الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ما الأسباب التي دعت الايدلوجيات الشيوعية لانتهاج انظمة دكتاتورية ؟

محمد اسماعيل السراي

2021 / 5 / 20
مواضيع وابحاث سياسية


ماالاسباب التي دعت الايدلوجيات الشيوعية لانتهاج انظمة دكتاتورية؟
لمَ الشيوعية صدرت نفسها للجماهير والعالم كانظمة دكتاتورية قمعية ؟
وليست هي فقط، بل حتى بعض الايدلوجيات الراديكالية والاشتراكية الاخرى المنضوية تحت اللواء الايدلوجي العام للشيوعية او قريبة من روحها ،ايضا تبنت النظام الدكتاتوري كنظام حكم..كما في منطقتنا العربية، الاحزاب الاشتراكية والقومية، ومنها حزب البعث..بل حتى الدينية..فما هي اسباب ذلك؟
لمَ لمْ تصدر هذه الاحزاب والايدلوحيات نفسها ،كانظمة ديمقراطية، وليبرالية، كالراسمالية؟
الاسباب تاريخية، وانية..تتعلق ببنية المجتمعات ذاتها تأريخيا وثقافيا ودينيا..
اعتقد لان هذه الاحزاب والايدلوجيات اساسا هي احزاب راديكالية..كانت تستهدف الجذور ،لاالتغيرات الانية او الطارئة او الجزئية..او الاصلاحية الواقعية التي تتعامل مع المرحلة باناة وطول بال ..ذلك لان هذه الايدلوجيات الاشتراكية هي بالاساس ثورة على نظام. ليس نظاما سياسا معينا، بل النظام المجتمعي برمته. فهي لم تنبثق لتكون استمرار لنظام قائم ، كما كانت تفعل غيرها من الايدلوجيات الثائرة او الصاعدة .ولانها اصطدمت (برأسمالة) المجتمع- ان جاز التعبير- ،حيث انها وجدت البنية المجتمعية، بنية قائمة على الملكية والترقيق لآلاف السنين. ولان الطبقية والملكية هي جلباب صعب ان يخلع من اجساد المجتمعات .ففي هكذا مجتمع فان هذه الثقافة الراسخة-ثقافة الملكية والطبقية- قد تشربت في جميع مفاصله الاجتماعية والاقتصادية والسياسبة والدينية. فيصعب التعامل بروح التسامح مع هذه البنى( المرأسمالة) ، ولاتنفع لتهديم الصخور الصلدة الا ازاميل مصنوعة من الحديد الصلب..طيب قد يقول قائل لمَ اذن هذه الدكتاتورية والقسوة شملت ايضا حتى الطبقة الدنيا والشغيلة ذاتهم الذين قامت من اجلهم الشيوعية؟
السبب في ذلك هو اصطدام الشيوعية والاحزاب التي تدور في فلكها ، بهذه الكتلة المجتمعية المغيبة، والتي اصبحت عدو للايدلوجيا التي نهضت من اجلها، بسبب ان الوعي المجتمعي تقوده افكار ورؤى طبقية وملكية، اُريد منها ان يبقى الوعي الجماهيري مغيبا وراضخا لهذه الطبيعة الطبقية كامر حتمي، بل مبارك من السماء ايضا. ولذلك لعب رجل الدين والكاهن دورا كبيرا في تعبئة الجمهور -حاضرا، ابان انتشار الفكر الاشتراكي والشيوعي ،وكذلك،وهو الأهم، تاريخيا، من خلال خلق مفاهيم التقشف والزهد وبغض الغنى الدنيوي لصالح المكافئة الاخروية. بل ان الغنى مسؤولية كبيرة وحسابه عسير جدا . لذلك، فالخفيف في الدنيا خفيف المرور على السراط..
كما اشاع الكاهن والامام ثقافة تهدف الى اقناع الجمهور، بان هذه الارزاق هي امر محتوم من السماء. وان الله خلق الناس مراتب وطبقات، فلا يستطع الانسان الخروج من طبقته والولوج الى اخرى بعمله الدنيوي ،(ولو جريت جري الوحوش فغير رزقك ماتحوش ). والارزاق مقسمه هكذا حصص في السماء، فلا ينبغي للعبد ان ينظر لمال غيره، او يطمح في المزيد..وايضا عملت الثقافة الدينية المدفوعة بثقافة الملكية والراسمالية، سواء اكانت هي مغيبة ايضا بفكر العبودية والطبقية، اما انها تستشعر ان مصلحتها ووجودها من وجود الملكية ونظام الطبقات. لذاك كنا نسمع ونحن شبابا صغارا ، عن مفهوم الطابور الخامس. لانعلم ماهو، ومن هم اعضاء هذا الطابور ،وماطبيعته التنظيمية. لكننا كنا نُخبرُ في المدارس والندوات عن اهدافه، الا وهي خلق الدعاية المضادة للحزب، وتشويه البنى الفكرية والايدلوجية للجمهور او الشعب ..