الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


طريق الهاوية -11-

نادية خلوف
(Nadia Khaloof)

2021 / 5 / 11
الادب والفن


نتمسّك بالحلم ، نعتقد أنه حقيقة ، نتشارك فيه مع أحلام اليقظة ، نقضي العمر نطارده دون جدوى. لا ندري إن كنا نحن نطارده ، أو هو من يطاردنا ، ربما كانت أحلامنا وهم يطاردنا ، يحوم فوق رؤوسنا ، نتمسّك بها ، نعتقد أنّنا في طريق الوصول . تحلّ بنا الكارثة ، نسقط في حفرة، لا نعرف طريقاً للخروج. نتعوّد على الحفرة ، فكل الذين يقيمون فيها يعتقدون أنّها المكان الأجمل . لا نتأثّر بالصدمات الحضارية، فلو سخّرت لنا بساط الريح لقفزنا من فوقه وعدنا إلى تلك الحفرة . نغادر الحفرة أحياناً ، نطير ، أو نركب على متن قارب، عندما نصل نبني حفرة مماثلة ، فذلك المكان هو فقط من يشبع عواطفنا ، عادات الحفرة لا نغيّرها ، ونحاول أن نبتكر لها طرق عبادة جديدة أشد من تلك التي نشأنا عليها .
نحن فلاسفة في النقاش البيزنطي ، أبطال على وسائل التّواصل ، كتّاب، شعراء ، عارفون بجميع الأشياء.
كان لي أخ أحبّه ، نسي أنني أخته
أب نسي أنني ابنته
أمّ لم تعرف نفسها منّي
وحل عالق بقدمي ، أكاد أغطس فيه
و يأتي أبناء حفرتي ليقولوا :
عليك بالمشاعر الإيجابية ، و لا شيء مستحيل
البارحة مات صديقي وهو يتحدّث عن الوطن
هو لا يعرف الوطن، فقد أمضى حياته في السجن
غداً سوف يحتفلون بأمّ الشهيد
وسوف تقول : أبنائي من أجل الوطن
ماهو الوطن ، و ما معنى كلمة شهيد؟
يقول النبيل ابن النبيل " القاتل نبيل":
كلنا من أجل الوطن
يطعمنا نضالاً ، نصفق له ، هو بعيد عن الحفرة ، لكنه خبير بضعفنا الذي نسميه قوة ، يشجعنا على الموت كي يحيا
. . .
-أشم رائحة خطر قادم ، هو مجرد شعور ، وربما ما يسمونه الحاسة السّادسة . الحاسة السادسة تلك صنعت خصيصاً لنا ، فنحن نحس بأن الموت يخطف عزيزاً ويخطف الموت ذلك العزيز . نحس أن الكارثة على مقربة منا ، فإذ بنا نعيش فيها . هي ليست حاسة سادسة بل حاسّة التعاسة .
لم تعد تأتي فاطمة . استنجدت بنا ، ولم نستطع أن نعمل لها شيئاً . هربت من بيت أبيها ، جلبتها الشّرطة إليه موجودة ، جلدها أربعين جلدة كي لا تعصي أوامره . زوّجها لصديقه أبو الإيمان كزوجة رابعة كي يسترها من العار. هو حنون لم يشأ أن يقتلها حتى اليوم ، ولو أراد لاستطاع ، لكنّه يقول أنّ التأديب أفضل ، وزوجها أبو اإيمان هو ولي أمرها اليوم يستطيع حتى قتلها لو خالفت شرع الله .
-كفّي عن الحديث يا نوال! لقد وقف شعر جسمي من الخوف . تلك القصص تخيفني أكثر من الأسر . لا أعرف لماذا أطلقوا سراحي . كنت مستعداً للموت في السجن على العودة. العودة سببت لي الألم ، لم أجد عائلتي ، ولا أستطيع استخراج بطاقة هوية، و أنت تهدّدينني بالخطر القادم حيث تسمينه بحاستك التعيسة . أين يمكنني الذهاب؟ أنا لاجئ عندك ، وقد أكرمتني ، لكنّني متردد طوال الوقت في البقاء .
سوف أغادر الآن ، أمشي في طريق غريب
كلما سقطت مرّة أنظر إلى السماء :
خذيني أليك الآن
دعيني أبكي ، ثم أبكي حتى يختفي وجه القمر
دعيني أندب ، أقول الآه
أتدرين كم كنت غبيّاً ؟ كلّهم يعرفون أكثر منّي . زميلي في السّرب أكمل بطائرته وحط في بلاد غريبة. دخل السجن لأشهر، ومنحوه لجوءاً إنسانياً لأنّه رفض الأوامر بالقتل ، بينما أنا جبان . صحيح أنّني بالصدفة لم أقتل أحداً ، لكنّني لم أفعل كما فعل.
