الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رب شرارة أحرقت سهل !...

صادق محمد عبدالكريم الدبش

2021 / 5 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


رب شرارة أحرقت وطن !...
كنت مترددا ومتوجسا للذي أروم تناوله ، وإن كان بشيء [ ما خف حمله وغلا ثمنه !.. ] في زمن أصبح كل شيء فيه بخس ولن أقول رخيص !..
ما أُريد تناوله وقوله ليس بجديد !..
إنه قديم جديد متجدد ، ويكاد يكون الغوص فيه أصبح مملا وغير مستساغ لكثرة الإعادة والتكرار ، وأمسى يؤرق المسامع لما يحمل بين جنباته وأركانه وسرادقه من ألم وحزن ودماء وخوف !...
في صباح كل يوم نشاهد عبر شاشات التلفزة ونقرأ من خلال الصحف ووسائل التواصل الاجتماعي وغيرها ، نفس المواضيع ونشاهد نفس التواصيف والأماني والأهداف ، من الساسة المتنفذين ومن رجال الدين المسيسين من سدنة أحزاب متنفذة تقود زمام الحكم بشكل مباشر أو من وراء حجب ، وكذلك من هم في السلطة التنفيذية والتشريعية والقضائية ، وجميعهم .. أقول جميعهم ولا أستثني منهم أحد !..
يخرجون علينا بخطاب كاذب منافق لا يخلوا من التهويل والتدجيل والمراوغة ، ويقيمون صرحا عظيما من الإنجازات والمشارع الوهمية ، تسبق كل ذلك مفردة سوف .. وسنعمل .. وكذلك .. وإن !..
..
هذه التي يتغنى بها النظام الحاكم من عام 2006 م ونحن اليوم في 2021 م ، وشعبنا يسمع صوت ماكنة الطحين ولكن لم يرى بأم عينه طحين !..
وحين تسأل لِمَ كل هذا الزعيق والصراخ والهزيع ؟..
يقف .. الأباطرة والجبابرة والسلاطين والأمراء والمشايخ والشيوخ والسراكيل وخدمهم الأجراء وبصوت واحد وكأنهم جمع وقلوبهم شتى !..
ويبدؤون بتسطير على مسامعنا إنجازاتهم الجبارة والمشاريع العملاقة ، يعبرون عن نواياهم الحسنة وأخلاقهم الحميدة وورعهم وتقواهم !...
وحين نحاجج ونسأل ؟..
من أفقر الشعب وجوعه وسرق خزائنه ، واستباح الحرمات وزهق الأرواح وسفك الدماء ، وصادر الحريات والحقوق وأذل الإنسان العراقي ، وحول العراق إلى أسوء بلد العيش فيه وأفسد بلد ، وأكثر البلدان خطورة على الصحفيين والنشطاء المدنيين والمعارضين ، وتغييب للقانون وللعدل والمساوة ، وغياب الأمن والخدمات وتوقف عجلة الاقتصاد ، بل توقف عجلة الحياة ، في بلد كان يحكم العالم وعاصمته شاغلة الدنيا ومحط أنظار العلماء والفقهاء والأدباء والشعراء والباحثين والسواح ، بلد الحضارة الأول في التأريخ الإنساني !.. ولكن أين هو من كل هذا ؟؟...
سيأتون لنا بديباجة لها أول وليس لها أخر ، وتبريرات وتعليلات وتبجح لا يقنع حتى البلداء والجهلة ، و ما أنزل الله بها من سلطان ، واستمر هذا النهج والتدمير والفساد والإلغاء والإقصاء والتفرد في صناعة القرار وإدارة ( الدولة ! ) على امتداد ثمانية عشر عاما ، وشعبنا بين [ الإسلام السياسي والفاسدين من ورائكم !... وجهنم والخراب والموت من أمامكم ! ] وكان العراق يحكمه عفريت وطاغوت واحد .. واليوم تحكمه عفاريت وطواغيت ولصوص محترفين كثيرين !...
بالرغم من كل هذا وذاك كان شعبنا صابرا على بلواه ، على أمل أن يفيق هؤلاء الحكام من سباتهم ، ويُحَكموا ضمائرهم ويخشون ربهم وخالقهم كونهم ( متدينين ويدعون الإسلام !! ) ..
