الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


االعملية السياسية ...أسئلة وتحديات

قاسم حنون

2021 / 5 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


مرّت ثمانية عشر عاما على سقوط الدكتاتورية بفعل الغزو الأمريكي ,جرت خلالها أحداث جسام وتحولات في البنية الاجتماعية والسياسية جراء اعتماد معايير وتوجهات غير مسبوقة ,تمثلت في ارساء أساس نظام طوائفي عرقي ,ظل هذا النظام بما حمله من عجز وفشل مستديم وتخبط هو الإطار الناظم لعمل الحكومات المتعاقبة منذ تموز 2003 ,فكانت الحصيلة فسادا مريعا تبوأ فيها العراق مكانته بين البلدان الأعلى تصنيفا في لائحة الفساد في العالم , وترديا في الخدمات العامة تجسد في تدهور المرافق الصحية والنقص الفادح في المباني والمستلزمات التعليمية وتضخم الجهاز البيروقراطي للدولة بسبب ميل القوى المتنفذة لاستخدام الوظيفة الحكومية كأداة في التعبئة والتوظيف السياسي ,وتكريسا في الطابع الريعي للاقتصاد العراقي بما يعني الاعتماد على عائدات النفط في تمويل الموازنات السنوية ,والاتجاه نحو اهمال قطاع الدولة ووصمه بشتى النعوت تمهيدا لتصفيته أو للخصخصة التي يتهافت ممثلو (النظام الجديد ) على ركوب موجة الليبرالية الجديدة التي روجت لها سلطة الاحتلال في وقت مبكر ,كما تزايدت معدلات الفقر في المدن العراقية ما عدا اقليم كردستان الى حد مخيف ,فبلغت في بعض المحافظات الجنوبية أكثر من 30% , وفي مقابل ذلك كله أهدرت مئات مليارات الدولارات في مشاريع وهمية أو متلكئة أو نهب منظم من أفراد الطغمة الحاكمة ,طغمة استهترت بالمال العام وأساءت التصرف به على نحو عبثي , ويقدر الخبراء حجم العائدات للخزينة العراقية بأكثر من ترليون دولار خلال الأعوام السابقة التي أعقبت التغيير ,وهي عائدات هائلة يمكن أن تنهض بالبلاد وتجعلها في مصاف الدول المجاورة من ناحية اعمار البنى التحتية وتأمين احتياجات الشعب والارتقاء بالخدمات العامة ,بينما يتنافس الفرقاء في تقديم الولاء للدول المجاورة وتغليب مصالحها الاقتصادية والسياسية على المصالح الوطنية ,وإنه لمن المفارقة أن ينخرط حكام البلاد في الدفاع عن هذا المحور أو ذاك بينما تتراجع مكانة العراق اقليميا ودوليا ,مرت ذكرى غزو العراق واسقاط الدكتاتورية البعثية دون أن يتأمل الفرقاء من قوى السلطة في الفاصلة الزمنية الكبيرة التي مرت (18 عاما ) ,وهي كافية لبناء الوطن من جديد واعماره على مختلف الأصعدة ,بينما تتخبط البلاد في مستوى متدنٍ من الخدمات الصحية حيث المستشفيات والمراكز الصحية تعاني من قصور فاضح في تقديم خدماتها ,وينشب الموت أظفاره في حياة العراقيين ,حتى أنهم يضطرون للسفر الى الخارج للاستشفاء واجراء العمليات الجراحية وتلقي العلاج ,وقد فجرت نكبة حريق مستشفى ابن الخطيب في أواخر نيسان الفائت الذي تسبب بمصرع أكثر من 130 مريضا واصابة العشرات ,فجرت الجدل حول البنى المتهالكة للمؤسسات الصحية الحكومية وحجم الفساد في القطاع الصحي ,والحال نفسه ينطبق على قطاع التعليم الذي شهد تدهورا كبيرا خلال السنوات السابقة ,بعد أن كان العراق يشغل مكانة كبيرة لدى اليونسكو , وعلى خلفية هذا الانحدار في الأداء الحكومي والأزمات المتفاقمة تفجرت انتفاضة تشرين 2019 ,التي كانت صرخة مدوية هتكت أستار الصمت واللامبالاة