الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الايام الثقافية العراقية في برلين و تأسيس رابطة فنانين تشكيليين

منير العبيدي

2006 / 8 / 5
الادب والفن


في الفترة من 21 ـ 23 تموز اقام نادي الرافدين الثقافي العراقي للسنة الثانية نشاطه المميز : الأيام الثقافية العراقية التي شارك فيها جمهرة من المبدعين العراقيين المقيمين في المانيا و أوربا و قد تضمنت نشاطات الايام الثقافية العديد من الفعاليات المتعلقة بالقصة و الشعر و النقد و كذلك مناقشات مستفيضة عن الواقع السياسي و الثقافي في العراق ، وكان ضمن الفعاليات معرض للفن التشكيلي ساهم فيه تسعة فنانين تشكيليين عراقيين من المانيا و اوربا و الفنانون هم : نسرين حنا ، أحمد الشرع ، رياض البزاز ، فهمي بالايي ، منصور البكري ، منير العبيدي ، ابراهيم الجزائري و الفنان علي مزعل و قد ضم المعرض المقام 19 عملا فنيا .
و قد ألقى الكاتب و الفنان التشكيلي منير العبيدي مداخلة تحتوي على إضاءة مستلة من تاريخ الفن و علاقة الفن بالسلطة و التشوهات الحالية التي تسود الحياة الثقافية العراقية في الداخل و الخارج . و فيما يلي نص المداخلة :
الأصدقاء الأعزاء
حضرات الضيوف
توفي الفنان الأسباني المشهور فرانشيسكو دي غويا في بوردو عام 1828 في منفاه بعيدا عن وطنه إسبانيا و هو في الثانية و الثمانين من عمره و لم تتقدم الحكومة الاسبانية بطلب نقل رفاته إلى مدريد إلا في عام 1899 . و بينما كان القنصل الإسباني في بوردو يشرف على إخراج الرفات اكتشف أن الجسد بدون رأس . فأبرق إلى حكومته في مدريد بالعبارة التالية : " هيكل غويا بدون رأس أرجو تعليماتكم " فردت عليه الحكومة بدون إبطاء : " أرسل غويا برأس أو بدون رأس " .
و هكذا فإن السلطات الإسبانية الساخطة على غويا قد انتظرت واحدا و ستين عاما لتصالح الهيكل العظمي لـ "غويا " و تجعله من رموزها الوطنية حتى لو كان بدون رأس . لقد احتاجت السلطات الإسبانية رفات غويا العظيم ليس من أجله أو إكراما له بل من أجل مجدها هي و لكي تظهر نفسها بأنها حارسة الفن و الفنانين و لكن بعد موتهم فقط .
تحتاج السلطات بمختلف أشكالها الفنانين رغم احتقارها لهم ، و احتقارهم لها . ولكن بعد موتهم أي بعد صمتهم الأبدي ، في هذه الحالة فقط تحولهم الى رموز وطنية .
فلماذا لا تتعظ البشرية ؟ و لماذا لا تتعظ المؤسسات الثقافية و تصالح المبدعين وا لرسامين وهم على قد الحياة ؟ لماذا نعادي الأحياء من مبدعينا حتى يموتوا ؟ الجواب بسيط : أن نحول موتهم كما حياتهم الى تجارة .
هل يشك أحد بما أقول ؟ هل يستنكر قولي معترض ما ؟ حسنا ما قولكم في ما قاله الجواهري الكبير ناعيا عبد الجبار عبد الله :
أهز بكل الجيــل الذي لا تهزه نوابغه حتى تزور المقــــابرا

******
لم يبع فان كوخ سوى لوحة واحدة في حياته ، و كان لا يمتلك نقودا حتى من أجل إطعام نفسه ، و قد تدبر أمر تكاليف فنه و تكاليف الألوان و قماشة الرسم و الفرش من المساعدات التي كان يرسلها إليه أخوه ثيو , و حين أطلق النار على نفسه قائلا : " ليس هناك نهاية للألم " بيعت لوحاته بعشرات الملايين وكان اخوه ثيو قد توفي بعده مباشرة حزنا عليه فقد أحبه من كل قلبه . و مع ذلك كتب أو كتبت إعتدال سلامة من برلين أن ثيو قد عاش مرفها من بيع أعمال أخيه فنسنت فان كوخ !
ياللعار حتى شرفاء الموتى أمثال ثيو لم يسلموا من التشويه .

