الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحرب في أوروبا الشرقية

كورديليا حسين

2021 / 5 / 8
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


ترجمة كورديليا حسين الناشر التيار الاشتراكي – روسيا

يهدد النزاع المسلح في جنوب شرق أوكرانيا مجددًا بالدخول في منطقة خطرة. حيث اتهمت وسائل إعلامٍ أوكرانية وأوروبية وروسية معارضة الحكومةَ الروسيةَ بتشديد انتشار قواتها المسلحة على الحدود مع أوكرانيا بنية غزوها. في الوقت الذي تتهم فيه وسائل إعلام روسية موالية النظامَ الأوكراني وحلف الناتو بالاستعداد لخرق الهدنة مع جمهوريتيّ دونيتسك ولوهانسك غير المعترف بهما. وقد رفعت القيادة الأمريكية الأوروبية (EUCOM) من حالة التأهب القصوى داخل الجيش نتيجة تحرك القوات الروسية.

أوكرانيا بين إمبرياليتين
إن استمرار الحرب في جنوب شرق أوكرانيا يصب مباشرةً في مصلحة روسيا، فذلك الصراع الممتد يمنع الدولة الأوكرانية من أن تصبح عضوًا رسميًا في حلف الناتو وتنضم إلى الاتحاد الأوروبي. وسيمثِّل انضمام أوكرانيا إلى حلف الناتو والاتحاد الأوروبي صفعةً قوية على وجه روسيا في ساحتها الخلفية، الأمر الذي سيُعد سابقةً قد تؤدي إلى سلسلة من الأفعال المشابهة في الدول التي تعتمد على روسيا.

تحاول الولايات المتحدة مع حلف شمال الأطلسي الضغط على الكرملين لضمِّ أوكرانيا إلى صفوفهم. وهذا ما بدأته بالفعل الإمبريالية الأمريكية الأقوى عالميًا، فعلى مدار السنوات السبع الماضية استبدلت أمريكا رأس المال الروسي في أوكرانيا وأحلَّت رأسمالها محله. تتلقى الطبقة الحاكمة الأوكرانية كذلك مساعداتٍ اقتصادية ودعمًا سياسيًا كبيرًا، وتحصل كييف على إعاناتٍ من الغرب، بما في ذلك صندوق النقد الدولي، ويتلقَّى الجيش الأوكراني مساعداتٍ من “زملائه” الأوروبيين، وكلُّ ذلك يضع أوكرانيا في موقف التبعية.

لكن من الخطأ الفادح أن نفترض أن رأس المال الروسي لا يتمتَّع بنفوذٍ اليوم في أوكرانيا، أو أنه لا يمتلك إلا الأراضي المحتلة في الجنوب والجنوب الشرقي. إذ تؤثِّر الإمبريالية الروسية على أوكرانيا من حيث ديونها وقروضها واستثماراتها وتدني أجور العمال المهاجرين، وتؤثِّر كذلك على المعاهدات العسكرية والدولية التي تبرمها أوكرانيا، فضلًا عن التأثير على الحقوق الثقافية واللغة. ولهذا فإن الإمبريالية الروسية تبذل قصارى جهدها لمنع التطور المستقل لأوكرانيا.

تقف أوكرانيا اليوم ممزقةً بين إمبرياليتيّ “الشرق” و”الغرب”.

نزاعٌ دولي
تهيمن على اليسار الروسي فكرة أن أوكرانيا مذنبة في الصراع المسلح بمنطقتيّ دونيتسك ولوهانسك بقدر روسيا. إذ يفترض معظم اليسار الروسي أن أوكرانيا تمثِّل أحد الأطراف “القوية” في المعادلة في وجه الجانب الضعيف الذي تمثله جمهوريتيّ دونيتسك ولوهانسك الشعبيَّتين (الجمهوريتان الروسيتان المنشقتان). ويتجاهل اليسار بذلك الصراعَ التاريخي بين الدول المُضطهِدة والمُضطهَدة.

بعد سبع سنوات من اندلاع الحرب، لا يزال الاتحاد الروسي يقدم الدعم العسكري للتشكيلات الانفصالية الخاضعة لسيطرته، وهناك دليلٌ مباشر على تورُّط روسيا في القتال جنوبيّ شرق أوكرانيا. ولا تُخفي روسيا وجود قواتها في منطقة القرم في الفترة التي سبقت “الاستفتاء” على الاستقلال.

إن انتصار الإمبريالية الروسية اليوم قد يؤدي إلى خسائر هائلة للأراضي الأوكرانية في المستقبل. وعلى الرغم من ضعف تلك الاحتمالية، يظل السيناريو الأسوأ هو تهديد بقاء الدولة الأوكرانية.

كلتا النتيجتين ستؤديان إلى نتائج رجعية تتمثَّل في زيادة قوة وعنف الطبقة الحاكمة الروسية، فضلًا عن مزيدٍ من النفوذ الروسي على الصعيد الدولي. أما عن النتيجة الأسوأ، فهي زيادة الاحتقان العرقي في أوكرانيا نفسها، مما قد يؤدي إلى صداماتٍ واسعة النطاق بين الناطقين باللغة الأوكرانية والناطقين بالروسية.

وعلى الصعيد الآخر، فإن انتصار الطبقة الحاكمة الأوكرانية سيعزِّز موقفها الرجعي وسيذكي موجةً جديدة من القومية الأوكرانية. وقد يؤدي أيضًا إلى مزيدٍ من ترسيخ الإمبريالية الغربية في أوكرانيا.

مهام اليسار
نحن كاشتراكيين روس لا نمثِّل اليسار الأوكراني، ولكننا سنحاول طرح ما يجب فعله.

إن الدور الرئيسي للحركات اليسارية داخل الدول الإمبريالية هو معارضة الإمبريالية في الداخل، أي هناك حيث العدو الأساسي موجود دائمًا. لكن كلا الإمبرياليتين؛ “الشرقية” و”الغربية”، رجعيتان، بغض النظر عن السؤال الذي يُطرح حول من يتمتَّع بقوةٍ أكبر أو أقل في لحظةٍ محددة.

يواجه اليسار الأوكراني تحديًا مزدوجًا. أولًا، هناك الحاجة الماسة إلى محاربة القوى الإمبريالية التي تمزق البلاد من “الشرق” و”الغرب”، ومحاربة الحكومة الأوكرانية التي تعزِّز من وجود تلك القوى بأوكرانيا.

ثانيًا، هناك الحاجة إلى معارضة التوسع العسكري بالبلد، حيث إن ذلك التوسع لن يؤدي إلى إذكاء الصراع الدولي فحسب، وإنما أيضًا إلى تنامي الحركات الشوفينية والفاشية. وسيؤدي كذلك إلى مزيدٍ من القمع الثقافي، وربما قد يقود إلى فقدان السيادة الأوكرانية.

لن يتحقَّق تحرير أوكرانيا من النفوذ الإمبريالي وحماية الشعب من العدوان المسلَّح الآتي من الأطراف جميعها إلا من خلال إطاحة الحكومة الحالية في كييف وإحلال حكومة عمالية ديمقراطية محلها.

لن تتمكَّن البرجوازية الأوكرانية والروسية والغربية من حلِّ ذلك الصراع دون عواقب مأساوية. ولن تقود سيطرة الرأسماليين إلا إلى صراع أكثر دموية. وفقط قوة الطبقة العاملة الموحَّدة العابرة للانقسامات الإثنية والتي تقف في وجه الإمبريالية هي القوة الوحيدة القادرة على قيادة المجتمع نحو المخرج.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سودانيون يقتاتون أوراق الشجر في ظل انتشار الجوع وتفشي الملار


.. شمال إسرائيل.. منطقة خالية من سكانها • فرانس 24 / FRANCE 24




.. جامعة أمريكية ستراجع علاقاتها مع شركات مرتبطة بإسرائيل بعد ا


.. تهديد بعدم السماح برفع العلم التونسي خلال الألعاب الأولمبية




.. استمرار جهود التوصل لاتفاق للهدنة في غزة وسط أجواء إيجابية|