بعد أن أذاقوا شعبنا السم الزعاف ، والويلات والجوع والمرض والفاقة والحرمان ، فقد طفح الكيل ونهضوا بملايينهم فقد نفذ صبرهم ، فكانت الهبات والاحتجاجات التي سبقت ثورة تشرين الجبارة بعدة سنوات .
لكن الحاكمين لم يرعوا ضمائرهم ولم يتعظوا من أخطائهم الجسيمة ، وما ارتكبوه من جرائم بحق الشعب ، وحين صاقة الأرض على الشعب بما رحبت ووصلوا الحاكمين إلى طريق مسدود ، خرجت الملايين للإعراب عن رفضهم لنهج هؤلاء ، في الأول من تشرين الأول من عام 2019 م بثورة عظيمة زلزلت الأرض من تحت أقدام الحاكمين ، وييسعون لاسترجاع وطنهم المصادر ، مطالبين بوطن يليق بهم ويليقون به ، يعيشون فيه معززين مكرمين ، بحرية وكرامة وتتوفير فيه الحد المعقول من العيش الكريم !..
بدل أن يستجيب هذا النظام الفاسد ، إلى مطالب هذه الملايين في الحرية والكرامة والعيش الكريم ، جوبهت الملايين في سوح التظاهر السلمي بالرصاص الحي وقنابل الغاز المحرم استخدامها في فظ الاحتجاجات والتظاهرات السلمية ، ودفعوا بالقناصين لقتل المتظاهرين السلميين ، وقيامهم بالخطف والاعتقال والاغتيال والترهيب والهدبد ، ورغم الإدانات الدولية ومنظمات حقوق الإنسان ، فقد استمر مسلسل القتل بحق المتظاهرين السلميين العزل ، وسقط نتيجة همجية وإرهاب وقمع النظام الحاكم وميليشياته وأذنابهم المأجورين المجرمين ، ما يربو على ألف من الشهداء الأبرياء وأكثر من ثلاثون ألف مصاب وجريح ومعوق ، وما زال العشرات مغيبين ومصيرهم مجهولا !..
ما زال هؤلاء الحاكمين يعتقدون بأن ثورة تشرين والمتظاهرين السلميين ، قد أفل نجمهم وخفت جذوة الثورة ، وسيتراجعون عن أهدافهم المعلنة من خلال عمليات القتل المنهجي والقمع والإرهاب !..
نقول بل ثوار تشرين يقولون أنتم واهمون ، فإن ثورة تشرين باقية ومستمرة ، وسوف تستمر حتى تحقيق أهدافها في استعادة الوطن والمواطن لكرامتهما واستقلالهما .
الانتخابات وسيلة ديمقراطية ، وهي شكل من أشكال بناء الدولة ومؤسساتها الديمقراطية والدستورية ، والتي تقوم على أساس الفصل بين السلطات والتعددية وحرية الفكر والعقيدة والتبادل السلمي للسلطة .
وحتى يتسنى للشعب من نيل حقوقه وحريته وكرامته وحقه في الحياة ، يجب أن تكون لدينا ( دولة ! ) وتكون لدينا مؤسسات ودستور لهذه الدولة .
العراق ومنذ الاحتلال الأمريكي عام 2003 م وحتى الأن لا توجد فيه دولة !...
بل يوجد لدينا دويلات وإمارات ومناطق نفوذ ، وهنا تكمن العلُة ، وهذه أس العلل وأكبرها أثرا وتأثيرا !..
قلنا ونقولها ونؤكد عليها .. لا يمكن أن يستقر العراق ويكون هناك أمن وسلام وتعايش ورخاء ، دون قيام الدولة ،
شرط أن تكون دولة مواطنة عادلة ، تساوي بين مواطنيها وتوزع ثروات البلاد بالتساوي على المناطق ، ودون تمييز ومحاباة على أساس عرقي أو ديني أو على أساس المنطقة والعشيرة والحزب والطائفة ، الناس متساوون حسب الدستور النافذ .
وحتى تقوم في العراق دولة عادلة ، يجب أن يكون لها علم واحد ومؤسسة أمنية وعسكرية واحدة ، ولا يجوز تعدد مراكز القوى في الدولة الواحدة ، أو تقوم فيها فصائل عسكرية مسلحة غير المؤسسة العسكرية والأمنية ، تخضع لإرادات سياسية ودينية أو عشائرية مثل ما موجود على الساحة العراقية .
