الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تعليق على بيان المحكمة الاتحادية العليا حول قرارها المتعلق بالفصل بالاتهامات الموجهة لرئيس الجمهورية

احمد طلال عبد الحميد
باحث قانوني

(Ahmed Talal Albadri)

2021 / 5 / 21
دراسات وابحاث قانونية


أكدت المحكمة الاتحادية العليا أن ممارسة صلاحياتها في محاسبة رئيس الجمهورية عن التهم المنسوبة اليه يجب أن تقترن بصدور قانون من مجلس النواب ينظم هذه العملية وفق ما نص عليه الدستور العراقي، وذكر بيان صادر عن المكتب الاعلامي للمحكمة الاتحادية العليا أن "المحكمة نظرت في دعوى دستورية رفعها عضو سابق في مجلس محافظة النجف ضد كل من رئيس الجمهورية/ اضافة لوظيفته، ورئيس مجلس الوزراء/ اضافة إلى وظيفته، ورئيس مجلس النواب/ اضافة لوظيفته" ، وتابع البيان أن "المدعي طلب الحكم بعدم دستورية القرار رقم (333) الذي اصدره مجلس الوزراء بتاريخ 8/9/2015 الذي اعتبره يقع ضمن اختصاص مجلس النواب التشريعي ، وأوضح أن "المدعي أسند إلى رئيس الجمهورية/ اضافة لوظيفته عدم تصديه للقرار موضوع الطعن، ويعتبره قد تخلى عن مهامه وحنث باليمين التي اقسمها"، مبيناً أن "المحكمة تجد في هذا الجانب أن ممارسة اختصاصها في الفصل بأي اتهام ينسب إلى رئيس الجمهورية اضافة لوظيفته يكون وفق المادة 93/ سادساً من الدستور" ، ولفت البيان إلى أن "ممارسة هذا الاختصاص مرهون بصدور قانون ينظم اجراءات الفصل بمثل هذه الحالات وذلك في ضوء احكام احكام المادة (61/ سادساً/ ب) من الدستور ومن دون صدور هذا القانون يبقى اختصاص المحكمة الاتحادية العليا في المحاسبة معطلاً وهذا ما اكدته في القرار الصادر عنها في 13/6/2017" ، وأستطرد البيان إلى أن "المحكمة وجدت في اسناد المدعي إلى المدعى عليه رئيس مجلس النواب/ اضافة لوظيفته تخليه عن دوره التشريعي، وردت المحكمة أن مجلس النواب اصدر قراراً بتاريخ 16/8/2015 بالعدد (15) تضمن المصادقة على قرار مجلس الوزراء المشار اليه والحزمة الاصلاحية، وكان مشروطاً بموافقتها للدستور والقانون، وأن ذلك ولا يعني تفويضاً لاي من صلاحياته التشريعية"، ومضى البيان إلى أن "المحكمة بينت أن طعن المدعي بقرار مجلس الوزراء يعدّ خارجاً عن صلاحياته المنصوص عليها في المادة (93) من الدستور والمادة (4) من قانونها رقم (30) لسنة 2005 حيث يعد ذلك القرار من القرارات الادارية التي تتولى جهات قضائية آخرى النظر في الطعون الواردة فيه، وبناءً عليه قرّرت رد الدعوى" ، وقد تعذر الحصول على نسخة من القرار المذكور لعدم نشره في موقع المحكمة الاتحادية العليا وقدر تعلق الامر بما ورد بالبيان الرسمي للمحكمة المدرج تفصيله في اعلاه فاننا نود ان نورد الملاحظات الاتية :

