الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الصافع والمصفوع والقاتل والمقتول / تاريخ من الصفعات والرصاصات ..

مروان صباح

2021 / 6 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


/ إن السلطة في واقع أمرها تخلق في أغلب الأحيان أشخاص انشطاريين بدرجة جسيمة ، فالسلطة في حد ذاتها تُصنع من تلاحم الرغبات ببعضها ولا تستورد من الخارج ، بل يبقى الخطر الدائم الذي يهدد المجتمع الواحد ، تفرد الفرد بالسلطة والذي عادةً يدفع المجتمع الحي إلى رسم 🎨 خطوط عادلة بين مراكز الحكم المختلفة ، غير أن لا يمكن للمراقب تمرير صفعة الفتى الفرنسي ( اليميني الاتجاه) التى وجهها لرئيس منتخب ديمقراطياً بأغلبية شعبية ، هو الرئيس الفرنسي ماكرون 🇫🇷 ، وهنا يتساءل المرء بقلق ، وقبل إذ ، بالطبع ليس ابداً غاية هذه السطور مراجعة كتاب ادوارد سعيد 🙂 ( السلطة والسياسة والثقافة ) الذي يستحق وقفه طويلة ، وبالرغم أنه طافحاً بالعناصر الإنسانية ، إلا أنني ، سأقدم السؤال على طريقة نعوم تشومسكي ، هل السلطة الفرنسية متساوية من حيث القيمة مع العناصر الأخرى للحياة ، وطالما السياسي جزء وليس الكل من العدالة ، فإن التوزيع العادل سيكون أمره حاسم ومحروس من السلطات الأخرى ، لكن عندما يتفوق الحاكم على بلده ، بالطبع تصبح الدولة مهددة بالانهيار من الداخل ، ستدهور صحة الاقتصاد أو إذا كانت ذات نفوذ كبيرة ، ستخلق حروب لكي تُرحل أزماتها للخارج ، وبالتالي الصفعة في مضمونها الأعمق ، لم تكن للرئيس الفرنسي ماكرون تماماً ، بل هي اولاً للدولة برمتها ، وثانياً من اليمين المتشدد إلى اليسار المتقدم ، وهذا التصادم الذي خلقه الشاب إمانويل ماكرون بعد وصوله إلى الرئاسة ، بخلفيات مشبعة من إرث نابليون ، لم تكن طموحاته مقتصر ومحصورة فقط بين منافسيه في فرنسا 🇫🇷 ، بل كانت غير مقبولة على الإطلاق في خارجها ، لقد تعرض ماكرون إلى سلسلة إهانات من اليمين العالمي ، الرئيس الأمريكي ترمب🇺🇸 والرئيس البرازيلي🇧🇷 بولسونارو والرئيس التركي🇹🇷 وأردوغان .

إنما على الصور التى يستعيدها المراقب من سيرورة التنميطات الراسخة في الذهن الغربي ، تُعتبر الصفعة في الدول الديمقراطية تشبه في جوهرها تماماً طلقة الرصاص في الدول الديكتاتورية ، والصفعة في الدول الديكتاتورية تُعتبر دائماً من نصيب الفقراء والمضطهدين ، لكنها في الآونة الاخيرة كانت السبب في التغير الشامل ، فصفعة بنت 👧 نظام الدكتاتور المخلوع فايدة حمدي للشاب التونسي 🇹🇳 ، الذي سيعرف عالمياً لاحقاً باسم بوعزيزي والتى جعلته أن يقدم بإشعال نفسه بالنار 🔥 ، كان بوعزيزي دون أن يدرك أو ربما كان على يقين بذلك ، أنه أشعل النار🔥 في العالم العربي واسقطت شعلته ديكتاتوريات كبيرة ، لم يكن المرء مجرد أن يتخيل سقوطها ، بل غيرت سلوك الباقيين ومازالت فاعلة ولا أحد يعرف متى ستنطفئ ، وبالتالي ما لم تدركه بنت النظام المخلوع ورأس نظامها ، أن الصفعة لم تكن موجهة لمحمد بوعزيزي بقدر أنها عندما صفعته ، كانت قد صفعت أمةً بالكامل ، أي أن بوعزيزي لم يتعامل مع الواقعة من باب الشخصنة الذاتية ، لهذا عندما أشعل النار 🔥بنفسه ، فأنه أشعل النار بالأمة العربية والعالم .

