الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


إختلاف الرؤى السياسية حول النظام السياسي والسلطة والدولة !!

صبحي مبارك مال الله

2021 / 6 / 8
مواضيع وابحاث سياسية


لقد عانى الشعب العراقي من غياب الديمقراطية الحقيقية والعدالة الإجتماعية منذُ فترة طويلة فبعد تأسيس الدولة العراقية 1921 لم تستطع دولة الإنتداب البريطانية أن تعكس ديمقراطيتها على العراق ونظامه السياسي الملكي إلا من خلال قشورها ، ولهذا لم تنمو الديمقراطية في العراق أو تنشأ تقاليد سياسية رصينة كأحزاب وقوى بل إزداد الأمر سوءٍ عندما تم بناء الدولة ونظامها السياسي شبه إقطاعي ونظام إقتصادي ريعي وطفيلي و كومبرادوري(هو مصطلح سياسي يعني طبقة البرجوازية التي سرعان ما تتحالف مع رأس المال الأجنبي تحقيقاً لمصالحها وللإستيلاء على السوق الوطنية ) والذي أسس على الكثير من مخلفات الحكم العثماني . وتبعاً لحماية المصالح للطبقة السياسية المتنفذة ومن يدور حولها، نمّ بناء أجهزة الدولة والسلطة القمعية بأشراف المستشارين البريطانيين كما تم تأسيس مجلس نواب كارتوني الذي يتغير بين فترة قصيرة وأخرى بسبب حل البرلمان بيد السلطة الملكية والتنفيذية وبإقتراح من رئيس الوزاء وهوعادة يكون من قبل(نوري سعيد) الذي أرتكب جرائم بحق الشعب العراقي وبعد أن يزداد نضال الشعب قوة وعنف. ومن خلال تأريخ العراق السياسي الطويل مرت على العراق حكومات مطيعة للإجنبي التي قامت بعقد إتفاقيات إسترقاقية معه لتكبيل العراق وشعبه وتدور دواليب الزمن السياسي حيث مرت على الوطن والشعب حكومات دكتاتورية أذاقت الشعب الويلات والجوع والقهر والحرمان فضلاً عن الأمراض والأوبئة والفياضانات والحروب والصراع الطائفي والقومي . ولم تمر على العراق سوى فترة قصيرة من الحكم الوطني بزعامة الوطني عبد الكريم قاسم بعد قيام ثورة الشعب والجيش 1958، إلا أن الأعداء تكالبوا عليها من متآمرين وقتلة ومتضررين من الحكم الجمهوري فتم القضاء على الجمهورية الأولى بعد نجاح 8 إنقلاب شباط الأسود1963، وعندما جاء حكم الحزب الشمولي الواحد وبقيادات يمينية عاش الشعب فترة مظلمة ومخيفة وإعدامات وقتل وإبادة والعقوبة تعدت إلى الأقارب فضلاً عن الدرجة الأولى فكان حقاً كابوساً إستمر أكثر من خمسة وثلاثين عاماً . والآن وبعد التغيير السياسي الذي حصل في التاسع من نيسان 2003 م بواسطة قوى التحالف الدولي وأمريكا التي تحملت العبأ الأكبر . وصلت إلى دست الحكم طبقة سياسية إسلامية وطائفية وأسس الحكم على قواعد المحاصصة الطائفية والقومية والإثنية حسب الحاكم الأمريكي (بريمر)ومن هذه النقطة خسر العراق هويته الوطنية وخسر المواطن الذي أصبح نتاج ذلك الحكم الدكتاتوري البغيض فترةمظلمه التي لاتوصف بعد أن حرق الدكتاتور الشعب في أتون الحروب ودمر شخصيته الوطنية،والذي خلق منه شعب مهزوم وخائف ولكن الإرادة والأمل كانت أقوى والنضال كان مستمر.
