الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


قراءة نقدية بعنوان ( عشق الوطن في الصدارة) في قصيدة:( شاعراً مثليَ، لا تعشقي) للشاعر مديح الصادق.

مديح الصادق

2021 / 6 / 11
الادب والفن


شاعراً مثليَ، لا تعشقي...
إيَّاكِ... إيَّاكِ أنْ بشاعرٍ شِبهيَ
يوماً تُغرمينَ، وحاذِرِي
أنْ تتبعي نبْضَ قلبِكِ إذ يرِقُّ
وصوبَ تاجرٍ رأسمالُهُ الحروفُ
مِن كلِّ صِنفٍ، ومِن كلِّ لونٍ
يُجيدُ اقتناصَ رَويٍّ، ورصفَ القوافي
وفي النفوسِ كما الغوّاصُ ينفذُ
فيستجلي البواطِنَ والخَوافي
مِن دُرَرِ الكلامِ أحلى العقودِ صاغَ
هدايا، بلا مُقابلٍ يُهدي
للحِسانِ، مُنيراتِ الوجوهِ،
ومَنَ سَلبنَ العقولَ بلا رحمةٍ
على شِغافِ قلبِهِ أجَدنَ عَزفاً
وعلى نايِهِ عزفنَ ما رقَّ وطابَ
إيّاكِ وعِشقَ الشعراءِ مِن صِنفي؛ فهُم
مُغرمونَ بعِشقِ أوطانِهِم
وإذْ على رقابِ شعوبِهِم أحكَمَ الطغاةُ
أصفاداً، والحمائمَ وراءَ أسوارِهِم قيَّدوا
فلا تعجَبي...
أنَّ مَنْ عشِقتِ؛ على الأعوادِ مَصلوبٌ
بنصفِ اللسانِ، بجُرمِ قولِ حقٍّ
وبالخيانةِ العظمى أمامَ إمَّعةٍ
مخفورَ مِعصمَينِ يُقادُ
إلى حتفِهِ...
شاعراً شديدَ بأسٍ، مِثليَ
لا تعشقي...
فقدْ يَنفَضُّ عنْ مجلسِهِ الوثيرِ
مَنْ كانَ بِهِم يومَ عِزٍّ عامراً
اللاحسونَ فتاتَ موائدِ الرعاعِ أمثالِهِم
اللاهثونَ وراءَ سرابِ عرشٍ خادِعٍ
مَن لا دينَ لهُم، وليسَ لهُم مذهَبٌ
وعليهِ كما على الحسينِ أغارَ الذينَ
بأغلظِ الأيمانِ بايَعوهُ قبلَ ليلةٍ
وصوبَ مَنْ أجادَ، كما تُخرَسُ النوابحُ
بالمالِ؛ اشترى نِباحَهُم
تذكَّري وصيَّتي، صديقتي...
قلبُ الشاعرِ لا مزلاجَ، ولا قفلَ لهُ
وشبهُ رياضِ الجنَّةِ للصالحينَ
مُتاحة رياضُهُ
حاتمِيٌّ، بلا حدودٍ يجودُ
ساعةَ ذو الحاجةِ نادى، أو استعانَ بِهِ
هوَ مُلكٌ مُشاعٌ، بعقلِهِ، وكِيانِهِ
للناسِ، كلِّ الناسِ، مَن أوفى الطِيبَ مِنهُم
ومَنْ فَضلاً مِنهُ قد أنكرُوا
آهٍ، بقدرِ صَبرِ العراقِ على البلوى
وأمَّهاتِ اليتَامى
ومَن بكواتمِ غَدرٍ غادرُوا
إيّاكِ وعِشقي، صديقَتي...
أحسِني الظنَّ بي
قبلَ أنْ لِعتبةِ داريَ تَخطينَ
وبابي تطرقين...
فبعضُ الصداقاتِ حُبٌّ مصيرُها
كالغيثِ حينَ بقطرٍ يُستهلُّ
وأُولى ملاحِمِ الجنونِ
قد كانَ صداقةً مُستهلُّها
ومِنْ هناكَ أولى الخيوطِ حِيكَتْ
وكانتْ الحكايةُ...
=========
سهيلة بن حسين حرم حماد
الزهراء تونس 02/02/2021
القراءة : عشق الوطن في الصدارة
قصيدة تنخرط في باب حب الوطن، ومن نذر روحه وكلّ نفيس عنده في سبيله وفي سبيل خدمة الآخر؛ لأجل ذلك هو مستعد للتّضحية بأي عشق آخر غيره، وإن كان عشق حوريّة، لمسنا بعضاً من ميل في صيغة عشق عذري للمرأة، مفرد في صيغة الجمع في المطلق التي يغار عليها السّقوط في شباك الشّعراء، لمَن خصّها ببوحه في قصيدته التي تضّمنت شبه الرّسالة بما يفيد الحذر والتّحذير من أن تقع في هواه، أو هوى أيّ شاعر صنعته نظم الكلام؛ بدعوى أن عشقه موجه لحضرة