الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ايديولوجيا الخطاب الثقافي والسينمائي والادبي المعاصر

محمد احمد الغريب عبدربه

2021 / 5 / 29
الادب والفن


هل يمكن للخطاب الجمالي في الفنون والادب والحياة ان يكون غير ايديولوجي، بعيدا عن نزعة مثالية وذات مفتردة، هذا محض هراء، فالجماليات هي ساحة من الخيال واللذة المثالية المتعالية، والفرد الأن يتحول نحوها، عبر خطابات السينما والادب، فهو يلهث وراء الجمالي حتي يشعر بوجود وكينونته، والسياسي والاجتماعي هنا يحاول الانفلات من هذا الايديولوجي بكل قوته حتي يضمن بقاءه واستقراره بكل قوة وعدم الرجوع الي عصر الايديولوجيات مرة أخري، هذا الصراع السياسي مع البحث اللاهث الفرد للجمالي لهو صراع مضمر لاوعى يتكشف في قيام المؤسسة بمكافحة دائما الخطاب الجمالي ذو النزعة الانسانية المدافعة عن حريات الفرد ووجوده والبعيدة عن التقينات والأداتية المفرطة والسلطوية والتوظيفية وهي الاساسيات التي تستند عليها السلطة والمؤسسة والسياسي والاجتماعي الكلي لبقاءه، وحتي اذا ظهرت هذه الخطابات الجمالية تكون في نطاق صغير يتم تقبيحه وان يكون مكروه ويتهم بالنخبوية واللانسانية واللاجتماعية..
جاكسون والخطابات الغير عقلانية
ويقول ليورنارد جاكسون في كتابه بؤس البنيوية انه مع اختفاء الماركسية من مواطنها الأوربية الشرقية، في النظرية الاجتماعية والادبية، سعت الأدبية والسينمائية والثقافية، في بناء أيديولوجيا ذات أصداء نظرية هدفها معارضة الرأسمالية، والميتافيزيقا الغربية، والعلم. وفي سياق رؤية جاكسون سعت هذه الدراسات نحو الدفاع عن الانسان، وقامت بنقد الخطابات والمنتجات السينمائية والثقافية والأدبية من اجل تطويرها نحو إيديولوجيا حيوية تحافظ علي جماليات الذات الانسانية دائما، والتأكيد علي أهمية المتنجات والخطابات ذو التوجه الايديولوجي الانساني الجمالي، فهناك مخرجون ذو توجي جمالي راقي يناهض العلمية الاوربية البحتة والرأسمالية مثل المخرج الفرنسي جودار والمجري بيلاتار واليوناني ثيو انجولوبولس، والدنماركي لارس فون ترير، والفرنسية شانتال اكريمان.
ويلاحظ ان معظم هذه الخطابات السينمائية وايضا النظريات الادبية النقدية وبعض المنتجات الادبية اتخذت منحي غير عقلاني صرف وذلك لكي تتجاوز العقل الذي يسود العالم ويرسخ للعديد من القيم الانسانية التي تنتج وتعيش في احضان عالم لا يفهم الانسان علي حقيقته او يراعي مناحي الهوية الذاتية، هذا المنحي الغير عقلاني كان مدهش وقوي وقادر علي تحدي هذا العالم الصلب الشرس ولكنه يظل نخبوي صعب المراس، صعب ان يصبح شعبويا وان ينتقل الي الوعي الجمعي، وان يذوب في روح الانسان في كل مكان، ولكنه يظل حائط صد منيع لدي المثقفين والمنظرين الذي يبثون روح المواجهة والمقاومة لعل يصبح هناك تغييرا نسبيا وبطيئا لصالح الانسان، ويقول جاكسون في كتابه بؤس البنيوية، ان ما بعد البنيويات المتنوعة فهي السلف المباشر للنظرية الأدبية المعاصرة، وان الكثير منها لا عقلاني في نزوعه، وينبغي تفسيره بالأحري بوصفه حركة احتجاج ضد الرأسمالية والعلم والميتافيزيقا الغربية والبطريركية وكل شئ ضد الانسان الحر، ولا بوصفه نظريات جدية ورصينة في الأدب والثقافة.
لذا كانت المدارس الثقافية والادبية والسينمائية المعاصرة علي المستوي الخطاب النقدي والخطاب الانتاجي، لم تسعي الي المضمون والشكل والبعد الفني للمنتج، انما سعت للتركيز علي الروح والحالة في العمل الثقافي والفني والادبي وهذه الروح كانت غير عقلانية تسعي لمواجهة الخطابات المضادة للانسان التي لا تعطي له وزن وقيمة، فخطاب النقد الثقافي المعاصر يعتمد علي تفسير وفهم الانساق المضمرة في النص وليس البعد الشكلي والجمالي. وكما يري جاكسون نري بأنه بالنظر الي النطريات الادبية والثقافية نجدها رصينة ومادية وجادة، ام النظريات النصية الحديثة ليست سوي ضرب من الصوفية المثالية التي تهدف إلي القفز فوق الإشكاليات الجدية المطروحة في المعرفة والفكر والعالم.
الخطابات الثقافية
وفي الخطابات الثقافية المعاصرة، هناك فلاسفة وعلماء اجتماع سعوا نحو خوض طريق وعر في النقد الثقافي والدراسات الثقافية، من اجل تأسيس بناء نقدي يحافظ علي الانسان من مظاهر التأكل ومحاولة ايجاد خطاب بديل عن خطابات موت الانسان وموت المؤلف وموت الهوية، في صياغه أولية ومحاولات اقترابية جادة وذو وجاهة واضحة، وتتداخل هذه الخطابات الثقافية النقدية مع النقدية الأدبية في هذا الاقتراب والمحاولة الدؤوبة، فهناك الناقد الادبي الانجليزي تيري انجليتون يكتب عن الثقافة والنقد الثقافي في كتبه "في فكرة الثقافة"، وهذا الكتاب الذي يؤسس ويفتح الباب نحو اقترابات ومحاولات حول مفهوم الثقافة والجدليات التي تثار بداخله يدخلنا نحو تمهيدات للنقد الثقافي والدراسات الثقافية.
ومن اقطاب الدراسات والنقد الثقافي الفيلسوف الفرنسي ميشال فوكو، فقد سعي في نحت ايديولوجية تاريخية لم يقر انها كذلك فهو يرفضها دائما، ولكنه بلاوعي تاريخي وجد التاريخ والماضي حضن ايديولوجي للانسان، وذلك ما أكد عليه نظيره الفرنسي ايضا بورديار، في نظرياته حول الواقع المفرط وان الاحداث الحالية لم تحدث انما هي تم الوعي بها بالماضي، فرؤية الحدث في وقت حدوثه والتلاعب به من جهات اخري خارج منطقه الخاص في الحدوث كما كان يؤكد أن هذا الحدث زائف للغاية وان الوعي به بعد كرنفالي وانه ايضا كرنفالي، فالاحداث هي في التاريخ والماضي. ويلاحظ ان فوكو نفسه بعد عن الايديولوجية والأنسنة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. عام على رحيل مصطفى درويش.. آخر ما قاله الفنان الراحل


.. أفلام رسوم متحركة للأطفال بمخيمات النزوح في قطاع غزة




.. أبطال السرب يشاهدون الفيلم مع أسرهم بعد طرحه فى السينمات


.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي




.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل