الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


منظومة التناقضات في الحرب على لبنان

سعاد جبر

2006 / 8 / 4
الارهاب, الحرب والسلام


تسلط الحرب الهمجية على لبنان إضاءات حول قضايا متعددة ، تقتضي تجليتها ، منها معالم الابتزاز الأمريكي الصهيوني في النظم العربية ، وأخلاقيات الحرب بين كاميرات الأعلام والأهداف العسكرية لدى العدو الصهيوني ، ومساحات التناقض بين فتوى مشايخ السلاطين وحاخامات العدو ، وبين سعار الرقص وسموم الأعلام في المحطات التلفزيونية العربية وإبداعية الأداء الإعلامي كرادف للمقاومة لدى محطات تلفزيونية وفي مقدمتها المنار وNTV ، وأتناول تلك القضايا كلا على حدا
تبرز قضية الابتزاز كمفهوم سيكولوجي سلبي ، يلعب دوراً خطراً في تدمير العلاقات الشخصية ، واعتباره مساحات ضبابية في تلك العلاقات ، ينسحب بود ولطف من طرف لأخر يعد ضحية الابتزاز ، فتكون الضحية هدفا لينا سهلا للاستغلال الخفي في اللاشعور والسلوك ، تحت مظلة الصداقة والعلاقات الودية الظاهرية
وهنا تبرز مساحات الابتزاز للسياسات الصهيونية في النظم العربية ، في أوج صورها ، بحيث تغدو هي اليد المحركة لمنظومة قراراتها ورسم سياساتها ، وقد برز ذلك في ابشع صوره في دورها المتكاتف مع العدو الصهيوني في الحرب الهمجية على لبنان ، الذي جعل اولمرت يستشهد بدورها في دعم حربه اللاأخلاقية على لبنان بأنها عوناً له في مجازره الوحشية لغاية رسم شرق أوسط جديد على دماء الأبرياء

وفي البعد السيكولوجي يتشكل الابتزاز من خلال منظومة قرارات يهدد بها الطرف الذي يمارس الابتزاز ضحيته الضعيفة المستلبه وهي على النحو الأتي
ـ التهديد بجعل حياتك صعبة إذا لم تفعل ما يريدونه منك
ـ التهديد بإنهاء العلاقة إذا لم تفعل ما يريدونه منك
ـ يريدون المزيد دائماً بغض النظر عن قدر ما تعطيه لهم
ـ يؤكدون باستمرار بأنك سوف تستلم لهم
ـ يتجاهلون أو يتغاضون عن مشاعرك وحاجاتك
ـ يعطونك وعودا كثيرة ونادراً ما يحافظون عليها
ـ يصفونك دائما بالصفات السلبية عندما تعارضهم
ـ يغمرونك بالأغراءات في ذاتك عندما تستسلم لهم ويحرمونك منه عندما تعارضهم ، ويستخدمون المال كسلاح للوصول إلى مرادهم

وهكذا تعتقد النظم العربية بأن مستقبلها الأمني مهدد ، إذا ما مارست متطلبات الضمير الإنساني ، وان إسرائيل لا تهزم ، وان مصالحهم الشخصية النابعة من سياسة العمالة والخيانة للأمة ستنتهي إذا ما لم تنفذ أوامر رايس واولمرت ، علماً بأن خريطة العمالة لاتنتهي أبعادها في تلك السياسيات وهناك طلبات دوما بالمزيد ، دونما النظر باعتبار إلى ما قدمته تلك السياسات من مجهودات في خيانة ضميرها العربي ، لأنها في السلة الأمريكية الصهيونية لاشيء ولابد من المزيد ، وهناك تأكيد بأن تلك النظم في قبضة يدها الحديدية ، والعبرة بسياسات الشرق الأوسط الجديد ومتطلباته ، بغض النظر عن المصالح القطرية ومصالح الأمة وغليان الشعوب ، وهناك في السلة المقدمة من رايس وعودا كثيرة خادعة ، بديمقراطية نوعية على متن الدبابات الأمريكية الصهيونية ، وهناك التهمة الجاهزة بأنك إرهابي حتى النخاع إن لم تلتزم بتلك السياسات الأمريكية الصهيونية ، والحرمان من القروض المذلة والمساعدات ، فمعالم الابتزاز جلية في تعاطي السياسية الأمريكية والصهيونية مع النظم العربية ، ولكن الأدهى والأمر هو تلذذ النظم العربية بهذا الابتزاز وإدمانها عليه ، وعشقها الهائم الذي لامجال للتنازل عنه ولامجال لمفارقة دغدغته في الانتشاء التي تجتاح تلك النظم ، تحت أغطية العقلانية في السياسة ، والابتعاد عن سياسة المغامرات غير المحسوبة

