الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


برعوثا .. حكيم بابل ..أول من كتب التاريخ

واثق الجلبي

2021 / 5 / 25
الادب والفن


يعد برعوثا أو برحوشا أو بيروسوس من أهم المؤرخين العراقيين القدامى حيث لم يسلط عليه الضوء بصورة كافية فنقلت عنه بعض النقولات في الويكيبيديا وغيرها من الموسوعات العالمية حيث استطاع برحوشا أو بيروسوس باليونانية وهو كاهن وفلكي ومؤرخ كلدي من بابل الذي عاش في القرن الثالث قبل الميلاد ولد بيرسوس خلال أو ربّما إثر فترة حكم الإسكندر المقدوني لبابل وذلك بين سنتي 330 إلى 323 ق.م.، أو وعلى أقصى تقدير سنة 340 ق.م. أن يؤسس لحركة تاريخية مهمة حيث كان المفصل الاقوى في العصر الهيليني . هناك اعتقاد بأنّ اسمه فاللغة الأكدية كان "بعل رعي شو" ومعناها (بعل هو الراعي) برعوثا كاهن بابلي ورد اسمه في المصادر اللاتينية بلفظ بيروسوس وجاء الاسم في معجم الحضارات السامية وأصل الاسم في البابلية هو بِل أُصُر ويعني «يابعل (مردوخ) احمِ!». لايُعرف تاريخ ولادته ووفاته على نحوٍ دقيق. ولكن يبدو أنه كان شاباً إبان سنوات حكم الاسكندر في بابل (331- 324/323 ق.م)، وعاصر أنطيوخوس الأول Antiochos I، أي عاش في النصف الثاني من القرن الرابع والنصف الأول من الثالث ق.م.تعود شهرته إلى مصنفه عن تاريخ بلاد بابل المعروف باسم :«البابليّات» وكذلك باسم «الكَلْديّات». صنّفه باللغة اليونانية في مطلع عهد أنطيوخوس الأول؛ بين 179- 272 ق.م، وأهداه إليه. وقد تأثر به أنطيوخوس الأول، فحسن معاملته مع كهنة بابل، واهتم بترميم المعابد في البلاد. وثمة مقتطفات منه نقلها الكتّاب والمؤرّخون الكلاسيكيون مثل بوليستور وأوسيبيوس ويوسيفوس وغيرهم. يقع مصنف تاريخ بابل في ثلاثة كتب:
الأول: يبحث في بدايات الحياة البشرية والخليقة الى الطوفان (432000) سنة ويتضمن وصفاً للبيئة الجغرافية والنباتات في بلاد بابل
.الثاني: يعرض أسماء الملوك العشرة الأوائل قبل الطوفان متسلسلةً، ثم يروي خبر الطوفان. يورد بعدها أسماء ستة وثمانين من الملوك الذين حكموا بعد الطوفان فالسلالات التاريخية التالية حتى عهد نَبوخذ نَصَّر. (35791)سنة.
الثالث: عرض فيه للملوك الذين حكموا بعد نبوخذ نصر حتى غزو الاسكندر المقدوني للبلاد، وفيه يذكر سنوات حكم كل منهم وأهم الأحداث التاريخية فيها (468215) سنة كما ترد فيه معلومات فلكية عن القمر خاصة.معلومات المصنَّف منظومة ببراعة، وتتصف بتوافق كثيرٍ منها مع ما جاء في المصادر المسمارية والكلاسيكية؛ ولاسيما قوائم أسماء الملوك. كما تعكس سعة علمه في مجال علم الفلك، وقد استفاد اليونانيون منه في ذلك العلم.وقد لخص ذلك المصنف الملك يوبا الموريتاني (نسبة إلى الاسم القديم لشمالي إفريقية) في جزأين، ونقل عنهما المؤرخان ايليان وتاتيان من مؤرخي القرن الثاني الميلادي. وتواترت عملية النقل والاقتباس منه في العصور اللاحقة. وبقي كتاب «البابليّات» من أبرز المصادر المباشرة عن تاريخ بلاد بابل في مطلع العصر السلوقي.انتقل برعوثا في أواخر حياته ـ لأسباب مجهولة ـ من بابل إلى جزيرة كوس اليونانية (شمال شرقي جزيرة كريت)، ويرجح أنه مات فيها.تناول هذا العالم العراقي علوم الفلك والتنجيم وعلم العناصر ولفب بالمنجم وكانت كتاباته الوسيلة لنقل علوم العراقيين الى مصر وفارس واليونان والاغريق والهند وكل الحضارات القديمة حتى ان العلوم الكلدانية البابلية اكتسحت العالم القديم برمته حتى في مسألة مناظرة الحيوانات والاشجار فيما بينها وتحول تخاصم شجرة الطرفاء والنخلة البابلية الى تخاصم الغار والزيتون اليوناني ثم الى مارية ومارته المسيحية .نحتاج الى اعادة قراءة تاريخنا بصورة جدية والا نهمل اي تفصيل حتى ان كان صغيرا فكيف برجل كتب للعالم تاريخه القديم ؟ تنقصنا المصادر الكثيرة لكن ما بايدينا ليس بالشيء البسيط حتى نتكاسل كل هذا الكسل . شخصية برعوثا الكلداني شخصية مثيرة ولافتة للانتباه حتى ان علماء الغرب استفادوا من تجاربه وكتبوا عنه وبرغم ما كتبوه والذي يعد نزرا يسيرا وعلى استحياء لكنهم اشاروا الى عظم خطر هذه الشخصية فلم يستطيعوا تجاوزه حيث ذكره جورج سترابون في جزئه الرابع من تاريخ العلم شيئا قليلا .
