الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


القضية الفلسطينية واستغلالها من قبل البعض

ازهر عبدالله طوالبه

2021 / 5 / 19
القضية الفلسطينية


صحيح، أنّ الإحتلال لم يفرض سيطرتهُ على فلسطينَ من اليوم، وإنّما قد فرضها منذ أربعينيّات القرن الماضي، في وقتٍ لَم يكُ فيه لليهود أكثر من 8% مِن مساحة الأراضي الفلسطينيّة، وهذ الفَرض لا يعني إلّا أنّ هُناك قوي وهُناك ضعيف، وللأسف، فبسبب الخيانة والمُتاجرة بدماءِ أبناء العرب، فالضّعيف هو ابن الأرض، وليس القذِر الدّخيل، الذي زُرعَ بالقوّة في قلبِ المنطقة، والذي يحلم بإقامة دولته دون أن يأبه لا للمُنطلقات الدينيّة ولا للأعراف والمواثيق الدوليّة .

لكن، ما نشهدهُ اليوم مِن عظمةٍ وعلوّ وشموخ في المواجهة والمُقاومة مِن قبل الشّعب الفلسطينيّ الضّعيف -مِن حيث الأسلحة-، الذي تتكالَب عليه كُل المرجعيات الاستعماريّة العالميّة، بل حتى مَن هُم مِن رحمِه تكالبوا عليه، لا يُثبت إلّا أنّ هُناكَ ثمة حقيقة واحدة، ألا وهي ؛ أنّ ما مِن غريبٍ مُحتَل ومهما ملكَ من القوّة، استطاعَ أن ينتَصر على أبناء الأرَض، وأن يُحاربهم حتى بعزيمتهم، ويعمَل على دبّ الهوان والاستسلام والملَل مِن الدّفاع عن قضيّتهم.. وبالفعل هذا ما يقوم به اليوم المقدسيّون، وكُل حُر يسكُن الأراضي الفلسطينيّة، فها هُم يثورونَ في وجهِ الاحتلال على الرّغم مِن تقدّم الاحتلال عليهم عسكريًا واقتصاديًا، ويحاولون قدرَ ما استطاعوا أن ينغّصوا عليه حياته، وأن يبرهنوا لهُ بأنّهُ لا حقّ لهُ في وجوده على هذه الأرض، بل في هذه المنطقة برُمّتها .


ولكن، هذا لا يمنعنا مِن أن نقولَ ؛ بأنَّ ما يحصُل في غزّة هو حدث إقليمي، ولربما قد يكون عالمي من حيث التأثيرات السياسيّة في قادم الأيام، وستتولَّد عنهُ الكثير مِن التحالفات السياسيّة الجديدة، وسيكون لبعض الدّول بمثابة توقيع اتفاقيات على ضفافِ نهرٍ يُعاني مِن الجفاف . فثمّة دول كثيرة، إسلاميّة وعربيّة، تُحاول أن تنقضّ على هذه الفُرصة التي أُتيحَت لها، وألّا تُضيّعها كما قد أضاعت غيرها في سنواتٍ خلَت، وعلى رأس هذه الدول، إيران الحالِمة بتحقيق المشروع الصفويّ الخاص بها، ومِن ثمّ سوريا، فكلتا الدولتان في سعيٍ دائمٍ للتكسّب من هذه الأحداث، وهذا ما سيبدو واضحًا أكثر في الانتخابات المُقبلة للطرفين، وما سيُبنى عليه تحت حُجة " محور المُمانعة"، وبكُلّ تأكيد دون أن ننسى أردوغان البرغماتي، الذي توعّد بإرسالِ جيوشه لغزة، وانسحبَ من هذا بعد يومين، وقرَّر اللجوء إلى مظلّة المُجتمع الدولي مُطالبًا إياه بالتدخُّل لوقف الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية على الشّعب الفلسطينيّ ؛ وذلكَ لأنّهُ يُدرك بأنّ السياسة تقول : أنّ أي دخول لأيّ قوةٍ عسكريّة أجنبيّة إلى الأراضي المُحتلَّة، وبالتحديد القُدس، ما هو إلّا بمثابَة إذكاء لنارِ الحرب العالميّة الثالِثة، ومُحاولة التكسُّب من الصراع المصلحي لهذه الحَرب . لذا، تراجعَ عن إرسالِ جُنوده إلى فلسطين، وقلّلَ كثيرًا مِن كثافة وزخَم اتصالاته مع الحُكّام المُجاورينَ لهُ ؛ وذلك لأنّهُ أدركَ بأنّ استغلال القضيّة لمصالحهِ الشخصيّة، لن يُجدي نفعا، وأنّهُ إن أقدمَ على مثل هذه الخُطوة سيخسَر كُل الاتفاقيات والتبادلات التجارية المُبرمة مع الكيان، وهو بغنىً عن هذا، فيكّفيه العواصف الإقتصاديّة التي تعصِف به، فضلًا عن صراعهِ في شرقِ المتوسّط . وهُنا أقول : " لا تغترّوا كثيرًا بالتصريحات ؛ فهي لعبةٌ يُتقنها أرباب المصالِح" .