وفي مجال المفارقات تتصدر الصحف العبرية فتاوي الحاخامات بأنه لايوجد ابرياء في الحرب ، وضرورة تسليط السلاح دونما اعتبار لايه مفاهيم انسانية ، لأنها الحرب التي لايوجد فيها ما يطلق عليه بالأيرياء ، في توجيه وحشي مطلق للحرب العدوانية على لبنان ، لكي تطال الأخضر واليابس والطفل والزرع والحضارة معاً ، وفي المقابل تنقل وسائل الأعلام فتوى مشايخ السلاطين التي تنادي بعدم شرعية المقاومة ، وتقديم تغطية شرعية ودعم للعدوان الصهيوني الهمجي على لبنان ، وهنا المفارقة العجيبة ، فنحن لانريد من مشايخ السلاطين تزوير الحقيقة ، والدس بها كما هي عند الحاخامات ، انما نريد ادنى حد للحقيقة والمصداقية ، في نصرة المستضعفين في الأرض ، ودعم قضيتهم ورفع كلمة الكرامة والحرية ، وان لم يستطيعوا فعلى الأقل يلزموا الصمت لأن صمت الظالم عبادة

وهنا تتراود مساحات واسعة للمفارقة بين اخلاقيات الكاميرا وهمجية الأهداف العسكرية للعدوان الصهيوني على لبنان ، تحت نير مجازره المؤلمة في سلاسل مجازر دموية لاتنتهي ، وسمو انسانية الكاميرا التي طالعناها لأحد المصورين وهو يتنازل عن الكاميرا والسبق الصحفي ليحمل امراة مسنة تشدو بين يديه للمقاومة وسيدها ، وهي بين الحياة والموت ولم تذق الطعام والماء ستة ايام ، ويتناوب في حملها من محطة لأخرى اعلاميين اخرين ، حتي ايصالها محطة الصليب الأحمر ، هنا تبرز اخلاقيات الكاميرا وانسانية الصورة وروعة الضمير ، وفي مطالعة طبيعة الأهداف العسكرية لدى العدو الصهيوني فلا بد ان تتهتك القيم والضمير وكل معلم من معالم الأخلاق الانسانية في الحياة بكل ما تعنيه الكلمة ، لأنها حرب وحشية تطال الأبرياء والورد والحضارة وتحصدهم في مصيدة القنابل المحرمة دولياً
وهنا تتأكد قيمة الأعلام النزية الذي يحمل رسالة الأمة والضمير ، الذي يجرد العدو ويكشف حقيقته ، ومجازره الوحشية ، ورسالة الأعلام المتهافت الهش الذي يستعر بثه رقصاً على جراحنا وتماهياً في تزوير الحقيقة وخلق الأحباط بكافة اشكاله لدى المشاهد والمتابع العربي ، وهنا تبرز ابداعية الأعلام كرديف للمقاومة في بث صداها حربها النفسية على الأعداء في الدعم والصمود او المبادرة الأنسانية للإغاثة ، ففي كل ابداع وضمير وانسانية ، وهنا تسجل تحية التقدير لكل من محطة المنار تلفزيون لبنان الجديد (نيوتفي) واذاعة القدس على ما يقدموه من رسالة اعلامية ابداعية في لغة الصمود والكرامة، ولكافة الوسائل الأعلامية الورقية والألكترونية والسمعية التي تبث رسالة الوعي في جمهورها ، وتعزز قيم الأحرار في العالم اجمع ، وتقدم الحقيقة بأم عينها دونما تزوير ، وتنتمي لامتها ولاتتنصل منها تحت دواعي الموضوعية الباردة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السيسي ينصح بتعلم البرمجة لكسب 100 ألف دولار شهريا!


.. تونس.. رسائل اتحاد الشغل إلى السلطة في عيد العمّال




.. ردّ تونس الرسمي على عقوبات الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات


.. لماذا استعانت ليبيا بأوروبا لتأمين حدودها مع تونس؟




.. لماذا عاقبت الوكالة العالمية لمكافحة المنشطات تونس؟