الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا شيوعية و لا ماركسية بدون الديمقراطية الحقيقية 5-5

حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي

(Hussain Alwan Hussain)

2021 / 5 / 23
ابحاث يسارية واشتراكية وشيوعية


العلاقة الجدلية اللازبة بين الحرية و الديمقراطي في الفكر الشيوعي
أعود الآن مرة أخرى إلى المقولتين البرجوازيتين للدكتور توما حميد المحترم . تنص مقولته الكارثية الأولى على :
"ليس للديمقراطية مكان في منظومتنا الشيوعية ."
فيماً تؤكد مقولته الثانية ما يلي :
"أؤكد على ما سبق حول ان الشيوعية تعني الحرية بالمعنى الكامل للكلمة. "
و هاتان المقولتان تثبتان على نحو قاطع أن كلاً من حشعع و حشعا هما حزبان برجوازيان معاديان للمصالح الصميمية للطبقة العاملة في بناء و ممارسة أساليب الديمقراطية البروليتارية و التي بدونها يستحيل قيام أي حركة عمالية حقيقية . لماذا ؟ لأن الحرية (وعي الضرورة من طرف الفرد و المجموعة) و الديمقراطية (حكم الأكثرية في المجموعة) مفهومين متلازمين لا يمكن الفصل بينهما عملياً قط لكون حرية الإرادة لا تعني شيئًا آخر سوى القدرة على اتخاذ القرارات الديمقراطية بشرط المعرفة الكافية بالموضوع . الشيوعية الماركسية تقول أنه لا ديمقراطية حقيقية بدون الحرية الحقيقية و العكس صحيح لأن كلاً منهما يتطلب الآخر : وظيفة الديمقراطية هي دسترة الحريات بمنحها لكل المواطنين بدون استثناء ، و وظيفة الحرية هي أن يساهم كل مواطن في كتابة الدستور الذي يخدم الشعب كله . الحرية الحقيقية و الديمقراطية الحقيقية هما بالضبط شكل و محتوى الحرية و الديمقراطية الماركسية .
و التطبيق العملي الخلاق لهذا القانون داخل صفوف الحزب الشيوعي يعني اعطاء الحق لكل واحد من اعضاء الحزب بالمساهمة الواعية و الفعالة في كتابة و تعديل نظامه الداخلي و رسم خطه السياسي العام و المحلي في الزمكان و تنفيذه . و لكن الحرية في الاحزاب الشيوعية لا تتحقق قط خارج منظمات الحزب نفسها ، و انما داخلها بالضبط . لماذا ؟ لكون الحرية تفقد معناها الحقيقي ما لم تشتغل ضمن صفوف كل منظمات الحزب التي يجب عليها تطوير كل القابليات الفردية لكوادرها كافة بحيث يكونوا قادرين على وعي الضرورات المؤدية لاتخاذ القرارات الحزبية الصحيحة في الزمكان . و في كل مرة يتم فيها اتخاذ أي قرار ديمقراطياُ دون وعي ضروراته الاقتصاجتماسية الفاعلة فإن هاتيك القرارات ستكون عمياء و ستقود حتماً للهاوية لأن الماركسية توضح على نحو ساطع بأن الحرية إنما هي بالضبط المقدرة على رؤية الضرورة لكون "الضرورة هي عمياء فقط بقدر ما هي غير مفهومة " مثلما سبق و أن بيَّن هيجل و ماركس و انجلز و لينين ... و أبناء جيلنا من الشيوعيين يدركون الآن تماماً العقابيل الكارثية الرهيبة على مصير العراق كله شعباً و أرضاً لعدم إدراك ضرورة استلام حشع للحكم في العراق عام 1959 .. أو وجوب عدم تحالفه مع البعث عام 1973 ... مثلاً . و وعي الضرورة تلزمه الكفاية النضالية العمالية (proletarian competence) على تحليل الواقع و استشراف إتجاهاته و وعي إمكاناته الذاتية و الموضوعية في ضوء المصالح الأعلى للطبقة العاملة ، و هذا لا يتم إلا عبر الانغماس اليومي المتواصل و المتنامي فكراً و ممارسة ديمقراطية لكل الكوادر الحزبية العاملة . لا حرية بدون ديمقراطية و لا ديمقراطية بدون حرية . الحرية هي في نفس الوقت : حق و مقدرة . و الديمقراطية هي في نفس الوقت حق الاغلبية ذات الكفاية النضالية (المَقدِرة فكراً و ممارسة) الضرورية .