والآن وبعد مرور ثمانية عشر عاماً ماذا حصل الشعب العراقي ؟لقد كانت النتيجة مخيبة للآمال . ظهور سلطة سياسية مزدوجة ، مليشيات متعددة الألوان والإتجاهات ، شبكة مافيا للفساد ، تقزيم الديمقراطية وسلطة تشريعية مشلولة وضعيفة، مكافحة الصوت المعارض ، إنتشار مفاهيم الطائفية والإثنية، والفساد السياسي والمالي والإجتماعي ، إنعدام الخدمات ، تدمير المشاريع والمعامل والمصانع ، فساد في كل مكان وزاوية من الدولة ومؤسساتها . نهب وسلب المال العام وكما ذكر رئيس الجمهورية برهم صالح ضياع وسرقة 150ملياردولار ولكن الرقم الحقيقي أكثر من ذلك . وظهر للعيان فساد الحكومات المتعاقبة ، وفساد طبقة الإسلام السياسي . وبعد أن أرتفع صوت الشعب على سوء الخدمات وغياب العدالة وإرتفاع خط الفقر ، ونفشي البطالة وحرمان آلاف الخريجين من الوظيفة وأصبحت ظاهرة الرشا وفساد الذمم وبيع وشراء المناصب بما فيها المناصب البرلمانية وتزوير الانتخابات ظاهرة في المجتمع العراقي . ولم يقف تدمير الدولة ومؤسساتها إلى هذا المستوى فقط وإنما تعدى ذلك إلى القيم العراقية ، ومخالفات مستمرة للدستور، وعدم الأعتراف بالقانون. ونشأت المليشيات وبشكل يسترعي الإنتباه عند أحزاب الإسلام السياسي في حين الدستور وقانون الأحزاب يحرّم ذلك . كما كونت مراكز قوى تأمر وتنهي . مستخدمة كل الوسائل في سبيل دحر إرادة الشعب .
ولم يسكت الشعب تجاه هذه الأوضاع الشاذة بعد أن أصبح مجلس النواب ومؤسسات الدولة بيد الأحزاب التي تمتلك المليشيات / خرجت الأولوف من أبناء الشعب في حركة إحتجاجية كبيرة منذعام 2011 م وأخذت تتطور الحركة الإحتجاجية وبصوت عالي للمطالبة بحقوق الشعب والعدالة الاجتماعية وبعد أن ظهرت طبقة سياسية فاسدة سرقت أموال الشعب حيث إزداد الفقر فقراً والغنى غناً . وإستمرت التظاهرات الخدمية والمهنية وكان التفجير الذي هزّ الشارع العراقي هو إنتفاضة تشرين الأول 2019 ، إنتفاضة الشباب. الأمر الذي دفع القوات الأمنية القمعية إلى مكافحتها بشتى أنواع الأسلحة لقد تم إختطاف، وإغتيال ، وإعتقال آلاف المتظاهرين الشباب والنساء ومن كافة شرائح المجتمع العراقي ومطاردتهم من قبل المليشيات وقتل أكثر من 700 شهيد وشهيدة. كما حدثت ضجة كبيرة في مجلس النواب وقد عاد الشعب العراقي بمختلف أطيافه إلى جذوره الثورية موحداً حيث خرجت تظاهرات مليونية وتمّ إسقاط حكومة عادل عبد المهدي ولكن الحكومة التي حلت محلها وهي حكومة مصطفى الكاظمي فشلت في تلبية مطالب الجماهير وتنفيذ برنامجها . ثم بدأ مسلسل الإغتيالات للنشطاء ورغم الوعود بالكشف عن قتلة المتظاهرين إلا إن التسويف والمماطلة إستمرت ولم يكشف عن أي مجرم مع معرفة السلطات التحقيقية بهم وتوفر المستمسكات . لقد كان برنامج الكاظمي يؤكد على إجراء انتخابات مبكرة بناء على مطاليب المحتجين ولكن جرى العمل على تأخير مواعيد الانتخابات واللجوء إلى نظام إنتخابي مجحف ، وحرمان عراقيو الخارج من المشاركة في الانتخابات وغيرها .
