الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة الناقدة منيرة الحاج يوسف في ديوان الشاعر العراقي المغترب مديح الصادق (لي في العراقِ حبيبة).

مديح الصادق

2021 / 6 / 3
الادب والفن


الديوان عبارة عن مجموعة شعرية متكونة من أربع وعشرين قصيدة تدور حول الحب والوطن، والحنين والأنين، هي شوق لوطن أبعد عنه الشاعر عنوة، وتوق للوصال الذي بات مستحيلا في ظل إكراهات واقع لا ينبئ بنور. تحتل المرأة حيزا كبيرا من المساحة النصية في هذا الديوان ولا يُستغرب ذلك فالعنوان يلمع بهذا الاحتفاء ويبشر بحضور المرأة الكثيف. فهي الأم، والصديقة ، والزوجة، وهي الحبيبة التي لا يصلح الكون إلا متى صلحت وعلى هذا استحقت أن يتغنى بها في عيدها كما تغنى بأمه لتتحول إلى مرأة رمز، أيقونة من قيم مع أنها حضرت أيضا بخصوصياتها الجسدية وفق ما تعودنا من صورة الحسناء المغرية بكل مفاتنها الملهمة التي لا مناص من وجودها في حياة أي رجل. أقطاب الديوان ثلاثة، الشاعر، وعراقه وحبيبته وهي أقطاب لا تغيب عن أي نص بل ينفتح كل قطب على دلالات ذات صلة وشيجة به، وتحمل كل قصيدة زخما من العاطفة التي حرم منها الشاعر قسرا فالاغتراب لم ينس الشاعر وطنه بل كثف حضوره بكل رموزه في وجدانه بل ضاعف عشقه له ورغبته في الوصال لأنه في الحقيقة هو الحبيبة في بعد من أبعاده، وبهذا تكون غربة الشاعر غربة فراق ورحيل وبُعد وغربة وجودية كان لها عميق الأثر في تبلور النضج والحكمة لدى الشاعر إذ يقول : (ما فاز من فارق داره) هذه المجموعة الشعرية أفصحت عن اقتدارات الصادق اللغوية ومهاراته الأسلوبية في اللعب بالكلمات لعبا فنيا يحدث لدى القارئ نشوة الاختلاف في تلقي الجملة الشعرية إذ نادرا ما تشبه لغته لغة غيره من خلال ما يحدثه فيهامن تقديم وتأخير وتصرف حكيم في مراتب المتمات، غير مألوف يمنح السطر الشعري إيقاعا مميزا، اللغة عنده تتميز بتكثيف عال وكذا الانزياح في المعنى والمبنى على السواء، الاستعارة والبديع والبيان ومختلف محسنات القول وفنونه تحضر بازدهاء لترسم صورا شعرية على بساطتها هي عميقة بديعة تتدفق عاطفة وأحيانا وجعا . والفقر يقض المضاجع ومن شفاه الصغار يسرق بسمة وتحت سياط الذل كانت هناك ثورة وكان هناك رجال وكانت نساء مشاعل اوقدوا أرواحهم. لقداختار الشاعر من بين ما اختار من وسائله الفنية الذاكرةَ فمن خلاله يتحقق وصاله مع الوطن ومع الحبيبة، فقد حمل الشاعر الوطن بكل ما يرمز إليه ليكون الدليل والخليل في غربة ليلها طويل حمل معه دار جده التي تفوح من شقوقها ذكريات الماضي البريئة ،وعطف الأبوين، ولطف الجيران وتشاركهم تفاصيل الحياة. يقول في قصيدته لي في العراق حبيبة : لي فيه بيت عتيق أهداه لي جدي جدي الفقير ...الغني الذي شيد بيتي ولي هناك صحب أحبهم وبانتظاري...هناك الحبيبة. كما يلعب الرمز دورا مهما في إذكاء جذوة الحنين فيتغنى بآشور وما حكت ويتغزل بالقامة السومرية ويستحضر قصص شهرزاد لشهريار...ولا ننكر عليه ذلك فكيف لا يفخر بأصوله السومرية والسومريون بناة أول المدارس وبناة أقدم حضارة . إن العوامل التي اسهمت في شعرية الصادق كثيرة ولعل أولها البئة الريفية التي نشأ فيها فميسان هي إحدى محافظات العراق على حدود إيران وعاصمتها العمارة الواقعة على دجلة وبها عين صافية رقراقة متدفقة لها عميق الأثر في حياته وكل قومه حياة صافية يربط بين أهلها حب جياش اختاروه خط دفاع ضد اعتداءات الحاكم الجائر، ثم ما عاشه من اضطهاد وتضييق و ألم لا يزول لبطش النظام وقتله للأبرياء من ضحايا الرأي والكلمة بما فيهم أخيه الشهيد سمير وأصهاره وما خلفه ذلك من لوعة في قلب أمه، كل ذلك سرع بتنمية وعيه وترشيد اختياراته في السياسة والفن فانتمى مبكرا إلى الحزب الشيوعي العراقي وانخرط في مختلف أنشطة الإبداع الفكري بكل ألوانه من مسرح وشعر وقصة ومقالات ومذكرات...كما كان لتجربة عمله في دكتورا محاضرا في جامعة الجبل الغربي بليبيا في شمال إفريقيا عميق الأثر في مزيد اكتساب التجارب وتخزينها في ذاكرته ووجدانه فتجلى ذلك في نصوص ديوانه. ولئن تنوعت النصوص وموضوعاتها فإن قاسما مشتركا يجمع بينها هو تمسك الشاعر بقيمتي الحب و الوفاء ولعل مرد ذلك تشبع الشاعر بالقيم الإنسانية ، والنفس إذا غطاها الحب لم تتعر أبدا لذلك فاض الحب في نصوصه ليشمل كل العلاقات، علاقة الإنسان بالإنسان : لي هناك صحب أحبهم وفي نص آخر : ولي فيها أناس أحبهم . وعلاقة الرجل بالمرأة : لو خيروني في الجميلات لما كان اختياري سوى حبيبة الروح.... وعلاقة المرء بالوطن : ميسان كانت وتبقى الآن وكل الدهر حبيبتي... وفيها العراق الحبيب وهو ما يفسر هيمنة الجذر (ح،ب،ب) على كامل الديوان هيمة كاملة. تتعاشق الأغراض في النص الوحد لتكشف عن رؤى الشاعرالفكرية وعواطفه الإنسانية بانسيابية مدهشة فتعبر عن واقعه الذاتي والموضوعي وقضاياه الأساسية بسردية لا تخلو من شعرية عالية، ممتعة وموجعة إذ يقول : إن اثأروا وفي كل شبر هناك دم لشهيد ومن اعتلى المشانق هاتفا ليسقط الطغاة ويبق الوطن وفي ميسان لي قصص أخرى قد يطول بسردها الحديث... لي في العراق حبيبة، أناشيد عذبة للحب والسلام وأيضا هي دعوة للثورة على كل مظاهر الظلم، ظلم الساسة، وظلم المجتمع، وظلم الحبيب








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج


.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما




.. حلقة #زمن لهذا الأسبوع مليئة بالحكايات والمواضيع المهمة مع ا


.. الذكاء الاصطناعي يهدد صناعة السينما




.. الفنانة السودانية هند الطاهر: -قلبي مع كل أم سودانية وطفل في