الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حين يرفض الفنان أن يكون مطبلاً للحاكم ؟؟

علي المسعود
(Ali Al- Masoud)

2021 / 6 / 10
الادب والفن


يعلم الجميع قصة معاناة المطرب الكبير الراحل محمد فوزى مع نظام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والتي انتهت بتأميم شركته الأولى في مصر لصناعة الأسطوانات ومنعه من الظهور تدريجيًا في أعمال فنية ، إلى أن توفى متأثرًا سنة 1966، وتظهر مع مرور الوقت بعض الوثائق والشهادات التي تشير إلى أن سبب معاناة " محمد فوزي" مع النظام كانت بسبب إصراره على عدم الغناء للرئيس عبد الناصر . استيقظ محمد فوزى ذات يوم فى يوليو 1961 وذهب لشركته مصر فون فوجد ضابطاً يجلس على مكتبه واضعاً ساقيه فوق المكتب وأخبره بأنه تم تأميم الشركة والمصنع وسيتم صرف راتب شهرى له لفترة.. وخصصوا له مكتباً فى آخر الممر عبارة عن 2 متر × 1،5 متر، حيث اعتاد عامل البوفية تقديم الشاى والقهوة بجوار دورة المياه وألقوا بصورته التى تزين المدخل فى الحمام!!. وعل أثر هذا التصرف الهمجي والاهانة المقصودة دخل الفنان" محمد فوزي" في نوبة اكتئاب حاد عندما لم يهتم احد بوطنيته وما قدمه للبلد ورغبته فى دعم الاقتصاد الوطنى. وما زاد من ألمه أن شركة أخرى (صوت الفن) المملوكة للعندليب وموسيقار الأجيال لم يمسسها سوء! . ومما يذكر أن محمد فوزي استطاع تأسيس شركة مصرفون لإنتاج الأسطوانات وفرغ نفسه لإدارتها، وكانت ضربة موجعة لشركات الأسطوانات الأجنبية التي كانت تبيع الأسطوانة بـ90 قرشاً حينذاك، بينما كانت شركة فوزي تبيعها بـ35 قرشاً فقط، وأنتجت شركته أغاني كبار المطربين في ذلك العصر مثل أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وغيرهما. ونصحة المقربين لة و بعض أحبائه أن يقدم أغانى وطنية للزعيم فربما يرفعون عنه هذه المصادرة . جاءته الفرصة فى حفل يوليو 1963 بنادى ضباط الزمالك ووقف يغنى (بلدى أحببتك يا بلدى.. حباً فى الله وللأبد).. لم يغن كالآخرين.. ونزل من على المسرح دون إشارة واحدة للقائد الملهم . كشف الإعلامي محمود سعد في حديث عن قصة معاناة محمد فوزي في برنامج "باب الخلق" على قناة النهار، الكثير من الوقائع التي استقاها من زوجته الراحلة مديحة يسري، رفيقته في اللحظات الأخيرة لحين وفاته، والمطلعة على الكثير من الأسرار، ناقلا عن سمراء النيل واقعة تقول فيها: "بعد التضييق على محمد فوزي ومصادرة ممتلكاته لرفضه الغناء لجمال عبد الناصر، طالبه مقربون منه باتقاء شر النظام والغناء لعبد ناصر" . وجاءت الفرصة لمحمد فوزي للمشاركة بالغناء في حفل عيد الثورة أمام الرئيس جمال عبد الناصر سنة 1963، وغنى في الحفل كلا من عبد الحليم حافظ، وأم كلثوم، أغاني وطنية فيها اسم الرئيس ناصر، ولكن محمد فوزي لم يستطيع تقديم هذا النوع من الأغاني، وقرر الغناء للوطن، وقدم أغنيته الشهيرة "بلدي أحببتك يا بلدي"، وكانت بصوت حزين لما تعرض له من مآسي . وبعد انتهاء الحفل، تعرض "فوزى" لحالة هجوم شديدة من أصدقائه ، لعدم انتهاز الفرصة والغناء لجمال عبد الناصر، إلا أنه أخبرهم بعدم قدرته على الغناء لشخص وإيمانه بالغناء للوطن فقط وتأييده لثورة 23 يوليو، ثم تمكن المرض من محمد