الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الطائر

فرج بيرقدار
(Faraj Bayrakdar)

2006 / 8 / 6
الادب والفن


ينقر الطائرُ قلبي
يرتديني
شجرٌ ينشقُّ عن أحزان
أهلي
شجرٌ
ينشقُّ عن أحزابهم
عني
عن الظلمةِ
في هذا المكانْ.
شجرٌ
صلّى على "العاصي" طويلاً
واشتكى من وجع الخضرةِ
يا آياتُ..
لا تتّضحي أكثر مما يستطيع الغيب
يا ناياتُ..
لا تسترسلي أكثر مما أستطيعْ.
شجرٌ
أعلى من الحلم قليلا
شجر أدنى من المعنى
بسيفٍ واحدٍ إلا قتيلا
شجرٌ من أول اليأسِ
بلى..
من أول اليأس إلى أقصى الرهانْ.

* * *

ينقر الطائر قيدي
ترتديني
امرأةٌ من خارج الوصفِ
سماءٌ تمطر الآن وراء السور
أحوالٌ من اللبلاب
وردٌ شائك المعنى
جنازاتٌ وأعراسٌ بزيّ واحدٍ
أرهاطُ ذؤبانٍ
وخيلٍ
وظباءْ.
يا لخمسين شهيداً في إهابي
كيف لي أن أوقظ الموتى
من النوم النهائي البعيدْ؟!
كيف لي أن أقطف الحكمةَ
مما لا يجيءْ؟!
لم أصل بعد إلى نفسي تماماً
لم أقلني مثلما لا بدّ لي
أن أكتب الصبح بحبر الليل..
أحلامي أمامي
وأرى ما لا ترى عيناي
في هذا المضيقْ.
بيد أني..
لم أصل بعد إلى نفسي
وما زلت حزيناً
ربما من أجل أعدائي
وأني واحدٌ منهم
ولا طائرَ لا يشبهني في الأسرِ
لا حكمةَ لا تَشرَقُ بي في آخر الكأسِ
ولا نجمةَ لا تسفحني ليلاً على دمعتها
لا ظلَّ لا يهطل ما ينأى عن الأسباب
مما لا لديه ولا لديّْ
فلماذا تنحني روحي على أنقاضها
هذا المساءْ؟!
شُدَّني يا ربُّ
شدَّ القوس بي ما تستطيعْ
واجعلِ المطلقَ مطلقْ
إنني أبعد من ظنك بي
أبعدُ أبعدْ..
والذي قالته لي أمي
يضيءْ.

* * *

ينقر الطائر قاموسي
وقيثاري
وكأسي.
ترتديني لغةٌ خرساءُ
لا تهدل غير الصمت والنسيان
يا أمَّ ابنتي
ماذا يقول الصمت والنسيان؟
هل يبدو سؤالي جارحاً؟
دقِّي على سبعين باباً
خلفها ما خلفها
سبعين باباً لا شهيق ولا زفير
ولا بروق ولا ظلالْ.
دقِّي السؤال بجرن صاحبهِ
السؤالْ.
دقِّي على..
لا ترسَ لي
لا سيفَ لي
لا بأس..
دقِّي مثلما ناقوس ذاكرتي
لكي أفهم أني
ترتديني لغة طائشة عمياءُ
ردِّيني إلى نفسي
وعنها
وعليها.
ينتهي الليل
إلى ليلٍ
إلى ليلٍ
فلا تأنسني نفسي
ولا أفضي إليّْ.

وعليَّ الآن أن أبدأ
من أسئلةٍ في منتهى الجمرِ..
أليس النأي والنايُ
جناحين لطير واحدٍ
يجترح الزرقةَ
أو تجرحهُ..؟
أعني أليس الضد والضدُّ
طريقين إلى المعنى؟
أليس الله أندى
كلما أصبح أدنى؟!

وعليَّ الآن أن أبدأَ
من أغنية في منتهى الضوعِ
ولكني..
سلاماً يا ابنتي
وقتي رمادٌ في التوابيتِ
رمالٌ
تشرب الصهدَ فيظميها
ويدميها السرابْ.
ويماماً يا ابنتي
هذي شؤوني
فاصطفي ما شئت منها
واتركي صمتي يهجِّي نفسه
هذا الغيابْ.
هل توغَّلتُ كثيراً؟
لا تخافي يا ابنتي
قلبي دليلي
و قطوفي فوق ما يُرجى على
كفر الزمانْ.
لم يزل نبضي يعزِّيني
ويكفيني إذا ما الحبُّ..
يكفي ويزيدْ.
غير أني
أشتهي أن أشرب الآنَ
وأن أهذي قليلاً
ربما أنسى قيودي ويديّْ.
هادليني كلما الليل
ولو بضعَ حمامات ونامي في
عيوني.
خبئي لي سوسناً أو ليلكاً بين ثيابي
ذاك إن كان تبقَّى لي ثيابْ.
خبئي لي موعداً لا يشبه اللهَ
فإني..
أعرف السوسنَ
من أختٍ تواسيكِ وتبكي.
أعرف الليلك من رعشته في
صوت أمي.
أعرف الله معي يوماً
وعشرين عليّْ.

* * *

ينقر الطائر صوتاً
ضرَّجته الأغنياتْ.
ينقر الطائر صمتاً
أخضر الحزنِ
رهيفَ الظلِّ
مخضلاً بما شاء من الغيبِ
ومسفوحاً إلى أقصى المواعيدِ
إلى أقصى الجهاتْ.

وحدنا الآنَ
أنا والطائر الغرِّيدُ
يا ربَّاهُ
يا رَيْبَاهُ
يا كلَّ حقول القمح
يا كلَّ الينابيع التي في البال
يا أفياءُ
يا أعتابُ
يا راياتُ
يا أغلالْ.
بعدُ لم أُكمِل أناشيدي
وما صالحت موتي
فلماذا افترش الطائرُ
في الحلمِ
جناحيهِ
وماتْ؟!

* * *

صرخةٌ
من غامض الرملِ
ومن يأس الرمادْ
سفحتْ آنية الليل
ورنَّت في الدهاليزكأصداء الأذانْ:
ياااااااا سماواتُ
خذي الطائر من أوَّلهِ
حرّاً وقدِّيساً
وما بين جناحيه وفي منقارهِ
كلُّ الوصايا والرسالات التي لم يستطعها
الأنبياءْ
يا سماوات خذيهِِ
واسفحي زرقتك الأنثى لهُ
لابدَّ أن يأتي
وأن يأتي
لكي يمضي الطغاةْ.


سجن صيدنايا 1999








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أحمد حلمى من مهرجان روتردام للفيلم العربي: سعيد جدا بتكريمي


.. مقابلة فنية | الممثل والمخرج عصام بوخالد: غزة ستقلب العالم |




.. احمد حلمي على العجلة في شوارع روتردام بهولندا قبل تكريمه بمه


.. مراسل الجزيرة هاني الشاعر يرصد التطورات الميدانية في قطاع غز




.. -أنا مع تعدد الزوجات... والقصة مش قصة شرع-... هذا ما قاله ال