الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اختارت إسرائيل مجتمعاً ذا مستويين، والعنف هو النتيجة الحتمية لذلك

عادل حبه

2021 / 5 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


التنكر لحقوق الشعب الفلسطيني لا يمكن أن يدوم على مدى بعيد
بقلم حجاي أل عاد*
المصدر: صحيفة الواشنطن بوست
ترجمة عادل حبه
يقضي معظم اليهود الإسرائيليين وقتهم مدعين بأن غزة ومليوني فلسطيني قد مسحوا من على وجه الأرض. إن ما يتعرض له السكان المدنيون الفلسطينيون إلى الحصار، وتحيط بهم المياه الملوثة، والحرمان من تصاريح الخروج حتى للرعاية الطبية الأساسية ، علاوة على الأساليب اللامتناهية التي يتعرض فيها الفلسطينيون في قطاع غزة للإذلال من قبل إسرائيل يوماً بعد يوم، كل ذلك مشاهد غير مرئية إلى حد كبير بالنسبة للنصف اليهودي من السكان الذين يعيشون في المنطقة الواقعة بين نهر الأردن والبحر الأبيض المتوسط. وظل غير مرئياً بإستثاء مرة كل بضع سنوات ، عندما تطلق صفارات الإنذار وتنهال الصواريخ مما يشكل صحوة رهيبة لهم.
وعلى غرار ذلك، تفضل إسرائيل أن يظل غير مرئياً مشهد العائلات الفلسطينية المقرر إخلائها قسرياً في حي الشيخ جراح - وهو حي في القدس الشرقية المحتل في جزء من أجزاء الضفة الغربية حيث تسعى إسرائيل إلى ضمها رسمياً. تنعكس هذه الرغبة الإسرائيلية باللغة الرسمية: حيث وصفت وزارة الخارجية الإسرائيلية إن عملية التطهير التدريجي التي أقدمت عليها الدولة ضد الفلسطينيين، لتحل محلها عائلات يهودية، على أنها مجرد "نزاع عقاري بين أفراد". ويستند هذا "النزاع" إلى تشريع عنصري وقانون تم تشريعه في عام 1950 ووفي عام 1970 في ظل الحكومات العمالية "اليسارية"، الذي يسمح لليهود ، ولكن ليس للفلسطينيين، بتقديم مطالبهم بخصوص ملكية العقارات التي تعود إلى ما قبل عام 1948. لقد نجح النشطاء الفلسطينيون هذا الشهر في التأكيد على أن هذه الإنتهاكات لا يمكن تجاهلها.

وهناك حقيقة هي الأخرى تبدو غير مرئية: وهي تهديم منازل الفلسطينيين بدعوى أنها بنيت بدون تراخيص، في ظل نظام مخطط لحرمان الفلسطينيين من القدرة على الحصول على هذه التراخيص. وعلى غرار ذلك يُقتل الفلسطينيون دون عقاب على أيدي قوات الأمن الإسرائيلية، في نظام مخطط على الإطلاق تقريباً بعدم محاسبة أي شخص على الإطلاق، أو حقيقة أن منظمات المستوطنين الإسرائيليين تنتقل من المدن "المختلطة" داخل إسرائيل - وهي المدن ذاتها التي أصبح معظم الفلسطينيين لاجئين منها منذ 73 عاماً ولم يُسمح لهم بالعودة إليها، في نظام مخطط لمزيد من تهويد هذه الأرض.
هذه ليست سوى أجزاء معدودة من واقع ما يجري في إسرائيل وفي الأراضي الفلسطينية. لقد أصبح الفصل العنصري هو مبدأ تنظيمي يربط بين جميع أشكال الاستعمار والتهجير والحرمان والقمع والهيمنة والسيطرة. يمكن أن يكون الفلسطينيون مواطنين من الدرجة الثانية أو "مقيمين دائمين" أو رعايا محتلين أو لاجئين. قد تختلف التفاصيل، لكن النمط هو نفسه: حيث يتم التعامل مع جميع الفلسطينيين الذين يعيشون تحت الحكم الإسرائيلي على أنهم أدنى في الحقوق والمكانة من اليهود الذين يعيشون في نفس المنطقة.
إن منظمتي ، وهي مجموعة حقوق الإنسان "بتسيلم" ( B’Tselem )، اقتصر تفويضها عند تأسيسها في عام 1989 على الضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية وغزة. ولكن مع اتضاح نوايا إسرائيل بعيدة الأمد، وهي قرض السيطرة دون منح ملايين الفلسطينيين حقوقهم أو مواطنتهم، فإننا نعتقد أن انتهاكات الحقوق في تلك الأماكن لا يمكن فصلها عن السياسة الشاملة للتمييز العنصري المطبقة في جميع أنحاء المناطق الواقعة تحت السيطرة الإسرائيلية. لقد طرحنا أدلتنا من أجل التغيير في ورقة تحت عنوان "هذا هو الفصل العنصري"، وذلك في كانون الثاني؛ وبالمثل ، توصلت منظمة "هيومن رايتس ووتش" إلى قرار قانوني واسع النطاق في نيسان مفاده أن المسؤولين الإسرائيليين يرتكبون جريمة الفصل العنصري.
على مدى عقود، أقدمت إسرائيل على عزل نفسها عن مشروع احتلالها المفترض أنه منفصل ومؤقت. ولكن طالما نظر الفلسطينيون إلى ذلك، وأطلقوا علىيه نظام الهيمنة العرقية، وهذا الاسم الصحيح. تشخيص الفصل العنصري هذا دقيق ليس فقط لأن الاحتلال لا ينفصل عن إسرائيل، فمن هو الذي يدير النظام العسكري في الأراضي المحتلة؟. وبسبب سياسات الهيمنة والتفوق العرقي لمجموعة (اليهود) على مجموعة أخرى (الفلسطينيين)، غدا ذلك في صميم الواقع القائم بين النهر والبحر.
في هذا السياق، فإن اندلاع أعمال العنف، خاصة تلك التي حدثت هذا الشهر، والتي كانت مروعة بدرجة كافية كي تغطي كل شبكات الأخبار العالمية، وهذا ليس أمراً عفوياً، فالعنف سمة من سمات هذا النظام. عنف الدولة أداة دائمة لنزع الملكية والسيطرة وإعادة الهندسة الديموغرافية و"الردع". إن المقدار النوعي من العنف المطبق يتغير دائماً، والخوف الذي يمليه هذا العنف لا يغيب أبداً عن المشهد.

