الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تسلط الجيش علي الشعب.. فهزم

محمد حسين يونس

2021 / 6 / 5
مواضيع وابحاث سياسية


نصف قرن يزيد أربعة أعوام يمر علي هزيمة 67 و مازلنا ( للاسف ) لم نستوعب بعد دروسها القاسية
1 ) ان قضايا الحرب و السلام لا تترك للضباط و انما هي عمل سياسي من الدرجة الاولي يجب الا ينفرد به العسكر المحترفين..
2) أننا يجب أن نصبح شعبا له جيش يقودة المدنيون ينفذ تعليماتهم و يحقق إراداتهم السياسية .. و لسنا جيش يتسلط علي شعب يحول أفراده لأقنان يسعون كي يوفروا له حاجته .و يمجدون ضباطة .. و يجعلونهم يعيشون في رغد و رفاهية علي حساب الم و عجز الناس .
هزيمة يونيو تم تجاوزها بالنسبة لاغلب المصريين( خصوصا الشباب منهم) علي اساس أن عبور القوات المصرية لقناة السويس شكل المعادل الموضوعي الكاف لمحو الاثار .
بل قام العديد منا باسقاطها من ذاكرته و تجاهلها و تجاهل ضحاياها و نتائجها كأنها لم تكن ..فيما عدا هؤلاء الذين يستخدمونها للتدليل علي مدى غضب الخالق سبحانه علي حكام المنطقة المستبدين بهدف اعلاء النبرة الوهابية السعودية علي حساب النزعة الوطنية.
و هكذا ظلت أسباب هذا الانكسار كامنة دون تعديل بحيث أنه اذا ما تكرر ( نظريا ) اشتعال الصراع مع نفس العدو لعشرات المرات فالاحتمال الاكبر الا تختلف النتيجة الا في درجة و زمن السقوط.
فلنعيد قراءة الاحداث بعد مرورأربعة و خمسون عاما .
الحرب (( هي فرض ارادة بالقوة )) بمعني أن هناك ارادة أو هدف لجهه ما لا يتحقق سلما فيلزم استخدام القوة لفرضه علي الاخر
هدف الحرب الغالب و المستمر تأثيرة خلال القرون الخمسة الماضية ( كما حدده بول كنيدى في موسوعته صعود و سقوط القوى العظمي )
كان تمكين طرف ما من استغلال ثروات طرف اخر ( طبيعية كانت أو بشرية ) أى أن محرك معظم الجيوش خلال الخمسة قرون كان في الغالب فرض إرادة اقتصادية .. جيوش ابناء عثمان ، نابليون ، هتلر ، بوش تحركت لنفس الاسباب التي غزت من اجلها جيوش العالم القديم الاقطار المجاورة
الاسكندر، سيزر ، ابن الخطاب ، تيمورلنك ، و هولاكو غزوا جيرانهم من اجل الماء ، المواد الخام ، العمالة الرخيصة ، السوق المستوعب ، الطعام المتوفر .. بما في ذلك تلك الحملات العسكرية التي تسربلت برداء الصليب ، الاسلام أو دعاوى نشر الحضارة ..
لقد انتهت جميعها الي ما يشبه قطع الطرق والاستيلاء علي البشر لبيعهم في أسواق النخاسة , أو نهب الثروات من ذهب ، مجوهرات ، مصنوعات ، أو استغلال موقع جغرافي به اماكن تستثمرمن أجل الربح أو البترول ..
القوات الغازية الفرنسية ، الانجليزية ، الالمانية ، الامريكية (من بلاد الواق الواق ) كانت دائما ما تتحرك للقتال من أجل مكاسب منظورة لشعوبها.
فيما عدا هؤلاء الجنود الذين كانوا يتحركون علي أرض سيناء يوم 5 يونيو 1967 فقد كانوا استثناء للقاعدة
بمعني أنه عدا محاولة فرض ارادة فتح خليج العقبة و قناة السويس أمام البواخر الاسرائيلية و ما ترتب علي احتلال سيناء من استنزاف و استغلال ثرواتها اثناء الاحتلال ..
فان صراع الجيشين لم يكن بسبب محاولة طرف منهما فرض موقفا اقتصاديا استغلاليا لصالحه علي الطرف الاخر .
و انما كان المصريون يحاربون تحت رايات القومية العربية و شعار ابعاد الخطر عن الجولان .. و المزايدة بتحرير فلسطين ..
و كان الاسرائيليون يحاربون خوفا من فقد وطن استولوا عليه غصبا عام 1947 يحركهم الامل لفرض امر واقع يسمح باستمرار ما أصبح عليه الحال عن طريق القوة المسلحة.