******
في مدخل أحد شوارع احدى العواصم كتبت العبارة التالية : " صمتا (.....) يكتب " كان (.....) أحد كتاب هذا البلد ، و يسكن في تلك الحارة .
المارة كانوا يتهامسون فيما بينهم و لا يرفعون صوتهم حتى لا يزعجوا تأملاته ، وعند مرورها قريبا من بيته تتوقف السيارات عن إستعمال منبهات الصوت.
نحن يغيظنا أن يظهر بيننا كاتب حتى لو كان حقيقيا ، بينما يلفقون كتابهم و يمجدونهم .
هل تغير شيء في الموقف المأساوي للمؤسسات الثقافية العراقية والعربية في الخارج من الفن التشكيلي ؟
كلا لا شيء من هذا القبيل . لقد اختلف المؤسسات الثقافية في كل شيء و اتفقوا على هذا .
المعهد الثقافي العربي (AKI ) كرّم جميع " الفنانين " و وزع عليهم مكافئات تقديرية ولم يكن بين هؤلاء الذين تم تكريمهم حتى رسام واحد ، مما مجموعه أكثر من عشرة فنانين تشكيلين من العراقيين و العرب لم يعثروا على رسام واحد يستحق التكريم و الشكر: المغنيين و الشعراء و عازفي الآلات الموسيقية و المسرحيين كرموا جميعا الا التشكيليين .
و ناد ثقافي آخر يحمل اسم الثقافة العراقية يستمع بدون تعليق أو اعتراض على تعليقات بعض أعضائه الداعين الى طرد الفن التشكيلي العراقي من حضيرة الثقافة العراقية ، حين يقول هذا العضو بإمتياز بأن الفنان التشكيلي لا ينطبق عليه تسمية مثقف .
لم يقم أي من القيمين على الثقافة بالرد على مثل هذا الهراء ، يا للعار !

****
حين قدمت اقتراحا باستضافة ستار كاووش من قبل نادي الرافدين الثقافي العراقي سُألت كثيرا من أين ستار كاووش ؟ ـ من أين لي أن اعرف من أين ستار كاووش و لماذا أعرف ، ولكنني لا حظت إثناء بحثي عن ستار كاووش على شبكة الإنترنت أن العديدين يتساءلون أيضا : من أين ستار كاووش ؟ و هذا السؤال نفسه صاغه عدنان حسين أحمد في موضوعه المنشور عنه حين يقول يتسائل كثيرون من أين ستار كاووش؟ ، أما أنا الذي اقترحت استضافته و قدمت لندوته فلم أكن أعرف سوى أن ستار كاووش فنان عراقي رأيت لوحاته منذ كنت في العراق ؟ لم أعرفه دينه ، هل مسيحي ام مسلم ، لم أعرف قوميته هل هو عربي ام كردي ، لم أعرف طائفته ، لم أعرف من أي محافظة هو لم أعرف شيئا سوى أن ستار كاووش يرسم بطريقة رائعة ، الا يكفي هذا ؟ بالنسبة للبعض هذا لا يكفي ، لا بد أن يعرفوا من أية محافظة هو وعليكم أن تعرفوا ما هو المخفي من وراء هذا السؤال .

