الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


وماذا بعد مقاطعة الانتخابات؟

حارث رسمي الهيتي

2021 / 5 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


لم يكن فجر الأحد التاسع من آيار الجاري يوماً اعتيادياً فقد شهد تصفية الناشط الكربلائي ايهاب جواد الوزني، كما انه لم يكن استثنائياً فنهاية ايهاب بالطريقة التي انتهى بها لم تعد جديدة أومستبعدة في البلد، الاستثناء هو في طريقة التعاطي مع الحدث. منذ اسبوع دخل موضوع الانتخابات والقيام بفعل تجاهها أو التعامل معها حيز الفضاء العام الواسع ظاهرياً بعد حادثة اغتيال الوزني، الا إن الفضل الاكبر –جوهرياً- يعود للـ"تململ الاجتماعي" إن صح التعبير عن جدوى الانتخابات والمشاركة فيها وما سيترتب على أثرها. بل يتجاوزها الى أبعد من ذلك والتفكير بجدوى العملية السياسية الحالية برمتها. خاصةً اذا اعدنا التركيز على إن المطلوب من المشاركة اليوم هو مشاركة على اساس قواعد رسمتها من جديد –تحت ضغط تشرين- كل الزعامات والاحزاب الماسكة بالسلطة منذ الاحتلال الامريكي للعراق الى اليوم، وهذه القواعد من شأنها أن لا تحدث تغييراً جوهرياً في بنية النظام غير ما يطبّل له عرابيه ويعدونه انتصاراً تحت يافطة "العرس الانتخابي" متبجحين بالـ "الجو الديمقراطي" الذي قام على انقاض النظام الديكتاتوري، هذه الديمقراطية التي تبدأ وتنتهي بورقة الاقتراع، اما نتائجها وطريقة التعاطي معها فهي من شأنهم تزويراً وتهديداً وحرقاً للصناديق إن تطلب الأمر.
امام حملات التعليق والمقاطعة للانتخابات القادمة جملة من الامور أعتقد من الواجب طرحها ومناقشتها حتى يتحول هذا الفعل الى آلية من آليات استراتيجية سياسية أوسع وأشمل، وايضاً ليتحول هذا الفعل الى فعل احتجاجي من شأنه أن يخرج موقف المقاطعة من موقف اخلاقي يتبناه افراد كحد ادنى الى موقف سياسي تتبناه جماعات وتنظيمات كحد أعلى، هذا الموقف يكون قادراً على احداث تغيير حقيقي لعملية سياسية أراها ومعي الكثير انها قد هرمت إن لم تكن تحتضر.
وحتى تبتعد تلك المواقف الداعية الى التعليق او المقاطعة من اعتبارها مواقف آنية جاءت كردة فعل على حادثة اغتيال الوزني وحوادث أخرى سابقة أو حتى لاحقة، كان من الضروري الالتفات الى ان الانتخابات القادمة المؤطرة على انها "مطلب تشرين" ما هي الا واحدة من ديناميات هذه السلطة واركانها وزعاماتها باعتبارها قادرة على اعادة انتاج هذا النظام، على اعتبارها انها ستجري وفق رؤية وآليات وقواعد زعماء هذه العملية السياسية، شرعية هذا النظام والعملية السياسية سابقاً باعتبارها ممثلاً لهذه الطائفة او تلك وهذه القومية والاخرى، ولاحقاً ستكون سلطة ونظام تمثّل تشرين وبعدها "طلابة الما تخلص"!!
من هنا تأتي أهمية أن تجتمع كل القوى والتوجهات المؤمنة بلا جدوى العملية السياسية الحالية الى الجلوس ووضع ملامح الخارطة المستقبلية، خطوات من شأنها ان تبلور خيار المقاطعة وتخرجه الى فضاء الفعل الايجابي الفاعل والرؤية السياسية القادرة على احداث تغيير سلمي من خلال تلك المقاطعة، أي الاجابة على سؤال وماذا بعد المقاطعة تلك؟ وهنا أعيد ما كتبته بمقال سابق حول امكانية اعادة لحظة تشرين من جديد باعتبارها ممكناً بشرياً، وهذا الطرح يقوم على اساس ان اللحظة التي أنتجت تشرين ما تزال متوفرة إن لم تكن قد تطورت وتبلورت أكثر، ومن كلا الجانبين، جانب التشريين فهم الآن أكثر تنظيماً وتطلعاً للخلاص من هذا النظام وتوقاً لبديل أفضل، ومن جانب كل ذلك التحالف الماسك للسطة والمال والسلاح فضلاً عن انه أكثر تمسكاً بهذا النظام اذ يعلم الآن ان وجوده مرتبط بهذه السلطة أكثر من السابق. وأكثر انغلاقاً بما لا يسمح لإمكانية حدوث تغيير من داخله او بقواعده حتى. بل ذاهب باتجاه انتاج مستمر للاستبعاد بكل اشكاله، استبعاداً للمجتمع من حقه في المشاركة المختلفة.
من كل ما قلنا اعلاه نتلمس وجود صفين/معسكرين، الاول يقف فيه كل من نعتقدهم فرقاء في الحياة السياسية اليومية الا انه سرعان ما يتفق ويكون قوياً بمستويات مختلفة تجاه كل من يقف في غير الصف هذا، وآخر يضم كل الناقمين على الصف الأول المحاصصاتي/الزبائني. فالمرحلة المقبلة تحتم علينا اعادة التفكير بطرق الخلاص، الطرق السلمية المتاحة والتي تم تجريبها سابقاً وأنتجت تشرين، مرحلة ننفي فيها التفكير القديم المتمثل بامكانية حدوث تغيير من خلال المشاركة/التشارك مع القديم أو جزء منه أو القواعد التي وضعها هو نفسه، فتجربة الثمانية عشر عاماً الماضية تبيين ان هذا القديم كله مشترك بانتاج اللحظة البائسة التي نعيشها. وهنا تكمن ضرورة بناء البديل السياسي لما نحن فيه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فاتح مايو 2024 في أفق الحروب الأهلية


.. السداسية العربية تصيغ ورقة لخريطة طريق تشمل 4 مراحل أولها عو




.. آخرهم ترامب.. كل حلفائك باعوك يا نتنياهو


.. -شريكة في الفظائع-.. السودان يتهم بريطانيا بعد ما حدث لـ-جلس




.. -اعتبارات سياسية داخلية-.. لماذا يصر نتنياهو على اجتياح رفح؟