فوزي، وانخفض وزنه من 77 كيلو إلى 40 كيلو، لدرجة أن ابنه الصغير كان يحمله ويتحرك به في المنزل، وفق ما قالته الراحلة مديحة يسري، ثم توفى متأثرًا من الظلم وليس المرض عام 1966 ، رحل " محمد فوزي " مفلس ومريض ، وقد طالب البعض من أصدقائه الشرفاء الدولة بالتدخل لعلاجه.. لكن لأنه ليس من ( المطبلين ) أو جوقة المداحين ، تأخر قرار العلاج وصدر بعد فوات الأوان . المهم جاءت النكسة ولم يجدوا أغنية يذيعونها عام 1967 لأن كل الأغانى يرد بها اسم (جمال) وأنقذتهم أغنية فوزى «بلدى أحببتك يا بلدى» عرفها الناس بعد وفاته وأدركوا أن الوطنية ليست بأشخاص ولا قصائد أو شعراء.. الوطنية إحساس ، وقال الإعلامي محمود سعد، إن الفنانة الراحلة مديحة يسري أخبرته أن الإذاعة المصرية عقب وقوع نكسة 5 يونيو 1967 كانت في ورطة وتريد دارالإذاعة تشغيل الأغاني الوطنية لمواكبة الحدث المفزع، فلم تستطع إذاعة أغاني عبد الحليم وأم كلثوم، لما تحتويه من إشادة بجمال عبد الناصر، ولم تجد أمامها سوى أغنية "بلدي أحببتك يا بلدي" لمحمد فوزي، لينتصر على بطش نظام عبد الناصر بعد وفاته . ويكشف المؤرخ والناقد السينمائي المصري أشرف غريب بالوثائق، أسرار "اضطهاد" نظام الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر للفنان محمد فوزي، أحد أساطير الفن الغنائي والسينمائي في مصر ، في كتابه الجديد "محمد فوزي الوثائق الخاصة " يكشف غريب عن أنه رغم أن فوزي "لم يكن حتى من هواة الكلام في السياسة فإنها أحرقته، ولم يدرك ذلك إلا متأخر" . وينقل المؤلف عن رواية روتها له شخصيا الفنانة الراحلة تحية كاريوكا ملخصها أنها تلقت تهديدات صريحة من شعراوي جمعة وزير داخلية نظام عبد الناصر، بأن تكف عن الكلام في موضوع علاج فوزي ومطالبتها الدولة بأن تتحمل النفقات. ويضيف غريب أن أم كلثوم تدخلت( حسب رواية تحية) لدى عبد الناصر وأقنعته رغم محاولات سامي شرف قطع الطريق عليها، بإصدار قرار بسفر فوزي للعلاج بأمريكا. وصدر القرار في 9 ديسمبر/ كانون الأول عام 1965 أي بعد نحو أربع سنوات من بداية خطوات تأميم كل ممتلكات محمد فوزى ودخوله في دوامة المرض . وبعد نحو 11 شهرا ، توفي الفنان ذو الشعبية الكبيرة عن 48 عاما، وشارك عشرات الألوف في الجنازة، يقول غريب "المدهش أن د . عبد القادر حاتم ( وزير الإرشاد القومي في ذلك الوقت) الذى ماطل طويلا في علاج محمد فوزي على نفقة الدولة كان على رأس المشيعين ". ويؤكد أن" فوزي "عاش غير محب للسياسة لكنه انكوى بنارها. فقط كان محبا لبلده ومصلحة هذا البلد ، ولذلك آمن بثورة يوليو حتى لو لم تؤمن به هذه الثورة وساند مشاريعها وتوجهاتها حتى لو لم يلق المساندة من قادتها . الفنان الراحل محمد فوزى لم يكن معادياً لناصر أو الثورة، لكنه لم يكن مطبلاً أو مداهناً..








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تضارب بين الرواية الإيرانية والسردية الأمريكية بشأن الهجوم ع


.. تكريم إلهام شاهين في مهرجان هوليود للفيلم العربي




.. رسميًا.. طرح فيلم السرب فى دور العرض يوم 1 مايو المقبل


.. كل الزوايا - -شرق 12- فيلم مصري يشارك في مسابقة أسبوع المخرج




.. الفيلم اللبنانى المصرى أرزة يشارك فى مهرجان ترايبيكا السينما