تكون لهذه المؤسسة العسكرية والأمنية قيادة واحدة موحدة ، وقانون واحد تخضع إليه وأن تكون مستقلة وبعيدة عن السياسة والأحزاب السياسية ، وبعيدة كل البعد عن الصراع السياسي ، وأن تكون وطنية ومهنية نزيهة يقودها قادة نزيهين وطنيين ومهنيين مستقلين بعيدين عن السياسة ، وتكون هذه الدولة وسلطاتها خاضعة إلى العقد الاجتماعي وهو الدستور الذي يستظل تحت مظلته الجميع ويحتكم إليه الجميع دون تمييز ، ويجب الفصل الكامل للسلطات وأن يكون في العراق سلطة قضائية وطنية ونزيهة ومستقلة استقلال تام ، ويمنع التدخل في شؤون القضاء منعا باتا ولأي سلطة أو جهة مهما علا شأنها .
اليوم لا وجود لكل ما بيناه أبدا وهناك تداخل بين السلطات والذي يفقد وجود الدولة ويلغيها كمؤسسة جامعة .
وجود الحشد الشعبي والميليشيات المنضوية تحت خيمته ، أو من هو خارجه وما يمتلكوه من سلاح خارج المنظومة الأمنية والعسكرية ، وكل ما يقال عكس ذلك فهو كذب وتظليل وخداع وتحايل على الدستور ، الذي يمنع تواجد أي فصيل مسلح أو أي سلاح خارج المؤسسة الأمنية والعسكرية .
هذا يعتبر خرقا دستوريا ، بل إلغاء للدولة إن كان هناك دولة ، وتهديد لأمن وسلامة العراق ونظامه ( الديمقراطي حسب ديباجة الدستور ) ، وتهديد لأمن المواطن ومصادرة حريته وسلب لكرامته .
اليوم ومنذ سنوات تعمل على الساحة العراقية عشرات الفصائل والميليشيات الطائفية وسلاحهم المنفلت ، المسؤولة عن كل التجاوزات والاعتداءات والجرائم التي ارتكبت وترتكب بحق المواطنين العزل ، والمتظاهرين والناشطين المدنيين السلميين منذ سنوات .
أنا أسأل كل من له ضمير وحريص على العراق وأمن موطنيه وسلامتهم ؟...
هل شعبنا سعيد بوجود هذه الفصائل بكل أسمائها ومسمياتها ، وهل تساهم باستتباب الأمن وتشعر الناس بالأمن والأمان ... أم العكس ؟..
ويراودني سؤال أخر هل منظمة بدر التي يقودها هادي العامري ، وسرايا السلام أو جيش المهدي بقيادة زعيمها مقتدى الصدر ، وعصائب أهل الحق بزعامة قيس الخزعلس ، وحزب الله العراقي ، وميليشيات أحزاب الإسلام السياسي الأخرين وهم كثر !..
هل هذه الفصائل تخضع لقيادة القائد العام للقوات المسلحة وتمتثل لإرادته وتخصع للمؤسسة العسكرية ؟..
قطعا الجواب لا وألف لا ... وكل ما يقال عكس ذلك فهو تهريج وسفسطة كلامية فارغة ، ويراد من كل ما يقال عن هذه الفصائل هو إسكات الأصوات الداعية إلى حل هذه الميليشيات ومظلتها الحشد الشعبي ومصادرت أسلحتها ومعداتها ،
لا تريد هذه الفصائل أن تصغي لمنطق العقل ، وتساهم في إعادة قيام في العراق دولة مواطنة ، ويتشبثون بسلطانهم وسلطتهم وتحت ذرائع وحجج واهية ، وليس لهم أي حرص على إعادة بناء دولة تعيد للعراق عافيته وأمنه واستقلاله وكرامته .
نقوله مخلصين ومحبين للعراق ولشعبه ولقواه السياسية ، التي نتفق معها أو نختلف ، بأن العراق يمر بأعقد فتراته من مئة عام ، ومصيره وحاضره ومستقبله بين أيديكم ، وتتحملون المسؤولية كاملة والتأريخ وقانون الحياة لا يرحم من يغرد خارج عجلة الحياة .
حياتكم وحياة شعبكم معلقة بين السماوات والأرض ، خلاصه بصدقكم مع ذاتكم ومع شعبكم ، حكموا ضمائركم واحترموا دينكم واحفظوا كرامة شعبكم من خلال الإسراع بحل جميع هذه الميليشيات ، وتسليم سلاحكم إلى المؤسسة العسكرية والأمنية ، وكذلك الحشد الشعبي .
وبذلك تنقذوا أنفسكم وشعبكم من المهالك والموت والدمار ، فيكفي شعبكم موت وجوع وخراب وتمزق وضياع وفوضى !...
