الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المتاجِرون والمراؤون في القضيّة الفلسطينيّة

همام قباني

2021 / 5 / 11
القضية الفلسطينية


عبر أربعين سنة لا نجد في سِجِلاّت التاريخ مساندة حقيقيّة واقعيّة من طهران وملاليها للقضيّة الفلسطينيّة، سوى نجاحاتها في تكريس الأيّام الهلاميّة لنصرتها، والتمسُّح باسمها عبر إنشاء فيلق القدس، الكذبة الأكبر والأخطر في سيرة ومسيرة الحرس الثوريّ اﻹيراني، الفيلق الذي لم يطلق رصاصة واحدة على إسرائيل طوال العقود المنصرِمة، فيما وَجَّه إرهابيّيه إلى دول الشرق اﻷوسط، وعبر وكلاء حروب آثروا خيانة أوطانهم، ويومًا سوف يُصدِر التاريخُ حكمَه عليهم.
قدَّمتْ طهران للفلسطينيّين أدوات التسارع والتنازع، من خلال دعمها للتيّار الراديكاليّ المتمثّل في كافّة جماعات الإسلام السياسيّ التي وُلِدتْ من رَحِم جماعة اﻹخوان المسلمين اﻹرهابيّة.
لم تمدّ إيران أو تركيا يومًا يدًا للمساعدة لفصيل فلسطيني بعينه إلا وكان هدفهما اﻷبعد هو التسبّب في الكثير من الانقسامات والكثير من الدمار .
الهدف من المزايَدة الجوفاء والبكاء المستمر على القضيّة الفلسطينيّة دائمًا وأبدًا ليس الهدف منه الانسان بل هي الأحقاد التاريخية الدينية ، فهذه المتاجرة بالدماء "يكسبهم رصيداً عاطفياً مجانياً لدي أتباعهم، وهذه المتاجرة تصلح لتفريغ شحنة الكراهية الدينية القديمة التي في نفوسهم والموجودة قبل الصراع (العربي الإسرائيلي) بقرون. وهذه الكراهية المقدسة موجودة بالطبع لدي الكثير من #اليهود أيضاً، كما لديهم نفس الشعور.هذه الكراهية هي التي أسقطت المدينة في براثن هذا الصراع الذي لا ينتهي منذ الاف السنين. أتباع كل ديانة منهم يدعون امتلاك الأرض بأمر (إلهي)؟ ، وكلما تمكن أحدهم من امتلاك الأرض ، كان يعيش أتباع الديانات الأخرى فيها كمواطنين درجة ثانية وثالثة. فما الجديد؟ حال مسلمي القدس اليوم مثل حال يهودي القدس تحت حكم المسلمين، ولو عادت القدس للمسلمين سيعاملوا اليهود والمسيحيين بنفس الفوقية والهمجية والعنصرية."
يمكن للمرء أن يتفهّم منطق المزايدة على الفلسطينيّين من غير تقديم حل، وتوريطهم يومًا تلو اﻵخر، وبما لا يفيد في التوصُّل إلى حلّ عادل، بل استخدام القضيّة في دعم سياسة المحاور الإقليميّة لكن ما لا يستطيع المرء أن يتفهّمه عقلاً أو نقلا، هو المزايدة والمتاجرة من قِبَل المسؤولين الفلسطينيّين أنفسهم في سياق المزايدة الكاذبة والرفض المقنع لما يمكن أن يفتح أبواب الحلّ.
منذ اتّفاقيّة كامب ديفيد وهناك حقيقة لا مراء فيها، وهي أنّ غالبيّة قيادات الصفّ الأوّل من الفلسطينيّين، تتهرّب من أيّ استحقاقات جدّيّة أو جذريّة يمكنها أن تنهي أزمة الشعب المحكوم عليه بالألم والمعاناة طوال سنوات اﻷزمة، اﻷمر الذي يطرح علامة استفهام: "هل من مصالح أهمّ من صالح الشعب و الوطن تخشى معها تلك القيادات التوصّل إلى حلّ وإنهاء حالة الصراع والمواجهة العسكريّة وتوقف نهر الدم الذي يجري صباحَ مساءَ كلّ يوم؟
الشاهد أنّ ما رأيناه من القيادات الفلسطينيّة مؤخَّرًا، وعلى الجانبَيْن المتصارعَيْن يكاد يدعو الباحث المحقّق والمدقّق إلى القول بأنّ كلَيْهما وجهان لعملة واحدة، ففيما البعض ولّى وجهه شطرَ #إيران، رأينا الآخر يمضي نحو #أنقرة حيث السلطان المتوهِّم، وكأنّه هو من يحمل همّ استنقاذ القضيّة أمس واليومَ وغدًا. المتاجَرة بالقضيّة تبيّن لنا أن هناك مفارقة شاسعة بين الشعب الذي يسعى إلى الحلّ والسلام، وأخر يسعى إلى التعقيد والدمار وسفك الكثير من الدماء .
المتاجرة بالقضيّة الفلسطينيّة أمر لا يفيد، والتربّح من ورائها مادّيًّا ودعائيًّا شأن لا يتناسب حكم الدمار الذي حلّ بالمواطن الفلسطيني .
واقتباس مما نشره الصديق الكاتب ( حامد عبد الصمد - Hamed Abdel-Samad )
"أنتم لا تحبون القدس، بل تحبون التباكي عليها. إلى اخر ما قاله : هذه المدينة التي سالت من أجلها دماء الآلاف عبر القرون لا تستحق لقب مدينة مقدسة. لو كان الأمر بيدي لأخذتها من اليهود والمسلمين والمسيحيين وبنيت مكانها مدينة ملاهي كبيرة! ولكن حتى هذا لن يحل المشكلة، لأن الكراهية المقدسة ستبحث قريباً عن مدينة آخرى للمراثي، وما أكثر المدن الدامية!
لو كان تحرير المدن يأتي بالشجب والندب والبكاء لكانت كل بلاد العرب أكثر بلاد العالم حرية، ولكن كل بلادهم منتهكة، لأنهم لا يبحثون فعلاً عن الحرية، ولا يفعلون ما يفعله الإنسان الحر: شجاعة التفكير واحترام الاختلاف والتعاون مع الآخر من أجل حياة كريمة!"
ختامًا، يمكننا القطع بأنّ العالم لم يعدْ غافلاً عن الفرق الحقيقيّ بين الصادقين الاحرار
الذين يمتلكون الشجاعة و التفكير واحترام الاختلاف والتعاون مع الآخر من أجل حياة كريمة للجميع وبين المرائين. وسوف يقول التاريخُ، ومن جديد، كلمته للتفريق بين هؤلاء وأولئك.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الرئيس الروسي يؤدي اليمين الدستورية ويتعهد بوضع مصالح روسيا


.. مشاهد توثق لحظة إصابة صاروخ لمبنى بمستوطنة المطلة جنوب لبنان




.. 7 شهداء و14 مصابا في قصف إسرائيلي استهدف شقة سكنية في حي الز


.. الأردن يحذر من تداعيات اقتحام إسرائيل لمدينة رفح




.. أمريكا تفتح تحقيقا مع شركة بوينغ بعد اتهامها بالتزوير