*****
لماذا توجد إشكالية دائمية بين المثقف و السلطة ؟ لأن المثقف مشاكس ، المثقف يطرح أسئلة و يشكك بالمسلمات و السلطة تحتاج الى مطيعين مذعنين تحتاج الى الناس التي تؤمن بعصمتها ، المؤسسات الثقافية شكل من أشكال السلطة الا إذا قررت أن تكون خلاف ذلك ، يبدأ العسف حين نتساهل فكريا مع الظواهر الضارة و نتقبل اعتداءات السلطة على الثقافة استنادا الى ولاءاتنا الأيدولوجية و الدينية و الطائفية و المناطقية و نعطيها المبرر ، المثقف الحقيقي هو المثقف الذي يناصر ما يمليه عليه المنطق الثقافي و يقدمه على كل منطق آخر .
كل مهرجان ثقافي و انتم بخير
منير العبيدي
وبعد هذه المداخلة ألقى الفنان أحمد الشرع بيانا تأسيسيا لرابطة تكونت من خمسة من فناني برلين ، هذا نص البيان :
بيان تأسيسي
رابطة الفنانين التشكيليين في برلين تعلن عن نفسها
اليوم 5 ـ6 ـ 2006 التقت مجموعة من الفنانين التشكيليين في برلين وهم : أحمد الشرع ، رياض البزاز ، فهمي بالايي ، منصور البكري و منير العبيدي و تداولوا في موضوع المساهمة في الأيام الثقافية العراقية التي ينظمها نادي الرافدين الثقافي العراقي في برلين و الخروج برؤية موحدة بهذا الخصوص ، كما ناقشوا التعديلات التي أدخلت على برنامج الأيام الثقافية هذه ، و كان هؤلاء الزملاء قد تداولوا سابقا في النواقص التي رافقت إقامة المعرض المشترك في ورشة الثقافات ( Werkstatt der Kulturen)إثناء الأسبوع الثقافي العربي الذي نظمه المعهد العربي ( AKI ) الشهر الماضي ، و قد كان هذا اللقاء مناسبة للحديث بصوت واحد ، و مقدمة لنشوء فكرة جادة لتشكيل نواة لنوع من الرابطة التي سيحدد أسمها لاحقا و التي تجمع هؤلاء الفنانين التشكيليين مع إبقاء الباب مفتوحا لغيرنا من الراغبين في الانضمام إلينا ممن يتوافقون معنا في التعريف و الأهداف .
و كان الاتفاق المبدئي يقوم على مشروع تسمية لهذه المجموعة التي يشكل نواتها التشكيليون العراقيون في برلين الواردة أسماؤهم أعلاه و الأهداف التي تسعى إليها و يتحدد شعارها الرئيسي في : " أساليب مختلفة و موقف موحد " يقوم على المبادئ التالية :
ـ كفنانين تشكيليين قد نختلف كثيرا اختلافات إيجابية في أساليبنا الفنية و طرق التعبير التي نعتمدها و الموقف من القضايا العامة ، قائمة على الاختلاف الطبيعي في الرأي مع الاحترام الكامل للرأي الآخر.
ـ نكون موحدين و متفقين في التعامل مع المؤسسات الثقافية الألمانية وغير الألمانية و نتحدث بصوت واحد بما يخدم مصالحنا كفنانين تشكيليين ، ونرفض كل شكل من أشكال التهميش و لا نقبل بالأدوار الثانوية و ندافع عن حقوقنا كمجموعة و كأفراد بما نستحقه من اهتمام .
ـ نتفق على مرتكز أساسي يصر على أن : التشكيل العراقي هو في طليعة الثقافة العراقية ، و واحدٌ من مكوناتها الهامة .
ـ نتفق على أن هذا المكِوّنَ الثقافي هو مكونٌ ريادي في مجال التغيير و سباقٌ في تبني الحداثة و رائدٌ في تثوير طرق التعبير ما جعله قدوة لأشكال إبداعية أخرى .
ـ نتفق على أن المنتجات التشكيلية هي نتاجات ثقافية سامية و رفيعة تلعب دورا في رفع الوعي الاجتماعي و تشحذ لدى المتلقي الشعورَ بالجمال و التوازن وهي خطوة في المستقبل تقترح على المشاهد مفهومها للحياة . إنها ، أخيرا ، ليست مجرد ديكور زخرفي تجميلي تزين به الجدران و ليست في كل الأحوال كما يريد المولعون بالإيقاع الرتيب عنصرا يراد به تجميل المشهد الثقافي . إنها عنصر مشرف في الثقافة العراقية و العالمية يتجاوز الكلمة .