وبعكسه فإن الطوفان قادم لا محال ، فالجميع في مركب واحد وسط بحر هائج ، واللبيب والعاقل من تدبر أمره وحرص على حياته وحياة قومه ، ولشعبنا الأمر من قبل ومن بعد .
أما الإستمرار بمسلسل القتل والتغييب والقمع والإعتقال والاغتيال ، التي تمارسوه بشكل مباشر أو بالواسطة، مثلما حدث للشهيد إيهاب الوزني وللإعلامي بقناة الفرات الفضائية , وقبلهم هشام الهاشمي والعشرات الأخرين الذين قتلوا ظلما وغدرا .
فثقوا بأن كل هذه الجرائم البربرية والإرهابية سوف لن توقف انتفاظة تشرين ، ولن تحيد عن أهدافها ومطاليبها العادلة ، أبدا فعلى الجميع أن يعي هذه الحقيقة ولا تكونوا قصيري النظر وتنظرون بعين واحدة .
جربتم مرات عديدة في عمليات التزوير للإنتخايات ، وبطرق مختلفة ، وقمتم بتدوير أنفسكم وبأساليب مختلفة غير شرعية وغير قانونية ، مفضوحة للداخل العراقي وفي خارجه ، ونجحتم في الاحتفاظ بكرسيكم ... لكنكم لم تفلحوا في نيلكم ثقة شعبكم وجماهيركم ، التي كانت تصوت لكم فخذلتموهم فلفضوكم ، وفشلتم في إدارة العراق ولم تتمكنوا بالعبور إلى شاطئ السلامة ، بل فشلتم فشلا ذريعا .
العراق اليوم يأن من جراحه العميقة ، ومن الجوع الذي أمسى الناس يأكلون جلودهم ويعيشون موتا بطيئا ، ألم يشعركم هذا بتأنيب الضمير ؟..
ألم تؤلمكم عقولكم وقلوبكم على أبناء جلدتكم ؟..
الله وأكبر .. عليكم .
لا تسخروا من الضعفاء والبؤساء واليتاما والثكالى والأرامل !..
لقد أصبحوا اليوم بفضل نهجكم ، جيشا إن نهض فلا مرد له .. إنه الطوفان سوف يكتسح كل من يعترض طريقه .
إعملوا صالحا ووفروا الأمن وابدؤوا ببناء دولة وهيؤوا السبل السليمة لانتخابات نزيهة شفافة وعادلة ، بأجواء ديمقراطية بعيدا عن القتل والإلغاء والتهديد ، تفسح للجميع المنافسة الشريفة وبعيد عن المال السياسي والسلاح المنفلت والتزوير .
ليفز من يفز واخترموا إرادة الناس وخياراتهم ، تفلحوا وتريحوا شعبكم وترتاح ضمائركم وتخلصوا لدينكم ولشرفكم ولأهلكم ولشعبكم ، وكونوا أوفياء مخلصين للوطن وللمواطن وللعراق ، فالعراق يستحق من الجميع أن يقدموا له ولشعبه الأفضل .
ولا وجود في الدولة العادلة [ سيد .. ولا عبد !! ] العراقيون أسياد على أرضهم ووطنهم ، ولسنا بحاجة إلى مقاومة مسلحة وفصائل مسلحة ، ولا يوجد فينا أمراء وأسياد ومشايخ ، نحتاج إلى دولة لمؤسساتها تصون العراق ووحدته وتحفظ كرامة شعبه ، وجيش يدافع ‘عن أرضه وحدوده ومياهه
وسمائهة ، حينها سيتحقق الأمن لشعبنا ويسود السلام والتعايش بين مكونات هذا الشعب الجريح ، ويتحقيق النماء والرخاء والبيئة الصالحة الأمنة .
عاش العراق عزيزا موحدا كريما رخي سعيد
المجد لشهداء ثورة تشرين والشفاء العاجل للجرخى والمصابين ، والحرية للمختطفين والمغيبين والمعتقلين .
11/5/2021 م








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صورة مفجعة لفلسطينية في غزة تفوز بجائزة -أفضل صورة صحافية عا


.. وسط تفاؤل مصري.. هل تبصر هدنة غزة النور؟




.. خطوط رفح -الحمراء- تضع بايدن والديمقراطيين على صفيح ساخن


.. تفاؤل في إسرائيل بـ-محادثات الفرصة الأخيرة- للوصول إلى هدنة




.. أكاديمي يمني يتحدث عن وجود السوريين في أوروبا.. إليك ما قاله