يقوم نتنياهو بقمع معارضة اليهود الإسرائيليين الآن أيضًا. وهكذ ما حدث مراراً وتكراراً، وعندما يتساقط جزء أو أكثر من هذه الشظايا، تبرز المفاجأة عندما ينتاب الذعر الناس، ويتم بذل الجهود لاستعادة ما يسمى بشكل مضلل "الوضع الراهن". لكن هذا لا يعني أبدًا أن العنف قد ينتهى حقًا. فهذا يعني فقط أن عنف إسرائيل ضد الفلسطينيين أصبح مرة أخرى غير مرئي، ومرة أخرى،يتم اختفاء التوتر (بالنسبة للبعض) ، في حين أن الظلم يبقى منتشراً في كل مكان (بالنسبة للبقية).
هناك قبول بأكذوبة أن إسرائيل دولة "يهودية وديمقراطية"!!. في الواقع، إنها كيان ثنائي القومية وغير ديمقراطي بطبيعته يحكمه نظام الفصل العنصري. قد يخدم تجزئة الفلسطينيين إلى تشويش الحقيقة، ولكن كيف يمكن اعتبار واقع التكافؤ الديمغرافي، وجود حوالي 7 ملايين يهودي ، وحوالي 7 ملايين فلسطيني، ولكنه يعتبر "يهودياً" نقياً؟ ومادام معظم هؤلاء الفلسطينيين محرومين من حقوقهم ، فكيف يمكن اعتبار ذلك النظام "ديمقراطياً"؟
كانت السياسة الخارجية للولايات المتحدة لعقود من الزمان تمكن هذا النظام وتضمنه وتحميه من عواقب ذات مغزى، ليس فقط من خلال تقديم المساعدة المتعددة الجوانب والمباشرة لإسرائيل، بل أيضاً من خلال الفيتو الأمريكي المتكرر في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لصالح إسرائيل، ونشر وهم "عملية السلام" الأمريكي التي لا نهاية لها على ما يبدو، بدلاً من إعطاء الأولوية لحماية حقوق الإنسان التي تُنتهك كل يوم. ويأتي الإفلات الإسرائيلي من العقاب بعلامة كبيرة "صنع في الولايات المتحدة"، لأن واشنطن هي المكان الذي يتم تصنيعه.
ولابد أن يمضي اهتمام وسائل الإعلام قدماً في نهاية المطاف. ففي غياب التغيير الهيكلي ، ستستأنف الجهود المبذولة لجعل هذا الظلم غير مرئي مرة أخرى حتى الدورة التالية. بالطبع ، يرغب الكثير من الإسرائيليين في العودة إلى حالة العمى المتعمد. لكن الأجزاء تتجمع، ويصبح تزوير الصورة أكثر صعوبة من السابق.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
*ناشط إسرائيلي في حقوق الإنسان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. السودان الآن مع عماد حسن.. دعم صريح للجيش ومساندة خفية للدعم


.. رياض منصور: تغمرنا السعادة بمظاهرات الجامعات الأمريكية.. ماذ




.. استمرار موجة الاحتجاجات الطلابية المؤيدة لفلسطين في الجامعات


.. هدنة غزة.. ما هو مقترح إسرائيل الذي أشاد به بلينكن؟




.. مراسل الجزيرة: استشهاد طفلين بقصف إسرائيلي على مخيم الشابورة