الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل سيكسر منتدى سان بطرسبورغ جليد الجمود الاقتصادي الدولي؟!

آصف ملحم
باحث وكاتب

(Assef Molhem)

2021 / 5 / 28
الادارة و الاقتصاد


الآثار السلبية الناجمة عن وباء كورونا
لقد أثّر وباء كورونا سلباً على كافة مناحي الحياة، وبلغت خسارات الشركات والدول أرقاماً كبيرة. سنحاول في هذه الفقرة تقديم تحليل موجز للمعطيات الاقتصادية المتوفرة في كل قطاعٍ وإبراز الخسارة الناجمة عن الوباء بهدف تقديم صورة واضحة عن الصدمة التي خلفها على الاقتصاد العالمي.
قد يكون قطاع الطيران من أكثر القطاعات تضرراً، فلقد انخفض عدد المسافرين في النصف الأول من عام 2020 بنسبة 56% مقارنة مع الفترة نفسها في عام 2019، من 2.2 مليار مسافر إلى 1 مليار مسافر. ولقد كانت آسيا الأكثر تضرراً تلتها أوروبا ومن ثم أمريكا الشمالية. إضافة إلى ذلك، فقد هبطت كميات البضائع المشحونة جوياً بنسبة 28% أيضاً. ويعود السبب الرئيسي في ذلك إلى إلغاء العديد من الرحلات الجوية وتقييد السفر بهدف الحد من انتشار الفيروس. وكان لهذا الأمر انعكاسات اقتصادية مباشرة على الناس؛ إذ فقد العديد من موظفي الشركات السياحية والمطارات وظائفهم.
أما قطاع الغاز والنفط، فلقد تأثر بشكل غير مباشر، إذ انخفضت أسعار الوقود بنسبة 30% في الربع الأول من عام 2020، و تُعتَبَر حالة الخوف، التي انتابت المستثمرين، الناجمة عن عدم القدرة على التنبؤ بمآلات الأسواق بعد انتشار الفيروس، السبب الرئيسي في هذا الهبوط.
بعد انتشار الفيروس، قدمت منظمة الصحة العالمية توجيهات ونصائح بتقليص الرحلات السياحية، كما أغلقت العديد من البلدان حدودها أمام السواح، الأمر الذي أدّى إلى إلغاء الكثير من الحجوزات الفندقية والنشاطات السياحية ورحلات الطيران. هذا كله انعكس بشكل مباشر على قطاع السياحة، والسياحة تعتبر من المصادر الرئيسية للدخل القومي في العديد من الدول.
في نهاية شباط من عام 2020، انتشرت حالة من عدم الثقة في أسواق المال، فهبطت أسعار الأسهم بحدود 30%، كما تسارعت عمليات بيع الأسهم بنسبة كبيرة. وهذا ما أدّى إلى انخفاض الاستثمارات الأجنبية بنسبة كبيرة في العديد من البلدان.
وبالرغم من أن القطاع الصحي لا يتأثر عادةً بالأزمات الاقتصادية، إلا أن هذه المرة كان تأثير الوباء عليه واضحاً؛ إذ التزم الكثير من الناس بيوتهم بسبب إجراءات الحجر الصحي، كما كان الكثير منهم متخوفاً من زيارة المراكز الصحية خوفاً من انتقال العدوى، وأجّل بعضهم العمليات الطبية غير الأساسية (كالتصوير الشعاعي، والعمليات الجراحية الثانوية). إضافة إلى ذلك فلقد واجهت العديد من المراكز الصحية نقصاً كبيراً في الكوادر الطبية، بسبب انتقال العديد منهم إلى مراكز العناية بمرضى الكورونا.
وبسبب ارتفاع نسبة البطالة، وتقليص وقت العمل، ولجوء العديد من الموظفين للعمل من المنزل، وإغلاق الكثير من الشركات، والإجراءات الوقائية الاستثنائية، انخفضت عدد ساعات العمل بنسبة 14% في الربع الثاني من عام 2020 مقارنة مع نفس الربع في عام 2019.
ولم تقتصر الآثار السلبية على النواحي الاقتصادية، بل كان للوباء آثاراً اجتماعية ملحوظة، أهمها:
-ازدياد عدد الأطفال المشردين، بسبب انخفاض الدخل في العديد من الأسر،
-ازدياد التمييز العنصري،
-ازدياد العنف ضد المرأة،
... وغيرها.

