الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


-سَلَّةُ إيروتيكا تحت نافذتِك..-شعرية السباحة في اللغة وغابات الجسد بقلم/د.محمد سليم شوشة

مؤمن سمير
شاعر وكاتب مصري

(Moemen Samir)

2021 / 5 / 20
الادب والفن


المجموعة الشعرية الأحدث للشاعر المصري مؤمن سمير الصادرة مؤخرا 2020 عن مؤسسة "أروقة" للنشر بالقاهرة هي في تقديرنا واحدة من المجموعات الشعرية التي تعكس صوتا شعريا خاصا وتجسد في تقديرنا حالا مختلفة في الشعر المعاصر من حيث القدرة على إنتاج الشعرية من الاشتغال على المقاربة الرمزية للذة الحسية للجسد. الحقيقة أن هذه الحال الشعرية لها جذورها وروافدها الثرية في الشعر العربي القديم، فالحسية قديمة ولكننا في عصور الضعف وغياب الثقة وغلبة التطرف وبالتالي تراجعت الشعرية العربية عن ارتياد هذه المنافذ والمسالك الشعرية. النزعة الحسية حاضرة لدى الشاعر المَكي القديم عمر بن أبي ربيعة ولدى أبي نواس الشاعر العباسي الأكثر ذيوعا ولدى ابن الرومي وأبي حكيمة الكاتب الذي أنتج الشعر وفكاهته ولماحيته وظُرفه وما ينتج من حال البهجة عبر تحويل العلاقة الجنسية إلى لغة الحرب والمعارك العسكرية، وغيرها الكثير من النماذج القديمة التي كانت ابنة عصور القوة والثقة في الذات والعمل على مقاربة اللذة الحسية بمزج شعري ولغوي يمثل متعة ذهنية وروحية أكثر من فكرة الإثارة الجنسية والانحلال التي اختزلنا فيها هذه الصورة من الفن في العصور الحالية.
مؤمن سمير يستشعر تلك الطاقة الشعرية الكبيرة الكامنة في مقاربة الجسد ولذته الحسية وينفذ إلى ما تتوهج به العلاقة الجسدية من القلق والشد والجذب والقرب والالتحام وغيرها من المشاعر التي تراها الذهنية الشاعرة وفق نسق رمزي تحويلي يجعل الحركات والتفاصيل من الغوص والارتحال والإقبال والإحجام وغيرها أفعالا مقدسة أو أسطورية أو يعود بها إلى لحظات الخلق الأولى، لحظات الارتداد إلى البدائية الكامنة في أصل الإنسان، والحقيقة أنها أحيانا تصبح حالا وحشية وليست بدائية فقط، حيث يرتد إلى لحظات العطش والحنين المتجذر في الذات الإنسانية الراغبة في العودة إلى الرحم، وترى دراسات نفسية عديدة أن العلاقة الجنسية هي شكل من أشكال الرغبة في العودة إلى الرحم والاختباء في الكهف أو الطبيعة والغابة التي خرج الإنسان منها بالولادة. وبحسب ميرسيا إلياد و كاميلي باليا وغيرهما من دارسي الأساطير نجد أن هناك اتفاقا في تحليل العلاقة الجنسية على أنها ارتداد إلى الرحم أو الأم أو الطبيعة والتحصن بهم مرة أخرى، ومن اندفاع تلك الحال تأتي الوحشية وما في العلاقة من التحام قد يبدو قاتلا.
في هذه العلاقة الغامضة شبه الحلمية الكاسرة والمحطمة لقوانين الإدراك يتجول مؤمن سمير في مجاهلها للبحث عن رحابات الشعرية المتوارية من جنون الإدراك الحسي وجموحه ويستشعر أنها مازالت بيئة خصبة للقول والبحث عن الجديد من المشاعر ونقاط التقاء الوجداني بالمادي الخالص في توالدات شبه انفجارية تتفجر معها اللغة الشعرية ذاتها بشكل مفاجئ، كما تتفجر الصور الشعرية بما قد يبدو مذهلا ويشكل مفاجأة ليس فقط للمتلقي ولكن للذات الشاعرة نفسها التي تمضي مع الحال الشعرية في نوع من الاندفاع غير المحسوب أو غير المعروف نهايته أو خاتمته بشكل واضح. فلا تدرك الذات الشاعرة نفسها ما ستصل إليه بشكل كامل بل تبدو في رحلة من الاستكشاف والتقدم في مجاهل النفس وخفاياها عبر العلاقة الجسدية بالغريب منها أو المعتاد، بالمألوف والشاذ أو غير ذلك مما لا حدود له من الأفعال، بالرحمة والقسوة والسادية والعطف والانسحاق وغيرها الكثير والكثير مما يرصد الشاعر ويذكر ويطرز وينسج قصيدته منه بما يشبه اللاوعي فكأن القصيدة تغزل نفسها بنفسها عبر أحداث تبدو متلاحمة بشكل حتمي، فكل فعل أو لمسة أو حدث يستتبع حركة أو جنونا أو نظرة أو لمسة مغايرة أو اقتحاما، وهكذا إلخ، في حال من الاندفاع الذي يشبه سقوط صخرة من قمة جبل ولا يملك أحد إيقافها.
تزيل القصيدة الحدود الفاصلة بين الرجل والمرأة، بين الذكر والأنثي، وتجعل ما لها له وما له لها، وكأنه هي وكأنها هو، في نوع من الانزياح اللغوي وانزياحات ضمير الملكية الذي تنسب له الأعضاء والأفعال والحواس لتكتمل حال السيولة والاندماج بين الذاتين فلا نعرف هل هو يرتد إليها أم هي ترتد إليه أو تستعيد به شيئا لها مفقودا وتائها عنها منذ بدء الخليقة، وهو ما يمثل تحقيقا للمعنى الأسطوري المتداول في العقيدة الفيدية عند الهنود عن انقسام الأرواح قبل الخلق والميلاد، وهو كذلك ما أشار إليه ابن حزم في كتابه (طوق الحمامة) وبحثه عن تفسيرات للحب. وبإحساس عال تلف مقاربة مؤمن سمير لهذه اللذة الجسدية بحال من الذوبان والعشق الصوفيين عبر حال من التلاشي والانمحاء في الحبيبة أو المعشوقة التي تصبح في كثير من الأحيان نموذجا فوقيا أو إلهيا أو رمزا له وللطبيعة الأم، ويقارب الظلال النفسية اللازمة لتلك المشاعر من التلاشي وما ينتج عنها من التوزع والرغبات المتناقضة بين المزيد من الاندماج وبين الرغبة في الفرار والهرب.
يقول في إحدى لوحات القصيدة الأولى (ناسوتي في لاهوتِك): قمت في الصبح وكانت ذراعك تطل من رأسي، وساقك تلفُّ بلادا وتعود تقصُّ.. عيونك بكسلها تتفتح وتقولين أتوق أن أنغلق اللحظةَ.. سنواتٌ والمقصُّ مفتوح على سِكَّتهِ، فلترحم سيِّدتكَ كيلا تقضم كبدك تلحس دمك تدوسك في المرآة.. أُغلق عيني وأبتهلُ.. مسامي امتلأت بالشهيق وبالهاربينَ من نزيفِ الغابةِ والأمطار التي تشفُّ تحتكِ حتى تشم النَّدى.. يغرقني ماؤك العذبُ المالح حتى أذنيَّ.. أطفو وأغطس.. نَفَسي يغيبُ.. شِدُّوني منِّي.. أوحشَتْني الربةُ وأنا فيها.. تستحضرين الأمومة عندما تُدَلِّينَ ثعبانكِ.. أتعلق به وأصعد.. ألهث بردان يا أمُّ.. أرتعد فيأتي الأب من عضوكِ حاملا صليبه ويربت على عظمي.. يقرأ على رأسي فأغفو/ وعلى مروجي ترعى ذئابٌ/ وتلوح أسطورة. الديوان ص21.
هنا ثمة عدد من الملاحظات المهمة، فالأنثى هنا منثور أعضاؤها في كل مكان، متباعدة وثمة مسافات قصية بينها، منها ما يكون بداخل الذَكَر أي في ذاكرته ووجدانه ومنها ما يكون خارجه ولا يمكن السيطرة عليه، فالذَكَر أصغر وأعجز من أن يحتويها بأكملها، فالأنثى هي الأصل وهي الطبيعة كلها، ولذلك فإن ذراعها تطل من رأسه، أي بداخله أو مازالت تلح على عقله وذاكرته من الأمس، وهنا ثمة زمن مبتور وغائب هو الزمن السابق، أي الليل أو المساء، لأن الزمن الآني هو الصباح بحسب زمن تلك اللوحة (قمت في الصبح). والواضح كذلك أن ثمة تنوعا في أزمنة الالتحام الجسدي ليغطي كل الوقت ومراحله، فالزمن الحاضر/ الصبح، يستحضر الزمن الغائب وهو الليل أو المساء، غير أن اللوحة الجسدية الحاصلة في الصبح تعني شيئا مختلفا عن تلك التي تقع في المساء، فإن كانت المسائية قد تأتي للراحة والاستكانة، فإن الصباحية أو التي وقعت في الصبح جاءت للإنتاج أو اقترنت بالولادة والأمومة وانتهت بدورة الزمن وإنجاب (الابن الأب) الذي يحمل صليبه كما يأتي في آخر اللوحة حين يقول (أرتعد فيأتي الأب من عضوكِ)، فالابن أب كذلك وهو الذي يمنح الحماية والدفء بعد ذلك حين يشيخ والده ويكبر. ولذلك قال (حاملا صليبه ويربت على عظمي.. يقرأ على رأسي فأغفو) فهذا المولود يصبح في الصورة التالية عبر اختزال صريح للزمن هو الأب الذي يمنح التربيت في إشارة إلى كل أشكال التدعيم والمساندة والعطاء ويقرأ على رأس أبيه ليغفو، ربما لينتهي أو يموت هنا في دورة كاملة للخلق.
فمن جماليات هذا النص وإدهاشه هو أنْ جعل العلاقة الجسدية الطاغية بقوة لذتها الحسية في أول اللوحة، جزءا من بنية كاملة ودورة حياتية مكتملة تصور دورة الخلق من الميلاد والموت واللذة التي بينهما. ومن القيم الدلالية نحصل على بعض الأفكار الخاطفة التي هي في الأصل أفكار مركزية أو كلية مما يمثل أفكارا وجودية ضاغطة مثل فكرة الزوجة التي في الأساس أم، والمقصود هنا فكرة الأنوثة نفسها، لأنها هي الأصل كما في أغلب الأساطير القديمة، فالمرأة هي الأرض والطبيعة وهي التي تنبت فيها البذور والحبوب، بينما الذكر هو المطر أو الماء الذي يتسبب في الإنبات ليس أكثر.
في هذا النص جماليات عديدة بعيدا عن القيم الدلالية والأفكار الكبرى التي تندمج في حركة الصورة الجنسية وتلك اللوحة المتحركة المرسومة التي عبرت من نافذة العلاقة الجسدية إلى دورة الخلق كلها وأشارت إلى العلاقة الجدلية بين الأنوثة والذكورة وكافة هذه الأفكار المهمة، فمن جماليات البنية الشكلية، السرد وقفزاته الواسعة في الزمن حيث يحتاج المتلقي لدرجة من المشاركة واليقظة في الربط بين هذه الوحدات والأحداث الموزعة عبر الزمن الممتد، من لحظات الشوق والغزل أو العطش والرغبة ولغة التهديد اللذيذ الخفيف من الأنثى ، وطلبها بأن يطلبها هو في مشهد أقرب للتداولي التي تمارس فيه الأنثى على ذَكَرها قدرا من الدلع وهي تعرف قدرها ومكانتها العظمى لديه، حين تقول له (فلترحم سيدتك كيلا تقضم كبدك)، ثم المرحلة التالية التي يحدث فيها الاندماج والتوسل وأنه يرغب في الفرار من ذاته فلا فرق بينها وبينه ،في دليل على توحد الجسدين واكتمالهما ببعض، ثم المرحلة الأخرى التي تفرض فكرة الأمومة ظلالها ولكنها ترتبط بحركة مكشوفة في لغتها الجنسية تجعل المشهد أثقل حضورا في ذهن المتلقي، على أن الرمزية لا تنفصل عن لغة النص في أي مرحلة ولكنها تتفاوت وترتبط بمستوى المتلقي وإدراكه في الأساس، فحين يقول