وعصفت بحسابات الطغمة الحاكمة التي استمرأت الفساد والخيانة للوطن والتبعية ,ورسمت بالدم والتضحيات حدود الأمل والمستقبل وأن التاريخ هو صناعة الشعب وطوع ارادته ,لم تكن الانتفاضة ضد حكومة بعينها أو كتلة أو حزب بمفرده بل ضد كامل (الطبقة ) السياسية التي حكمت أو هي خارج السلطة الآن , لذا تنادت مختلف أحزاب وجماعات الاسلام السياسي وأذرعها المسلحة لوأد الانتفاضة واسكات أصواتها الهادرة في الميادين العامة من ساحة التحرير في بغداد الى ساحة الحبوبي في الناصرية وساحة البحرية في البصرة وساحات النجف وبابل وغيرها في المحافظات الجنوبية ,فأغرقت بالدم باغتيال أو قتل أكثر من 700 شهيدا وما يصل الى 30000 جريحا ,بواسطة ما سمي بالطرف الثالث وهي تسمية مبتكرة لوصف الأذرع المسلحة والمنظومة السياسية التي تقف وراءها ولقد كان من بين مطالب الانتفاضة الاطاحة بالسلطة القائمة عبر اجراء انتخابات مبكرة وتوفير المستلزمات والامكانات الضرورية لخوض انتخابات نزيهة وعادلة فضلا عن مطالبها الأخرى بالكشف عن قتلة المتظاهرين ومكافحة الفساد بالتعرف على شبكاته وروابطه الاقليمية والدولية وتبني سياسة اقتصادية جديدة , الا أن حكومة الكاظمي التي تشكلت كحاصل طبيعي للانتفاضة دون أن تكون تعبيرا حقيقيا عنها ,أخفقت في تنفيذ وعودها بملاحقة قتلة المتظاهرين ,بل أنها تواطأت مع قوى ( الدولة العميقة ) لاخفاء خيوط الجريمة المنظمة بحق شباب الانتفاضة وسعت (لإنهاء ) القلق الذي يساور القوى المتنفذة بطي صفحة الانتفاضة باستخدام القوات الأمنية لتفريق الحشود ,وان كانت هذه المحاولة محكوم عليها بالفشل ,ولتقدم حزمة من الاجراءات منها اعداد قانون انتخابي جديد يقوم على الدوائر المتعددة وتغيير تركيبة المفوضية واعطاء دور لممثلي الأمم المتحدة بالتنسيق مع ادارة المفوضية وصولا الى اعلان النتائج ,ما يمكن ملاحظته أن قوى السلطة التي تسببت بهذا الخراب والمسؤولة عن جرائم الفساد واللصوصية وهدر المال العام ,والتي كلن عليها أن تعترف بأخطائها وتنسحب من المشهد برمته تعاود سعيها للمشاركة في الانتخابات بأسمائها ومسمياتها دون تغيير يذكر وكأن ما جرى ليس الا لحظة عابرة وستحقق بمناوراتها ودعم الحليف الاقليمي مكاسب تؤمن لها البقاء في السلطة أو تمثيلا في البرلمان ,مستعينة بما أنجزته في بناء قاعدة من المنتفعين والموالين والمغرر بهم لدواعٍ طائفية ,يجب القول دون مواربة أو تردد أن الاسلام السياسي في العراق فقد مصداقيته ومشروعية وجوده ,وأن بقاءه في السلطة والمؤسسة التشريعية يمثل انتهاكا لقيم الديمقراطية واجهاضا لحلم العراقيين في الاستقرار والوئام والحياة الكريمة ,وليس ثمة أمل في تنمية البلاد ووضعها على السبيل الصحيح لإعادة الاعماراو النهوض الاقتصادي وتوظيف امكانات العراق المادية والبشرية واستعادة مكانته الاقليمية والدولية








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تحذر من -صيف ساخن- في ظل التوتر على حدود لبنان | #غر


.. البيت الأبيض: إسرائيل وحماس وصلا إلى مرحلة متقدمة فى محادثات




.. تشاؤم إسرائيلي بشأن مفاوضات الهدنة وواشنطن تبدي تفاؤلا حذرا


.. هل يشهد لبنان صيفا ساخنا كما تحذر إسرائيل؟ أم تنجح الجهود ال




.. بسبب تهديد نتيناهو.. غزيون يفككون خيامهم استعدادا للنزوح من