الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حماس وقرار الحرب الفلسطيني

سامي البدري
روائي وكاتب

(Sami Al-badri)

2021 / 5 / 22
مواضيع وابحاث سياسية


بالقطع، من حق أي فلسطيني أو عراقي التعبير عن احتجاجه على احتلال بلده. وكذلك ليس من حق أي كان أن يلوم أو يقف بالضد من أي فلسطيني أو عراقي، يطالب ويعمل على تحرير بلده من وحشية وبطش قوة الاحتلال التي تحتل بلده.
ولكن، وبالمقابل، ليس من حق أي مواطن أو مجموعة صغيرة، من هذين البلدين، اتخاذ قرار حرب، غير محسوبة النتائج وأضرارها تفوق مكاسبها، بأضعاف مضاعفة، بشكل منفرد أو لأغراض وأهداف مبطنة، على حساب المجموع العام لشعبيّ البلدين.
وبغض النظر عن مدى صلاح أو أهلية أو طرق حساب السلطة الوطنية الفلسطينية الرسمية في رام الله، أو اختلاف أو معارضة بعض الجهات لها، فإن هذه السلطة هي الممثل الرسمي الوحيد للشعب الفلسطيني، والذي يحق لها أخذ القرار باسمه، المعترف به رسمياً، من قبل دول العالم والأمم المتحدة؛ فكيف يحق لمنظمة حماس أن تتخذ قرار حرب، وهي مجرد فصيل صغير، بالنيابة عن شعب كامل وسلطته الرسمية؟
الشعب الفلسطيني يقع عليه حيف وظلم قوات الاحتلال الإسرائيلي وتجبر واستهتار المستوطنين الصهاينة كل يوم، هذا ما لا ولن يختلف عليه أحد، ولكن هذا لا يمنح الحق لمنظمة حماس، وهي مجرد فصيل صغير، حق دخول الحرب مع دولة الاحتلال، بالنيابة عن الشعب الفلسطيني وسلطته الرسمية الشرعية، وخاصة إذا ما كانت نتائج الحرب لا تعود على الفلسطينيين بغير الموت ودمار مدنهم والمزيد من إجراءات بطش وتنكيل قوات الاحتلال.
وكمراقبين خارجيين، على مستوى التحليل، من حقنا أن نتساءل: ما هو وضع منظمة حماس الرسمي، وكيف ولماذا وبأي صلاحيات أو وضع قانوني/دستوري، تجتزئ قطاع غزة، من الأراضي والسلطة الفلسطينية، لتحكمه وحدها وتتفرد باتخاذ قرار الحرب نيابة عن مواطنيه وعن سلطة دولتهم الرسمية، التي عاصمتها رام الله؟
معروف لدينا، وبوقائع الأرض، أن حماس وجناحها العسكري كتائب القسام، ومنذ ما قبل خوضها حرب عام 2014 ، لم يعد قرارها فلسطينياً خالصاً وباتت تدور في حلقة من العلاقات الخارجية، عربية وغير عربية، وكل جهة تحاول استثمارها وفق أجنداتها السياسية والأيديولوجية، المتعارضة تماماً مع مصالح وحقوق الشعب الفلسطيني الوطنية ككل، وأيضاً مصالح الجزء المقتطع منه، في قطاع غزة، الذي تسيطر عليه حماس وتتخذ منه (دولة) لنفسها وخارج سيطرة إرادة وقرار حكومة السلطة الفلسطينية الرسمية.
ماذا جنى فلسطينيو قطاع غزة من حرب حماس عام 2014 ليجنوه من حربها في منتصف مايو/آيار 2021؟ مئات القتلى من المواطنين العزل ودمار بيوتهم على رؤوسهم وفقدان أرزاقهم، والأهم، المزيد من إجراءات قوات الاحتلال التعسفية، من الحصار والتضييق والعزل والاعتقال، بعد توقف حماس عن حربها، بهزيمة جديدة.
المشكلة الكبرى، والتي أثارت عشرات التساؤلات حول نوايا وارتباطات حماس الخارجية وأهدافها المبطنة، هي أن حربها في عام 2021 تأتي في توقيت عجيب يتزامن مع الانتفاضة الفلسطينية في حي الشيخ جراح، والتي حقق أبطالها السلميين تقدماً كبيراً ضد تجبر المستوطنين الصهاينة وحكومة بنيامين نتنياهو الإرهابية، وخاصة أمام الرأي العام الدولي ومنظماته الرسمية. فلماذا اختارت حماس هذه اللحظة بالذات لإطلاق صواريخها الإيرانية ولمصلحة من؟