حروب العدوان الاستعمارية واجهتها الشعوب بما اصطلح علي تسميته بالحرب العادلة اى حرب التحرر الوطني و المقاومة الشعبية التي خاضها تيتو و رفاقه و ديجول و انصاره ضد الاستعمار النازى في اوروبا ، أو هوشي منه و الجنرال جياب في اسيا ، أو كاسترو وجيفارا في امريكا اللاتينية و شهدت الجزائر و تونس لمحات منها في مواجهة مع الاستعمار الفرنسي
جيوش عبد الحكيم عامر الجرارة التي ملأت سيناء اعتبارا من 15 مايو 1967 هل كانت تخوض واحدة من تلك الحروب العادلة أم كانت تعد لحرب عدوانية .. بمعني هل كانت تسعي لاحتلال اسرائيل و رمي سكانها في البحر أم لتحرير فلسطين و اقرار نظام عادل لحياة مشتركة بين مواطنيها ..!!
لقد كانت القوات تتحرك بتعليمات غامضة غير واضحة لذلك عندما هزمت لم يكن مفهوما من الذى هزم .. هل هو الشعب الذى يخوض معركة تحرر وطني.. أم الراسمالية التي تطمع في توسيع مجالها الحيوى.. أم القيادة التي تبحث عن مجد وهمي تغذى به احلام القومية العربية و تضحي في سبيل أوطان الاخرين بابناءه و ثروتها .
غياب الهدف و ارتباطه بمصالح الشعب الذى يضحي بأفضل الابناء كان العامل الحاسم في السقوط المتتالي للقوات المصرية في سيناء .. لقد خاض الضباط و الجنود المعركة قسرا كما لو كانت قدر احمق الخطي كتب عليهم ..لذلك فلا عجب أن هرب معظمهم تاركين اسلحتهم ومواقعهم خلفهم بما في ذلك كبار القادة
بل بدأ الأمر بكبار القادة النعمين بالثروة و النفوذ ..و المستقبل المشرق في العمل كوزير أو مدير أو سفير
الهدف و المصالح هي القوى الدافعة لان يخوض البشر حربا .
ان تحديد الهدف من الحرب بدقة و هل هي حرب عدوانية باغية أم عادلة تحريرية .. وربطها بمصالح من سيخوضها هي القاعدة الاستراتيجية الاولي التي علينا ان نتعلمها من هزيمة 67.
فرض الارادة بالقوة يستلزم وجود أدواتها ..في زمننا لم يعد حماس الرجال و الخطب الرنانة و الاحاديث المنسوخة عن السلف الصالح هو القوة.. فالرجل الجالس امام الكومبيوتر يضغط علي ازرار فتنطلق الصواريخ العابرة للقارت ( تضرب الهدف بدقة، قد تصل اليه بفروق لاتزيد عن عدد من الامتار ) لا يحتاج الامر للشجاعة او القوة و لا يتهدده العدو الا بصاروخ مماثل . انها منظومة متكامله اقتصادية ، سياسية ، اجتماعية ، تكنولوجية أدت الي أن يجلس مستر جونس في قاعة مكيفة يجرع كأسا من البراندى و يطلق صواريخه فتصيب عبد الله و عبد العزيز و ام ايمن و ام مسعود و هم لا يعرفون لماذا أو كيف حدث هذا.
في امكاننا امتلاك منظومة صواريخ متطورة لو توفرت الرغبة لدى اصحاب الدولارات البترولية و لكن ماذا سنفعل بها عندما تتغير القياسات و تخرج الي الدنيا منظومة احدث تساوى بين ما نملكه من سلاح و السيوف الخردة المرسومة علي اعلام السعودية و شعار الاخوان غير المسالمين . انها منظومة القوة المتكاملة التي نفتقدها
ان هذا هو ما حدث يوم الصراع الاعظم لقد كنا الشعب المتخلف المطحون في حرب طويلة باليمن مرهقة و مكلفة لا نمتلك اختيار سلاحنا و انما نمنح ( فقط ) ما يراه السوفيت مناسبا لا ندفع ثمنه و لا نشترك في تصنيع حتي ذخيرته أو قطع غياره .. لدينا عجز في الوقود جيشنا غير مدرب علي خوض حروب طويلة ممتدة أغلبه من الاحتياط الذين جيء بهم علي عجل دون ترتيب للوحدات التي سيلحقون عليها .
السعودية و الاخوان الملاعين يخلقون لنا المشاكل في اليمن و يوقعون جنودنا في كمائن حرب منهكة يخفضون الروح المعنوية بدعاوى مضادة للنظام القومي الناصرى .. ببساطة لم نكن نملك ادوات المعركة بمافي ذلك قيادة جاهلة محدودة القدرات والخبرات العسكرية لا تستطيع مواجهة عدوين متربصين في نفس الوقت (السعودية و اسرائيل )
