الفدائية بالتسلل والخروج من المخيم ليلا، تستشهد هناء على الحاجز بعد موقف بطولي في مواجهة الانعزاليين من الكتائب والنمور وحراس الارز. وبالمقابل تنجح عائشة بالخروج وفي بطنها الجنين ابن الشهيد، وتترك عائلة الشهيد حسن وتعود لعائلتها وتتعهد بتربيته وان يبقى في حضنها وان تقوم على رعايته في اشارة لاهلها برفضها لما قاموا به بتركها لراهبات الكنيسة ليقمن برعايتها وتربيتها، وفي اشارة واضحة الى ان كل حي يعود لاصله عندما تختل الموازين.

وربما هذه الاشارة بالذات هي ما دفعت الكاتبة وعلى لسان بطلتها عائشة من طرح السؤال الموجع والمؤلم في الصفحة 400 حين تسائلت عائشة بقولها: اذا كان الموت موتا ، فلماذا لم يقبل الاهل ان يموتوا هناك، ولم ينتحروا حيث كانوا؟ لماذا اندفعوا وراء رعبهم الى ما يتصورونه حياة في الخارج؟ لماذا لم يعرفوا انهم سيواجهون ما يلقونه الان، بعد رحلة المرارة والتعب. افنوا اعمارهم في تأسيس حياة اولادهم ، وهاهو ما يلحق بهم ، لو كان لديهم ذرة من الحكمة لعرفوا ان كل ما سعوا من اجله هباء، وانه كان من الافضل ان يبقوا هناك. يعيشون او يموتون.

الرواية نسائية من الطراز الرفيع، فهي كتبت بقلم نسائي وبطلاتها جميعهن نساء، وتفاصيل الاحداث والوقائع برمتها نسائية، وهي اضافة واسهام جيد للاصوات النسائية الروائية وللشخصية النسوية الفلسطينية والعربية، فالكاتبة تهدف هنا الى ان يكتب التاريخ من خلال عيون النساء كي نرى تاريخ شعب كامل في بطولته وصراعاته وأشواقه للحياة، كون النساء هن من يتجرعن كأس الحزن والفقد والفجيعة في كل الاحوال، وهذا بالذات ما يفسره الحوار الدائر بين مجموعة من النسوة على ظهر الشاحنة التي نجحت بتخطي الحواجز وهن على متنها سالمات إلا من صور الاسى والمجزرة، هنا سنسمع اهات وانات وادعية وابتهالات ، لكنا ايضا في الصفحات 407-408 سنسمع كثيرا من الاصوات التي تشق ملابسها وتدعوا الله بقولها:
اللهم باسم الله وبجاه الانبياء كلهم.
لا تبارك لهم بسبب ما عملوه فينا.
الهي، وانت جاهي، لا تنس الظالم.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو يحل مجلس الحرب في إسرائيل.. ما الأسباب وما البدائل؟


.. مسؤولون أميركيون: إسرائيل عقبة أمام مستقبل المنطقة.. فهل تُغ




.. الردع النووي ضد روسيا والصين.. الناتو ينشر رؤوسا مدمرة | #مل


.. الحجاج يواصلون رمي الجمرات وسط حر شديد | #رادار




.. شبكات | 20 لصا.. شاهد عملية سطو هوليوودية على محل مجوهرات في