و لوعي الضرورة اللازم لكل حرية شقان : توفر الشرط الضروري أولاً و معه أيضاً وجوب أن يكون هذا الشرط كافياً في نفس الزمكان . فمثلاً ، إن ضرورة التحالف السياسي وحدها لا توفر سبباً كافياً لحصول التحالف بل يجب التثبت مقدما من توفر ايضاً تلك المجموعة الكافية من الشروط التي من شأنها أن تنتج تحالفاً سياسياً ناجعاً قادراً على تحقيق أهدافه المرسومة أو المطلوبة في ضوء التوازن السياسي القائم . و من أسوأ المطبات السياسية هو التوهم بأن توفر الشرط الضروري للتحالف السياسي - أو لأي قرار شيوعي آخر - يكفي لوحده لاتخاذ القرار الديمقراطي بإقامته فعلاً . الوعي الدقيق لهذه الجدلية يقطع السبيل أمام واحد من أخطر الأمراض في الحركة الشيوعية العالمية – و كذلك كل الاحزاب السياسية ؛ ألا و هو مرض البارونية الذي يتحول فيه الحزب الشيوعي الى حزب دكتاتوري تتمتع فيه حفنة من القيادة او حتى قائد واحد فقط بالحرية في اتخاذ كل القرارات المصيرية و المهمة . هنا تتصارع الحرية المرضية (حرية النخبة القيادية) مع الديمقراطية الصحية (القيادة الجماعية) لتودي بالحزب و بمصالح الطبقة العاملة إلى الهاوية مثلما فعلت الستالينية و غيرها بفعل احتكارها حرية اتخاذ القرار لنفسها عبر منصب "السكرتير العام للجنة المركزية" ، أو "المكتب السياسي" ؛ و لا حل لهذا الصراع إلا بتطبيق الديمقراطية عبر الالتزام بمبدأ القيادة الجماعية .
كما أن وعي هذه الجدلية يمنع ايضا امكانية اتخاذ الاغلبية لقرار خاطئ . هنا يشتغل جدل علمية الماركسية ضد الارادوية الذاتية : كل قرار سياسي غير واع للضرورة بشقيها أعلاه هو قرار خاطئ و بالتالي فاشل حتى لو تم اتخاذه بالأغلبية . هنا ايضا تتصارع الحرية (وعي الضرورة) مع الديمقراطية (القيادة الجماعية) ، و لا حل لهذا الصراع إلا بالتزام بوعي كل أركان الضرورة لتجاوز احتمال اتخاذ الاغلبية للقرار الخاطئ . و من المعلوم أن شعار "نفِّذ ثم ناقش" الأعمى هو شعار عسكري و ديكتاتوري معادي كلياً للديمقراطية البروليتارية التي تقول بعكسه تماماً : "ناقش بوعي ثم نفّذ عن اقتناع" . و عندما نقرأ مقترحات الرفيق رزگار عقراوي المحترم بتجرد نجد أنها تنطلق بإخلاص من نفس هذا الوعي الماركسي الصحيح للعلاقة الوشيجة القائمة بين الحرية و الديمقراطية كمصدر للقوة للفرد و للمجموعة .
و ما دام الدكتور توما حميد المحترم "يؤكد على ما سبق حول ان الشيوعية تعني الحرية بالمعنى الكامل للكلمة " ، لذا فأن من نافلة القول أنه مؤيد بالمعنى الكامل للكلمة و بكل جد و اخلاص و تفاني برجوازي مطيع للسوق الحرة الرأسمالية و لحرية العمل المأجور و الملكية الخاصة لوسائل الانتاج و لحرية تسليع المرأة و الطفل و لحرية هيمنة الآلة الحربية الإمبريالية على مصائر شعوب العالم الفقيرة و لحرية تلويث الطبيعة أرضاً و مياهاً و فضاء و لحرية الحكام الديكتاتوريين في قمع معارضيهم و لحرية الطلي السكرتير أو المسؤول في هذا الحزب البرجوازي أو ذاك في التنطع الطاووسي الفارغ مثل الدينجية على الفضائيات وووو غيرها من الشناعات الفظيعة على اعتبار أنه يؤمن أخلص الإيمان بأنه : ""ليس للديمقراطية مكان في منظومتنا الشيوعية " .
الدكتور توما حميد المحترم يتهم نفسه بالشيوعية زوراً و بهتاناً دون أن يكلف نفسه مشقة وعي كل الحقائق الشيوعية الماركسية البسيطة و الواضحة المذكورة سابقاً ، و دون أن يفهم أن قيام الإنسان الحر بسبب عدم يقينه القائم على الجهل باتخاذ القرار التعسفيً دون القرار الصحيح من قبيل مقولاته الكارثية أعلاه يثبت أنه ليس إنساناً حرًا البتة ، بل هو إنسان يتحكم فيه نفس الشيء الذي يجب عليه أن يتحكم هو بنفسه فيه لكون الحرية الحقيقية إنما هي المقدرة الواعية على التحكم في أنفسنا و على الطبيعة الخارجية .
تمت .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - هل للكاتب من جواب ؟
فؤاد النمري ( 2021 / 5 / 23 - 15:31 )
وما هي الديموقراطية الحقيقية يا حسين !؟


2 - تصويب
حسين علوان حسين ( 2021 / 5 / 23 - 19:19 )
القارئات و القراء الأعزاء
تحية حارة
ورد سهواً أن رقم هذه الحلقة هو :
4-5
الصحيح هو :
5-5
مع الاعتذار .


