الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


صندوق النقد الدولي و منظومة الكوميسيون المالي الجديد التبعية يضعان تونس على سكة الإنهيار التام...

عمران مختار حاضري

2021 / 6 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


صندوق النقد الدولي و منظومة "الكوميسيون المالي الجديد " التبعية الحاكمة، يضعان تونس على سكة الإنهيار التام في سيناريو دراماتيكي أخطر من الذي حصل في اليونان في السنوات الأخيرة... !

* خاطرة على هامش زيارة الوفد التونسي لواشنطن للتسول لدى صندوق النقد الدولي و التفاوض على التدمير الهيكلي للوطن و انتهاك سيادته و مزيد تفقير الشعب و ابادته ... :
* و كما هو معلوم صندوق النقد الدولي اصبح آلية للاستعمار الجديد حيث يستمر و باقي المؤسسات المالية في بلورة و فرض سياسات معادية للشعوب و منتهكة لسيادتها و ناهبة لثرواتها، ليس من موقع ارتباطه العضوي بمنظومة النيوليبرالية فحسب بل لارتباطه بابجديات الرأسمالية التي لا تستقيم برامجها و مخططاتها إلا بتقسيم غير عادل للثروات و الإستغلال المكثف لقوة العمل و احتكارها لوسائل الإنتاج ... !
* و في الحالة التونسية، و في ظل المنظومة العدوانية التقشفية الحاكمة بمختلف تمثلاتها و المتناحرة حالياً على توسيع دائرة الصلاحيات في الحكم والتي لا خلاف بين مكوناتها حول الخيارات الكبرى و التوجهات النيوليبرالية التبعية المدمرة و المنخرطة عن طواعية في سياسات الصندوق و المكرسة ل "الكوميسيون المالي" الجديد و الاءمعان في الحفاظ على نفس الخيارات القديمة المتازمة التي ثار ضدها الشعب و التي لا نرى أي فائدة مرجوة من موقع مصلحة الشعب و الوطن في أي من مكوناتها في الحكم أو خارجه من الأطياف المتماهية في اقتصاد السوق المعولم... !
* هذه المنظومة الحاكمة بحكم توجهاتها التبعية ، و استراتيجية صندوق النقد الدولي الكارثية، بمعية اللجنة التوجيهية للاقتصاد التونسي التي تأسست في سنة 2014 و المتكونة من 16 عضوا برعاية السلطة و البنك المركزي و ممثلين عن "مركز رؤساء المؤسسات الخاصة"( الذي تم بعثه من ثمانينيات القرن الماضي بهدف تثبيت التوجهات النيوليبرالية) و سفير فرنسا بتونس و ممثلين عن الخزينة العامة الفرنسية و الاتحاد الأوروبي و ممثلين عن المعهد الأوروبي بمرسيليا و كذلك ممثلين عن المنتدى الأورو متوسطي لمعاهد العلوم الاقتصادية هذه اللجنة التي عهد لها من 2015 إلى 2020 برسم "رؤية استراتيجية تعنى بالتحولات الهيكلية و المخططات التنموية الاقتصادية في تونس"...!
... يضعون تونس على سكة الانهيار التام و مزيد تفقير الشعب و ابادته و الدوس على قراره السيادي و تفاقم البطالة و التهميش و الارتفاع الجنوني لأسعار المواد الأساسية و مراجعة الأجور و تجميد الانتدابات و التخلي التدريجي على منظومة الدعم و ضرب محركات التنمية و عدم حماية الدينار من الإنهيار و مواصلة التوريد العشوائي و التخلي عن المشاريع العمومية القاطرة الحقيقية لتطوير الاقتصاد و عدم إعتماد نظام ضريبي عادل و عدم مقاومة الاقتصاد الموازي و التعويل على قطاعات هشة غير منتجة و غير قادرة على إنتاج القيمة المضافة و اعتماد منوال تنموي ريعي خدمي بنكي رث و التدمير القصدي لما تبقى من مكتسبات محدودة جدآ في الرعاية الصحية و الاجتماعية و التعليم العمومي و التهيؤ لبيع البنوك العمومية و المؤسسات العمومية الاستراتيجية الأخرى كما التهيؤ لتمرير مشروع قانون تمليك الأجانب دون رخصة الوالي و نوايا تمكين الأجانب و القطريين تحديداً من الاستثمار في الأراضي الزراعية...!!! و الاستعداد للجولة التفاوضية الرابعة لاتفاقية الشراكة الشاملة و المعمقة مع الإتحاد الأوروبي/ ALECA اليكا" ... ! في سيناريو دراماتيكي شبيه بالذي حصل في اليونان في السنوات الأخيرة أو ربما أخطر...!
* على اليسار أن يتعلم من أخطائه و يعمل على تجاوز العفوية و التشتت و الشعارات الضبابية و اجتثاث براثن " اللبرلة" و عدم الانحسار في الجانب السياسي و إهمال الجانب الاقتصادي والاجتماعي البوابة الرئيسية في تكوين قاعدة شعبية و الاستلهام من تجربة اليسار الراديكالي في امريكا اللاتينية خاصةً في النشاط الديموقراطي الاجتماعي و لما لا تجربة " بوديموس" في إسبانيا... و هذا لا يعني استجلابها و تقديسها و إخضاع الواقع لها... لكن بفكر نقدي موضوعي و يستعد اليسار المنتصر للشعب و الثورة عندنا إلى اقتناص اللحظة التاريخية التي فوتها لما كانت على قارعة الطريق و الظروف الموضوعية أكثر نضوجا...! إن لم تتجند و تتوحد الأطياف السياسية و المدنية الوطنية التقدمية الناهضة والنقابية الديموقراطية الصادقة ، المنتصرة للشعب و انتظاراته و للوطن و سيادته للتصدي دون تلكؤ و انتظارية بكافة الأشكال التنظيمية و النضالية و في مقدمتها الشارع، لهذا التمشي الكارثي و التدمير الهيكلي و وعي خطورة اللحظة الفارقة قبل فوات الأوان قبل أن تصبح الأمور أكثر عسرا و تعقيداً...!
فالوضع أخطر من أن يترك لهؤلاء المغامرين بائعي الوطن الذين بختزلون الوطن في الغنائم و رقعة ترابية ننام فيها... ممن تستحي الكلمات من ذكر أسمائهم من رواد الإسلام السياسي الإخواني كما رواد الحداثة الاستهلاكية الاداتية الزائفة كما رواد الشعبوية المحافظة الهلامية... يدمرون الوطن و يفقرون الشعب و ينتهكون سيادته و أبسط مقومات حقه في الغذاء و الدواء... و لا خيار غير مواصلة المشوار النضالي و توحيد الطاقات الذاتية في قطب وطني تقدمي ديموقراطي إجتماعي واسع بصياغة تكتيكات مناسبة في ضوء استراتيجية واضحة خارج الحلول الترقيعية و السقوف المنخفضة بعيداً عن المنطقة الرمادية اللامبدءية البراغماتية و السقوط في الاصطفافات الهلامية المحكومة بمنطق " التذاكي" و خيار المفاضلة بين السيء و الأقل رداءة كما يسوق له بعضهم ممن لم يتمكنوا من الحسم المبدئي في كافة مكونات المنظومة الحاكمة و امتداداتها خارج الحكم...! و الحرص على مقاومة تمييع الصراع الاجتماعي الطبقي و حرفه عن جوهره الحقيقي و من ثم الاستعداد الفكري و السياسي و التنظيمي الجاد لتوجيه طاقة الاحتجاجات الشعبية صوب التغيير الجذري المنشود شعبيا و التي ستتفجر على تداعيات : الميزانية التقشفية الحالية و ما رافقها من زيادات في الأسعار و ذبح المقدرة الشرائية للمواطنين المفقودة أصلا و ارتفاع منسوب التفقير و البطالة و التهميش... إضافة إلى أزمة الكورونا و تداعياتها حيث الشعب يواجه مصيره لوحده يحاصره الموت من وباء كورونا و وباء غلاء المعيشة ... و املاءات صندوق النقد الدولي و الهياكل التوجيهية سيئة الذكر تحت مظلة استقلالية البنك المركزي المدمرة و مجلة الاستثمار الجديدة و "الشراكة بين القطاعين العام والخاص" و التي شكلت كلها مجمعة حول محور منظومة الحكم ، الكوميسيون المالي الجديد و الذي يعيد إلى الأذهان الكوميسيون المالي الذي تم خلال 1869 أثناء حكم البايات عندما عجزت الايالة عن تسديد ديونها ...! لكن المتصدرين للمشهد السياسي الحالي هم غرباء عن التاريخ و الجغرافيا و العقل و أن الأراضي الزراعية التي تملكها الأجانب استردت نهائيا في ما يعرف بمعركة" الجلاء الزراعي" و أن قانون 1964 يجرم تمليك الأجانب الأراضي الزراعية و أن الشعب التونسي سيطردكم قبل امضاء العقود...! و أن أجدادنا حسموا منذ أكثر من قرنين و تحديداً في 1803 في الاسلام الإخواني و السلفية لما ورد إلى تونس كتاب " الوهابية" لصاحبه محمد بن عبد الوهاب في فترة حكم حمودة باشا الذي احاله على أنظار فقهاء جامع الزيتونة و صدر بشأن الوهابية كتاب التميمي بعنوان"المنح الإلهية في دحض الضلالة الوهابية" كما لم يعرفوا أن الزيتوني العبقري الطاهر الحداد كان قد طرح المساواة في الميراث بين الجنسين منذ ثلاثينيات القرن الماضي فيما ترفض كافة مكونات و أقطاب الحكم و امتداداتها هذه المساواة...! و لم يدركوا بعد أن الشعب كسر أغلال الخوف و أصبح شعار"الشعب يريد" ثقافة و منجزا تاريخياً لم نشهد لها مثيلا منذ دستور قرطاج الذي تجاوز دستور أثينا و منح المرأة الحق في الانتخاب و تجاوز ثقافة الخنوع و الخضوع للسلطان و هذا ما لم يدركه الاغبياء أن أهم في الثورات هي المتغيرات التي تحدثها...!
* وأن المسار الثوري لم ينته بل بدأ للتو ، و واااهم من يعتقد أن الثورة ابتلعها صندوق الانتخابات الملوثة بالمال الفاسد و الإعلام الموجه و المنصات الالكترونية الإشهارية المشبوهة...!
*المسار الثوري سيظل قائما طالما أن أسباب إندلاع الثورة قائمة بل تفاقمت و أن الشعب لما يحتج و ينزل إلى الشارع ليس في نزهة و لا يملك ترف النزول إلى الشارع بل تحركه أوضاعه المعيشية والاقتصادية والاجتماعية التي لم يعد يحتمل التعايش معها و لن يكون هناك إستقرار يذكر و لن يهدأ الشعب إلا بتحقيق مطالبه الاقتصادية والاجتماعية أساساً... مهما تعثر المسار و هو يراكم وعيه مسنودا بالاطياف المنتصرة له و لانتظاراته و سيفرز قياداته الميدانية من صلب الحراك الاحتجاجي و يبقى الامل معقودا بصفة أساسية على الشباب ليس بصفته الشريحة العمرية الاكثر نسبة بل لكونه راس حربة الثورة و بخاصةً وجود شباب متعلم و مدجج بالمهارات التكنولوجية الرقمية و هو يعاني البطالة و التهميش و الإستغلال و يلتقي في ظروفه المعيشية مع العمال و فقراء الفلاحين و سائر المهمشين و الذي يصفه بعض المفكرين ب ظاهرة "بروليتاريا ذهنية" (نذكر على سبيل المثال المفكر الماركسي د. هشام غصيب ), قادر على بلورة البدائل و تنظيم نفسه و مراكمة تجربته و تجذير وعيه و إتخاذ مبادرات نوعية تساهم بشكل كبير في خلاص الشعب من هكذا منظومة عدوانية فاشلة فاقدة لكافة أسباب البقاء سياسيا و إقتصاديا و أخلاقيا...!

عمران حاضري
7/6/2021








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فولفو تطلق سيارتها الكهربائية اي اكس 30 الجديدة | عالم السرع


.. مصر ..خشية من عملية في رفح وتوسط من أجل هدنة محتملة • فرانس




.. مظاهرات أمام مقر وزارة الدفاع الإسرائيلية تطالب الحكومة بإتم


.. رصيف بحري لإيصال المساعدات لسكان قطاع غزة | #غرفة_الأخبار




.. استشهاد عائلة كاملة في قصف إسرائيلي استهدف منزلا في الحي الس