الشاعر ( تستحضرين الأمومة عندما تُدَلِّينَ ثعبانكِ) فإن القارئ اليقظ فقط هو الذي سيدرك ذاك الربط بين الأمومة وإدخال العضو الذي صار ثعبانا يعود لجحره أو سكنه، على أن كاف الخطاب هنا التي تصبح مضافا إليه وتجعل الثعبان منسوبا إلى الأنثى هي علامة في غاية المركزية والأهمية في موقعها الشعري وربما يكون الشعر كله نابعا منها، لكونها جعلت هذا العضو الذي هو بجسد الذكر إنما ينسب للأنثى، فكأنه شيء ضائع ومفقود منها وحان الوقت ليعود لأصله، وبعدها يكون الميلاد وتحدث المقابلة بين الدخول والخروج بين العضوين، فبعدما يدخل الثعبان يخرج الأب في عملية للولادة، وتأتي المرحلة الأخيرة خاتمة بانورامية تقفز خارج حدود الشخصي إلى الإطار الكوني والتكراري الدائري في العلاقة بين الخلق، فالأب يتوه والابن يرعاه وينتهي أو يموت، ليكون كذلك في النص وعلى مسافات متقاربة منه ثمة ميلاد وموت، وبعدها تأتي ذئاب وترعى على مروج ذاك الأب الميت، بما يعني دورة جديدة للحياة بِشَرِّها واستلاب ما ترك وراءه من المروج أو نتاج العمل والحب والجنس وكافة أنشطة الحياة وكل ما يرتبط بحبها، فبالجنس يستدل النص على محبة الحياة المنتجة أو الخالقة للمروج، وينتهي النص ب (تلوح أسطورة) في دليل على قصة جديدة آتية في الطريق أو ربما إشارة إلى فكرة تدوين التاريخ أو كتابة الحكايات في لوحة الوجود. فالأسطورة إما لكونها مجرد قصة تتبعها قصة أو إشارة لفكرة التدوين، وهو الفعل الآخر الذي يتسم بالدائرية أو التكرار، فتدوين مرحلة يأتي بعده آخر وهكذا إلى ما لانهاية.
من جماليات نصوص هذه المجموعة الشعرية ،الإيقاع الذي يتشكل عند مؤمن سمير عبر مسارات خاصة ترتبط بالجملة والأصوات والدلالة وكافة مستويات البناء اللغوي للنص، فعلى سبيل المثال نجد أن شكلا ما في علاقة الأفعال المضارعة مع بعضها داخل الجملة ينتج إيقاعا داخليا فريدا على نحو ما نرى في قوله في الاقتباس السابق (أطفو وأغطس.. نَفَسي يغيب) فالجملتان الشعريتان هنا مركبتان من كلمتين، الفعل المضارع يشكل 75% أي ثلاثة أفعال مضارعة في مقابل كلمة (نَفَسي) التي تتشكل من اسمين، لكنها تحسب كلمة واحدة. على أن ثمة ارتباطا سببيا بين الجملتين من حيث المعنى يجعل تتابعهما في الزمن حتميا بما يعني أن حسن التقسيم وغلبة الفعل المضارع بسمته التنغيمي المُسْتَوِي، أي أن نشعر أن الفعل المضارع هنا له نغمة مستوية تتوازى مع فكرة استمرار الفعل المضارع في الزمن، فكما يقول النحويون إن الفعل المضارع يدل على الاستمرار، فأطفو وأغطس فعلان مستمران إما بالتكرار أو بامتدادهما في الزمن، أي أن الفعل الواحد يستمر ويمتد لوقت طويل دون تكرار، وكذلك الفعل المضارع في الجملة الثانية (نَفَسي يغيب) فكأنه يغيب بامتداد قد يصل إلى الموت أو التلاشي الكامل والنهائي في أنثاه، المهم أن التنغيم وحسن التقسيم وغلبة الفعل المضارع شكَّل إيقاعا خاصا ربما يكون إيقاع الحركة في المشهد أو جزءا منه، وهذا مظهر جمالي ربما يكون نادرا حيث يحدث تطابق بين إيقاع العملية الجنسية وحركتها مع إيقاع لغة النص الشعري ونغماته وامتداده في الزمن.
