الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نظرة تحليلية مبسطة لاحتجاجات كولومبيا 2021

مصطفى عبد الغني

2021 / 5 / 20
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم


بقلم كولومبيانا إنديجنادا المترجم ترجمة مصطفى عبد الغني

“إنهم يوجهون أسلحتهم إلى عيوننا لأننا أدركنا حقيقة ما يحدث”.

تشهد كولومبيا مؤخرًا مظاهرات حاشدة معارضة للحكومة. وانتشرت مشاهد عدة على مواقع التواصل الاجتماعي تُظهِر وحشية قوات الشرطة والجيش ضد المتظاهرين المدنيين مما يثير التساؤل عن السبب الذي دفع الكولومبيون للخروج إلى الشوارع في ظل الموجة الثالثة من جائحة كورونا؟ سنحاول في هذا المقال الإجابة عن هذا السؤال في محاولة لفهم سياق الاحتجاجات الحالية.

السياق الأوسع
مثلما حدث في الدول التي عانت من ويلات الاستعمار، تُعد كولومبيا مزيجًا من السكان الأصليين والأجانب. يتشارك السكان الأصليون وأغلبهم من الفلاحين ومجتمعات أصحاب البشرة السمراء هذه الدولة مع المستوطنين الأوروبيين وأغلبهم ترجع جذورهم إلى دول جنوب أوروبا. هذا التنوع كان يمكن أن يكون إثراءً للمجتمع الكولومبي لولا فشل الحكومات المتتالية في خلق نموذج للتعايش يحترم حقوق الجميع. هذا الفشل أدى إلى خلق فجوات عميقة واختلافات بين سكان البلاد، مما أدى إلى زيادة الاستقطاب السياسي وقمع الاحتجاجات الاجتماعية.

وتلك الفجوات واضحة إلى الدرجة التي جعلت كولومبيا أكبر دولة في عدم المساواة في أمريكا اللاتينية. تتركز ملكية الأراضي في يد فئة صغيرة حيث يمتلك 1.5% من عدد السكان 50% من أراضي البلاد، ويوجد فجوة هائلة في الأجور حيث يحصل 63.8% من السكان على دخل يقدر بـ 260 دولار شهريًا مقابل 8900 دولار مرتب كل عضو من أعضاء البرلمان الـ 273. ويوجد تفاوت تاريخي بين المناطق الريفية والحضرية حيث تعد المناطق الريفية الأكثر فقرًا وتأثرًا بالحرب والنزوح الداخلي ونقص الرعاية الصحية والتعليم، والأكثر تأثرًا بعواقب اتفاقيات التجارة غير العادلة التي تفيد استيراد البضائع الأجنبية بدلًا من الاستهلاك المحلي.

لعبت أيضًا ثقافة تهريب المخدرات دورًا رئيسيًا في الوصول إلى الوضع الحالي. يعرف الكثيرون أن بابلو إسكوبار كان رئيس عصابة كبرى لتجارة المخدرات في كولومبيا في الثمانينيات وأوائل التسعينيات. لكن ما لا يعرفه الجميع أن إسكوبار ونشاطه الإجرامي كان متغلغلًا في كل المؤسسات الحكومية تقريبًا إلى درجة أن ألفارو أوريبي فيليز، رئيس كولومبيا لمدة ثماني سنوات منذ عام 2002 إلى عام 2010، كان أحد أهم المتعاونين مع إسكوبار أثناء فترة ازدهار تجارة الكوكايين.

كان هذا الرجل، أو كما أفضِّل تسميته بالذي لا يُذكر اسمه، هو المخطط والمحفز لما نشهده الآن. يسمي نفسه رئيس كولومبيا، رغم أنه لم يعد رئيسًا منذ 2010، ويعارض السلام بشكل علني، وينشر العديد من الأخبار الكاذبة، ويستخدم السرديات الوطنية لتشويه سمعة الحركات الاجتماعية إلى درجة التبجُّح بوصف زعماء السكان الأصليين بالإرهابيين. وضع الذي لا يُذكر اسمه، دوكي، الرئيس الحالي، في السلطة، وهو يمثل طبقة منتزعي/ملاكي الأراضي ويحظى بتأييد عدد لا بأس به من السكان المؤمنين بالدفاع الدائم عن الملكية الخاصة.

وفقًا لذلك، شارك أوريبي في إنشاء قوات خاصة شبه عسكرية للدفاع عن حقوق مالكي الأراضي، ويكفي البحث عن AUC Colombia لمشاهدة الفظائع الموثقة بإسهاب التي ارتكبتها تلك القوات.

بعد أن تعرَّفنا على السياق السابق، دعونا نتعرَّف عما يحدث مع الاحتجاجات الحالية.

