الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عبوة فاونديشين وجهتك للعبور إلى الآخر

مريم القمص
كاتبة وصحفية واخصائية اعلام تربوي

(Mariam Elkmoss)

2021 / 6 / 6
حقوق الانسان


استغرق الأمر منى وقتاً طويلا ًحتى عثرت على عبوة فاونديشين ملائمة لوجهى الأسمر مما أشعرنى هذا الأمر غير الجلل بالإستياء والتجاهل الذى تشعر به  كل السمروات اللواتى لم يجدن فى سوق التجميل ما يخاطب إحتياجهن... والفاونديشين(foundation ) لجاهلى الثقافة النسائية من الرجال هو كريم الأساس وهوعبارة عن طبقة كريمية تضعها المرأة لتخفى عيوب وجهها الذى اصابه الشحوب لأسباب عدة ربما العمر الذى ولى أو  لأشعة الشمس الحارقة الساقطة على وجهها المنهك بعد يوم عمل شاق او لأسباب مرضية أخرى ....وترجع الندرة فى عدم توفر خط لإنتاج مواد تجميل للسمروات إلى أن العديد من الشركات لا تحترم الأختلاف فتوفر منتجات هائلة لأصحاب البشرة البيضاء على عكس غيرهم من السمروات بل يروجون بكل عنصريةبضرورة تَمشى السمراء  مع القطيع كى تتحول ذات اللون الأصيل كأصالة طمى أسوان إلى  واجهة  مبنى الكابيتول  فى مشهد عنصرى تقوده كبرى شركات التجميل وعلى رأسهم شركتى لوريال و يونيليفر ..وهناك سؤال ملح يفرض نفسه ، أين الآخر فيما تصنعونه أما يجب أن تكرسون إبتكارتكم فى البحث عن مايريح الأنثى، على غرار ما كان يجيد فعله الممثل والمخرج الكبير ميل جبيسون فى رائعته (  what woman want) حينما كان يتقمص فيها رغبات المرأة حتى يصل لما يسعدها ويلائمها ،حتى وإن كانت سعادتها فى عبوة كريم... فى الواقع إن معضلة سطورى هذة لا تكمن فى زجاجة مكياج تفشل كليتا فى إظهار الجمال الحقيقي للنساء، والذى  لا يتوفر بالضرورة  فى ذوات الملامح الجميلة الجذابة فكل هذا يزول مع زوال صاحبتها ، خاصة لو كان ينقصها جمالا فى باقى الاعضاء كالمخ واللسان ، فلا جاذبيةتدوم بعد جاذبية امرأة واعية مبهجة ذكية فهى التى تربح اليانصيب دائما، وهى التى تنتزع الميداليات الاولمبية للجمال الحقيقي من نساء عديدات جميلات، فالرجل وإن يعشق الجميلة فهو يدمن المبهجة...
  معضلتى إذن فى إحترام الآخر لذا أكُرس ندائى لشركات التجميل : لما لا تفكرون بعقلية الآخر  لتعيشوا إحتياجه ومتطلباته ؟!  ربما يكون الآخر هو جيشكم الوفي للتنافس فى الأسواق الربحية .. والأمر لا يختلف عنصربة فى بيوت الآزياء لما بها من منافسات شرسه  لإقتناص إنبهار النساء صاحبات القوام الممشوق فلا يأبو  بأحد وكأن جمهورهم من النساء خلقوا فى قالب واحد مثالي أسُتنسخ من الرشيقة كيندال جينر..،
ذات يوما كان هناك تجربة مميزة تستحق الإشادة  أطلقها بيت الأزياء الأمريكي ( David s Bridal )، حينما روج لخط إنتاج فساتين زفاف تخاطب الجمهور من الجسد الممتلئ ، ولكن لم يتكرر الأمر كثيرا ً وسط تعنت بيوت الآزياء العالميين لصرامة المعايير القياسية التى يقدمون بها خطوط آزيائهم ، مغفلين المبادئ الثورية التى وضعتها يوماً  الرائدة ..( كوكو شانيل ) حينما أحدثت إنقلابأ فى عالم الموضة بإدخال البساطة وبعض من اللمسات الذكورية الأنيقة لملابس وقبعات السيدات ودعوتها لإرتداء البنطال كقطعة أساسية، كى تبحث عن راحة المرأة وعن رضاها ومنها اثبتت عمليا إحترام الآخر...
والآمر قد يصل إلى ما هو أصعب وأدق وأحوج نفسيا ، يكمن على سبيل المثال فى بحث  الفقير عن سلعة تلائم جيبه الهاوى وسط الزخم الإعلانى عن منتجات تحتاج قرضا من المال ليحظى بها دون مراعاة لأى أصناف الشعور  له، مع تجاهل شركات السلع للفقراء وأعين اطفالهم التى تنهش المنتجات البراقة باهضة الثمن دون الحظى بها وتركهم مع حسرة تظل تحفر داخلهم آثار للنقص تدوم وتدوم معهم،  اليس هذا أكبر دليل على تجاهل الآخر ...
أعود أوكد أننى لا اتطرق لتفاهات أو قشريات الحياة فى كلماتى هذه ، أنا اخذ من عمق الفكرة دعوة لقبول الآخر، ربما يكون للآخر فكرة أعمق من هذا تتطلب  منا إحترامها فلأبد  من الإعتراف  بمن على الضفة المقابلة لنا من مختلفي  الدين أو الفكر أو  المعتقد السياسي ، ولكننا نجد أنفسنا نتجاهله عن عمد  فتكون الأسباب هى نفسها تلك المعطيات التى سبق وأشرت إليها، فيجب أن ندرك أننا مختلفين وأن لا ضرر فى هذا لأننا بالإختلاف نكتمل فيتوجب علينا أن نعترف بالغير لأنه موجود وله كينونه منفردة مستقلة يجب الإعتراف بها ، فعندما نفتح أعيننا على الآخر ونشعر به تصفو المشاعر وتتكاتف الرؤى ننجح ونشيد أبراجاً عالية من الإنجازات ، قائمة على التعددية والإختلاف الذى يوحد لا ليفرق ولنا فى التعددية الأمريكية مثال يفرض ذاته وبقوة ولكى نصل لتلك الصورة الكاملة لأبد أن يتواجد من يُخدم على متطلبات وإحتياجات  الآخر والإعتراف به وبما يخاطبه ويبهجه حتى وإن كانت المعضلة مجرد زجاجة فاونديشن .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. معاناة النازحين في رفح تستمر وسط استمرار القصف على المنطقة


.. الصحفيون الفلسطينيون في غزة يحصلون على جائزة اليونسكو العالم




.. أوروبا : ما الخط الفاصل بين تمجيد الإرهاب و حرية التعبير و ا


.. الأمم المتحدة: دمار غزة لم يسبق له مثيل منذ الحرب العالمية ا




.. طلاب جامعة ييل الأمريكية يتظاهرون أمام منزل رئيس الجامعة