الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لبنان والأزمة المستعصية

محمود جديد

2021 / 5 / 8
مواضيع وابحاث سياسية



قلت مراراً : إنّ النظام اللبناني هو أسوأ نظام سياسي على وجه الأرض. واليوم وصل إلى ذروة إفلاسه في كافة جوانب الحياة السياسية ، والاقتصادية، والاجتماعية ... فتشكيل الحكومة قد وصل إلى طريق مسدود ، واغتصاب أموال الشعب مستمر ، والدولار حلّق بأسعار خيالية، وعجز الحكومة الراهنة عن محاسبة رياض سلامة مدير البنك المركزي واضح جليّ، والأبواب مغلقة أمام التدقيق الجنائي، لكشف بؤر الفساد والفاسدين، وخاصة في مجال تهريب أموال الدولة، والودائع الداخلية، والخارجية، والأمل مفقود من محاسبة المسؤولين عن ذلك كلّه، لأنّ أباطرة الفساد متربعون في المراكز القيادية في السلطة، وهم حماته . كما أصبحت البنوك اللبنانية كالجمل الأجرب ، فالجميع ينفر منها ، ويتجنبها ، لأنّها أساءت الأمانة ، كما صارت تحويلات اللبنانيين من الخارج شبه معدومة، وتصل إلى أهاليهم في الداخل اللبناني باليد، والسياحة وصلت إلى الحضيض بسبب الكورونا ، والوضع الداخلي مزعزع ، والمنتجات الزراعية القابلة للتصدير منبوذة بذريعة المخدرات ، أو مكبّلة بصعوبة وتعقيدات الحصار المضروب على طرق مواصلات تصديرها ..
ويُضاف إلى ذلك كلّه، وقف القروض الخارجية لأسباب سياسية خارجية ، وداخلية ، فالجوع استشرى ، والسرقات ، والجرائم ازدادت، والكورونا يبطش خبط عشواء، ومشاريع التنمية معدومة ، فازدادت البطالة إلى حدّ مخيف ، والهجرة أصبحت حلم ومقصد الشباب اللبناني ، وترسيم الحدود المائية مع الكيان الصهيوني وصلت إلى طريق مسدود ، واستخراج النفط والغاز متوقّف، ولا آفاق له في المنظور القريب، والجبن السياسي مستمر عند معظم القادة اللبنانيين، ويمنعهم من التوجه شرقاً ،وخاصة الصين التي قدّمت عروضاً مغرية في الاستثمار والتمويل دون خوف من سطوة الغرب، وهيمنة البنك الدولي، وصندوق الدولي خانقة الشعوب وناهبتها ... والتدخلات الأمريكية والفرنسية في وضح النهار ، وتصريحات الزائرين منهم مليئة بإذلال المسؤولين اللبنانيين ، وكأنّ ( الأم الحنون ) فرنسا لا زالت ترضعهم، وتهددهم ، كما كانت في حقبتها الاستعمارية .
أمّا مهزلة تشكيل الحكومة فحدّث ولا حرج ، الحريري يضع في جيبه هذه المهمة منذ ستة أشهر دون نتيجة، ويتنقّل بين عواصم العالم متسوّلاً الدعم ، وعندما يتواجد في الداخل يريد تشكيل حكومة اختصاصيين من خارج الأحزاب التي ستعطيه الثقة في البرلمان ، بينما هو سيكون أجهل وزرائه ، وغير اختصاصي ، ثمّ يحدّد عدد وزرائه بثمانية عشر ، وهو يعلم علم اليقين أنّ رئيس الجمهورية رافض لهذا الخيار ، وهو عنيد ، وحريص على أن لا يخسر بعض الصلاحيات التنفيذية الهزيلة المتبقية بيديه من اتفاق الطائف، وعلى الرغم من تخليه عن الثلث المعطّل ، إلّا أن الحريري بقي منتظراً ترياق السعودية الذي لن يحصل عليه أبداً ، فورقته أصبحت محروقة إلى الأبد عند محمد بن سلمان ، وبايدن غير مهتم بلبنان خارج خدمة الكيان الصهيوني في المياه ، وتجريد المقاومة اللبنانية من سلاحها ، واستمرار وضع الجيش اللبناني تحت الحجر التسليحي الأمريكي ، وقطع الطريق عليه من اللحاق بالجيوش الحديثة، لينام الإسرائيلون بأمان.
الآفاق المحتملة في لبنان على ضوء هذا الواقع البائس المحزن ، والمؤلم :
===========================================
