الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشروع سلام فلسطيني جديد ضرورة وطنية الآن

إبراهيم ابراش

2021 / 5 / 23
القضية الفلسطينية


اعتقد كثيرون قبل انطلاق الانتفاضة المعاصرة التي عمت كل ربوع الوطن أن القضية الفلسطينية انتهت والفلسطينيون في كل أماكن تواجدهم استسلموا للأمر الواقع من خلال المشهد الذي كان الاعداء يريدون ترسيخه واستمراره وهو :
- تعايش ومواطَنة إسرائيلية للفلسطينيين داخل الخط الأخضر، حكم ذاتي فيما تبقى من الضفة، القدس عاصمة لإسرائيل، كيان منفصل في قطاع غزة، وفلسطينيو الشتات نسوا قضيتهم.
- شبه غياب للحديث عن فلسطين والفلسطينيين ليحل محله الحديث عن غزة وعن الضفة وعن فلسطينيي الداخل دون رابط بينهم.
- كان الحديث يدور عن فتح وحماس وفصائل وطنية وأخرى إسلامية وكان الانقسام الأيديولوجي يفرق الأخ عن أخيه والزوجة عن زوجها والجار عن جاره.
- اختزال القضية الفلسطينية بالمساعدات من الدول المانحة وأموال المقاصة وبالوضع الإنساني في قطاع غزة وأزمة الرواتب ومأزق الانتخابات الخ.
- غابت القضية عن وسائل الإعلام والفضائيات الأجنبية والعربية بحيث نادراً ما كنا نسمع خبرا عن فلسطين وإن تم التطرق لها فعن الانقسام والخلافات الفلسطينية الداخلية.، وكبريات شركات الانترنيت والتواصل الاجتماعي شطبت اسم فلسطين وشطب حسابات كل من يذكر كلمة فلسطين أو ينتقد دولة الاحتلال.
- تراجع الاهتمام الدولي بالقضية رسمياً وشعبياً، وإدارة بايدن تجاهلت القضية الفلسطينية واعتبرتها قضية مؤجلة.
- بعض الأنظمة العربية استسلمت لترجيفات ومزاعم نتنياهو بأن القضية الفلسطينية انتهت وأن مصلحة العرب وسلامتهم تكمن في التطبيع مع إسرائيل .
- لم نكن نسمع عن مسيرات أو مظاهرات في الدول العربية داعمة لفلسطين وكان التطبيع متواصلاً والمطبعون يتصرفون بوقاحة مع الفلسطينيين وبعضهم تمادى في التطبيع حتى أصبحوا صهاينة أكثر من الصهاينة أنفسهم .
- اعتقدت إسرائيل وتجاوبت معها دول وأنظمة بأن قضية القدس تم حسمها لصالح إسرائيل وأنها أصبحت عاصمة أبدية لهذا الكيان.
- كان يسود وهم السلام والتسوية السياسية وأن على الشعب انتظار ما سينتج عن تسوية أوسلو وما ستحققه الشرعية الدولية ومحكمة الجنايات الدوليةـ
- كانت فصائل المقاومة ـوخصوصاً حركتا حماس والجهادـ وكل مقاومة لإسرائيل تُصَنف كإرهاب وفعلها فعل إرهابي.