ومع ذلك كان قائد الجيش من الغيبوبة الاستراتيجية لدرجة انه صرح في مؤتمر للضباط بسيناء حضرته بنفسي ..بانه قادر علي حماية مصر و تحقيق نصر في اليمن و سيناء ..
قياسات القوة تبدأ بقدرة مجتمع ما علي الانتاج و الاستقلال بمنتجاته الاستراتيجيه ( الطعام ، الملبس ، السكن، الدواء ) خارج ضغوط الاخرين .. ثم كيف تتطور منظومته الانتاجية لتصبح جزء من المنظومة العالمية المتنافسة و هذا لا يتم الا بالتعليم و البحث العلمي و حرية التفكير .. و هي امور توقف مدها المتصاعد الذى بدأ مع نهضة بداية القرن الماضي بعد انغماس المجتمع في تحقيق رغبات و مغامرات القيادة العسكرية و احلامها القومية. .
المجتمع الحديث الذى يتمتع بالقدرة علي فرض ارادته هو مجتمع ديموقراطي حر يستخدم كل امكانياته لبناء نظام عادل تتساوى فيه الفرص و يعيش فيه الانسان آمن علي حاضره ومستقبله من خلال عقد اجتماعي عصرى يحترمه الجميع و دستور يؤسس للمستقبل ويخطط لبناء اقتصادى حر تتفتح فية قدرات البشر دون ان يسرق ناتج عملهم لصالح مجتمع اخر مستعمر .
التنظيم و الادارة هي ابجديات الزمن المنتصر الذى يهدى السلامة النفسية لمواطنيه من خلال عدالة اجتماعية و شفافية اتخاذ القرار تكسب المجتمع حيويته و قدرته علي التصحيح
في يونيو 67 كانت حدود قدراتنا مسورة برغبة القيادة التي لم يشغلها الا مجد وهمي يدور حول القومية العربية و الدعوة لفعل ثورى يسقط ملوك الجاز و اباطرته الذين تحالفوا مع العدو الامريكي الصهيوني للخلاص من عبد الناصر ..
نتائج الحرب كانت ثقيلة .. عدو يربض علي حدود القناة يمنع الاستفادة منها و ثروات سيناء مستنزفة و مرافق مستهلكة ولا امل في اصلاحها و مصانع متوقفه بسبب ندرة العملة الحرة لشراء قطع غيار و مستلزمات الانتاج و شعب محبط مساق زهرة شبابه الي التجنيد ليحرم سوق العمل منهم و تقدم العالم حولنا يتسارع بوتائر لا يمكن اللحاق بها لتصبح مصر امة تضم شعب شديد التخلف شديد الرجعية لا امل له في اللحاق بالركب الانساني
انظر حولي اليوم في الذكرى الرابعة بعد الخمسين لهزيمة مجتمعي و ضياع حلم التواجد بين الامم الصاعدة حول البحر الابيض المتوسط فأجد أن الاحداث المصاحبة للحدث و ما بعده من محاولات التغلب علي اثار الانكسارة قد فشلت بركود دام لاربعة عقود استسلمنا فيها لاستعمار ثلاثي الاطراف اسرائيلي ، سعودى ، امريكي ..
و ان المستقبل لا ينبئ بان اهلي قد تعلموا من الحدث أو انهم في طريقهم الي مواجهة النفس بعيوبها و الحركة في اتجاه المعاصرة بل العكس لقد قرر المجتمع ان يستدير للخلف و يعود ادراجه الي منطقة هجرت منذ الف و اربعمائة سنة ليعاني ظلمات الشريعة و انغلاق العقل ، و ديماجوجية خطابية تجعل الهبل و المتخلفين و سفلة القوم يخططون لانهاء تواجد مصر التاريخي لصالح اموال البترول القذرة.
إنه تماما ما خططت له اسرائيل وامريكا منذ أن صرح عبد الناصر انها جولة خسرناها من ضمن عدة جولات تالية ، وصرح السادات انها اخر الحروب مع اسرائيل ونام مبارك في حماية القوات الدولية الامريكية و قال المرشد وفيها اية لما اخوة لنا مسلمين يحتلون سيناء أو الشلاتين أو سيوة.. و أصبحت المخاطر تحيطنا من كل جانب .. و قيادتنا مشغولة ببناء مدن و كبارى .. و شق طرق .. و شراء شركات إذاعة و تلفزيون .. و خداع الشعب و تضليلة .
كلما تصورت ان العربات المدرعة الاسرائيلية كان بامكانها انهاء حياتي و أن دمي لم يكن ليحجب الاستعمار السعودى للعقل المصرى و الاستعمار الصهيوني لسيناء و الاستعمار الامريكي للارادة المصرية ..اكتشف أن عمرى قد ضاع هدرا و أن هزيمة 5 يونيو لازالت تعيش بيننا لم نتجاوزها .. ولن نتجاوزها في القريب العاجل