كثير من المؤرخين كانوا يبتسمون كالنجوم عندما يستمعون للنقاشات الممزوجة من الحكمة والكآبة وتنطلق من عيونهم شيء من رفة الطفولة والخبث الاثنين معاً ، لقد خاضوا سابقاً سجالاً ونقاشاً واسعاً وعريضاً حول سؤال ⁉ ، إذ كان الفتى الصربي الذي أغتال ولي عهد المملكة النمساوية🇦🇹 المجرية 🇭🇺 وإمرأته ، هو السبب في إشعال الحرب العالمية والتى حصدت ملايين الأرواح وهدمت الاقتصاديات وبددت تاريخ طويل من البنية التحتية والثقافة ، أما مماليك ذلك الزمان كانوا يترقبون الفرصة لكي ينقضوا على بعضهم البعض ، من المؤكد ، وهذا بات واضح وجلي للمرء ، أن اللغة الدبلوماسية في السنوات الأخيرة تراجعت إلى حد كبير ، لم تعد تمتلك حدود الآدب كما عهدتها البشرية بعد الحرب العالمية الثانية ، تحديداً بعد مجيئ الرئيس ترمب أسقط الرجل قوانين المخاطبة بين الرؤوساء المعروفة ، ومع ظهور القوة التركية المنافسة لأوروبا ، باتت البدوية التى تتوارى في الغرف المغلقة ، ظاهرة بالعلن وأمام الفضائيات العالمية ، وبالتالي العالم سجل إنتقال لغوي من حدود الدبلوماسية والحوار إلى مرحلة التصادم ، وهذا يفسر للقارئ لماذا كل هذا التحامل على الرئيس ماكرون ، داخلياً وخارجياً ، فالرجل وبالرغم من صغر عمره ، يتعامل منذ اليوم الأول مع نفسه كزعيم منافس في القارة الأفريقية والشرق الوسط ويقود الاتحاد الأوروبي 🇪🇺🇪🇺 مع ألمانيا 🇩🇪 ، بإلإضافة أنه بات زعيماً لمحور التقدميين في فرنسا 🇫🇷 وأوروبا ولكثير في لبنان 🇱🇧 أو في بعض الدول الأفريقية التى لها تاريخ استعماري مع فرنسا وتتشارك معها بالفرانكفونية ، وبالتالي التصادم مع اليمين المتشدد في فرنسا 🇫🇷 عميق 🧐 والتحدي اليوم بات خطير ☣ ، وقد تكون الصفعة رسالة من اليمين ، على أنها قد تكون في المرة القادمة ربما رصاصة ، تماماً كما فعلوا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي المغتال اسحاق رابين أو المخلوع في اليمن 🇾🇪 على عبدالله صالح ، وهؤلاء الذين يشعرون أنهم متفوقون على دولهم ، على حد سواء ، من المحافظين أو التقدميين لا ينصتون سوى لأفكارهم ، لهذا عندما وصف الرئيس التركي ماكرون على أنه ميت 💀دماغياً 🧠 ، كان يقصد القارة الأوروبية 🇪🇺 وآلتها العسكرية والتى وقفت مذهولة أمام معركة المسيرات التركية ودبابات للنظام الأسد ، وطالما السائد هذه الأيام ، هو التمدد وتدخل الدول في شؤون الدول الأخرى ، تماماً كما صنعت إيران 🇮🇷 ويقلدها من في الإقليم وايضاً أحيت عند الغرب تاريخ طويل من التدخلات المباشرة ، فإن الرئيس ماكرون وجد في فرنسا 🇫🇷 الحق والأحقية ممارسة تدخلات مع دول تتشارك مع بلاده في كثير من المسائل ، على سبيل المثال ، اللبنانيون 🇱🇧 يعتبرون فرنسا 🇫🇷 مبتكر لبلادهم ، وأيضاً اعداد حملة الجنسية الفرنسية ، وثيقة السفر 🧳 📃 من اللبنانيين كبيرة وفي مقدمتها الرئيس الحالي وأعضاء حزبه ، بل عدد الناطقين باللغة الفرنسية بشكل كامل في لبنان 🇱🇧 يصل الى 40% والجزئي 15% ، و70 % من المدارس تدرس الفرنسية ، أي أن الثقافة الأولى لحد كبير منهم هي الثقافة الفرنسية ، وهذا ما يسهل لمثل ايمانويل ماكرون عمله .