وتم نقل وقائع سفر الطوفان الكلداني عن طريق كتابات (برعوثا) ذات ليلة تجلى الإله (كرونوس) للملك (اكسوثروس) في الحلم وأنبأه بإهلاك الحياة على الأرض بواسطة طوفان مدمر. ثم أمره بكتابة ألواح عن كل شيء يتعلق بالحضارة الإنسانية، وطمر هذه الألواح في سيبار مدينة إله الشمس. وذلك لحفظ منجزات الحضارة من الضياع. كما أمره ببناء سفينة يصطحب فيها عائلته وأقاربه وأصدقاءه، وما يكفي من المؤن، ويحمل إليها الحيوانات من طيور وثديات.وبعد أن هدأ الطوفان أرسل (اكسوثروس) بعض الطيور. على ثلاث مراحل، في المرة الأولى لم تجد الطيور مكاناً تهبط إليه فعادت إلى السفينة. في المرة الثاني، تعود وعلى أرجلها آثار من الطين. وفي المرة الثالثة، لا تعود بتاتاً. فيستدل (اكسوثروس) أن الماء قد انحسرت وأن الأرض قد انكشفت. فيقود سفينته حتى تستقر على أحد جبال أرمينيا. بعد ذلك، ينزل كل من (اكسوثروس) وزوجته وابنته وملاح السفينة إلى اليابسة ويسجدون للآلهة ويقدمون القرابين والتضحيات.يكافئ هؤلاء الأربعة بالحياة الخالدة ويُرفعون ليحيوا مع الآلهة. لكن الآخرين في السفينة بلاحظون غيابهم فيبدؤون بالبحث عنهم، وبينما هم في حيرة أمرهم يأتيهم صوت من السماء يأمرهم بالتقوى والصلاح. وأنّ عليهم العودة إلى بابل وأن يستعيدو الألواح المطمورة في سيبار. وعندما سمعوا ذلك الصوت، قاموا بتقديم القرابين والأضاحي للآلهة، ومضوا إلى بابل سيرا على الأقدام. وقبل وصولهم عرجوا إلى حيث الالواح فاسترجعوها ثم تابعوا فبنوا المدينة من جديد، وشيّدوا مدناً أخرى وأقاموا المعابد والهياكل.
برعوثا البابلي فقد كان في اكبر معابد بلاد ما بين النهرين وهو معبد الاله " مردوك " في العاصمة " بابل " ، وكان اغنى البيوتات المقدسة في الشرق القديم بكنوزه الثمينة من الوثائق القيمة المكتوبة على رقم طينية محفوظة في اجنحة مستودعاته الضخمة . وكان " برعوثا " على درجة كبيرة جدا من الثقافة شأنه في ذلك شأن الكثيرين من كهنة المعابد وخاصة كهنة معابد " مردوك " الاله الذي سجدت له شعوب كثيرة وامم غفيرة في العالم القديم لمدة زادت على خمسة عشر قرنا من الزمن خلت على عصر هذا الكاهن الكبير العالم . ولذلك حوت مكتبته هذا التراث الضخم ، الذي وجد " برعوثا " طريقة مفتوحة اليه بحكم مهنته . وهناك ايضا عاملان آخران يضفيان على اعماله اهمية خاصة ، هما :
1- معاصرته للإسكندر المكدوني .
2. اتقانه الى جانب " اللغات الشرقية " المعروفة في عصره ، اللغة اليونانية كتابة وحديثاً ، وقد اختارها كذلك وسيلة لتأليف مجلده الضخم وتدونيه . لقد توفرت له جميع الاسباب التي مكنته من انجاز مهمته الضخمة ، والاستفادة من مكتبة معبد " مردوك " قبل ان تأتي يد الغزاة المخربة على ما تبقى قائماً من معابده في " بابل " وغيرها من مدن بلاد ما بين النهرين القديمة . وبدأ " برعوثا " حوالى عام 280 ق.م . بكتابة ثلاثة مؤلفات حول التاريخ البابلي وقدمها هدية للملك " انتيوخوس " الأول .
كان المؤلف الأول بعنوان " الحكمة " سرد فيه الاساطير البابلية ، وبحث في الثاني تاريخ بلاد ما بين النهرين منذ " بداية الخليقة " حتى عهد الملل الآشوري " تيغلات بيليزر" الثالث . وخصص المؤلف الثالث لتدوين تاريخ بلاد ما بين النهرين حتى وفاة " الاسكندر " .

ولكن لم يصلنا – للأسف الشديد – هذه المجلد الضخم بنصوصه الأصلية وانما وصلنا منه بعض الفصول والأخبار التي نقلها عنه فلافيوس يوسفوس ويوليوس افريكانوس واويزيبيوس وخاصة اسكندر بولهيستور حوالي 70 ق . م .) كما اسلفنا ذكرهم الذي عرّف العالم اليوناني بهذه المؤلفات القيمة . ونقل عنه اتينايوس ونجد ايضا عند اويزيبيوس تسجيلاً لقائمة الملوك التي وضعها " برعوثا " : لقد حدد " برعوثا " المدة التي شغلتها العصور الزمنية بدءا من الطوفان الكبير وانتهاء بوفاة الاسكندر بـ 36000 سنة ، والمدة التي سبقت عصر " الطوفان " بـ 432000 سنة . فإذا كان هذا العالم الكاهن قد عنى بالدهور التي سبقت " عصر الطوفان " العصور الحجرية ، فيكون تحديده لها قد جاء قريباً من تقديراتنا الحالية للمدة الزمنية التي استغرقتها العصور الحجرية وهي نصف مليون عام ، ان هذا يؤكد بلاشك الدقة التي اتصفت بها دراسات هذا العالم البابلي
وفي الروايات التوراتية التي يفترض ان احداثها تعود الى ما بعد بداية القرن الثاني عشر قبل الميلاد نجد في سياقها تناقضات وتشويشا ظاهرا في ربطها الأحداث بعضها ببعض . فمثلاً عندما يتحدث كتاب التوراة حول اسحق يذكرون الفلسطينيين ايضا ، علما ان هؤلاء لم يعرفوا في ارض كنعان الا بعد بداية القرن الثاني عشر قبل الميلاد . ولابد ان اسحق عاش قبل ذلك بعدة قرون من الزمن ، وذلك في حالة اقترضنا جدلا انه كان شخصية حقيقية على مسرح التاريخ .


وكما نعرف ان هناك شبه إجماع على أن من بنى حدائق بابل المعلقة هو الملك البابلي نبوخذ نصر الثاني، الذي حكم بين 562 و605 قبل الميلاد. كان عاشقاً لزوجته، متيماً بها، كان تأثيرها فيه قوياً. من هنا، ترجع الكثير من الدراسات سبب بناء حدائق بابل إلى زوجته أميتس الميدونية، ملكة بابل، ابنة أحد كبار عساكر التحالف الذي وقف بجانب والد نبوخذ نصر، في حرب والده، ضد الآشوريين.أصيبت أميتس بالكآبة التي سرقت كل سعادتها، ولم يرضها شيء. افتقدت الشهية والرغبة في العيش على تلال بلاد فارس، أو على أرض بابل المسطحة. استدعى نبوخذ نصر مهندسيه المعماريين وفنانيه، وعرض عليهم فكرته التي بدت لهم ضرباً من الخيال. فقد قرر أن يسكنها قريبة من السماء، في مبنى، قصر لا يضاهيه قصر، فوق تل من إبداع مهندسيه، وعلى شكل حدائق بشرفات مطلة على المدى، ترى أميتس من خلالها كل شيء، ولا يراها أحد. وكان ذلك أجمل عربون حب من ملك لملكته التي اعتلت عرش قلبه. كانت المحصلة المجنونة مدهشة. هنا يبرز
المؤرخ، الراهب والفلكي، برعوثا وصف حجم الحدائق المعلقة، وكيفية وسبب بنائها، وكيف كان النظام المتبع في ري الحدائق. فقد بلغت مساحة الحدائق حوالي 14400 متر مربع، وجاءت على شكل تلة مبنية بشكل متدرج. مكونة من طبقات ترتفع الواحدة فوق الأخرى، حيث يصل ارتفاع أعلى منصة إلى 50 ذراعاً. بلغت سماكة جدران هذه الحدائق المزينة حوالي 22 قدماً، وممراتها مغطاة بثلاث طبقات: الأولى من القصب والقار، والثانية من الطوب، والثالثة غطيت بالرصاص لمنع تسلل الرطوبة، وضعت فوقها كميات كبيرة من التراب، غرس الكثير من أنواع الأشجار التي تريح النفس. صممت الحديقة بطريقة تسمح للضوء بالوصول إلى كل المصاطب والبيوت الملكية. كانت المياه ترتفع إلى قمة الحدائق عن طريق قنوات لولبية صنعت خصيصاً، آتية من نهر الفرات.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دياب في ندوة اليوم السابع :دوري في فيلم السرب من أكثر الشخص


.. مليون و600 ألف جنيه يحققها فيلم السرب فى اول يوم عرض




.. أفقد السقا السمع 3 أيام.. أخطر مشهد فى فيلم السرب


.. في ذكرى رحيله.. أهم أعمال الفنان الراحل وائل نور رحمة الله ع




.. كل الزوايا - الفنان يحيى الفخراني يقترح تدريس القانون كمادة