تتشكل الشعرية في النص من التضاد وأدواره الوظيفية ومن أنساق بنائية خاصة باللغة وتشكلاتها على نحو ما نجد في أبنية الجمل الشعرية كما أشرنا إلى الفعل المضارع أو التنوع في التنغيم ما بين النغمات الثلاث؛ الصاعدة والهابطة والمستوية. نجد التضاد على سبيل المثال هو نفسه يأتي بتنويعات وبصور غير مباشرة أو بالنمط اللغوي التقليدي، الكلمة وضدها، بل يأتي عبر المعنى أحيانا، مثل (عيونك بكسلها تتفتح وتقولين أتوق أن أنغلق اللحظةَ) فهنا يَنْتُجُ عن كسل العيون تفتحٌ أي حركة تنبثق عن اللاحركة، أو ذلك الامتزاج والتداخل بين الكسل والتفتح، ثم مقابل انغلاق العيون التي لم يكن هناك نص صريح على انغلاقها بل ينتج المعنى من (تتفتح) وهو فعل مرحلي متنام وتدريجي أي لا يكتمل إلا بعد وقت، بما يعني أنه دال على الانغلاق وعلى ما قبله ولو بشكل جزئي. ثم التضاد بين توقها إلى الانغلاق اللحظةَ، أي أن يتركها في ذلك الوقت. و هي كلها متناسبة مع لوحة الرفض اللذيذ أو التمنع التي مارستها معه بعد ذلك في أمرها له في قوله على لسانها (اترك سيدتك كيلا تقضم كبدكَ تلحس دمك تدوسك في المرآة). والتضاد كذلك في أكثر من نموذج مثل( الأمطار- تنشف/ شدوني مني/ أوْحَشَتْنِي وأنا فيها/ ماؤك العذب المالح/ تدلين ثعبانك، يأتي الأب من عضوك).
نجد الأنثى حاضرة في نصوص مؤمن سمير بشكل تبدو فيه منثورة الأعضاء وموزعة على أركان الوجود بنوع من التمدد وكأنها هي كل الوجود، هي الغابة الكبرى التي لا نهاية لها. في اللوحة السابقة التي زمن حدوثها في الصبح نجد أن ذراعها كانت في رأسه وساقها تلف بلادا وتعود تقصُّ، في حال من التباعد أو التوزع الواضح في المسافات، ونلاحظ هنا أن الأعضاء نفسها متنوعة بين الثابت والمتحرك. أو ما يلبث في المكان وما يبادر بالحركة ويتجول ويبدو مستقلا عن هذه الأنثى أو الشخصية المركزية المقابلة للذكر الذي يبدو بخلافها مؤطرا بحدود. وفي اللوحة التالية لها التي يكون زمنها المساء، نجده يقول (بطنكِ تحت رأسي وساقكِ تلف وتدور وتتعمد ألا تحكي)، فالساق هنا على عهدها القديم كما في اللوحة السابقة، تلف وتدور، ولكنها تختلف فقط بأنها تخلت عن رغبتها في الحكي، فإذا كانت في الأولى قد عادت من البلاد وقصت فهي هذه المرة تتعمد ألا تحكي، ليكون التقابل هنا هذه المرة متجاوزا حدود المشهد الواحد ويربط بين مشهدين مختلفين في الوقت بين الصبح والمساء، ليشكل النص الشعري التنويعات النفسية لهذه الأنثى واختلاف أحوالها مع الوقت.
ثمة إحساس خاص بالزمن في تلك النصوص الشعرية يعكس إطارا حركيا للوجود متنوعا بين الوحدات الزمنية المختلفة من الصبح للمساء ،للأيام والفصول والساعات وكافة التنويعات الوقتية التي تجعل حركات العلاقة الجسدية بين الذكر والأنثى مؤطرة بكل حركة الوجود واختلافها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل


.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ




.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع


.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي




.. الأسطى عزيز عجينة المخرج العبقري????