الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إبحث للمبدع عن عشرين عذر

نصير عواد

2003 / 5 / 9
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


                  


ان عملية اقناع السياسيين  والمثقفين  والاعلاميين العرب بعدالة قضية الشعب العراقي  ودموية سلطة البعث  , مضى عليها أكثر من عشرين عام , وحفرت لها اسس عميقة  في البنى الآجتماعية  والسياسية  والثقافية . ولذلك فأن مطالبة هذه الفئات ( الآن )  بالصمت  او  قول الحقيقة , غير عملى وغير مقنع, على الرغم من  وضوح عدالة قضيتنا , وثبوت الآدلة الدامغة  على دموية النظام المقبور  من سجون سرية  ومقابر جماعية  وأطنان من الوثائق السرية تمددت  على اربعين عام من شراء الذمم  وتشويه النسيج الآجتماعي للبلد .
المشكلة الحقيقية هنا ليست  مع السياسيين  والمفكرين الذين ( قبضوا ) اموالا  او  رشاوى , وامتلكوا الاجابات الزئبقية  على  كل  الآسئلة السياسية  والثقافية , وتكلموا بشجاعة تشبه الوقاحة , وتنقلوا بين المواقف بخبرة  من  مر  على موائد كثيرة . لكن المشكلة كانت  مع  ابناء جلدتنا , رفاقنا  وأصدقائنا الذين احترقوا مثلنا بنار الاعدامات  والسجون  والمنافي . عشرون عام  ونحن نحاول جاهدين  وبكل السبل , اقناعهم  بأن الشعوب  لا  تكذب  على حكامها , وان القوانين  التي تحمي المواطن , اجدى نفعاً  واضمن حقاً , من  الحاكم العادل  والقوي والمنقذ . ولكن للآسف لم نستطع فعل الكثير وشعرنا بالعجز  والاحباط مرات عديده , وغالباً ما  كنا نختتم احاديثنا  عن  الشعر  واللوحة كمخرج  يرضي الجميع , وينقذ السهرة  وما كلفته  من مال  واعداد .
ويومها كنا نعزي  انفسنا في  عدم قدرتنا  على اقناع الآخرين , بأننا  كنا  من  اوائل ضحايا الصعود الفاشي بالعراق , وما صعودنا للجبال ببنادق عتيقة  ومقاتلين دراويش , الا دفاعاً  عن حياتنا  وكرامتنا  واملنا في سقوط الدكتاتور, ولم ندرك  " لطيبة قلوبنا التي تشبه الغباء "  بأن  اسقاط  مثل هكذا نظام  يحتاج  الى حروب داخلية  وخارجية طاحنة , ستشغل عقوداً ثلاث  وتنتهي بانهيار خرافي , وانشطارات اقليمية  ودولية لم  يسبق  لهل مثيل  في التأريخ المعاصر.
ان الانحياز الوراثي لفكرة المؤامرة  أوقعنا كثيراً  في دائرة التبسيط , فيما يخص تحديد العلاقة القديمة بين المفكرين  والسياسيين  وبين نظام البعث السابق . ومع  اننا  لم نأتي بجديد  اذا  تحدثنا  عن أسماء يشار  لها بالبنان , كانت مستفيدة  من دعمها للديكتاتور , ولكن في الجهة الاخرى يقف الكثير  من  الوطنيين الصادقين  والمبدعين الحقيقيين , الذين  وقفوا  الى جانب العراق  واستقلاله , لينتهي بهم الآمر الى الوقوف مع سلطة البعث الدموية.
فكثير  من دعاة الافكار القومية بالوطن العربي , وجدوا في العراق ضالتهم , نموذجهم  وحاضنتهم , حتى قبل  ان تتسرب  الى جيوبهم براميل النفط . وهنا النقطة التي تسجل لصالح سلطة المخابرات , بربطه هذه المواقف النزيهة بالاموال  والهبات , ليزيد  من رصيد المبدعين المالي  على حساب رصيدهم الآنساني  والآبداعي , ما  دفع بهم اكثر للصراخ  والآستبسال  في الدفاع عن العراق , الى درجة أذهلتنا يومها نحن العراقيين ابناء البلد . ولم نعرف الا  مؤخراً , بأن  من كان يخفت صراخه يجري تهديده  بالاموال التي حصل عليها , وأنها مسجلة  وموثقة  في دوائرهم المخابراتية .
من بين كل الذين دعموا  الديكتاتورية  بالعراق , يقف الفلسطيني الخاسر الآكبر والدائم , بعد تجاربه المريره   بعمان  وبيروت  والكويت  وبغداد . الفلسطيني الذي طالت معاناته جراء الاحتلال الصهيوني لبلده , وأحباطه المستمر بسبب تسابق الزعماء العرب  في  وضح النهار في ابداء الولاء  والطاعة  لآعدائه  من الصهاينة  والآمبرياليين . نراه  قد انكفئ الى الداخل يبحث  عن منقذ , عن بطل قومي , عن صلاح الدين  جديد , فلا يجد غير صدام حسين  وشعاراته الديماغوجية , وعنترياته القومية  وهباته المالية . وكل هذه الآعوام التي مرت عجاف علينا  وعليهم,
لم نستطع توضيح الامر -  لخلل في ادواتنا  او  ضعف في حججنا - بأننا بالعراق نعاني  اكثر  من معاناتهم  مع شارون  وبيغن  ونتنياهو , وان الفلسطيني  لا  يسجن  في  السجون الاسرائلية اكثر  من يوم واحد  من دون تهمة قانونية معلنة , وان  العراقي الذي يذهب  الى السجن  لا  يعود ,
اضافة  الى  ان  تحرير القدس يتطلب رجال  احرار واقوياء  من الفلسطينيين اولا , ومن العرب ثانياً , ونحن العراقيين نتوزع السجون  والمنافي
والمقابر, ولم نستطع ازاحة الديكتاتور ببلدنا , فكيف نحرر فلسطين ؟ .
العراقيين بدفع  من حكومتهم , قاتلوا  دولاً  واعتدوا  على شعوب جاره  وصديقة , بحجة تحرير فلسطين عبر عبادان والكويت , وكانوا على وشك
تحريرها  عبر الرياض  او عمان لولا  وصول  القاطرة الآمريكية التى خربت كل شئ , لتعلن للجميع بأنها ستحرر فلسطين عبر  بغداد !!
ان نظام البعث المقبور , والذي  لم  يفلح  في  حل اغلب  الأزمات التي  واجهته عربياً  ودولياً ,أفلح  في بلبلة  وتشويش أفكار الكثير  من  الوطنيين العرب ,بشرائه احزاب  وصحف  ومجلات  وقنوات فضائية , لعبت دوراً فيه الكثير  من  علامات الاستفهام , تنتظر ملفات المخابرات  وأرشيف الأمن للأجابة عليها . والى  ان  تتكشف الحقائق سيبادر ايتام النظام السابق بالهجوم علينا  واتهامنا بالعمالة  والخيانة بعد  ان  كانوا  قبل ايام قليلة يصفوننا بالبطولة  والعروبة , وسوف يحاولون عزلنا كما فعلوا  مع  الكويت , لكننا سنبحث  في هذه الملفات السرية  ونطلب  بنشر محتوياتها, حتى تساعدنا في اقناع  من  لم  نستطع اقناعهم بعدالة قضيتنا , وحجم قتلانا  وخصوصية سجوننا  وموهبة جلادينا, وهذه  المرة  اذا  لم  نستطع مع  كل هذه  الأدلة  والشواهد .. فهذا يعني  ان  بالأمر خيانة .

 








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. استمرار مساعي التوصل لاتفاق دفاعي بين السعودية والولايات الم


.. الصين تغزو الجانب البعيد من القمر.. ما القصة؟




.. فرار مستوطنين من حافلة بعد دوي صفارات الإنذار


.. أردوغان: حماس استجابت بإيجابية لعرض الرئيس الأمريكي عكس نتني




.. روبرت مردوخ يتزوج للمرة الـ