الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة في مجموعة المتحولون لوفاء عبد الرزاق

ناصرقوطي

2021 / 6 / 6
الادب والفن


اغتراب الذات
في قصص "المتحولون" لوفاء عبد الرزاق


الشاعرة والقاصة والروائية وفاء عبد الرزاق غنية عن التعريف وكتب عن نتاجها الثر العديد من النقاد وحازت على العديد من الجوائز المهمة،على نشاطها الانساني في المنظمات العالمية،كما عن نتاجها الأدبي المتميز. في مجموعتها (المتحولون) عشرون قصة ضمتها المجموعة جاءت بايقاع ونبرة واحدة، تؤكد ألا شيء يبقى فكل شيء يتحول،يضمحل ويعود ثانية من خلال استرجاعات تترى. الزهرة،الرجل،المقاعد،كل شيء إلا الحجر أو الصخر في القصة رقم(20) التي تنتهي بتساؤل مرير هو كيف باستطاعة المرء أن يزيل كل هذا التراكم المخيف من القبح والقسوة حتى يصل الى زرع(ابتسامة قرب جرح عميق،أو منديل يمر على دمعة).
خاصية قصص "متحولون" انها لاتترك الباب مفتوحا للتاويل بل تحاصره بومضات بارقة حول العزلة والاغتراب الروحي بل المكاني وتترك للمتلقي أن يبتكر عنوانات القصص.
قد نصل في نهاية المطاف الى مقولة مفادها_بعد أن ننتهي من قراءة القصص_ لاشىء يذهب سدى. فالتحول قائم على صعيد الجملة القصصية أولا وأخرى يقوم على التحول في البوح الفانتازي الذي تبثة الشخصية عبر تساؤلات واسترجاعات لقيم وعادات، واقصاءات خفية من قبل قوى هلامية نستشعرها من بين السطور.في الوهلة الأولى يتبدى للقارىء العجول انها قصص مباشرة ولكن ما أن يتمعن بها ويعيد قراءتها حتى يجد انها قصص تنطوي على مكنون عميق يطلق عليه السهل الممتنع. كتب "جان كوكتو"لاأقبل إلا بنقد واحد للكتب، هو أن نحكم عليها من خلالها، أن ندعها تستمر فينا في وحدة مثقلة بالاستفهام، ذلك أن مايذهب منها يتفتت شيئا فشيئا تحت وطأة تنبهنا الصارم لها،و ماهو جدير بالبقاء يبقى، لأنه يتحدى بذات الوقت صدمة ذكائنا وخفقات القلب.".
في القصة الاولى رقم(1) بوح وتساؤلات إمرأة أمام المرآة،بلقطة خاطفة يجمد المشهد،بجمل قصيرة تعمل كشفرات "المورس"هذه الشفرات المستنجدة تحاول أن تفكك كينونة المرأة (بقي اصبع واحد يشير إلى المرآة،اصبعها الموجه إلى ذات الاصبع في المرآة)تشي هذه الكلمات بأن المرأة وحيدة تحدق في المرآة،تحاول أن تجد تفسيرا لكل هذا الاغتراب الذي تستشعره، محاولة منها الى لملمة ماضيها وهي تشير باصبعها المنعكس في المرآة كما لو انها تدين نفسها،حتى ان استبدال طقمها من الفضة الى البرونز لم يكن خيارا ذاتيا.(لماذا كلما استدرجتها مراياها،يظهر لها شخص آخر!!).
هذا التشظي للذات يعد مهيمنة رئيسة في أغلب قصص المجموعة.القصة رقم(2) يتداخل اللون مع أمنية إمرأة تحلم بأن تكون لها أسرة،وتفترض انها تزوجت وهي في خضم رسمها للوحة،وقد تركت جزءا كبيرا من لوحتها أبيضا دون أن تدنسه الألوان وهي اشارة خفية للحفاظ على النقاوة أو البكارة.وفي امتزاج متناه،تذوب المرأة في اللون،ويذوب فيها،حتى انها تضيّع كينونتها في اللوحة (استعذبت العشق،استشرى مرض في اللوحة.).لاتختلف القصة رقم(3)عن أخواتها،فهي تكشف لنا توحدا عميقا تعانيه الشخصية،تندمج هي الأخرى مع زهور الحديقة في المدينة،تلك الزهور التي تذوي أمام ناظريها وهي تغني أمام امراة عجوز محدودبة،محاولة منها لاعادة العجوز الى صباها ولكن دون جدوى حتى لحظة خروجها من المدينة وهي ترى(زهرة طفلة لوحت لها من بعيد،وغابت،التفتت لمكان التلويح،لم تجد له أثرا).هكذا تظل قصص المجموعة ترصد موضوعة الغياب، واستعادة شظايا من احلام وامنيات اندثرت،بجمل قصيرة،بارقة،اجتهدت كثيرا في سبر أغوار النفس.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم شقو يضيف مليون جنيه لإيراداته ويصل 57 مليونًا


.. أدونيس: الابداع يوحد البشر والقدماء كانوا أكثر حداثة • فرانس




.. صباح العربية | بينها اللغة العربية.. رواتب خيالية لمتقني هذه


.. أغاني اليوم بموسيقى الزمن الجميل.. -صباح العربية- يلتقي فرقة




.. مت فى 10 أيام.. قصة زواج الفنان أحمد عبد الوهاب من ابنة صبحى