1 - أن يستطيع نبيه برّي ، ووليد جنبلاط معاً إقناع ثالث مجموعتهم سعد الحريري بالاستمرار في مهمته، والإسراع في تشكيل الحكومة ، أو يعيد أمانة التكليف إلى أصحابها ، ليفتشوا عن البديل ، والأسلوب المتاح ، داخلياً وخارجياً .. ومن المحتمل أن يكون سبب احجامه راجعاً لخوفه من تحمّل التركة الثقيلة الراهنة التي أمامه، بدون غطاء سعودي أو غربي .. هذه التركة التي تُعتبر الحريرية المسؤولة الأولى والأساسية في صنعها ..
2 - أن يلجأ الحريري إلى مقولة : " عليّ وعلى أعدائي " ويطلب من نواب تيار المستقبل الاستقالة الجماعية، وفي هذه الحالة ، يصبح الطريق إلى انتخابات جديدة خياراً لابدّ منه ، ومفروض دستوريّاً ، غير أنّ هذا الخيار مرّ ، ومقامرة غير محسوبة النتائج بالنسبة له ، لأنّ شعبيته ستنحسر ، وحياته السياسية ستقترب من نهايتها، وأخوه بهاء سيكون جاهزاً لحمل الراية الحريرية ، وهذا الخيار لن ينال الرضا من حلفائه ، ولا حتى من تيار المستقبل ، الذي سيصبح عندئذ بدون مستقبل ..
ولا أستبعد أن يقتنص سمير جعجع رئيس حزب القوات اللبنانية الخبير بالمغامرات هذه اللحظة التاريخية، ويعتمد هذا الخيار ، ويطلب من كتلته الاستقالة ، لأنّه يحلم بنتائج أفضل ، وبطريق أسرع إلى قصر بعبدا ، وهو المعتمد أمريكياً، وسعودياً ، وإسرائيلياً ..
3 - أن يحدث شيء ما جلل داخلياً ، أو خارجياً يخلط الأوراق، ويذكّرنا بالعدوان الإسرائيلي عام 2006 ، ولكن هذه المرّة مدعوم من الأسطول السادس الأمريكي ، بدون قوات برية . وهذا الاحتمال ضعيف جداً في ظل المؤشرات الجديدة في المنطقة ، ومباحثات الملفّ النووي الإيراني التي تبدو إيجابية حتى الآن ، لكن في حال فشل تلك المباحثات ، وكان لقاء بوتين - بايدن سلبيّاً ، سيصبح أحد الخيارات المحتملة ..
أو يجبر الوضع المعاشي المأساوي في لبنان الجماهير الجائعة للنزول إلى الشارع من كلّ حدب وصوب ، وتحطيم كل شيء تصادفه ، ويصبح استلام الجيش للسلطة هو العلاج والملاذ ، وتشكيل وزارة نصف عسكرية .
وأخيراً ، مادام لبنان متمسكاً بنظامه الطائفي البغيض ، ومقصّراً في استكمال دستور الطائف ، وخاصة المادّة 95 منه التي تنص على العمل لإلغاء الطائفية السياسية ، واعتماد لبنان دائرة انتخابية واحدة ، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة، استناداً إلى قانون يعتمد النسبية ، وتأليف حكومة بشكل ديمقراطي تعبّر عن الواقع السياسي الجديد ، مع تشكيل مجلس شيوخ لإزالة تخوّفات بعض الطوائف بزوال المكاسب غير الديمقراطية التي حصلت عليها من الأمّ الحنون أثناء حقبتها الاستعمارية . . وهذا المجلس مقرّ في دستور الطائف .
ويضاف إلى ذلك كلّه، توفّر الشجاعة الكافية عند المسؤولين اللبنانيين للتوجه شرقاً حركة وتجارة ، وإبرام صفقة مجزية مع الصين ، والإسراع في استثمار نفط وغاز لبنان دون خوف أو تردد .. وإجراء التدقيق الجنائي ، لمعرفة خبايا صندوق رياض سلامة الأسود ، ومحاسبة الفاسدين .. عندئذ سيُولَد لبنان الجديد ، وسيكون مستقبله مشرقاً ، وهذا ما نأمله له بكل جوارحنا ..
في : 7 / 5 / 2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات


.. مظاهرة واعتصام بجامعة مانشستر للمطالبة بوقف الحرب على غزة وو




.. ما أهمية الصور التي حصلت عليها الجزيرة لمسيرة إسرائيلية أسقط


.. فيضانات وانهيارات أرضية في البرازيل تودي بحياة 36 شخصا




.. الاحتجاجات الطلابية على حرب غزة تمتد إلى جامعة لوزان بسويسرا