الوطن، فهو المالك والمتملّك لنبض القلب والقلم، فالوطن أوقعه أسيراً في حبّه وانتهى أمره إلى الأبد.. وطن على مشارف الظّلال يقعد على كراسيه شرذمة مِمَّن يترصّدون عثرات الكرام للقفز على الفريسة، لحياكة تهمة تليق بسحبه إلى السّجن ومنعه من التّعبير... قنّاصة يترصّدون ويصطادون في الماء العكر لمنع شهادة صدق على العصر، توثّق غدراً أو دعوة للتّأمّل، وإعادة طرح سؤال لمحاكمة فكر أو موروث ثقافي سايكولوجي، أو معتقد تآكل بفعل الزّمن أو حتى سياسي وصولي انتهازي يؤسّس للرّذيلة، ووأد الفضيلة التي باتت كالحقّ، والحقيقة حرباء تتلوّن بحسب الخطاب السّياسي المعتمد في كل حقبة... إيماناً منه بإشاعة الدّيمقراطيّة الحق التي يدلي بها من خلال نظم الكلام المفيد لأجل حبّ الوطن والخير للجميع؛ غير أنّ الوشاة وغيرهم مِمَّن تعوّدوا المؤامرات يعتبرون فعله وفعل غيره من الأحرار مِمَّن يؤمنون بالثّورة على كلّ سائدٍ فاسدٍ بالتّغيير من أجل إيجاد واقع تحلو فيه الحياة يسعى فيه الكلّ لينعموا برغد الحياة، بعيداً عن فقدان الفرد احترامه لذاته ولكرامته وانسياقه، إلى الرّكض وراء لقمة العيش على حساب أكل خبز مغمّس بذل القهر، واقع مضمّخ بخيانة من هنا أو هناك، أو فقدان قيمة فهو الغيور الذي لا يقبل أن يكون شاهد زور ومدلساً لواقع، أو أحداث عاشها أو عاينها تداس فيها شعارات الكرامة وتستبدل بالتّخوين، وقطع الألسن، والزجّ بالأحرار في غيابات دهاليز التّعذيب؛ لذلك فهو لا يقبل أن تعلّق أيّ صديقة أحلامها على حبل الوهم الذي قد يقطع في أيّ لحظة، وأيّ حين؛ فعشقه للوطن كعشق عنترة لعبلة فقد تخاله إحداهن مِمَّن كنَّ قريبات منه أنّها المقصودة بكلماته، والحال أنَّ الوطن الذي هجره من فترة؛ بات الشّخصيّة التي لا يقبل دونها بديلاً، فكلماته هي مرآة لذلك العشق المشخصن، فكل ما يقوم به من تقديم خدمات لزميلاته وزملائه فهو نابع من ذات شفيفة خدومة عفيفة مترفعة؛ ترفعه عن كل ماهو مادي رخيص، فعشقه عشق سرمدي للنّور، الرّوح للرّوح، عشق أبدي صوفي طاهر يهوى الصّعود والقمم، ويأبى الهوى الرّخيص المؤدي للهاوية، فالشّاعر بحكم رهافة حسّه يعيش أيّ حدث يستفزّه بوجدانه، وقد يختار التّعبير بأحد الضّمائر، وأعنفها وقعا عليه هو ضمير (الأنا)؛ الذي يوقعه في لبس والتباس حتى لدى النقّاد؛ لكنَّ (الأنا) قد تكون ذاته فعلا في سنوات المراهقة الأولى؛ لكنْ بعدها تُصبح شأناً عامّاً؛ ذلك أنّ نضجه يكون أعمق، وتصريفه لمشاعره يكون مدروساً، وإنْ كان ليس على القلب سلطان...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. منهم رانيا يوسف وناهد السباعي.. أفلام من قلب غزة تُبــ ــكي


.. اومرحبا يعيد إحياء الموروث الموسيقي الصحراوي بحلة معاصرة




.. فيلم -شقو- بطولة عمرو يوسف يحصد 916 ألف جنيه آخر ليلة عرض با


.. شراكة أميركية جزائرية لتعليم اللغة الإنجليزية




.. الناقد طارق الشناوي : تكريم خيري بشارة بمهرجان مالمو -مستحق-