أما مع الانتفاضة أو الثورة المعاصرة، وحتى بعد وقف إطلاق النار على جبهة غزة، فإن الأمور لم تعد كما كانت :
- عادت فلسطين إلى أصولها كشعب خاضع للاحتلال ويمر بمرحلة تحرر وطني.
- تراجع الحديث عن فتح وحماس ومشروع وطني وأخر إسلامي كما توقف التراشق الإعلامي وتراجعت الرايات الحزبية عن المشهد ليحل محلها علم فلسطين الذي يرتفع داخل الخط الأخضر والقدس والضفة وغزة والشهداء يُكَفنون بالعلم الفلسطيني.
- تم رد الاعتبار للمقاومة الفلسطينية التي كانت تًصنف كعمل إرهابي حيث أصبح العالم يعترف بأن من حق الشعب الفلسطيني الدفاع عن نفسه وأن كل أشكال المقاومة مبررة ومشروعة في مواجهة الإرهاب الصهيوني .
- تفاعل فصائل المقاومة في غزة وفلسطينيو الخط الأخضر ومناطق الضفة الغربية بالإضافة إلى فلسطينيي الشتات مع ما يجري في القدس يؤكد على وحدة الشعب الفلسطيني في كل أماكن تواجده .
- عاد فلسطينيو الشتات ليمارسوا دورهم النضالي في المشهد السياسي من خلال تواجدهم على نقاط التماس على الحدود الأردنية واللبنانية مع فلسطيني، وفعالياتهم الجماهيرية في بلاد الشتات.
- تم استحضار التوصيف الأول والمقولات الأولى للثورة الفلسطينية بأن الشعب الفلسطيني الرقم الصعب الذي لا يمكن تجاوزه وأن السلام يبدأ من فلسطين والحرب تندلع من فلسطين وأن لا سلام في فلسطين والعالم إلا بسلام وسلامة الشعب الفلسطيني وحل قضيته حلاً عادلاً.
- استعادت فلسطين بعض بعدها القومي العربي وعادت كقضية مركزية عند غالبية الشعوب العربية حيث المسيرات والمظاهرات تعم مدن العالم العربي من المغرب إلى قطر.
- عادت القضية الفلسطينية إلى مكان الصدارة في وسائل الإعلام الدولية والعالمية وفرضت حضورها إقليمياً ودولياً حيث المظاهرات تعم عديد المدن الأوروبية والأمريكية بآلاف المتضامنين، واضطر الرئيس بايدن وإدارته لمنح القضية الفلسطينية الأولوية حتى وإن كان الاهتمام من باب الخوف على إسرائيل.
- عاد الأمريكيون والأوروبيون والمنظمات الدولية يتحدثون عن الظلم الواقع على الفلسطينيين وعن حق الفلسطينيين بأن يعيشوا بأمان ويكون لهم دولة مستقلة.
- طالبت واشنطن والدول الاوربية بالحفاظ على الوضع القائم في القدس وضمان حرية العبادة لجميع الأديان ورفض تهجير سكان حي الشيخ جراح.
- تزعزع تماسك إسرائيل ،دولة ومجتمعاً، وأهين الجيش بصواريخ المقاومة وانكشفت مزاعم نتنياهو بأن إسرائيل دولة يهودية ديمقراطية.
- أصبحت العديد من دول العالم مقتنعة بأن عنصرية نتنياهو وغروره وأكاذيبه وعنصرية إسرائيل واحتلالها للفلسطينيين السبب في تدهور الأوضاع في فلسطين والمنطقة، وأن دولة الكيان الصهيوني دولة حرب وعدوان.