لا عزاء لكلام خافة أو عالي متفرق في بلد يسود فيه الديمقراطية ، لكن في نهاية المطاف ، لا الصافع ولا المصفوع في دولة مثل فرنسا 🇫🇷 سيضطران إلى أخذ حقوقهما بأيديهم ، مهما على كعب 👠 المسؤول ، الجميع يحتكم إلى القانون والقضاء ، وعلى سبيل المثال ، لو صنع مواطن سوري صنيعّ الفتى الفرنسي بحق علي دوما رئيس جهاز الاستخبارات العسكرية والشهير بحمله السيغار باليد اليمنة والكأس الشيفاز ( الوسكي ) باليسرى، ولكي لا نقول مع معلمه ، ماذا كان سيحصل لعائلته وقريته والمدينة التى تتّبع لها ، بالتأكيد 🙄 قبل القتل سيكون أعوان دوما قد اخفوا الصافع وراء الشمس 🌞 وافقدوا الذباب 🪰 الأزرق إمتيازه بمعرفة مكانه ، وسينزعون جلده عن عظمه بعد جلسات من الكهرباء ، لكن في بلد مثل فرنسا 🇫🇷 وبالرغم من تاريخها الاستعماري ، تبقى بين مواطنيها مرهونة للقانون ، فالإدعاء العام حتى الآن لم يوجه تهمة بحق الصافع على أنها سبق واصرار مُتعمد ، بل فريق المحاماة عندما قدموا عريضتهم للمدعي العام ، وجهوا تهمة للرئيس الفرنسي ، بمخالفته الاجراءات التباعدية ، وطالبوا معاقبته بدفع غرامة مالية كأي إنسان فرنسي يخالف التعليمات الخاصة بفيروس كوفيد 19.

هناك👈 قبلئذ وبعدئذ وفي الخاتمة ، على كل حال ، ما فعله الشاب الفرنسي ( اليميني ) يشابه تماماً في الجوهر ما فعلته بنت 👧 نظام الدكتاتور التونسي ( المخلوع ) ، هو عمل همجي / مرفوض على جميع الأصعدة والمستويات ، لكن الفارق بين بوعزيزي التونسي 🇹🇳 وماكرون الفرنسي 🇫🇷 ، لا يحتاج الأخير إلى إحراق نفسه لكي يشعل الحماس بالتقدميين في فرنسا 🇫🇷 لينتفضوا بوجه من حاول تلويث الهواء بعد فشلهم في محاولات اعتصاره ، لأن القانون كفيل بأخذ حق المظلوم وثانياً ، صندوق الانتخابات لا يعترف سوى بالمنطق ، وهو الوحيد الضامن بتصفية الحسابات في داخله .

أيضًا ، لم يرغب الاستفادة من التاريخ ، في سجله هناك حقبة واحدة ☝خالدة ، سجلت باسم عبدالرحمن الداخل ( صقر قريش ) ، لقد صنفه ابن اثير في تدويناته بأنه يتمتع بذكاء فذ وفريد ، جمع دهاء آل أمية وحكمة بني هاشم ، لأن نسبه يعود إلى مناف الذي يجمع الطريفين بالنسب ، لقد أستطاع التعامل مع أكثر القبائل تطرفاً وعناداً في منطقة المغرب 🇲🇦 العربي والأندلس 🇪🇸 ، لقد صنع من القبائل بالسياسة والتأليف حضارة أبهرت الإنسانية بالكامل حتى يومنا هذا ، بل قد أطلق عليه ابو جعفر المنصور ، عدوه وابن عمه ، لقب صقر قريش ، لراجحته وفساحته العلمية وقدرته على التحمل والصبر والصمود والعزم والاستمرار حتى تحقيق الحلم ، كان ثاقب الفهم سريع النهوض ، حركته لا تنقطع ولا يتكىء على أحد ، مهم على مكانته لديه ، أمره بيده لا يعطيه لأي أحد من أعوانه ، شديد الحذر قليل الاطمئنان ، كريماً ، طليق اللسان ، إلى الآن البشرية تتعلم بناء الدول منه ، من سيرته ودهائه في ترويض القبائل وصهرها في مدينة جمعت جزء كبير من الغربين في منطقة بدوية قاسية الطبيعة . والسلام ✍








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حزب الله وإسرائيل.. تصعيد متواصل على الحدود اللبنانية| #غرفة


.. تقارير: إسرائيل استهدفت قادة كبار في أعلى هرم الهيكل التنظيم




.. جهود التهدئة.. نتنياهو يبلغ بايدن بقرار إرسال وفد لمواصلة ال


.. سلطات الاحتلال تخلي منازل مستوطنين في القدس بعد اندلاع حريق




.. شهداء بقصف إسرائيلي استهدف مدرسة تؤوي نازحين وسط غزة