الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


السياسة والحب 1 و 2 من 7

اسماعيل شاكر الرفاعي

2021 / 5 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


السياسة والحب
1 -
السياسة حب أولاً ، والسياسة حب أخيراً ، ولا يمكن لها ان تكون فن العمل بالممكن ( كما هو تعريفها في علم السياسة ) ان لم تكن في جوهرها حباً لا حدود له لمن تدير شؤونهم . فهي تهدف الى ان يكرس السياسي نشاطه حول محبوبه الذي هو الشعب : يحميه من كل أنواع الخوف ، ويتفانى في تلبية طلباته ، وإشباع حاجاته الأساسية ، وصولاً الى تحقيق سعادته في الحياة ...

2 -

ان تحب ، بالمعنى الواسع لكلمة حب : حب شامل لكل البشر ، وحب للبيئة التي نشأت فيها بالحفاظ عليها من التلوث ، وتسليمها للأجيال الآتية صالحة للسكن ، والتفرد بخطاب سياسي يشيع التهدئة والتسامح والسلام الاجتماعي ، فذلك يعني انك موهوب سياسياً . لان الحب هو الاداة التي تقدم الموهبة السياسية نفسها للناس من خلاله . وسيبلغ الحب بصاحب الموهبة السياسية ذروته ، حين يصبح مسؤولاً عن تصريف شؤون الدولة : اذ سيفيض الحب من قراراته التي تجيء مطابقة لأحلام الاغلبية بما تتضمنه من إصلاح لحياتهم الاقتصادية والثقافية ، وارتقاء بمستواهم الاجتماعي . عكس السياسي : الأمعة ، اللا موهوب سياسياً ، الذي يفيض خطابه السياسي بالحقد والكراهية ، وباثارة المشاعر الطائفية والعنصرية والعشائرية ، التي تؤدي في النهاية الى إشعال حروب أهلية داخلية وخارجية . ولان الحب هو وجه الموهبة السياسية الآخر ، وليس البطش وفرض الامر الواقع بالإكراه : لا أستطيع القول بأن عبد الكريم قاسم كان ذا موهبة سياسية ، كما لا أستطيع قول ذلك عن : احمد حسن البكر ، رغم كثرة القرارات النافعة للأغلبية في سنوات حكمهما ، وذلك لرفض الاثنين : الانحياز الى منهج الامة التي بلغت سن النضج : وأصرارهما على ان يمثلا الامة وهي في طور القصور : اذ ان علامة نضوج الامم في عصرنا الحديث يتمثل بانحيازها الواعي الى التعددية ، وبما تمليه عليهما من وجود معارضة ، وآلية انتخابات وتداول سلمي للسلطة . لقد رفضا تحكيم صندوق الاقتراع بما يتضمنه : من حكمة وتسامح ومحبة . فارتضى قاسم ان يظل حاكماً ، ورفض ان يكون مواطناً ، حتى مصرعه بالطريقة نفسها التي رفعته الى سدة الحكم : طريقة الانقلاب العسكري ، وظل البكر أميناً للتصور الموروث عن الحكم ، وهو تصور ناتج عن تدامج مفهوم ضرورة طاعة " أولي الامر " الأسلامية ، بالرؤية التقليدية عن العسكري الذي يتقدم الصفوف ويقودها في حرب مقدسة ضد أمم ( الكفر والضلالة ) ، وهو تصور فيه الكثير من القسوة ، بل هو القسوة بعينها ، لخلوه تماماً من الرأفة والرحمة والتسامح ، حتى أقصته آليات القسوة هذه من الحكم بانقلاب قصر قاده الشقاوة صدام حسين . ومنذ العام 2003 الذي تمت فيه ازاحة سلطة صدام حسين بالقوة والى الآن : ظل العنف وليس التداول السلمي للسلطة هو : وسيلة صعود وهبوط القوى من والى قمة السلطة والقرار . لم يحقق عنف امريكا تغييراً حقيقياً في التقليد السياسي العراقي صوب تجميع القوة : قوة التنظيمات السرية لضباط الجيش قبل 2003 ، وقوة الميليشيات بعد 2003 . ولم تحاول امريكا ادخال العراق في عصر الحضارة الصناعية بالقوة كما فعلت مع المانيا واليابان بعد الحرب العالمية الثانية ، ولاحقاً كوريا الجنوبية وسواها : بتسييد قوى ديمقراطية حقيقية ، وهي تعرف ان القوة في عصر الحضارة الصناعية : صناعة لا استيراد ، تنتجها حكومات الامم التي بلغت طور الرشد ، ولا يمكن للأمم التي تحلم بأعادة بعث إمبراطورياتها الزراعية : إنتاج القوة ( كما هو حال زعامات العراق في العهدين القومي قبل 2003 ، والإسلامي بعد 2003 ) اذ عادة ما يتم تجميع القوة في دول الحضارة الزراعية لا إنتاجها ، وهذا التجميع كان يتم بالاستيلاء والاغتصاب . فكل الفتوحات التي قامت بها الامبراطوريات الزراعية : حدثت لسلب الشعوب أراضيها الزراعية ومصادرة اسلحتها وثرواتها ، فيما قامت فتوحات الحضارة الصناعية : في مرحلة الاستعمار ، وحتى في مرحلة سابقة : هي مرحلة الاستكشافات الجغرافية ، اعتماداً على صناعة تكنولوجيا جديدة متقدمة : من السفن العابرة للمحيطات وليس للبحار ، الى البنادق والمدافع وكل الأسلحة التي تقتل عن بعد : بعد استخدام البارود . فالثبات على استراتيجية تجميع القوة بالاستيراد من قبل العراق ومعظم بلدان العرب والمسلمين : أدى الى إشاعة روح الارتزاق وبناء ميليشيات لا جيوش وطنية بإسناد من فتاوى فقهاء الشيعة والسنة على السواء ، الذين يمنحون الشرعية لتأسيس الميليشيات ، ويصدرون الفتاوى المؤيدة لخططها اللا وطنية ، والدعوة مستمرة لاستبدال الجيوش الوطنية بالميليشيات الطائفية : ووصل البناء الميليشوي الحد الذي لا بد لأي ميليشيا من بلوغه في جميع أنحاء العالم : حد الحرب الأهلية التي امتدت من ليبيا الى سوريا الى اليمن ، وحد توازن الرعب الطائفي في العراق وفي لبنان . ولذلك لا يصح الحديث عن وجود دولة حديثة في العراق ولا في سواه من البلدان العربية ، طالما تفتقر جميعها الى الشفافية : السمة الأرأس من سمات الدول الحديثة ، التي لا تسمح آليات عملها بوجود زوايا ظلام يتسلل منها المتآمرون للقيام بانقلابات عسكرية كما في المرحلة القومچية ، أو للقيام بنهب منظم لثروات البلاد ووارداتها القومية كما في المرحلة التي نعيش : مرحلة قيادة الاحزاب والتنظيمات الاسلامية ...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لحظة إسقاط مسيرة إسرائيلية بعد استهدافها في أجواء جنوبي لبنا


.. كيف ستتعامل أمريكا مع إسرائيل حال رفضها مقترح وقف إطلاق النا




.. الشرطة تجر داعمات فلسطين من شعرهن وملابسهن باحتجاجات في ا?مر


.. مظاهرة في العاصمة الفرنسية باريس تطالب بوقف فوري لإطلاق النا




.. مظاهرات في أكثر من 20 مدينة بريطانية تطالب بوقف الحرب الإسرا