الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حوار مع الفنانة والنحاتة نهاد حلبي

السعيد عبدالغني
شاعر

(Elsaied Abdelghani)

2021 / 5 / 8
الصحافة والاعلام


1.ماذا يمثل لكِ النحت ؟ولم اخترتيه من بين الفنون الأخرى؟
مؤكد النحت أحد مذاهب الفنون اللغويه، له مفرداته التي تخصه بذاتها، نحن نمارس عملية صياغة متبادله لما سيقال ونعيد تشكيل أنفسنا على وقع التساؤلات ، انا وهي وأقول هي لأني أتكلم من منطق الشراكه والتبادل بين كائنين. اللغه الفنيه البصريه على العموم والنحت خاصة يشكل مخرجا او منقذا من أزمة إعادة الإستعمال المتكرره والمستهلكه للغه المحكيه والتي في بعض الأحيان لا تلبي إحتياجات التعبير. النحت يمتحن شريكه ويعيد الطرح ولكن ليست ذات الأسئله، هو الذي يعيد النظر في نقد أفضل ما يمكن طرحه، يُغني الحيّز الخاص لممارسيه ويثري الذات بقيمة القدره على الخلق، يبني، يهدم ومن ثم يعيد البناء من جديد.
لا يوجد أفضل من الميل الحميم (وهو أحد أسماء الحب) من أجل الإنضمام لمفردات النحت ولا توجد لدي أسباب واضحه أو مبرره لسبب إختياري النحت وكلي يقين بأن ما اختير عن تخطيط أو تفكير مسبق لا يعول عليه كثيراً، أن أجيب على سبب الإختيار كأن أسال نهر: لماذ مررت من هذا الوادي، أو لماذا يهطل الثلج على قمة الجبل في ديسمبر، مع العلم بأني لا اشكل الطين كصدفة عابره، لكن يمكن القول بأنه تجاوب وتواصل مع حاله من الدواعي والرغبات، حالة إنسجام وليس من الضروره تبريرها لأني أعتبرها وأتقبلها كظواهر طبيعه لا داعي لنقاشها.
2.كنحاتة ما فرق الصلصال عن اللون والحرف؟
الجميل في الصلصال بأنه شريك (كما أسميته) عنيد ومطواع في ذات الوقت وكما حصل على الدوام، عرضت مخلوقاتي الطينيه في الحاله الحيه لها والماء لا زال يغذي مسامها وبما انها آيله للجفاف، اقتطف حالتها الرطبه من أجل اقتناء المزيد من الحياة لها ومن أجل حثها على التغيير، بمعنى آخر، الشكل والحاله المعروضه فيها ليس نهائياً وأمنحها حرية التغيرأو التراجع عن خياراتي التي أقترحتها كنوع من الإخلاص لمشروع الشراكه، هذا ما يميز الصلصال أو الطين الرطب كما أسميته عن اللون الذي يختص بعالمه الواسع والجميل بالطبع والذي يحتمل الكثير من البحث والتجربه اللانهائيه، أما الحرف كلغة تعبير، بالطبع له أحبّته ورفقائه بحيث يتبادلون الشراكه ويعيدون صياغة ذواتهم كما افعل انا مع الصلصال.
3.كيف تخططين لعملكِ في رأسكِ؟هل ترين النحوتة كطيف أولا؟
أستعمل لغة النحت كما أسلفت لأعبرعن وجهة نظري بما يخص ما أنتجته تفاعلاتي الحسيه وخيالاتي من مخلوقات وهياكل وحالات وجدانيه مُتخيّله تحتاج لأن تكوّن هويتها وتعثر على مساحتها وكنتيجه لحاجاتي الملحّه في التعبير يتداخل التخطيط مع التلقائيه ويتعلق الأمر بخصوصية اللحظه وفرادتها ولا يخضع لتصنيف معيّن، أعتمد البساطه والعوده للذات ولعالمي الصغير والخاص الذي يحتويني وأحياناً أجد صعوبه في إنتاج وتوليف لغه نحتيّه لا تناظرها أو تجابهها غريزة الهدم التي تعادل غريزة البناء، حيث تلتقيان على باب خبرولادة منحوته جديده. أجمل ما يمكن أن يحصل وقد حدث ذلك مرات عديده، بأن التلقائيه تغلب التخطيط وأنتج بخلاف ما كنت قد خططت وأحظى بنتيجه أفضل منه، هنا أعثرعلى أنقى وأصدق النتائج وأكثرها نبلاً بحيث أستطيع تحيتها لأنها تجاوزت حالة القرارات المسبقه والجاهزه التي اتخذتها بحقها وذلك يشعرني بالسعاده لأنها وجدت مكانها ومساحتها وهويتها كمخلوق جديد ولد بأقل رعايه وتخطيط مسبق بل برعاية الصدفه الخالصة النقاء.
4.هل جعلكِ الفن تكتشفي العالم أم تلغزيه أكثر؟
يمكن القول بأن الإكتشاف يؤدي للمزيد من التلغيز، يحدث أن تجري الأمور على هذا النحو: العالم مليء بالتساؤلات والطروحات تجاه الكينونه والوجود، تاتي اللغه النحتيه كمفردات نبيله وشفافه بما يكفي لتضع بعض أو جزء من الأجوبه التي تحتمل المزيد من الأسئله الإضافيه، لا شيء نهائي ومحدد، هناك حاله من البحث عن أفضل الأجوبه لحل الأزمات الأخلاقيه والوجدانيه، من ثم يأتي الإتكال على أو الهروب إلى ما يمكن ان نثق بمصداقيته في طرح الأجوبه فالنحت بيت دافيء وحميم ويمكن الركون اليه في حالة التوق والتعب، لا أتعمد التلغيز كلعبه ولكن يمكن للجواب ان يطرح مزيد من الأسئله التي تسمى الغازاً وذلك يأتي كحاله مُعرّفه تتصل في جميع المسارات الفنيه البصريه واللغويه.
5.التفاصيل في أعمالك عوالم أخرى؟ما أهمية التفاصيل بالنسبة إلى الفنان؟
تأتي التفاصيل لتترافق مع مكونات الفكره وتؤكدها، ببساطه، التفاصيل هي أدوات العزف ويمكن اعتبار كل تفصيل عالم قائم بذاته أو عمل صغيرمستقل، فيها تكمن براعة النطق ومن هنا تتوضح أهميتها، مع العلم بأن حاله تجريديه ما يمكن أن نعتبرها تفصيل، العالم الخارجي وذواتنا مبنيه من أقسام تفصيليه وبعملية جمعها معاً نعمّر كائناتنا التي تخصّنا والتي ننتمي إليها. ممارسة التفصيل في النحت يشبه تلاوة صلاة او تسبيح صوفي تمجيداً للقيم الجماليه في عالمنا الخاص، أذهب للتفاصيل كما لو زرت معبداً غابراً في القِدم اوعشت حاله من التجليّات الوجدانيه الخالصه، التفاصيل فيها الكثير من المماهاة بروح العمل بالإضافه للمتعه الشخصيه والسعاده التي أختبرها وأعيشها أثناء ممارسة دقائق التفصيل.
6.من أين تأخذي وحيكِ ،من الواقع ،من الخيالات ، أم من كل ما تدركيه؟
أحاول ان أؤنسن الواقع والوقائع بما أسميه (حكي بالنحت)، بهذا يصبح الواقع حاله ذات شيفره مفككه ويسهل قرائتها، عندما يبلغ التراكم ذروته أذهب للنحت والتشكيل بالطين لأتواصل مع الواقع وأترجمه بلغتي ومفرداتي والتي تارة تصيب وغيرها تخيب، هنا تبدا حالة الٍاستحضار، الخيال يتعاون مع الواقع على خطٍ متوازٍ، هو يرفد الفكره بمساحةٍ أوسع ويغذيها، لكن، لا أعول كثيراً على الخيال بمفرده في حال كان منفصلاً عن الواقع الذي يضعني أمام مفارقات وتداعيات إنسانيه وحقوقيه للبشر مع سائر الكائنات التي نشاطرها هذا الحيّز الذي يسمى كرتنا الأرضيه والتي ما انفكت تعاني من جَلد البشر واستغلالهم لها عبر حروبهم ونزاعاتهم وسعيهم للسلطه، وإن كان لا يعنيني الأمرعلى المستوى المباشروالسطحي لما يحدث وأجد صعوبه للإصغاء لهذا الضجيج، لكن بعد سماع كل هذا العويل اليومي لا استطيع إلا أن أتضامن مع عذوبة الذوات المتعبه، النقيّه والطيبه إذ تتمازج الذات مع الرغبه في التواصل مع قيَم الوجود.
7.هل يمكن الشبع أبدا من الخلق؟ وهل العاطفة هي المثير أم العقل؟
نحن على قيد الحياة، إذاً مستمرون بتنفس الحقيقه، المسأله على الأغلب تتوضح بحاجة الروح لغذائها ولا يمكن الشبع أبداً مما يثري أنفسنا بما هو جميل وما نهتدي إليه من مفردات نعثر عليها كما لوعثرنا على أصل مادة البقاء، التعبير بلغة الفن هي حاله مُعاشه من النقاء والشفافيه والنظافه الروحيه والحسيّه وتُعد أعلى قمه في السعاده هي أن نستطيع التواصل مع ذواتنا والعوده إليها ومن ثم نهنأ برفقتها. الحاجه لكشف الحقيقه هي صيانه للذات ومدها بالمناعه النفسيه والمعنويه حتى تستطيع العيش والإستمرار، لا ينفصل العقل عن العاطفه ولا عن أدائهما المشترك أبداً وفي حالة النحت أو الرسم عموماً تأخذ العاطفه الحيّز الأكبرإذ نعيش على وقعها وعزفها وهي التي تمد العقل بجوهر وشرعية التنفيذ.
