الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ايها العراقي انت نملة.. فكن سعيداً

سعد الشديدي

2006 / 8 / 4
كتابات ساخرة


اخيراً ابتسم لنا الحظ وعرفنا, نحن العراقيون, من نكون وما نكون. رغم اننا عشنا منذ فجر الحضارة صراعاً مع اكثر الأسئلة الوجودية تعقيداً مفجرّين اياها في ملحمة كلكامش, محاولين استلال اجوبتها من نصائح اتونابشتم وسيدوري السومريين. لكن يبدو اننا نسينا السؤال الأكثر خطورة ومساساً بحياتنا: هل نحن بشر كبقية خلق الله؟ هذا السؤال أجاب عنه جندي امريكي من قوات "التحرير" وعفانا عناء التفكير والبحث والتخبط في متاهات علم الأحياء والفلسفة ومواثيق حقوق الإنسان.
بجرأة لا متناهية وصدق عجيب افتى الجندي الأمريكي ستيفن غرين, المتهم بإغتصاب وقتل شابة عراقية في مدينة المحمودية, بأن قتل المواطن العراقي كسحق النملة. وهذا يعني بالضرورة انه, وربما عدد كبير من رفاقة الذين جاؤوا لتحريرنا من الطغيان الصدامي, لا يعتبرونا سوى نمل يدوسون عليه لسحقه متى ما ارادوا لينصرفو بعد ذلك الى تناول قدح مثـّلج من البيرة وسلاش بيتزا شهيّ غير آبهين بموت تلك الحشرات.
نشكر السيد غرين الذين وضعنا في هذه المرتبة المتقدمة من سلم التطور الدارويني التي لم نكن لنحلم بها يوماً وعجز حتى علمائنا, الذين يتمّ اغتيالهم واحداً بعد الآخر, عن اكتشافها رغم ما لبعضهم من باعٍ طويل في علم الأحياء. لقد حققّ هذا الجندي الأهوج الذي ابتلينا به وبرفاقه, اكتشافاً يستحق عليه جائزة نوبل, كما تخّلص بجّرة قلم من عذاب الضمير. ذلك ان الفتاة العراقية التي اغتصبها وقتلها سويةً مع افراد عائلتها وبينهم طفلة لا تتجاوز السنوات الخمس من حياتها التي انهانا "محررنا" هذا لم يكونوا إلا نملاً لا يستحق سوى السحق بالبساطيل الأمريكية.
عرفنا الآن لماذا اصبح سعرنا رخيصاً الى هذا الحدّ اينما ذهبنا في هذا العالم رغم اننا من اخلص حلفاء القوة العظمى الوحيدة في كوكبنا.
وعرفنا سرّ ذلك الحماس المنقطع النظير والتصفيق المدويّ الذي استُقبل به السيد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي من اعضاء الكونجرس الأمريكي. لقد كانوا ببساطة يحتفلون بتسويق آخر اكتشاف علمي انجزته العبقرية الأمريكية: نملة عراقية تدّعي انها رئيس وزراء وتتحدث امام كاميرات التلفزيون مرتدية بدلة أرماني وربطة عنق فرنسية ونظارة كالفن كلاين. يا سبحان الله.. نملة مصابة بقصر النظر, يا له من اكتشافٍ مذهل قدّمته الأدارة الأمريكية للعالم.
وعرفنا كذلك لماذا تصّر قيادات الشيعة الأثني عشرية على عدم تسمية عراقي ليكون آية الله العظمى والمرجع الأعلى للطائفة في النجف الأشرف. ببساطة متناهية لأن اصحاب العمائم السوداء يعرفون جيداً بأننا نحن ابناء العراق لسنا سوى حشرات من فصيلة النمل. ولا يمكن بأية حال من الأحوال لنملة, مهما بلغت من الذكاء ورجاحة العقل وتقوى الله, ان تكون وكيلاً وممثلاً لأمام الزمان ارواحنا, نحن النمل, لمقدمه الفداء. لذلك فأنهم يصرّون على ان يكون المرجع الأعلى للطائفة فارسياً من بني البشر وليس عربياً من حشرات العراق.
وبناءاً على هذا يكون من المعقول إحداث تغييرات ضرورية في اسماء الأشياء ومدلولاتها في عراقنا الجديد. ويبدو ان اقتراحات لإحداث تغييرات على شاكلة: تغيير اسم "حزب الشعب الديمقراطي العراقي" الى " حزب النمل الديمقراطي العراقي" وحزب الشعب الأسلامي الى حزب النمل الأسلامي, تبدو اموراً معقولة. كما يمكننا الطلب من الحزب الشيوعي العراقي ان يعيد صياغة شعارة التاريخي " وطن حرٌّ وشعب سعيد" ليكون "وطنُ حرٌّ ونملٌ سعيد".
ولكن, ومهما فعل جنود قوات التحرير المنصورة, وحققوا من اكتشافات مذهلة فلن نسمح لهم ولا لغيرهم بحذف اسم نبي الله سليمان من الأية 18 في سورة النمل واستبداله بأسم الرئيس الأمريكي جورج بوش لتصبح الآية: "قَالَتْ نَمْلَةٌ يَا أَيُّهَا النَّمْلُ ادْخُلُوا مَسَاكِنَكُمْ لا يَحْطِمَنَّكُمْ".. جورج دبليو بوش.. "وَجُنُودُهُ وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لطلاب الثانوية العامة.. المراجعة النهائية لمادة اللغة الإسبا


.. أين ظهر نجم الفنانة الألبانية الأصول -دوا ليبا-؟




.. الفنان الكوميدي بدر صالح: في كل مدينة يوجد قوانين خاصة للسوا


.. تحليلات كوميدية من الفنان بدر صالح لطرق السواقة المختلفة وال




.. لتجنب المشكلات.. نصائح للرجال والنساء أثناء السواقة من الفنا