الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المستعربون: القرعاء التي تتباهى بشعر خالتها

نضال نعيسة
كاتب وإعلامي سوري ومقدم برامج سابق خارج سوريا(سوريا ممنوع من العمل)..

(Nedal Naisseh)

2021 / 5 / 25
القومية , المسالة القومية , حقوق الاقليات و حق تقرير المصير


إشكالية العرب والمستعربون كانت، ولا زالت، قائمة وتستدرج الكثير من التأمل وتثير العديد من التساؤلات الصعبة التي قد لا يمكن العثور على أجوبة شافية لها، فالمستعربون الذين ينسبون أنفسهم لما تسمى بالعروبة زوراً وبهتاناً أمعنوا في إنتاج ظواهر ديمغرافية وأنماط سياسية مريبة أدت لمآزق ومحن عارمة وعميقة لم تستطع من خلالها أن تنال عنب الشام ولا أن تقطف بلح اليمن، وبعبارة أخرى لم تستطع، مستوطنات الاستعراب، أن تحظى بشرف الانتماء لـ"العرب" واللحاق بهم، ولم تقدر بالوقت نفسه توحيد مجرد حي أو قرية من القرى التي تقبع تحت سلطان المستعربين والتي-أي القرية- تنخر فيها كل أشكال وأنماط التفسخ الطائفي والعشائري والعرقي والعائلي وينتشر فيها سوس التفكك والانقسامات المجتمعية المتعددة نتيجة فقدان الهوية وغياب الانتماء.
ومن الملاحظات اللافتة والأولى في سلوك المستعربين، هي أنه ومن المرات النادرة بالتاريخ البشري أن يتباهي ويتفاخر بشر تحت الاحتلال والاستعمار بمن استعمرهم واحتل أرضهم وطمس هوياتهم ولغاتهم وغيـّر تاريخهم وفرض ثقافته وتفكيره وسلوكه عليهم، ويرقى، وفي كثير من الأحيان، هذا التمجيد والإطناب، حد التقديس وعبادة الاحتلال والمحتلين ورموزهم من السفاحين الغزاة والطغاة المجرمين الذين ارتكبوا مجازر وإبادات بحق السكان الأوائل الأصليين، والتهليل لهم في صلواتهم وقيامهم وقعودهم آناء الليل وأطراف النهار.
يشعر المستعربون عموماً، وكما نرى، بدونية ما وبعقد جينية مستحكمة ومستفحلة، وبفراغ بالهوية وضعف بالانتماء وضياع وجودي عام، حاولوا التعويض عنه بنسب أنفسهم لعرب الجزيرة العربية، وقبائلها، وادعاء الانتماء لتلك البقعة الجغرافية من العالم التي حافظت نوعاً ما على هوية واضحة، وتمثلت وتبنـّت منظومة قيمية وسلطوية أبوية تراثية محددة ما زالت تحافظ عليها ، فيما يعاني المستعربون من تخبط عام على صعد شتى.
ولهذا، فقد اخترع وأنشأ المستعربون هياكل وأحزاب وكيانات سياسية وهمية ومؤسسات خاصة ومنظمات شعبوية أخرى، و"جامعة دول عربية" (آلت قيادتها لاحقاً للعرب الأصليين بعدما أسسها زقادها بالبدايات عسكر مستعربون)، ومن باب التعويض، لتمجيد احتلال العرب لبلدانهم والتغني بالغزو وباتوا يغدقون بـ"الهوية العربية" ولغة العروبة المزعومة على السكان الأصليين من غير العرب، ويوزعون شرف الانتماء للعرب على بقية البشر. ونشأت وازدهرت هذه الأحزاب وانتعشت في أعقاب سقوط دولة الخلافة الإسلامية العثمانية مبكراً في بدايات القرن الماضي، باعتبارها –أي الأحزاب- البديل الموضوعي والثقافي والإيديولوجي والسياسي لنظام حكم الخلافة الإسلامية، وباتت هذه الأحزاب القومية والعروبية في بلاد المستعربين ومستوطنات الاستعراب مصدر شرعية وقانونية النخب السياسية والعسكرية وكل الطامحين والطامعين للوثوب للقصور الرئاسية، وأقحموها بدساتيرهم كمواد مقدسة لا يجوز المساس بها.