آفاق كسر الجمود الاقتصادي في منتدى سان بطرسبورغ
مما لا شك فيها أن الاستراتيجية النّدوية، أي الاستراتيجية التي تتخذ من المنتديات أداةً لتفعيل آليات عملها، هي استراتيجية بسيطة وفعالة، فهي تقوم على جمع القادة البارزين في مختلف القطاعات المجتمعية ومحاولة تعريف وتحديد ودراسة ومناقشة أهم التحديات التي تواجه العالم. ولقد كانت المنتديات عبر تاريخها الذي يمتد لأكثر من 50 عاماً من أهم حفّازات المبادرات الشاملة والتغيرات التاريخية والإنجازات الصناعية والأفكار الاقتصادية وآلاف المشاريع المشتركة. لذلك فالمنتديات تساهم بشكل كبير في تحسين حالة العالم، فهي تعمل عمل التغذية الراجعة feedback في الأنظمة الإلكتروميكانيكية؛ فلولا هذه التغذية الراجعة لدخلت المنظومة في حالة من عدم الاستقرار، وبالتالي ينعكس أثر المنتديات مباشرة على كل شخص وفي كل نواحي الحياة.
بسبب وباء كورونا أُلغيت مئات النشاطات الاقتصادية والعلمية والاجتماعية، وكان آخرها منتدى دافوس الاقتصادي، الذي تم تأجيله عدة مرات، ثم تقرر عقده في سنغافورة في شهر آب من هذا العام، إلا أنه في 17 أيار صدر القرار بإلغائه هذه السنة.
وسط هذه الأجواء المتوجسة، أخذت روسيا زمام المبادرة وقررت عقد المنتدى الاقتصادي الدولي في مدينة سان بطرسبورغ بعدما تم إلغاؤه العام الماضي بسبب انتشار وباء كورونا. في هذا السياق، تجدر الإشارة إلى أن منتدى سان بطرسبورغ الاقتصادي هو منتدى سنوي يُعقد منذ عام 1997 بمشاركات العديد من الشركات الروسية وغير الروسية، كما يشارك في افتتاحه الرئيس الروسي وبعض قادة العالم والمنظمات الدولية.
قد يكون من السابق لأوانه مناقشة الآثار الإيجابية التي ستنجم عن هذا التشاط الاقتصادي الهام، ففي هذه السنة سيتقلص عدد المشاركين في المنتدى بنسبة 20%، ولكن لن يكون لذلك تأثيراً سلبياً كبيراً على أعماله. و لتقييم حجم المنافع الاقتصادية وغير الاقتصادية يمكننا الإستئناس ببيانات السنوات السابقة، ولتحقيق هذا الغرض سنكتفي ببعض الإشارات:
-ساعد منتدى سان بطرسبورغ في السنوات السابقة على خلق مناخاً مناسباً لتوقيع العديد من الاتفاقيات والعقود الإستثمارية، الأمر الذي انعكس إيجاباً على روسيا وعلى الدول الأخرى. ففي عام 2013 بلغ عدد العقود الموقعة 102 عقداً وتتضاعف هذا العدد أكثر من 6 مرات(650 عقداً) بحلول عام 2019.
-لا تقتصر المناقشات الدائرة في أروقة المنتدى على النواحي الاقتصادية، بل يتم معالجة الكثير من الأفكار المتعلقة بقطاعات: التعليم والبحث العلمي، الصحة، والثقافة ... وغيرها. فهذه القطاعات مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالاقتصاد، تتأثر به وتؤثر عليه، الأمر الذي يعزز التعاون الدولي في هذه المجالات.
-نظراً لوجود عدد كبير من قادة الدول وممثلي المنظمات الدولية، فإنه يتم عادة التطرق إلى العديد من المشاكل الأمنية والسياسية، كالإرهاب والجريمة المنظمة والتجارة غير المشروعة، إضافة القضايا السياسية العالقة.
ختاماً، في هذا العام وبسبب انتشار وباء كورونا، فإن القيام بأي نشاط اقتصادي يُعتبَر بحد ذاته تحدياً، إلا أن روسيا واجهت هذا التحدي بكل اقتدار، وهي بذلك تجشّمت جهداً كبيراً وتحملت مسؤوليات جسام لتوفير جميع الظروف الصحية الوقائية للمشاركين في المنتدى. لذلك علينا جميعاً أن نتوجه بالشكر إلى منظمي هذا اللقاء، الذي، وبلا أدنى شك، سيساهم وبشكل كبير في إنعاش الاقتصاد العالمي عموماً والروسي خصوصاً.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. صندوق النقد يتوقع ارتفاع الاحتياطى الأجنبى لمصر فى 2029


.. الانتخابات الا?ميركية– عودة المنافسة هذا الا?سبوع




.. ??محكمة العدل الدولية تقضي بعدم اختصاصها بفرض تدابير مؤقتة ب


.. محمد العريان يجيب عن السؤال الصعب.. أين نستثمر؟ #الاقتصاد_مع




.. الذهب يتراجع من جديد.. جرام 21 يفقد 20 جنيه