8.النحت مركوزه الجسد فما هي فلسفتك عن الجسد وسط الكبت العربي؟
الوعي والإدراك يحتاجان لدفىء ورعاية الجسد أثناء رحلتهما، يحتويهما ويشكل لهما كلمة سرالمرور ولا يمكننا ان نتجاهل حقيقة الجسد، هذا الكائن المادي بصفته مفتاح وشيفره للعبور إلى قمة الوعي ومن ثم ماذا يمكننا أن نضيف لهذا الوعي. بإختصار، كانت هناك أزمة تعاليم الأديان والتي تفضي إلى تقاليد وموروث وضعت أسسه المجتمعات البطريركيه والتي أسست لمفهوم الجسد ككائن يصعب وحتى يستحيل تقبله كما أتت به الطبيعه دون إدراجه ووتمريره تحت ماكينات وأختام المشخيات والمذعورين والمأزومين من حقيقة حالات تجلياته. هناك أكثر من مستوى يجب تجاوزه من أجل الوصول للفهم الخلاّق للجسد، أولها تجاوزاً للإبتذال في عرضه كسلعه، إن كان عن طريق التعريه المبتذله بهدف البيع أو المبالغه في تغطيته بسبب الإقبال الشديد على شراءه وفي كلتا الحالتين يعتبرهذا تشييء للجسد بوجهي العمله الواحده وبحسب العرض والطلب بالإضافه لمعضلة النظام الديني والسياسي العربي المتلازمان، إذ لم تنفصل التشريعات المدنيه عن التشريع الديني وبقيت الدائره تدور وبقيت التحريمات تفعل فعلها وتؤسس لميراث متراكم وبالتالي أدت لإضافة أحمال من العُقد الإجتماعيه والنفسيه بما يخص معضلة اللقاء الصحي مع الجسد، الأمر يحتمل إعادة تفكيك لهذا الموروث وبناء علاقه ذات (صحه أخلاقيه) عن الإنسان وجسمه. إن جاءت الرغبه في الحديث باللغه النحتيه، يتشارك ويتفاعل في فعلها العقل كحدث منطقي وواقعي مع الجسد بكل أعضائه وعندما يخطرللمحتشمين التقليديين أن يستروا أو يعرّوا بسبب الكبت والشعور المستمر بالتهديد، هنا ينكسر المعنى، يتقطّع ويتلاشى وتغيب الفكره بحيث تؤدي هذه الإزدواجيه في التعاطي معها إلى خرابها ومن ثم العوده إلى تابوهات المحرمات والتحريمات وثقافة الغيبيات التي نص عليها قانون خارجي يهدف لفرض سلطه إجتماعيه وسياسيه والذي بدوره يؤدي لتشويه في المعنى الحقيقي، عندما يكون الجسد محترماً، يُنظر إليه بشرف وتنتفي عنه فكرة التجييروالتسليع ويوضع بمحل تقدير، لا يهم كم بان منه او كم تغطى بالقماش، والأهم هو كيفية أن ترتقي الذائقه التي ستأخذ موقعها من حكم معنوي، وجداني وأخلاقي داخلي وليس من قوانين وتابوهات مُسبقه أصدرتها سلطات خارجيه تصبوا لإحكام القيد على رعاياها. لا تنطوي مهمة الفنان على إصلاح هذه التشوهات بشكل مباشر وليست تلك مهمته بل تأتي مساهمته في ممارسة الحقائق عبر لغته الفنيه بما يخص التعبير عن الروح والجسد والتي تؤسس لقيَم إحترام هذا الكائن البديع. من المفهوم بأن الفنان الذي يولد وسط مجتمع تحكمه التقاليد المُعاديه للجسد سوف يعاني ويقاسي ويصاع ببلوغ مجهود أكبر من أجل إمتلاك أدوات ألف باء التعبير الذي يعول عليه عن إحترام هذا الكيان المادي الذي يُسمى بالجسد، هنا يكمن التحدّي في مدى بلوغه الوعي والقدره على عودته لذاته الفنيه الخلاّقه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات الطلاب الأمريكيين ضد الحرب في غزة تلهم الطلاب في فرن


.. -البطل الخارق- غريندايزر في باريس! • فرانس 24 / FRANCE 24




.. بلينكن في الصين.. مهمة صعبة وشائكة • فرانس 24 / FRANCE 24


.. بلينكن يصل إسرائيل الثلاثاء المقبل في زيارة هي السابعة له من




.. مسؤولون مصريون: وفد مصري رفيع المستوى توجه لإسرائيل مع رؤية