-كفالك بكاء يا ياسر ! نحن أقوياء ، سوف نقاوم ما دمنا على قيد الحياة .
-هل تعتقدين أنّنا على قيد الحياة؟ أصبحت تتحدثين مثلهم . نحن مستسلمون ياعزيتي ، فقط ننتظر قدراً لئيماً . أم أنك سوف تنشرين الطّاقة الإيجابية في صحن السّم الذي نتجرّعه؟
-لو فتحت صدري لوجدت ألف أغنية ندب
لو جعلتني أنوح لما استطاع اللحاق بي سرب حمام
لو تركتني أبوح بكل ما أحمله من أذى الزمن ، لكان موسوعة بعدة أجزاء
لكنّني لا أستطيع . لماذا؟ لآنّني ببساطة لا أستطيع ، فدموعي رحلت إلى الماضي ، ونوحي بقي قرب القبور، وبوحي هو الآن ، فهلا شعرت به؟
. . .
سوف أدوّن بعض الأفكار : أشعر أن العالم متنمّر ، كلما مرّرت به كلّف أحدهم بصفعي . يتنمرون ، يتفاخرون ، يحطون من قدرك ، تعتقد أنّهم صائبون ، تتعوّد على اإذلال، تفتّش عن النّقص فيك .
أحياناً يصدمك موقف أحدهم ، ربما ليس أحدهم بل أحد الذين تحبّهم . كأنّهم يشمّون حالات ضعفك فيتنمّرون ، لا يغرّنك الكلمات النّاعمة عندما تكون في حالة أفضل من حالهم ، مجرّد أن تقع يصبحون مجموعة من النّاصحين لك ، والذين يحملونك مسؤولية كونك ضحية .
عندما تركت زوجي قال لي أخّي أمام أبي و أمي: أنت تتحملين مسؤولية قرارك . والدتك ووالدك لن يعيشا إلى الأبد ، ولكل منّا عائلته لا يستطيع أن يضيف لها أشخاصاً . في ذلك الوقت أمسكت بي غصّة لم تفارقني حتى اليوم. كلام أخي صحيح ، لكنّ لم يكن في وقته الملائم . نحن ننتظر موت الضحية حتى نرثيها ، ونصورها في أسوأ حالاتها، ثم نبكيها ، وربما نضع أقنعة على وجوهنا عليها صورة الضحية ، قد نؤسس جمعية خيرية من أجل الضحايا ، نسميها غير ربحية ، فنغتني من التمويل .
أسأل من نحن؟
كيف يمكننا أن نتغيّر في نفس اللحظة
كل الذين اعتلوا هم أبطال لنا
كلامهم ككلام الكتب المقدسة
وجوههم ، سجائرهم ، كؤوسهم ملهمة
أقوالهم تشبه أحاديث الأنبياء
ونحن تحت نعالهم لو تجرّأنا بالكلام
سوف يرفضنا الجميع لأنّنا لم نعتل في المرتبة
ما أدرانا بلغة السّماء، ونحن تحت الأرض
أسأل من أنا؟
أعرفني . إنني تلك العنيدة التي لا تحترم الأشياء
لا تقدّس الأنبياء و الشعراء
هم بشر
لكنهم اعتلوا
بعضهم وصف بالعادل ، وكان ظالماً
وبعضهم أصبح إله
وأنا و أنت الشعب ، والعباد
لا أعرف لماذا كتبت تلك الأفكار ، ومن سوف يقرأ، أو يسمع .
نثرثر كي مثبت أنّنا نحمل فكراً .
هي ثرثرة على الورق. الفكرة واضحة في ذهني ، ولا داعي لها . على كلّ قتلت قليلاً من الوقت كي أتجاهل آلام الصّداع . الآن سوف أتمتّع بحرق كلماتي تحت ضوء القمر . اذهبي ياهباب الكلمات مع الرّيح .
أضحك ضحكة مدوّية علي ، و أسقط بالكية ، أنظر للقمر الشّاحب ، و أغفو ددون غطاء.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شاهد: دار شوبارد تنظم حفل عشاء لنجوم مهرجان كان السينمائي


.. ربنا سترها.. إصابة المخرج ماندو العدل بـ-جلطة فى القلب-




.. فعاليات المهرجان الدولي للموسيقى السيمفونية في الجزاي?ر


.. سامر أبو طالب: خايف من تجربة الغناء حاليا.. ولحنت لعمرو دياب




.. فيديو يوثق اعتداء مغني الراب الأميركي ديدي على صديقته في فند