هذه المتغيرات وإن كانت مرتبطة براهن الأحداث وبمشاهد الدمار والخراب وجثث الشهداء وصراخ وعويل الأطفال والنساء وبانكشاف الإرهاب الصهيوني، إلا أنه يمكن الحفاظ عليها وتطويرها والبناء عليها لتصويب مسار القضية وطنيا وعربيا وإقليميا ودوليا، ومؤشرات كثيرة تُشير بأن نظرة العالم تجاه الصراع في فلسطين وعلى فلسطين قد تغيرت لصالح الشعب الفلسطيني، كل ذلك يتطلب من الطبقة السياسية اقتناص هذه اللحظة لإحداث اختراق في مجمل الحالة السياسية داخليا وخارجيا.
الفلسطينيون الجُدد الذين تصدوا لجيش الاحتلال وقدموا الشهداء أعادوا القضية إلى جذورها وأصولها الأولى، وستكون الطبقة السياسية بكل مستوياتها السياسية مجرمة بحق الشعب إن خذلته وخذلت انتفاضته وعادت إلى مربع الانقسام وتقاسم مغانم السلطة أو الصراع عليها.
بعد وقف إطلاق النار وحتى يتم استثمار ما جرى للمصلحة الوطنية وقبل أن تخمد الهبة الشعبية ويخرج صناع الفتنة من جحورهم , وحتى نكون واقعيين ونبتعد عن الشعارات والعواطف، المطلوب وبسرعة ما يلي :-
1- وحدة وطنية عاجلة على المستوى القيادي الأعلى ومركز اتخاذ القرارات الاستراتيجية وهي منظمة التحرير بحيث تكون كل فصائل المقاومة في غزة جزءا أصيلاً فيها، فالوقائع على الأرض تؤكد جدارة حركتي حماس والجهاد الإسلامي بأن تكونا جزءا من عملية اتخاذ القرار الاستراتيجي وليس مجرد المشاركة في حكومة قد لا تدوم إلا لأشهر
2- تصويب مسار المصالحة‘ إن كان له أن يعود، بالبدء بمنظمة التحرير ثم الانتخابات التشريعية والرئاسية أو تكون متزامنة.
3- حتى لا يتم حرف غزة الأنظار عن جوهر الصراع يجب الحفاظ على حالة المقاومة الشعبية في كل مكان حسب خصوصيات كل منطقة فلسطينية وهذا يتطلب قيادة شعبية ميدانية تضمن عدم حرف المقاومة السلمية عن مسارها وكشف كل من يحاول ذلك.
4- التوافق على مشروع سلام فلسطيني يتجاوز المشاريع السابقة ويأخذ بعين الاعتبار التحولات والمتغيرات المستجدة وطنياً وعربياً ودولياً، لأن لا حرب أو مقاومة دون برنامج سلام، والمرحلة القادمة ستشهد مبادرات دولية لإحياء المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية.
5- ضرورة إعادة تشكيل لجنة المفاوضات أو الفريق الذي سيتفاوض في أية تسوية سياسية قادمة وعدم ترك الأمر لنفس الفريق السابق الذي فقد كبيره – صائب عريقات- والذي كان مقتصرا على حركة فتح فقط.
واخيرا، نعلم أن هذا المطلوب وطنياً يصطدم بالنوايا الخفية والحسابات الحزبية للطبقة السياسية الحاكمة في غزة والضفة، وفي هذا السياق فإن التساؤلات التالية تفرض نفسها:
1- هل تقبل حركتا حماس والجهاد بالدخول في المنظمة ضمن برنامجها الحالي وخصوصاً في مسألتي الاعتراف بإسرائيل واتفاقية أوسلو والموقف من النضال المسلح؟ .
2- هل حركة حماس تريد بالفعل أن تكون جزءا من المشروع الوطني أم ما زال لها مشروعها الإسلامي المغاير للمشروع الوطني؟ .
3- هل منظمة التحرير مستعدة للاعتراف بفشل نهج أوسلو وأن الأمور كانت تسير لغير صالح القضية الوطنية وأن النظام السياسي بكامله يحتاج لإعادة بناء وتفعيل وكانت أدواته متكلسة وعاجزة عن التفاعل مع متغيرات كثيرة تجري وطنيا وعربيا ودوليا.
4- هل قيادة منظمة التحرير ،وخصوصاً حركة فتح، تقبل بإشراك قوى المقاومة المسلحة في النظام السياسي وخصوصا في مركز أتخاذ القرار؟ وهل هي مستعدة لتقبل المتغيرات الجديدة في الواقع الفلسطيني؟ .
نأمل أن يتم تذليل كل العقبات لأن الفلسطينيين الجُدد لن يسمحوا بالعودة للانقسام وان تذهب دماؤهم هدراً.
[email protected]








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - العرب عرب والجينات واحده
سهيل منصور السائح ( 2021 / 5 / 24 - 04:34 )
بعيدا عن كل التمنيات ـ التي نتمنى تحقيقها ـ لكن ما حدث في الربيع العربي هو اكبر شاهد على ما سيتم في فلسطين ولو بعد قيام دولة. الاتجاهات ليست واحدة. حماس والسلطة كل له ارتباطاته الخاصة ولكن اذا صمم الفلسطينيون الجدد ابعاد المنظمتين او ادخالهما في المسار السياسي الجديد بعقول متفتحة بعيدا عن المصلحة الذاتية ـ وهذا مشكوك فيه ـ سيتم النصر انشاء الله. دعنا ننتظر والله الموفق.

اخر الافلام

.. قرارات بتطبيق القانون الإسرائيلي على مناطق تديرها السلطة الف


.. الرباط وبرلين.. مرحلة جديدة من التعاون؟ | المسائية




.. الانتخابات التشريعية.. هل فرنسا على موعد مع التاريخ ؟ • فران


.. بعد 9 أشهر من الحرب.. الجيش الإسرائيلي يعلن عن خطة إدارة غزة




.. إهانات وشتائم.. 90 دقيقة شرسة بين بايدن وترامب! | #منصات