الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


في رحاب والدي .

نبيل محمد سمارة
(Nabil Samara)

2021 / 5 / 26
الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة


رحل الرجل الذي امضى طيلة حياته وهو يعمل في مجال الصحافة و التأليف , فقد ترك ثروة ثقافية كبيرة , الف 15 كتابا وحوالي اكثر من الف منشور نشرت في صحف عراقية وعربية منذ الستينيات .
اول قصة له كتبها في عام 1964 واسمها ( غرفة للايجار) واخر ما انجزه هو كتاب يحمل اسم ( وجوه كالومضة لونا) .
فقد كنت في كل مرة استلم من ساعي البريد ظرف فيه الاعلان عن فوزه بالجوائز الاولى من قطر والكويت , وكنت اذهب معه في جميع المناسبات الثقافية , فقد كان اسمه على رأس القائمة للمدعوين في المهرجانات ومنها " المربد" وغيرها .
كان والدنا حين يؤلف كتابا او قصة , ينعزل عنا كليا , ويؤمرنا ان ننام مبكرين كي لا نزعجه , فكتابة القصة او الرواية تحتاج الى هدوء وسكينة , اضافة الى اعمدة كان يرسلها يوميا للنشر في صحف الجمهورية والقادسية والثورة .
اضافة لهذا فقد عمل والدي معلما للغة العربية في عدة مدارس ببغداد , واول راتب له سلمه الى والدته طالبا منها ان تحج بيت الله , وحجت جدتي وانا لم اخلق بعد , من حسن حظي حين كنت في صف الخامس ابتدائي طلبت امي رحمها الله ان اكون طالبا في المدرسة التي يعمل فيها , فوالدي لم يكن يرغب بوجودي معه في المدرسة نفسها , كي لا يقولوا الناس ان نجاحي جائت بسبب واسطة من والدي .
اتذكر وانا جالس في الصف كان ضجيج التلاميذ يملأ المدرسة فدخل علينا والدي فجأة فجلسنا جميعا واضعين على صدورنا الساعد فوق الساعد , فحمل العصى طالبا منا ان نمد ايدينا كي يعاقبنا على ما فعلناه , وحين جاء دوري اعتقدت ان الضربة التي سيوجهها لي خفيفة لكوني ابنه , لكن الضربة كانت موجعة , ولا اكذب عليكم ان تلك الضربة كانت الاشد بين الطلاب , هكذا كان والدي انسانا صادقا ولا يميز احد عن احد .
قال لي مرة عن موقف حصل معه حين طلب منه رئيس تحرير احدى الصحف ان يعمل تقرير صحفي عن احدى السجون الكبيرة لا اذكر اسمها وكان شابا يافعا . قال لي : ليست " قاط " لونه اسود وتوجهت الى السجن فاستقبلني مدير السجن وبعض الضباط استقبالا حارا مثلما يستقل الضابط قائده , كل هذا كي اكتب في تقلريري ان القائمين على السجن يعملون بجد واخلاص , انتم تعرفون جيدا ان الاعلام والصحافة سلطة رابعة تستطيع اسقاط اكبرمسؤول في الدولة . فاخذوني بجولة الى اقسام السجن حتى المطبخ دخلته وساءلت عن نظافة الطعام وما يقدم للمسجونين , ثم طلبت ان ادخل الى السجناء وجها لوجه , وبينما وانا اسير وخلفي مدير السجن متوجهين الى مكانهم صاح احد المسجونين علي " ابو جاسم - ابو جاسم " كول لامي خلي اجيب وياهها بطانية - هنا والدي شعر بخجل فضيع فتبين فيما بعد ان هذا المسجون يسكن في نفس " الدربونة " التي يسكنها والدي - وقد اوفى والدي ما طلب منه المسجون وذهب في نفس اليوم ليخبر امه ان ولدك بحاجة الى بطانية .
والدي كان بحد ذاته مملوءا بالذكريات وحديثه لا يمل منه ابدا , ومن عرفه كان يستمتع بكلامه الذي كان فيه فوائد وعلم ومعرفة .
رحمك الله يا معلمي الاول والاخير . فوالله ان رحيلك ورحيل امي جعلني اشعر انني ما زلت طفلا يتيما بحاجة الى طعام من يد امي وامان والدي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تعازينا للقاص َمحمد سمارة
علي الموسوي ( 2022 / 4 / 12 - 23:00 )
رحيل القاص والاديب الكبير محمد سمارة خسارة كبيرة للعراق والوطن العربي فهو صاحب منجز عظيم

اخر الافلام

.. إسرائيل وحماس تتمسكان بموقفيهما مع مواصلة محادثات التهدئة في


.. إيران في أفريقيا.. تدخلات وسط شبه صمت دولي | #الظهيرة




.. قادة حماس.. خلافات بشأن المحادثات


.. سوليفان: واشنطن تشترط تطبيع السعودية مع إسرائيل مقابل توقيع




.. سوليفان: لا اتفاقية مع السعودية إذا لم تتفق الرياض وإسرائيل