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - عندما يصبح العقل والمنطق اما خيانة أو كُفر
عدلي جندي ( 2021 / 6 / 5 - 20:54 )
تسود غوغائية الجهل والتخلف والخرافة
تحياتي


2 - deep scar
على سالم ( 2021 / 6 / 5 - 21:06 )
من المؤكد ان اى مصرى طبيعى عادى وعنده حس ثقافى ونفسى وفكرى مثل بقيه البشر الطبيعيين , اكيد ان هذا الشخص سوف يعانى من , هذه العاهه النفسيه والجرح العميق . deep scar نظرا لااستيلاء عصابه العسكر المجرمه السارقه الساديه المتوحشه على البلد واعتبارها عزبه للى خلفوهم يبلطجوا ويسرقوا ويعربدوا ويهبروا , الشعب فقد الحس الادمى واصبح مثل القطيع الابله ولايعرف كيف يميز من الصح والخطأ , بالرغم من اننى تركت مصر منذ اعوام طويله الا اننى لازلت متأثر من هذا الجرح الغائر , من الصعب ان تتخلص من هذا الجرح بسبب انه متواجد فى العقل الباطن يؤرقك من فتره الى اخرى , من الصعب بمكان اختزال حرب سبعه وستين الكارثيه واثارها المروعه فى تاريخ مصر الملئ بالمحن والالام والعذابات , انا العن عصابه العسكر الخنزيره المجرمه كل يوم


3 - عن الكباري .. و هزيمة 1967
صلاح الدين محسن ( 2021 / 6 / 7 - 04:42 )
ما بين عام 1982 : 1983 تقريباً , شاهدت مسرحية - عديلة - لنعيمة وصفي / بطولة فرديّة .. تسخر فيها من الاهتمام غير المعقول ببناء الكباري ( من ضمن الأسماء التي اطلقوها علي الرئيس حسني مبارك : حسني كباري ..! ) - في المسرحية , نعيمة / زوجة وزير- . تقول لصديقتها بالتليفون أوليس زوجك مقاول بناء ؟ خلّيّه ييجي ياخد له كام كُبري يبنيهم ، مشاريع الكباري كتييير
مضي حوالي ٤-;-٠-;- عاما علي تلك المسرحية ولا يزال الحال كما كان / والأولي : اقامة مشاريع بالأقاليم
عن هزيمة ١-;-٩-;-٦-;-٧-;-. أحد المفكرين قَدّر ان تأثيرها السيء علي مصر وشعبها سيمتد ل ٣-;-٠-;-٠-;- سنة قادمة | انه المفكر الراحل د. محمد سعيد العشماوي .. ولا أستبعد صحة تقديره - للأسف - و آمل ألا تمتد الكارثة هكذا
لكن توجد خسائر فادحة من تبعات تلك الهزيمة , ربما لن تُعوّض بعد أيّة مدّة
وأوجع ما في هزيمة 1967 انها هزيمة خِصبة و ولوُّد .. تحبل وتلد هزائم أشكال وألوان / ورُبَّ هزائم جغرافية واقتصادية وزراعية واروائية وبيئية وسياسية محلية ودولية - وغيرها - هي أقسي من الهزائم العسكرية
شِدِّي حيلك يا أم الصابرين/ أم الصابرين هي مصر .. كما تقول أغنية للمطربة شادية


4 - نتائج الحرب كانت ثقيلة
هانى شاكر ( 2021 / 6 / 7 - 05:56 )

نتائج الحرب كانت ثقيلة
______

نعم ... ومازالت تقلقنى منذ بدأت صباح ذلك اليوم المشؤم وحتى لحظتنا هذه

ربما لم يحلم اطراف النزاع حينئذ ان النتيجة فى المستقبل البعيد جدا لتلك الحرب هو زوال دولة بحجم مصر

اكاد ارى في كوابيسي الخط الاصفر المميت ... واصلا صباح الاثنين 5 يونيو 1967 ... بسد النهضة و جفاف البلاد

ارجو ان تكون انت و انا مخطيئين فى كآبتنا و تشاؤمنا

...

اخر الافلام

.. إلى أين سيقود ستارمر بريطانيا؟ | المسائية


.. غزة .. هل اجتمعت الظروف و-الضغوط- لوقف إطلاق النار؟ • فرانس




.. تركيا وسوريا.. مساعي التقارب| #التاسعة


.. الانتخابات الإيرانية.. تمديد موعد التصويت مرتين في جولة الإ




.. جهود التهدئة في غزة.. ترقب بشأن فرص التوصل لاتفاق | #غرفة_ال