ـ نتفق على أن الفن التشكيلي له قوانينُ تطورِهِ الخاصة و يساهم مع الأشكال الإبداعية الأخرى في الإرشاد إلى طرق التجديد و اقتحام عوالم جديدة و نبذ القديم و المستهلك ، و على أن قوانين تطور الفن التشكيلي في الوقت الذي لا تكون معزولة عن المجتمع فإنها تعتز بقوانينها الخاصة و ترفض كل أشكال الوصاية أو التكريس لأهداف ضيقة و ترفض فن المناسبات و تسعى إلى ما هو أرحب : مصلحة الوئام و التصالح و المحبة و الجمال ونبذ العنف للجنس البشري ككل بعيدا عن أي شكل من التعصب .
ـ نتفق على أن ما يجعل الفن التشكيلي على ما هو عليه من ريادة حقيقية وليست مدّعاة هو ديناميكية لغة الخطاب البصري التي تخاطب الجميع مبشرة بشكل و لون و تكوين و تجسيد يخاطب الناس متخطيا الحدود و اللغات .
ـ نسعى إلى أن نتجنب قدر المستطاع أشكال البيروقراطية و نتجنب الالتزامات المقيدة للحرية و نضع الحد الأدنى من القيود و نفسح المجال رحبا لأعضائنا في اختيار ما يلائمهم من أفكار و آراء و أساليب و نضمن كامل الحرية الفردية في المشاركة في النشاطات الفردية التي يراها الفنان ملائمة له .
ـ نسعى إلى الحصول على الدعم الضروري من السلطات الألمانية و من المؤسسات الثقافية الألمانية و غير الألمانية بدون شروط تخل بحريتنا في التعبير مع الشروع بمسعى من أجل أقامة مشروعنا المستقل و الحصول على مقر لنشاطاتنا أو بالتنسيق مع المؤسسات المختصة ، و نقبل الدعم المقدم من المؤسسات و من الأفراد الساعين إلى دعم الحركة التشكيلية في برلين ضمن الإطار المشار إليه .
ـ ننظم دورات نظرية و تطبيقية لتعليم الرسم و أشكال أخرى من الفن التشكيلي و نعمل على تنظيم أمسيات عن تاريخ الفن التشكيلي العراقي و الألماني و التجارب العالمية الطليعية الأخرى و نعمل على رفع الوعي الفني و التشكيلي و النقدي و طرق تقييم العمل الإبداعي بالتنسيق مع المؤسسات الثقافية سابقة الذكر أو بشكل مستقل .
ـ ننسق بين الشكل الإبداعي التشكيلي الذي نمثله و الأشكال الإبداعية الأخرى كالموسيقى والمسرح و السينما و الأدب و غيرها و نفتح أبوابنا لممثلي الفنون الأخرى لأي شكل من أشكال التفاهم المشترك .
ـ نعمل على إشاعة و دعم ثقافة التسامح .
ـ نعتبر الفن التشكيلي جديرا بأن يخدم كأحد أدوات الاندماج و التكامل و التفاهم المشترك بين الناس بغض النظر عن العرق و القومية و الدين و المعتقد .
ـ ليس لدينا رئيس و مرؤوس ، المنسق هو الذي يدير العمل و يتحدث باسم الرابطة ، و هذا المركز ، أي مركز المنسق ، يكون دوريا : شهريا أو فصليا ، مَن يغيب أو يعتذر ينوب عنه التالي في التسلسل .
ـ يصار لاحقا إلى صياغة قواعد عامة داخلية تنظم علاقة الأعضاء ببعضهم تتضمن الحد الأدنى من التفاصيل و الحد الأدنى من القيود .

الموقعون
أحمد الشرع
فهمي بالايي
رياض البزاز
منصور البكري
منير العبيدي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مقابلة فنية | المخرجة لينا خوري: تفرّغتُ للإخراح وتركتُ باقي


.. فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمين علي | اللقاء




.. بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء خاص مع الفنان


.. كلمة أخيرة - فقرة غنائية بمناسبة شم النسيم مع الفنانة ياسمي




.. كلمة أخيرة - بعد تألقه في مسلسلي كامل العدد وفراولة.. لقاء