الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من قنديل الى إمرالي

ساطع راجي

2021 / 6 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


لا تريد الجهات الرسمية ولا القوى السياسية العراقية بكل ألوانها المساس بالمشاعر التركية عبر تذكير رئيس وحكومة وعسكر انقرة ان حل معضلة حزب العمال الكردستاني (بككه) لن يكون ممكنا عبر الحملات العسكرية فمنذ عام ١٩٨٤ والقوات التركية تخوض حربا مع البككه، حرب لم تغير شيئا على الارض، ورغم ازدياد قوة الجيش التركي وتطوره وتمتع انقرة بوضع العضو في الناتو ورغم تجريم البككه والتوافق الدولي على اعتباره منظمة ارهابية الا انه يزداد ايضا قوة وتطورا بما يجعله ندا للدولة التركية وخصما لا تلوح نهايته في الافق.
العراق قانونيا وسياسيا لا يمتلك حق الشكوى من الهجمات التركية لأن "الاراضي العراقية تنطلق منها هجمات ارهابية ضد تركيا" والواجب السيادي يفرض على العراق طرد قوات البككه؛ لكن كيف يمكن للقوات العراقية فعل ما فشلت فيه تركيا منذ عام ١٩٨٤ وهو يواجه اصلا تعقيدات ومشاكل عسكرية وأمنية كبرى؟!!.
عندما وصل حزب العدالة والتنمية للسلطة عام ٢٠٠٢ باشر بخطوات على مسار معالجة القضية الكردية في تركيا لكنه سرعان ما تراجع اداؤه في هذا الملف وعادت السلطة في عهده الى المعالجات الامنية والعسكرية القديمة وزاد عليها المراوغة السياسية والقضائية والملاحقات الشخصية، وبينما اجرى حزب العدالة وزعيمه اردوغان تغييرات جوهرية في الدستور والمسارات السياسية لتركيا بفضل ما يتمتعان به من قوة الا انهما، الحزب والرئيس، لم يطرح اي مبادرة في الملف الكردي، ويبدو ان مسارا مخاتلا هو الذي يسيطر على العقل التركي الحاكم عبر محاولة استغلال منهج المطاردة العسكرية مع البككه للتدخل في شؤون دول الجوار والتوسع على حساب الحدود الدولية سواء في العراق او سوريا مستغلا هشاشة السلطة وفوضى التنظيمات العسكرية في البلدين لتثبيت أمر واقع لا يتعلق بأمن تركيا بل بأحلام حكامها في التوسع.
لم تتمكن الحكومات العراقية والسورية ولا الايرانية او التركية من حل القضية الكردية امنيا وعسكريا رغم ان انظمة الدول الاربع اجادت لفترة طويلة استغلال الخلافات والتناقضات الكردية واعتمدت على الانتهازية الحزبية والانانيات العائلية والشخصية، لكن القضية بقيت كما هي منذ قرن كامل وهذا درس مجاني لمن يريد ان يستفيد منه.
كثيرا ما وصف المراقبون حزب العدالة والتنمية ومعه اردوغان بالحكمة والاعتدال وبعد النظر، لكن في الملف الكردي لم تكن هذه التوصيفات تنطبق مع الواقع، فإذا كانت المتغيرات في العراق وسوريا قد سمحت بمزيد من التدخلات العسكرية وفتحت باب الهجمات واسعا، فإن نفس هذه المتغيرات سمحت لحزب العمال الكردستاني بالتوسع عسكريا وسياسيا وشعبيا ووجد حلفاء جدد لم يخطروا يوما في بال صناع القرار التركي وصار الحزب ممثلا لمكونات ايضا وتنتشر قواته على مساحات اوسع بكثير من تلك التي كان يتحرك بها خلال العقود الماضية ولم يتأثر كثيرا باعتباره "تنظيما ارهابيا" بل صارت بعض اجنحته شريكا في التحالف الدولي ضد داعش.
يمكن لتركيا شن المزيد من الهجمات التي تحرج حلفائها وتزيد من النقمة الشعبية عليها دون ان تحقق بها اي منجز حقيقي ويمكن لها ان تحلم كما تشاء بقضم اراض عراقية وسورية لكنها ستبقى مضطرة لتسوية القضية الكردية عبر الحوار ولذلك وبدلا من الاستمرار في القصف العبثي سواء لجبل قنديل او غيره من المواقع عليها ان تتجه مجددا الى جزيرة إمرلي حيث يقبع عبدالله اوجلان "آبو" زعيم الحزب التاريخي في السجن منذ عام ١٩٩٩ ، والذي سبق لحزب العدالة ان تفاوض معه، لإنجاز تسوية ممكنة وعادلة وإلا فإن القضية الكردية ستبقى قطرة الدم التي يمكن ان تجلط الدولة التركية في اول ازمة كما حدث في الحالات المعروفة وسيكون التمدد التركي على حساب الجيران هو نقطة الضعف القاتلة في السياسة التركية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران تتحدث عن قواعد اشتباك جديدة مع إسرائيل.. فهل توقف الأم


.. على رأسها أمريكا.. 18 دولة تدعو للإفراج الفوري عن جميع المحت




.. مستوطنون يقتحمون موقعا أثريا ببلدة سبسطية في مدينة نابلس


.. مراسل الجزيرة: معارك ضارية بين فصائل المقاومة وقوات الاحتلال




.. بعد استقالة -غريط- بسبب تصدير الأسلحة لإسرائيل.. باتيل: نواص