وتظهر الخريطة الجينية والعرقية لآباء القومية العربية ومؤسسي الاستعراب السياسي انحدار وتجذر معظمهم، من كل تلكم الأعراق والطوائف والملل والنحل التي لم تكن عربية وإسلامية قحة كالأرسوزي وعفلق والحصري وسواهم من مدمني ومتعاطي حشيش الاستعراب.
ومن بين أهم الأسئلة، الأخرى، وربما الكبرى، التي تواجه المستقرئ المتابع لواقع المستعربين المر والأسود، وهي من نمط لماذا لا يوجد احزاب قومية وعروبية وبعثية وناصرية ووحدوية و"اشتراكية" في معاقل العرب وارض العرب في الحجاز والجزيرة العربية"؟ ولماذا اختص المستعربون، فقط، وأبناء المستعمرات والمستوطنات العربية وضحايا احتلال قبيلة قريش بإنتاج وتسويق وتشكيل الأحزاب القومية العربية وتفاخروا بالانتماء لما تسمى بالعروبة فيما لا يعترف العرب الأقحاح من أبناء الجزيرة العربية بعروبة المستعربين، ولا يأخذونهم على محمل الجد ويرفضونهم لا بل يتهكمون عليهم وعلى أصولهم وأنسابهم المجهولة وغير المعروفة، ولا يجدون، في الوقت نفسه، ومن باب العرف والمعرفة والثقة بالنفس، ثمة حاجة لإنشاء أحزاب "قومية عربية" تؤكد لهم هويتهم العربية الأصيلة، أما الستعربون المساكين الدروايش الضائعون التائهون في بحور الهوية والانتماء فباتوا كالقرعاء التي تتباهي بجدائل وسوالف بنت خالتها السابلة الفحماء....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اينما يكون الاسلام قويا لاتجد قوميين او شيوعيين
منير كريم ( 2021 / 5 / 25 - 12:24 )
تحية للاستاذ المحترم
اينما يكون الاسلام قويا لاتجد قوميين او شيوعيين
البعث والقوميين العرب والحزب السوري الاجتماعي نشأت في منطقة الشام واضطلع بتاسيسها المسيحيون والطوائف البعيدة نسبيا عن الاسلام الرسمي وهذه كانت احزابا علمانية وفكرة القومية العربية الناصرية لم تنشأ شعبيا وانما من خلال سلطة عبد الناصر وقد امتدت الايديولوجية العروبية للعراق واليمن وبقت السعودية والخليج ودول شمال افريقيا بعيدة عن هذه الايديولوجية لان الاسلام قوي في هذه الدول
الماساة بين القومية العربية والاسلام السياسي ضاعت الاحزاب الوطنية الحقيقية وبقينا معلقين بين وهمي العروبة والاسلام
البلدان العربية اصبحت امما مختلفة ولابد لها من احزاب وطنية ديمقراطية
شكرا لك


2 - الخلاصه
على سالم ( 2021 / 5 / 25 - 14:52 )
تبدو الحقيقه عاريه وواضحه تماما , العروبه ماهى الا مرض اجتماعى وثقافى وعقلى ونفسى خطير ومدمر وفتاك , اذا ماضفنا الاسلام الى العروبه تكون النتيجه توليفه كارثيه لقطيع العربان البؤساء الحمقى الجوعى


3 - لا يمكن ذم العرب كبشر وانما يجب انتقاد الافكار
منير كريم ( 2021 / 5 / 26 - 16:54 )
السيد علي سالم المحترم
في الحوارات لايمكنك ذم العرب كبشر وانما يمكنك انتقاد الافكار
تستطيع ان تنتقد الايديولوجية البعثية والناصرية حول الوجدة العربية ومسألة فلسطين وتستطيع ان تنتقد الاسلام كيفما تشاء ولكن ذم العرب والمسلمين هو نوع من العنصرية
شكرا لكم

اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح