الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


3-ملامح تاريخ إثيوبيا وصراع الدين والقومية

عبدالجواد سيد
كاتب مصرى

(Abdelgawad Sayed)

2021 / 6 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


3- ملامح تاريخ إثيوبيا وصراع الدين والقومية
3- الحقبة الماركسية
Derg´-or-Dergue - Amharic
تسمى التجربة الماركسية الإثيوبية، التى تلت عصر هيلاسيلاسى، بحقبة الديرج وجمهورية إثيوبيا الشعبية الديموقراطية ، التى أسسها منجستو فى نهايات حكمه، تأسس الديرج ، أو اللجنة التنسيقية لضباط الجيش والشرطة فى يونيو سنة 1974، من نحو مائة وعشرين عضواً من ضباط الجيش والشرطة ، من صغار ومتوسطى الرتب بقيادة العقيد أتنافى أباتى، و الرائد منجستو هيلامريم ، وذلك أثناء الإضطرابات التى عمت إثيوبيا فى أخريات عهد هيلاسيلاسى ، بحجة السيطرة على حركات التمرد فى صفوف الجيش وعلى الإنفلات الأمنى الذى ترتب على الثورة الشعبية ضد هيلاسيلاسى ، و لكن اللجنة بدأت تخطو خطوات أبعد من مجرد ضبط الأوضاع الأمنية إلى السيطرة على مقاليد الحكم الفعلية ، فسرعان ما أجبرت الإمبراطور فى أغسطس على القبول بمقترح دستور جديد تتحول فيه إثيوبيا إلى ملكية دستورية ، وفى سبتمبر تم عزل الإمبراطور وسجنه فى قصره ، وإختار الأعضاء راعى منجستو وقائده السابق ، الجنرال أمان عندوم، رئيساً للديرج ورئيساً مؤقتاً للدولة ، وذلك أثناء إنتظار عودة ولى العهد ، إبن هيلاسيلاسى، الملك الدستورى الجديد ، الذى كان فى رحلة علاج إلى أوربا ، كما غير الدرج مضمون إسمه إلى المجلس العسكرى الحاكم المؤقت لإثيوبيا ألإشتراكية ، بدلاً من اللجنة التنسيقية السابقة ، ولكن سرعان ماحدث خلاف بين الجنرال عندوم وبين منجستو، حيث إعترض الجنرال على الإسراف فى عمليات تصفية وإعدام أتباع النظام السابق ، فتمت الإطاحة به من قبل حزب منجستو وأتنافى وإعدامه مع بعض مؤيديه وبعض أتباع النظام السابق فى نوفمبر 1974 ، بما فيهم بطريرك الكنيسة الإثيوبية ، وعُين الجنرال تفارى بنتى رئيساً للديرج ، ورئيساً مؤقتاً للدولة بدلاً منه ، مع منجستو والعقيد أتنافى أباتى ، كنائبين له ، وفى مارس 1975 تم إلغاء النظام الملكى رسمياً ، وسيطر الدرج على مقاليد الحكم كلياً ، وأعلن إثيوبية ماركسية لينينية ، وفى فبراير 1977 ، أكمل منجستو خطوات صعوده الشيطانية إلى السلطة ، فقام بتصفية الجنرال تفارى بنتى ، وحوالى ستين من كبار الضباط والمسؤلين ، أثناء إجتماع للجنة فى مذبحة بشعة، وأصبح قائدا غير منازع للديرج ، بعد تسليم منافسه الباقى العقيد أتنافى بقيادته ، والذى سرعان ماقام منجستو بتصفيته هو الآخر فى نوفمبر من نفس العام أيضاً، وتفرغ للمرحلة الوحشية من حكمه ، التى شرع فيها فى تصفية جميع المعارضين لحكمه تصفية عشوائية ، والتى عرفت بالإرهاب الأحمر.
بدأت بوادر الحرب الأهلية ضد الديرج عام 1976 فى أعقاب إلغاء الملكية ، وبداية عمليات التأميم والمصادرة وإعادة توزيع الأراضى الزراعية ، والشروع فى نفس الوقت ، فى تصفية المعارضين من كافة الإتجاهات السياسية ، حتى اليسارية منها ، مما دفع بحزب الشعب الثورى الإثيوبى (إيبرب) ، بشن الحرب على الديرج ، فيما عرف بالإرهاب الأبيض ، الذى توج بمحاولة إغتيال منجستو ، والذى رد عليه منجستو بالإرهاب الأحمر، الذى أعلن عنه رسميا فى مارس 1977 فى ميدان الثورة بأديس أبابا ، ميدان ميسكل سابقا ، صارخاً ، الموت لأعداء الثورة ، وبتحطيم ثلاث زجاجات من الدم ، فى إشارة البدء الوحشية للقضاء على أعضاء حزب الشعب الثورى ، و كل من يشتبه فى تأييدهم له من الطبقات البورجوازية والفلاحية والشبابية ، وذلك فى ثلاث موجات متتابعة من التصفيات و التنكيل والسجن ، إمتدت من العاصمة أديس بابا إلى الأرياف والضواحى ، بدأ فيها بتصفية حزب الشعب الثورى الإثيوبى ومؤيديه ، ثم ثنى بتصفية حركة كل إثيوبيا الإشتراكية (ميسون) ومؤيديها والمتعاطفين معها ، والتى كانت قد إنحازت إليه فى البداية، وذلك فى حملة وحشية مازال الإثيوبيون يحتفظون بآثارها المرعبة فى متحف خاص حتى اليوم ، وببعض ذكرياتها التى لاتصدق ، حيث يقال أن الأسرة التى كانت تطلب جثة أحد ذويها للدفن ، كان عليها أن تدفع ثمن الرصاصة التى قتل بها الضحية ، كان العصر هو عصر التجربة الماركسية فى العالم ، ونجح منجستو فى حسم الحرب الأهلية لصالحه سنة 1978 ، بعد سقوط عشرات الآلاف من الضحايا ، كما نجح فى صد الهجوم الصومالى على صحراء أوجادين ، والهجوم الإريترى الذى شنته جبهة تحرير إرتريا فى حدود عهد الإرهاب الأحمر ، إعتماداً على تأييد الإتحاد السوفيتى وكوبا ودول أوربا الشرقية خارجياً ، وعلى تأييد قطاع كبير من الشباب الماركسى والمجالس المحلية داخلياً ، كما كان الحزب الديموقراطى الإثيوبى الملكى قد تفتت ، بعد أن حقق بعض الإنتصارات العسكرية على الديرج ، ويذكر أن منجستو فى خضم إحساسه بالقوة فى أعقاب هذه السنوات التى صعد فيها نجمه فى سماء السياسة الإفريقية ، قد رد على إعلان أنور السادات ، عضو حزب سافارى الذى أسسته الولايات المتحدة من بعض دول اليمين العربى وإيران فى ذلك الوقت ، عن رغبته فى توصيل مياه النيل إلى صحراء النقب والقدس ، كعلامة على التعاون والسلام فى زيارته لإسرائيل سنة 1979 ، بالتهديد بإقامة مجموعة من السدود على النيل الأزرق ، تعرقل تحقيق رغبة السادات تلك ، وهو التحدى الذى رد عليه السادات بالتلويح بالحرب ، ورد عليه منجستو بتحطيم زجاجة أخرى من الدم .
كان الإرهاب الأحمر صفحة أليمة فى تاريخ إثيوبيا ،حجبت فيه الأيدولوجية الوافدة، صراع الدين والقومية المزمن فى تاريخ إثيوبيا.
بدأ منجستو خطة عشرية للتنمية الإقتصادية من 1983-1993، ونجح فى تحقيق ثورة تعليمية فى البلاد ، إذ إزداد عدد المتعلمين من جهة ، والقادرين على القراءة والكتابة من جهة أخرى بشكل كبير ، خاصة فى المناطق الريفية ، وفى صفوف النساء ، إعتماداً على خدمات نحو ستين ألف من الشباب الماركسى ، الذين تطوعوا للعمل فى مجال التعليم ومحو الأمية ، لكن الجفاف والحروب الأهلية التى سببتها أساليبه العنيفة فى إدارة البلاد ، أفشلا الخطة فى النهاية ، وفى عام 1987 ، حل لجنة الديرج العسكرية الحاكمة ، وإستبدلها بحزب العمال الإثيوبى ، الذى كان قد أسسه سنة 1984 من معظم ضباط الديرج وبعض المدنيين ، فى محاولة لتأسيس ذراع مدنى للحكم على غرار الأحزاب الشيوعية الكبرى فى العالم ، ووضع دستوراً جديداً للبلاد ، كما غير إسم إثيوبيا إلى جمهورية إثيوبيا الشعبية الديموقراطية سنة 1987 ، لكن كل ذلك التجديد لم يفده شيئاً ، كان الإتحاد السوفيتى فى إنهيار ، وكذلك معظم النظم الشيوعية فى العالم ، وفقد منجستو ماكان يحصل عليه من دعم عسكرى وإقتصادى ومعنوى تدريجياً، وذلك بينما كانت أحزاب المعارضة بمختلف طوائفها ، قد شكلت فى بداية الثمانينات ، جبهة التحرير الثورية الديموقراطية الشعبية المكونة من أربعة أحزاب رئيسية ، جبهة تحرير شعب تيجراى ، والحركة الديموقراطية لشعب جنوب إثيوبيا ، حزب الأورومو الديموقراطى ، حزب أمهرة الديموقراطى ، وبالتعاون مع جبهة تحرير شعب إرتريا ، بدأت الحرب على منجستو(الأمهرى) ، الذى فر فى النهاية إلى زيمبابوى طالباً اللجوء السياسى سنة 1991 ، بعد تحذير أمريكى بعدم جدوى المقاومة ، وحكم عليه بالإعدام غيابياً بتهمة الإبادة الجماعية ، لكن زيمبابوى رفضت تسليمه ، بسبب بعض خدماته السابقة لها ، بعد أن خلف عصره الوحشى نحو مليون ونصف مليون قتيل إثيوبى ، وفى تلك السنة الأخيرة من حكمه تم تهربب الدفعة الأخيرة من يهود الفلاشا من العاصمة أديس بابا مباشرة ، بعد أن كان يتم تهريبهم سراً عبر السودان طوال عهده ، ودخلت قوات الجبهة أديس أبابا بقيادة ميليس زيناوى( التيجراوى) ، قائد جبهة تحرير تيجراى ، الذى أسس للحقبة الحالية من تاريخ إثيوبيا ، والتى يمكن تسميتها بالحقبة الفيدرالية ، والتى تبلور فيها مشروع سد النهضة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بعد قضية -طفل شبرا- الصادمة بمصر.. إليكم ما نعرفه عن -الدارك


.. رئيسي: صمود الحراك الجامعي الغربي سيخلق حالة من الردع الفعال




.. بايدن يتهم الهند واليابان برهاب الأجانب.. فما ردهما؟


.. -كمبيوتر عملاق- يتنبأ بموعد انقراض البشرية: الأرض لن تكون صا




.. آلاف الفلسطينيين يغادرون أطراف رفح باتجاه مناطق في وسط غزة