فعلا كان هذا الطابور او هذه الثقافة، متشربة في ثنايا المجتمع وبين افراده، يبثها المناوئون للسلطة وللايدلوجيا . لكنها اشبه ماتكون، بثقافة شعبية تحارب النظام وتتهمه بسيل من الاتهامات..لاندري اكانت حقيقية ام لا.؟ لكنها تظهر لنا النظام كوحش كاسر ، همه ابتلاعنا وتشريدنا وقتلنا ومصادرة قيمنا..عن اي قيم يتكلمون؟..انها قيمهم هم ..قيم التملك والارستقراطية، قيم الاستعباد، وقيم لثم ايدي السادة والشيوخ والمشايخ ..قيمهم الجميلة التي تمثل وجودهم ونعيمهم وتنعمهم، التي لاتعنينا من قريب او بعيد..كان الكاهن يبث الكراهية والرفض سرا في قلوب الشباب، ومن خلال بعض الشباب، للشباب ..نتلقفها نحن بجهل وعدم دراية، ونكره النظام لا لشيء ،بل لانهم يقولون لنا ذلك..
لذلك اصبحت من اشكالياتنا المبدئية دوما هي كرهنا للنظام ،اي نظام. كرهنا لاي عملية تنظيمية، وتبنينا لثقافة التمرد..تمرد مفتوح..لقد اصبح ثقافة وليس هدفا -اي التمرد_ . فنحن دوما على اهبة الاستعداد للانتفاظة والتمرد. متى ما حرك الطابور اجندته وهز بذيوله ،نثور ولانعلم لم نثور..خدمات سيئة؟ نعم..فساد؟ نعم..انظمة موسساتية بيروقراطية ومقيته ؟نعم.. لكن الم تكن هي هكذا دوما وابدا..؟ وحتى لو جئنا بجنود من السماء سيبقى الوضع هكذا..اذن، من يريد لذلك التمرد الجماهيري ان يحدث، سيتحقق له ذلك ،.ولن يعيه ايجاد الاسباب المنطقية للتمرد ،لا اليوم ولا الامس ولا غدا..فهو المستفيد الوحيد كما يبدو..هذا الطابور الذي لانعلم من هو، او هيئته العامة وصورته بالضبط .انه متسرب في كل المفاصل المجتمعية، والمؤسساتية، والدينية . بل حتى في السلطة وفي اعلى مستوياتها..ان صبغته الرئيسية، او جامعته الاساسية، هي المصالح الشخصية..لذلك، انيا -وتاريخيا -،اصطدمت الحركة الشيوعية، والاشتراكية المنضوية تحت مفاهيمها الرديكالية واليسارية، اصطدمت بهذه الثقافة (المراسمالة) والاستعبادية ،التي ترزح تحتها عقول ،ووعي الجماهير ،حتى التي نهضت من اجلها الايدلوجيا الاشتراكية - اي الطبقة الدنيا-..انها مُسيّرة بتلك العدائية والدعائية التي تتلقفها من الطابور الخفي، يوصل رسائلها لهم ، الكهنة والشيوخ، من خلال منابر الصلاة بصورة خفية، وربما مبطنة. او من خلال لقاء الشباب في الشارع وفي المدرسة وفي جلسات البيوتات السرية او شبه السرية. لذلك كانت السلطة تستهدف هذه التجمعات ،واي تجمع اخر يزيد عن الشله الصغيرة للاصدقاء ،لانها كانت تتوجس خيفة منها وتعتقد انها منابر لتلقي وتصدير افكار الطابور..كان الطابور يستهدف هذه الطبقات الدنيا لانها الاكبر مجتمعيا من حيث الكتلة، والاجهل ،والاكثر اطاعة. لكنه كان يتسرب اليها من تحت لباس الكاهن او جبة الشيخ..ولهذا يحدث الصدام المجتمعي والايدلوجي بين هذه الطبقة- بالذات- وجميع الطبقات الاخرى ، مع ايدلوجيا التغير الراديكالي. الذي يسعى لهدم مصالح من هم وراء هذه الطوابير التي خلقت الكراهية في قلوب الجماهير، ضد الذين من المفترض انهم قاموا بثورتهم واسسوا ايدلوجيتهم لاجل النهوض بها..وهذا هو سبب انتهاج هذه الانظمة السياسية التي تبنت الرديكالية الشيوعية والاشتراكية، لنظام حكم دكتاتوري .لانها وجدت نفسها في وضع دفاعي من اجل حفظ ذاتها اولا، وهجومي في ذات الوقت ،من اجل الهدم والتغير الذي رفضته الجماهير، التي صوروا لها المنتفعين من الوضع القديم، انما يستهدف ذلك الهدم ،هدم كياناتها ووجودها وقيمها ومقدسها..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لنتفق اولا
جلال عبد الحق سعيد ( 2021 / 12 / 31 - 22:37 )
عزيزي
اتفق معك في الكثير مما كتبته وعن معايشة واقعية وممارسة يومية صرت على يقين من أنه توجد مجتمعات من الصعب تصور أي تغيير فيها حتى ولو كان شكليا بدون دحرجة بضع مئات من الرؤوس
فمابالك بتغيير جذري وقلب التراتب الاجتماعي واستبدال نظام اجتماعي بنظام اجتماعي آخر واستبدال عالم بعالم آخر
تحياتي