3 - الديمقراطية ليست حكم الاكثرية
منير كريم ( 2021 / 5 / 23 - 21:36 )
تحية للاستاذ الدكتور حسين علوان
الديمقراطية ليست حكم الاكثرية فقد تكون الاكثرية فاشية او عنصرية او دينية او اية جماعة استبدادية عند ذاك لايكون النظام الناتج ديمقاطيا قطعا
الديمقراطية الحقة تستند الى الحريات الفردية ومنظومة حقوق الانسان الفردية وضمان حق الاقلية في التحول لاكثرية وتداول السلطة والفصل بين السلطات انها بالتحديد الديمقراطية الليبرالية
لقد بين التاريخ فشل ما سمي بديمقراطيات اخرى اذ لم تكن سوى انواع من الاستبداد
شكرا لك


4 - درس ماركسي للرفيق حسين
فؤاد النمري ( 2021 / 5 / 24 - 05:39 )
يصح القول -لا ماركسية ولا اشتراكية بدون ديموقراطية -
ولا يصح القول -لا ماركيبسية ولا اشتراكية حقيقية-
والسبب هو أن الديموقراطية هي دائماً ديموقراطية حقيقية إذ ليس هناك ديموقرتكية غير حقيقية
لكن الرفيق حسين قال ما قال ليكرر مزاعم الخائن خروشتشوف في خطابه السري من خارج ~~أعمال المؤتمر العشرين للحزب في العام 56 مدعيا أن الاتخاد السوفياتي بناه ستالين بالحديد
وبالنار ولم يكن هناك ديموقراطية
هذا الخائن الأبقع تعهد في خطابه الخياني بأنه سينتهج الديموقراطية -الحقيقية- وفي العام التالي في يونيو 57 قام بانقلاب عسكري ضد الحزب وطرد قادته من المكتب السياسي ومن الحزب

أكاذيب خرروشتشوف الخيانية يكررها الرفيق حسين وما ذلك إلا لأنه لا يعرف ماهية الديموقراطية
الديموقراطية هي البنية السياسية التي يفرزها النظام الاجتماعي السائد لخدمتع وهي لذلك دبموقراطية حقيقية سواء كانت ديموقراطية روما العبودية أم ديموقراطية الإقطاعيين في الماغنا كارتا 1215 أما الديموقراطية البورجوازية -دعه يعمل دعه يمر- للثورة البورجوازية الفرنسي

أما الديموقراطية الاشتراكية فقامت عل انكار كل الحقوق السياسية للجميع وهي الكامل


5 - شكرا على التفضل بالزيارة
حسين علوان حسين ( 2021 / 5 / 24 - 14:54 )
الأستاذ فؤاد النمري المحترم
و
الاستاذ منير كريم المحترم
رايكما محترم و جزيل الشكر على الزيارة
كل التقدير .


6 - سؤال للجاسوس
فؤاد النمري ( 2021 / 5 / 24 - 18:11 )
سؤال للجاسوس في ام آي سكي ..
مرشح الرئاسة في اميركا ينفق 700 مليون دولار كي ينجح
لكن كم مليون ينفق السناتور ؟
هذه هي الديموقراطية الليبرالية


7 - You are really vulgar .
منير كريم ( 2021 / 5 / 24 - 19:31 )
انا اترفع عن الاجابة
لانك عميل المخابرات الاردنية
اقرا التاريخ كما هو في الاردن واخبرنا عما يجري بين عبد الله وحمزة
اهتم بصحتك النفسية والعقلية

بعد اذن الكاتب المحترم

اخر الافلام

.. ليس معاداة للسامية أن نحاسبك على أفعالك.. السيناتور الأميركي


.. أون سيت - تغطية خاصة لمهرجان أسوان الدولي في دورته الثامنة |




.. غزة اليوم (26 إبريل 2024): أصوات القصف لا تفارق آذان أطفال غ


.. تعمير - مع رانيا الشامي | الجمعة 26 إبريل 2024 | الحلقة الكا




.. ما المطلوب لانتزاع قانون أسرة ديموقراطي في المغرب؟