أمّا فيما يتعلَّق بالدَّعم الماديّ الذي قدّمهُ السيسي ؛ لإعمار غزّة، والذي يُقدَّر ب 500 مليون دولار، فإنَّ بُعد النظر السياسي، يُحتّم علينا ألّا ننساق وراء العواطِف، وأن نفعّل التحليل العقلاني، الذي يُجنّبنا الوقوع في حقلٍ من المصائب في قادمِ الأيّام، ويوجِب علينا أن نقرأ كُلّ خطوةٍ تُتخَذ الآن قراءة جيّدة، وأن نُشرّحها تشريحًا دقيقًا ؛ وذلك لأنّ هذا الظرف هو ظرف أُسمّيه ب" بالظرف التسلُّقي" لمَن تُتاح لهُ الفرصة بالتسلُّق واستغلال ما يحصُل استغلالًا جيّدا .

ولا أعتقد من الأهمية بمكان أن أبحث عن مصدر التمويل المصري، سواء أكان من دول بتروليّة أو من دول غيرها، بقدر ما أن تكون هذه الأهمية بمثابة ورقة ضغط مصريّة على إسرائيل ليس فيما يتعلَّق بغزّة، وإنّما فيما يتعلَّق بسدِّ النهضة، وما سيترتّب عليه من نتائج، فالسيسي قد وضع نفسه في محطة الموت دون أن يعلَم، وها هو يُحاول أن يبحث عن مصدرٍ يُمكنهُ من شراء تذكرة المُغادرة من هذه المحطة، ولا أعتقد أنّه سيجدها .

وبناءَ على ما ذُكرنا بالفقرةِ السابقة، فمِن الواجب علينا، أنّ نُعرِّج على كُلّ الوساطات التي تسعى للتدخُّل لإيجاد حلّ للحرب المُشتعلة على أرض فلسطين، ومِن هُنا، فإنَّ الوساطة المصرية - الوهمية طبعًا- لأوّل مرّة تكون بهذه الطريقة، وفي هذا يحقّ لنا أن نعود قليلًا للوراء ؛ كي نقفَ عند اتفاق القاهرة الذي حصلَ مؤخرًا بين حركتي " فتح" و" حماس" وهذا سيدفعنا لفهم جزء كبير من تحركات مصر في هذه اللحظات .. وربما أكون مُخطئً في قرآتي هذه، لكنّني وحسب التحرّكات الملموسة مِن قبل رؤساء دول الإقليم، وخاصةً العربيّة منها، فإنّني أراها منطقية نوعًا ما .

ولذا، فمن أهمّ الواجبات علينا الآن، أن نتجاهَل كُلّ ما يحرِّف البوصلة ويستخدِم القضية لمصالح ومزاعم شخصيّة وحركاتيّة . فهبّوا لنجدة فلسطين قدر ما استطعتم ...و ولّوا وجوهم شطرَها ؛ فهناكَ شعِب يُحارِب عدو قذِر، شعب يُقاوم بكُلّ ما جعبتهِ من قوّةٍ وصبِر ..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نيويورك تايمز: صور غزة أبلغ من الكلمات في إقناع الآخرين بضرو


.. فريق العربية في غزة.. مراسلون أمام الكاميرا.. آباء وأمهات خل




.. تركيا تقرر وقف التجارة بشكل نهائي مع إسرائيل


.. عمدة لندن صادق خان يفوز بولاية ثالثة




.. لماذا أثارت نتائج الانتخابات البريطانية قلق بايدن؟