1. فيما يتعلق بالشق الاول من البيان والخاص بالطعن في دستورية قرار مجلس الوزراء رقم (333) لسنة 2015 والمتعلق بتخفيض رواتب والرواتب التقاعدية للرئاسات الثلاث والوزراء والوكلاء ومن هم بدرجتهم والمستشارين والمديرين العامين مع حجب المخصصات الممنوحه بموجب قرارات او تعليمات سابقه وتقاضي المخصصات المنصوص عليها في (11/اولاً) و(14) من قانون رواتب موظفي الدولة والقطاع العام رقم (22) لسنة 2008 المعدل مع خفض مخصصات المنصب لتكون بنسبة (50%) من الراتب الاسمي ، وكذلك إيقاف صرف الرواتب التقاعدية التي منحت بموجب قوانين وقرارات سابقة للذين شغلوا مناصبهم بعد تأريخ 9/4/2003 من المسؤولين وأصحاب المناصب العليا وإعادة احتساب رواتبهم التقاعدية ممَن لديه خدمة تقاعدية لا تقل عن (15) سنة وعمر لا يقل عن (50) سنة على وفق أحكام المادة (21) من قانون التقاعد الموحد رقم (9) لسنة 2014 ، وقرار المحكمة الاتحادية برد الطعن بدستورية القرار المذكور لعدم الاختصاص لاغبار عليه لانه قرار اداري وان الطعن به يدخل باختصاص محكمة القضاء الاداري استناداً للمادة (7/رابعاً ) من قانون مجلس الدولة المرقم (65) لسنة 1979 المعدل التي نصت على ( تختص محكمة القضاء الاداري بالفصل في صحة الاوامر والقرارات الادارية الفرديه والتنظيمية التي تصدر عن الموظفين والهيئات في الوزارات والجهات الغير مرتبطه بوزارة والقطاع العام التي لم يعين مرجع للطعن فيها .....) كمحكمه اول درجه ويكون الطعن باحكامها تمييزاً امام المحكمة الادارية العليا التي استحدثت بموجب قانون التعديل الخامس رقم (17) لسنة 2013 لقانون مجلس شورى الدولة سابق الذكر ، اذ نص التعديل على منحها الاختصاصات التي تمارسها محكمة التمييز الاتحادية وتختص بنظر الطعون المقدمه على القرارات والاحكام الصادرة من محكمة القضاء الاداري ومحكمة قضاء الموظفين بعد ان كانت المحكمة الاتحادية العليا تمارس اختصاص النظر بالطعون الواردة على قرارات محكمة القضاء الاداري قبل التعديل استناداً للمادة (4/ثالثاً) من قانون المحكمة الاتحادية العليا رقم (30) لسنة 2005 ، وهو اختصاص غريب لانه اناط الطعن بقرارات القضاء الاداري لغير القضاء الاداري ، ومستحدث لانه قانون المحكمة الاتحادية استحدثه ولم يرد اصلاً ضمن اختصاصات المحكمة الاتحادية العليا الحصرية المنصوص عليها في (93) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 اوحتى قانون ادارة الدولة للمرحلة الانتقالية لسنة 2004 (الملغى) ، و ضلت المحكمة الاتحادية العليا تمارسه منذ عام 2005 وحتى صدور قانون التعديل الخامس عام 2013 حيث اغرقت المحكمة بسيل من الدعاوى تنتمى لقضاء اخر ليس من طبيعه القضاء الدستوري حتى التفت المشرع لهذه الهفوة التشريعية التي عصفت بالاختصات عصفاً .
2. اما فيما يتعلق بالشق الثاني من القرار الذي بين بان اختصاص المحكمة الاتحادية العليا بمساءلة رئيس الجمهورية استناداً للمادة (61/سادساً/ب) من دستور 2005 معطلاً لعدم صدور قانون ينظم اجراءات مساءلة رئيس الجمهورية ، وهنا كان على المحكمة الاتحادية العليا ان تباشر دوراً اكثر ايجابية وعدم الاكتفاء بالكشف عن وجود اغفال تشريعي من جانب المشرع لاصدار قانون مهم ينظم هذه الاجراءات ، وهذا الاغفال التشريعي هو اغفال كلي لانه يؤشر