2 - جلال عبد الحق سعيد
محمد اسماعيل السراي ( 2023 / 10 / 5 - 19:18 )
تحياتي استاذ جلال.. شكرا للاضافة القيمة


3 - فكرة لاديمقراطية تنتج نظاما ديكتاتوريا
منير كريم ( 2023 / 10 / 5 - 22:40 )
الاستاذ محمد اسماعيل السراي
طرحك للموضوع ممتاز لكنك اخطأت التعليل
فوضعت اللوم على الشعب , فاذا كانت الايديولوحيا بالضد من طبيعة الانسان التواق للحرية والتملك فانها تفشل لا محالة وتدمر الشعوب كالانظمة الدينية والشيوعية والفاشية
الماركسية ايديولوجيا او فكرة ليست ديمقراطية لانها مبنية على فرضيات توصلها للحتمية التاريخية والضرورة التاريخية وديكتاتورية البروليتاريا ففشلت فشلا ذريعا
شكرا

اخر الافلام

.. محمكة الجنائية الدولية : ما مصير مذكرات التوقيف ؟ • فرانس 24


.. ما خطط جنازة رئيسي ومن قد يتولى السلطة في إيران؟.. مراسل CNN




.. قتلى وجرحى بحادث سقوط حافلة في نهر النيل بمصر | #مراسلو_سكاي


.. قبل الحادث بأشهر.. ليلى عبد اللطيف تثير الجدل بسبب تنبؤ عن س




.. نتنياهو وكريم خان.. تصعيد وتهديد! | #التاسعة