وفي حساب الحقل والبيدر على الأرض، البعيد عن الحسابات والأهداف السياسية التي تسكن الأدراج المقفلة: كم عسكرياً اسرائيلياً قتلت صواريخ إسماعيل هنية وخالد مشعل، مقابل ما سحقت الصواريخ الصهيونية من فلسطينيي القطاع؟ كم بناية دولة ومؤسسة عسكرية هدمت، مقابل ما هدمت الصواريخ الإسرائيلية من بيوت وبنايات ومصادر رزق سكان القطاع؟ والأهم من كل هذا، كم سيجني سكان القطاع من اعتقالات من بين أبنائهم ومن تشديد إجراءات القمع والحصار والتضييق، سواء داخل القطاع أو على منافذ العبور، منه وإليه؟
وعلى خارطة الحرب على أرض قطاع غزة: أين إسماعيل هنية وخالد مشعل؟ لم لم يقتل أي منهما؟ لم لم يقتل ابن لأي منهما من أثر الصواريخ الإسرائيلية؟ بل ولا حتى أي من أقربائهما البعيدين؟ لم لم يصب أي صاروخ لا بيت هنية ولا مشعل، (اللذان يسكنانهما فعلاً، وليس البيوت الصورية التي يستغلانها للتمويه) لتظهرهما كاميرات المراسلين أمام شاشات الفضائيات وهما مدفونين بالأتربة ويحاولان تخليص نفسيهما من تحت الأنقاض؟
إنها حرب إيرانية إسرائيلية، بأيدي ودماء فلسطينية، وليست حرب حق الشعب الفلسطيني في أرضه. حرب سياسية، تحكمها اعتبارات وأهداف توازن طاولة مفاوضات الاتفاق النووي الإيراني، الجارية جوالتها في فيينا حالياً ولا علاقة لها بأي حق فلسطيني في أرضه أو مشروع قيام دولة الشعب الفلسطيني على أرضه المسلوبة.
إنها حرب المليشيات الإيرانية، التي تقاتل عن المشروع الإيراني بالنيابة، من أجل أن تقول إيران أنها تملك وسائل ضغطها الفاعلة والمؤثرة، على حليفة أمريكا الأولى، وعلى أرضها، من أجل اجبار الولايات المتحدة على رفع العقوبات الاقتصادية والأفراج عن الأموال الإيرانية المجمدة، كخطوة أولى، قبل بحث تفاصيل الملف النووي الإيراني، كما تشتهي القيادة الإيرانية.
وقد تكشف لنا كمراقبين، ومنذ الخطوات الأولى لانفصال قيادات حماس والجهاد الإسلامي عن قرار السلطة الفلسطينية الرسمي، بل و(لاستقلالها في قطاع غزة) أنها لا تتوقف، بل ولا تهتم أي اهتمام، بآثار انشقاقها هذا على وحدة وثقل القرار الفلسطيني، الممثل للشعب الفلسطيني، أمام سلطة الاحتلال والمجتمع الدولي، والمتمثل بسلطته الرسمية والمعترف بها دولياً في رام الله، كعاصمة مؤقتة للسلطة الفلسطينية، وكل ما يهم أشخاص هذه القيادة هو تحقيق المكاسب السياسية والمادية، الشخصية والفئوية.
وطبعاً هذا لا يسقط المسؤولية عن محمود عباس وباقي قيادات فتح، التي لا تكتفي بالتشبث بالسلطة، بل وراوغت مؤخراً وتذرعت بحجة واهية من أجل تأجيل عملية الانتخابات، من أجل بقائها في السلطة واستمرار تفردها بالقرار الفلسطيني ومصير الشعب لوحدها.
حماس التي تنازع فتح على سلطة القرار الفلسطيني، تستغل السلاح لتغيير المعادلة وخطف حق التفاوض لنفسها، متناسية أن قرار السلاح الذي يصلها هو قرار سياسي، وبالتالي فإن عليها تسديد ثمنه لمانحه، بصيغة مواقف وقرارات حرب خاسرة، وربما حرب هذه الأيام لن تكون آخرها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. سائق يلتقط مشهدًا مخيفًا لإعصار مدمر يتحرك بالقرب منه بأمريك


.. إسرائيل -مستعدة- لتأجيل اجتياح رفح بحال التوصل -لاتفاق أسرى-




.. محمود عباس يطالب بوقف القتال وتزويد غزة بالمساعدات| #عاجل


.. ماكرون يدعو إلى نقاش حول الدفاع الأوروبي يشمل السلاح النووي




.. مسؤولون في الخارجية الأميركية يشككون في انتهاك إسرائيل للقان