الانعدام او الغياب الكلي لوجود القواعد القانونية التي تنظم اجراءات مساءلة رئيس الجمهورية ، وبالرغم من ان النص الدستوري لم يتضمن ذكر عباره ( وينظم ذلك بقانون)، الا ان نصوص الدستور آمره وان اعطاء النص الدستوري فاعليته يتطلب اصدار تشريع ينظم ذلك الموضوع ، ورغم مرور مدة كافية على صدور الدستورمنذ عام 2005 ووجود الضرورات العملية ، الا ان المشرع لم يبادر لاصدار هذا القانون ، وهذا يعد برأيناً امتناعاً تشريعياً لايعد من قبيل الملائمات او بواعث التشريع ولايدخل ضمن اطلاقات السلطه التشريعية ، لان السلطه التقديرية للمشرع مقيدة بالحدود التي يرسمها الدستوروان امتناع المشرع طيلة هذه المدة عن سن هذا القانون هو تعطيل لنص الماد (61/سادساً/ب) من دستور 2005 ، وقد استقر الامر في اغلب النظم الدستورية على مراقبه امتناع المشرع عن ممارسة اختصاصه التشريعي ، وهنا يجب على القضاء الدستوري التدخل لوضع حد لامتناع المشرع عن ممارسة اختصاصه الخارق لنصوص الدستور الموضوعية وعدم الاكتفاء بالكشف عن مواطن الاغفال التشريعي وذلك بالتنبيه والايعاز للسلطه التشريعية باصدار قانون ينظم هذه المسألة وهذا الاسلوب – اي اسلوب الاحكام الايعازية والاحكام التوجيهية – تعد احد وسائل المجابهة القضائية لظاهرة الاغفال التشريعي بنوعية الكلي والجزئي ، ويمكن القول ان المحكمة الاتحادية العليا لجأت لهذا الاسلوب في بعض احكامها ومنها على سبيل المثال لا الحصر قرارها المرقم (67/اتحادية/2012) في 22/10/2012 حيث جاء في حيثيات قرارها (.....وبناءً على ماتقدم وحيث ثبت من النصوص الدستوريه المتقدم ذكرها ان الفقرة (خامساً) من المادة (13) من قانون انتخاب مجاس المحافظات والاقضية والنواحي رقم (26) لسنة 2008 تتعارض معها وتخرق مضامينها لذلك قرر الحكم بعد دستوريتها ...، والزام المدعى عليه اضافه لوظيفته بتشريع نص يؤمن تطبيق احكام المواد الدستورية المتقدم ذكرها بديلا عن نص الفقرة (خامساً) من المادة (13) المتقدم ذكرها .....) ، ففي هذا الحكم لم تكتفي المحكمة بتقرير عدم دستورية النص وانما اصدرت توجيهاً ملزماً لرئيس السلطه التشريعية (اضافه لوظيفته) لاصدار تشريع يحل محل النص او الفقرة الملغاة ، وهنا نجد من الضروري قيام المحكمة الاتحادية العليا بعد اقرارها بأن اختصاصها معطل لانعدام التشريع المنظم لمساءلة رئيس الجمهورية ان تقوم بتوجية ايعاز الى السلطه التشريعية لسن قانون ينظم اجراءات مساءلة رئيس الجمهورية وعدم الاكتفاء بالكشف عن الاغفال التشريعي ، وهذا يشكل ضغطاً على الهيئة التشريعية للقيام بواجبها التشريعي وقد يحرك المسؤولية السياسية ضدها في حال اصرارها بالامتناع عن سن هذا التشريع ، وذلك يتحقق نوع من التوازن بين السلطات ، اوكما قيل السلطه توقف السلطه ، والله ولي التوفيق ، د.احمد طلال عبد الحميد البدري.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ليبيا.. المؤسسة الوطنية لحقوق الإنسان تصدر تقريرها حول أوضاع


.. طلاب جامعة السوربون يتظاهرون دعما لفلسطين في يوم النكبة




.. برنامج الأغذية العالمي: توسيع العملية العسكرية في رفح سيكون


.. الأونروا: الرصيف البحري المؤقت لا يمكن أن يكون بديلا للمعابر




.. كل يوم - خالد أبو بكر: الغذاء ينفد والوقود يتضاءل -المجاعة س