والآن يوجد صراع بين القوى المتحاصصة والمتخاصمة والطائفية حول الكثير من المواضيع ومنها وجود الحشد الشعبي المسلح ، وفوضى السلاح ، والتحكم بالمؤسسات خارج عن حكم القانون وبعيداً عن الدستور وأصبحت عدة قيادات على الساحة السياسية . وفي ذكرى إنتفاضة الشعب خرجت تظاهرة 25آيار 2021 وقد كانت للتذكير وإستعراض لمطالب الشعب وفيها جرى الإصطدام مع القوات الأمنية وإستخدام العنف وأيضاً بتدخل من المليشيات المسلحة . وفي يوم 26آيار/على 27 حصلت أحداث البوعيثة في الدورة وإعتقال أحد قادة الحشد الشعبي حيث تطور الموقف إلى محاصرة الخضراء وإقتحامها من قبل الحشد...ألخ ولغرض الإستفادة من الموقف هناك من يدفع نحو التأجيل للإنتخابات إلى نيسان 2022 أو إلى أيلول 2022 لأن الأحزاب والمليشيات يقض مضجعها عند ذكر إجراء الانتخابات خوفاً من فقدان مقاعدها. الآن التوتر يتصاعد بين الأحزاب الشيعية -إسلام سياسي وكذلك صراع بين الحشد والقوى الولائية(الإيرانية) من جهة والحكومة من جهة ثانية . الآن الصراع إزداد على السلطة. لقد أصبح لدى المحتجين والمتظاهرين خزين جيد من الدروس والعبر ومنها توحيد العمل التنسيقي ، والعمل على إيجاد قيادة موحدة ، تأسيس أحزاب من أبناء الإنتفاضة ، التقرب والعمل المشترك مع القوى الوطنية والديموقراطية ، تنويع أساليب النضال لأجل التغيير نحو البديل الديمقراطي مع وجود جهود حثيثة لإجهاض عملية التغيير ، أن الإنتفاضة لكي تستمر يجب ان تمارس أشكال منوعة من النضال منها تنظيم المذكرات الإحنجاجية 2-الوقفات والتظاهرات 3- الإعتصامات 4-الإحتجاجات المطلبية -خدمية -وتنظيم الأضرابات ...ألخ. فلابدّ من التغيير والتحول الديمقراطي ، لأن النظام السياسي الآن أصبح لايمتلك الثقة به من قبل الشعب وهذا يحتاج إلى تنظيم الصفوف وإقامة أشكال تنسيقية مختلفة في عدة ميادين تضم تجمعات سياسية مهنية . فالضغط بالطرق السلمية يولد الإنتصار ولابد أن نفهم بأن الدولة متشظية وكل جهاز يعمل بمفرده قد يصل إلى التصادم .
الشعب الآن في حالة من الإحباط واليأس بسبب التفاؤل المسبق وكان يعتقد بأن التغيير أصبح على قاب قوسين أو أدنى ولكن القوى السياسية التي أصبحت تحيط نفسها بجدار أمني مسلح وتصم آذانها عن صوت الشعب وتستمر بالإستهانه به فسوف تجد حراك من نوع آخر . ولهذا على القوى الوطنية والديمقراطية واليسارية أن تتوحد وتنسق من أجل قيام جبهة أو تحالف واسع وعريض لأجل إحداث التغيير وتغيير ميزان القوى في البرلمان والشارع العراقي حفاظاً على الوحدة الوطنية مع إعادة السلاح بيد الدولة تطبيقاً لمواد الدستور .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. دعوات دولية لحماس لإطلاق سراح الرهائن والحركة تشترط وقف الحر


.. بيان مشترك يدعو إلى الإفراج الفوري عن المحتجزين في قطاع غزة.




.. غزيون يبحثون عن الأمان والراحة على شاطئ دير البلح وسط الحرب


.. صحيفة إسرائيلية: اقتراح وقف إطلاق النار يستجيب لمطالب حماس ب




.. البنتاغون: بدأنا بناء رصيف بحري في غزة لتوفير المساعدات