الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عودة الوعى التاريخى فى عصر العولمة

مجدى عبد الحميد السيد
كاتب متخصص فى شئون العولمة والتكنولوجيا

(Magdy Abdel Hamid Elsayed)

2021 / 5 / 28
العولمة وتطورات العالم المعاصر


لكى تعيد فرنسا مكانتها فى شرق أفريقيا اضطر الرئيس الفرنسى ماكرون إلى الإعتذار عن مشاركة فرنسا فى مذابح رواندا عام 1994 لإن المذبحة أودت بحياة أعداد غير مقدرة من البشر من عرقية التوتسى كان أقل تقدير لها يقترب من مليون إنسان من الرجال والنساء والأطفال القتلى والمعذبين والمغتصبات فى عصر هو عصر التحضر وليس فى عصر من عصور الظلام والحروب العالمية . فقد كانت أصوات الكثير من المؤرخين ضائعة فى توضيح دور فرنسا فى المذبحة بقولهم أن الاستخبارات الفرنسية فى عهد الرئيس ميتران كانت على علم تام وربما شاركت بالتوجيه والدعم بالأسلحة فى المذبحة لإن رواندا كانت من قبل مستعمرة بلجيكية تتحدث الفرنسية. مع عصر العولمة تم الوصول إلى وثائق عام 2017 تدعم فيها فرنسا حكومة الهوتو القائمين بالمذابح والاغتصاب والحرق والنهب بمجرد بدء المجازر ابريل 1994 والتى استمرت أكثر من ثلاثة أشهر غضت فيها الولايات المتحدة ودول الغرب الطرف عن التدخل ووقف المذابح بالقوة ولم تقم الأمم المتحدة برئاسة بطرس غالى بدورها برغم طول فترة المذابح التى وصلت إلى مائة يوم على عكس وقف العنف فى البوسنة الذى تم سريعا قبل امتداده لإنه يتم فى أوروبا . إن اعتراف ماكرون يوم 27 مايو 2021 وطلبه الصفح أثناء زيارته لرواندا يعيد للأذهان فظائع فرنسا فى الجزائر واستشهاد أكثر من مليون شهيد جزائرى بعد مذابح وتجاوزات لم تشهدها المنطقة منذ مذابح أسبانيا المسيحية وتركيا العثمانية وإيران الصفوية منذ حوالى خمسة قرون. إن التعتيم على مذابح رواندا وبشاعة تجاوزات فرنسا والولايات المتحدة واليابان وألمانيا أثناء وبعد الحرب العالمية الثانية يضع الكثير من الأحداث التاريخية التى عاصرناها وعاصرها الجدود تحت مرمى السياسة وبالتالى معرضة للميل وعدم الشفافية التاريخية ، فالعالم ركز بقوة مع محرقة اليهود وإبادة الأرمن وترك الكثير من المذابح التى تمت خلال القرن الماضى بل واستمرت إلى مذابح فيتنام وميدان تيانمن بالصين وصولا إلى ضحايا الاضطرابات العرقية والدينية والسياسية فى العراق وسوريا وميانمار واليمن مع بداية الألفية الجديدة. إن المذابح الحديثة لم يكن الدين وحده عاملا مغذيا لها بل كانت أيضا العرقية والصراعات السياسية متخفية تحت رداء الدين فى رواندا والبوسنة ومينمار وسوريا واليمن والعراق ومن قبلهم فى فيتنام وأمريكا الجنوبية.
قد تكون فرنسا واليابان وألمانيا أفضل كثيرا من غيرهم فى الاعتراف بالمشاركة فى بعض تلك المذابح والاعتذار عنها على عكس دول أخرى ممن ساهموا فى الكثير من المذابح ولم يعتذروا عنها .
لقد أصبح الانترنت وأدوات العولمة الحديثة أحد أهم الأدوات التى بدأت تفضح زيف بعض حوادث التاريخ المقدم إلينا عبر مئات السنين بعد الوصول إلى وثائق كانت مخفية عن عمد رفعتها أدوات العولمة إلى منطقة النور والوضوح لتغزو عقول الشباب ومن ثم تبدأ فى الانتشار والانكشاف والافتضاح ليس فى موضوع التعذيب فقط بل فى كل ما وصل إلى البشر من تراث سواء فى التراث الشعبى أو الدينى أو الموروث الثقافى لمعظم شعوب العالم . من مميزات اكتشافات عصر العولمة أن الاكتشافات مدعومة بالأدلة العلمية عبر أجهزة وبرامج حديثة تقوم بتحليل الخطوط ونقاط ألوان المخطوطات وقياس عمر المخطوطات بالإشعاع ومقارنة المخطوطات المماثلة ، ووصل الأمر فى مخطوطات مثل مخطوطات صنعاء باليمن إلى الوصول لنصوص قرآنية كتبت فوق نصوص قرآنية تعرضت للمحو مع إعادة استخدام الرقائق وتحديد عمر القديم والجديد ، وتم كذلك تحديد أعمار مخطوطات مثل مخطوطات البحر الميت وإخميم ونجع حمادى المسيحية وألواح الفيدا الهندية ، بل واكتشاف الجديد يوميا من آثار العراق ومصر والشام وصولا إلى معرفة أدق التفصيلات عن تركيبات الألوان التى تم رسم الصور القديمة بها قبل معرفة أعمار المومياوات والملابس وأى منتجات نباتية أو حيوانية تحتوى على الكربون يمكن تحديد عمرها دون ميل أو هوى أو إخفاء كما كان يحدث سابقا.
إنه عالم جديد من عودة الوعى التاريخى عبر العولمة الحديثة والاكتشافات العلمية .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. جيل الشباب في ألمانيا -محبط وينزلق سياسيا نحو اليمين-| الأخب


.. الجيش الإسرائيلي يدعو سكان رفح إلى إخلائها وسط تهديد بهجوم ب




.. هل يمكن نشرُ قوات عربية أو دولية في الضفة الغربية وقطاع غزة


.. -ماكرون السبب-.. روسيا تعلق على التدريبات النووية قرب أوكران




.. خلافات الصين وأوروبا.. ابتسامات ماكرون و جين بينغ لن تحجبها