المحفز
تعديل على قانون الضرائب لثالث مرة منذ 2018، سوف يثقل كاهل الطبقة المتوسطة والفقيرة بضرائب جديدة وسط الجائحة. وفي نفس الأسبوع الذي أدركت فيه الحكومة أن 42% من السكان أصبحوا بشكل رسمي فقراء بناء على آخر الإحصائيات، استعدت الحكومة بخطة طموحة لتعديل قانون الضرائب والتي تشمل، ضمن عدة قرارات قاسية، فرض ضرائب على عدد من السلع الأساسية مثل البيض واللبن والسكر والملح والدجاج، وفرض ضرائب على الخدمات الجنائزية والخدمات العامة مثل الغاز والكهرباء. وفي نفس الوقت، تم تمرير قانون جديد لاعادة هيكلة النظام الصحي بصمت للتصديق عليه. القانون الجديد يهدف إلى خلق نظام صحي مثل النظام الأمريكي. سيتم خصخصة الخدمات الصحية، وطلب سياسات تأمينية إضافية لأصحاب الأمراض الخطيرة مثل السرطان.

سيتم إعادة صياغة قانون تعديل الضرائب في الأيام القادمة، ولكن إذا كانت كولومبيا تعاني من عجز في الميزانية، فلماذا اشترت الحكومة 23 سيارة مضادة للرصاص بقيمة 2.5 مليون دولار في أبريل؟ ولماذا استثمرت ما يزيد عن 5.2 مليون دولار من أجل تحسين صورة الرئيس في 2020؟

المطالب الكامنة
تُطرَح قضايا مثل الفساد والصحة والعمل وأزمة المعاشات التقاعدية منذ سنوات بالفعل. وأصبح من الواضح منذ عام 2018 عدم قدرة حكومة دوكي على تلبية المطالب الاجتماعية. تجاهلت الحكومة سنواتٍ من مفاوضات السلام، وأدى عدم تطبيق اتفاقيات السلام المُوقَّعة بالفعل إلى انتهاكاتٍ رهيبة لحقوق الإنسان. قُتِلَ 971 من قادة المجتمع والموقعين على اتفاقيات السلام بحلول نهاية عام 2020 في الوقت الذي اكتفت فيه الحكومة بغض الطرف عما يحدث. وفي ظرف عامين، عادت كولومبيا مرة أخرى إلى الأوقات عندنا كان القيادي الاجتماعي يطلق عليه إرهابيًا.

تجاهلت حكومة دوكي، كما لو كنا نعيش في ظل ديكتاتورية، مطالبات المجتمع الدولي لاحترام حقوق الإنسان وقللت منها، وردَّت على هذه المطالبات بمزيدٍ من القمع والبروباجاندا القائمة على أسطورة الكاستروتشافيزية، وهي أيديولوجية يُفتَرَض أن تكون شيوعية قائمة على أفكار فيديل كاسترو وهوغو تشافيز.

إدارة الجائحة
أثناء جائحة كورونا، زادت نفقات التمثيل السياسي بدلا من التوجه نحو التقشف في النفقات الحكومية، وأصبح الفساد واضحًا في إدارة المستلزمات الطبية واللقاحات. أُنفِقَت مبالغ ضخمة على تحسين الصورة العامة للرئيس والمدعي العام الوطني والحكومة. تفاقمت الأزمة الاجتماعية بعد اتخاذ الإجراءات الصحية مثل الإغلاق، في بلد يعتمد 48% من سكانه على الاقتصاد غير الرسمي. فشلت الحكومة مرة أخرى في اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية صحة ومعيشة السكان.

غضت حكومة دوكي الطرف وصمَّت آذانها عن حقيقة الوضع الاجتماعي في البلاد، وكانت الجائحة والفساد القشة التي قصمت ظهر البعير. كانت الاستجابات لمطالبنا وحشية من قبل قوات الشرطة والجيش وخلفت استجابة 5 مايو 37 قتيلًا و10 ضحايا اعتداءات جنسية و831 اعتقال تعسفي، بالإضافة إلى 22 ضحية طلقات نارية مباشرة على العين.

إننا ندرك الوضع الحالي، ونأمل أننا سننتصر على تلك الوحشية في الأيام القادمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أكسيوس: الولايات المتحدة علّقت شحنة ذخيرة موجهة لإسرائيل


.. مواجهات بين قوات الاحتلال وشبان فلسطينيين أثناء اقتحامهم بيت




.. مراسل الجزيرة: قوات الاحتلال تقوم بتجريف البنية التحتية في م


.. إدارة جامعة تورنتو الكندية تبلغ المعتصمين بأن المخيم بحرم ال




.. بطول 140.53 مترًا.. خبازون فرنسيون يعدّون أطول رغيف خبز في ا